مقالات سياسية

هل نُعامل المناضلين معاملة الفلول

من كان لهم فضل الظهر من لإنقاذ من غير أهلها حتي سقوطها يعاملون معاملة الفلول :

عندما سقطت الإنقاذ سقطت معها أحزاب وهيئات ومنظمات وطرق صوفية وإدارات اهلية وافراد وجماعات وكتاب وصحافيون وفنانون وشعراء ورياضيون واكاديميون، ومصفوفة طويلة عريضة من المجتمع يصعب حصرها او عدها في مساحة محدودة في حجم هذا المقال .
لم يك سقوطهم متساويا، أن بعضم كان سقوطه مقابل جعل من مال سائب ،ولغوا فيه ، وبعضهم خصصت لهم الإنقاذ من اصول السودان اراض وشركات ومزارع وضيعا وعقارات وغيرها الكثير ،والبعض الآخر الحقته الانقاذ بالاجهزة الامنية والشرطية والقوات المسلحة ،ومنحتهم الرتب العالية ذات المخصصات الباذخة ، فضلا عن العمارات الفاخرة التى ملكتها لهم كسن، مقابل الولاء في المواقع الإستراتيحة من العاصمة .

اما أحزاب الفكة فجعلت من قادتها حكاما للولايات في مناطقهم لإفشاء روح الجهوية وتكريس القبلية بغرض ان تدق في خاصرة الجفرافية السودانية أسفينا من الفرقة والتشظي حتي يسهل عليها الهيمنة والإقصاء والإنفراد بكل اقليم علي حدة ، للحيلولة دون اي هاجس لوحدة سياسية من شانها ان تعصف بسلطتها المركزية !

الصحافيون والكتاب والفنانون من المطربين والمسرحيين والاذاعيين والإذاعيات الذين اسالوا مدادا غزيرا في الكتابة او جعروا بالصوت الجهير امام المايكرفون ، ومازالوا يدافعون عن نظام الإنقاذ الذي سدت فضائحه الأفق وازكمت رائحته الانوف ،كلهم بدرجات متساوية سخروا إبداعهم بكل ضروبه من أجل تكريس القمع والبطشوالظلم والإستبداد والتنكيل وقايضوا ضمائرهم المهنية بسقط المتاع وضربوا برسالة الفنان المبدع ودوره تجاه مجتمعه عرض الحائط، وغاصوا في وحل السلطة الفاسدة ! والقوا خلف ظهورهم الضمير الانساني والمهني الذي يلزمهم إلزاما مبدئيا وأخلاقيا ان يشهروا فنهم سلاحا فى وجه الظلم والقمع والإستبداد، وعمليات القتل والإبادة والتعذيب والإغتصاب والتنكيل والسجن، إتساقا مع ما ينبغي ان تكون عليه رسالة المبدع الحقيقي الذي يكرس إبداعه في الدفاع المستدام من اجل القيم الإنسانية النبيلة في كل زمان ومكان مثل الحرية والكرامة والعدالة والسلام و والحق والخير والجمال وإحترام التنوع والعيش المشترك .

الاكاديميون فكان للاسف سقوطهم سقوطا أخلاقيا فظيعا ،خاصة عندما يكون السقوط في محراب المعرفة والعلم وحرمة الجامعات .فقد فتح النظام وكالات للتجارة في تزوير الشهادات من مستوي الشهادة الجامعية وحتي شهادة الأستاذية حتي اصبح السودان سوقا له شهرة وصيتا في مجال الحصول علي الشهادات المزورة ،حيث بدا العربان من دول الخليج وغيرها من بعض الدول العربية يفدون الي السودان خصيصا للجلوس لامتحان الشهادة السودانية لسهولة الحصول عليها ،بل ان بعضهم لم يغادر وطنه ، فتاتيه شهادة الماجستير مشحونة بالبريد من جامعة ام درمان الإسلامية – أتحدي من يكذبني ! او مع مرسال مضمون له اجر المناولة اي والله ! ولدي تجربة، عندما يفتح ملف الشهادات المزورة فلابد ان ادل بدلوي ،مهما كانت النتائج، فليس هناك من هو أكبر من الوطن ! ولا ننسى الإنحطاط الذي مارسه بعض استاذة الجامعات الذين منحوا المخلوع شهادة الماجستير ،ومنحوا وداده شهادة الدكتوراة فلطخوا سمعة الجامعات السودانية في الوحل وشوهوا وجهها الذي كان مشرقا ومشرفا بالأحترام والقداسة علي مستوي العالم باسره .

المهم قصدت ان اقول ان نظام الانقاذ لم يك الوحيد الذي سقط مغشيا عليه، ولكن سقطت معه ترسانة الفساد التى بناها خلال عمره المديد من افراد وجماعات واحزاب وهيئات ليحتمي بها ضد مثل هذا السقوط الذي كانوا يرونه بعيدا وكنا نراه قريبا بل وحتميا .
ولكن كل هؤلاء الذين سقطوا وكانوا جزءا من منظومة فساد الإنقاذ كان سقوطهم أسوا كثيرا من سقوط الإنقاذ، لان فكر الإنقاذ كما نعرف كلنا كان فكرا منحرفا ولم يزل وسيظل لانهم يعتقدون هم وحدهم من يملك الحقيقة المطلقة ،وهم وحدهم دون غيرهم من اهل السودان كافة الذين إختارهم الله لحكم العباد في السودان مدي الحياة ! ،الحكم الذي خبرناه خلال ثلاثين عاما من دمار وخراب وفساد ونهب وقتل وإبادة، تحتاج الحكومة الإنتقالية وربما السلطة التي تاتي بعدها الي عشرات السنين لاصلاح ما دمرته الانقاذ ، ناهيك عن مايحتاجه النسيج الإجتماعي ومنظومة القيم الاخلاقية فيه من ترميم ورتوق لسنوات قد تطول عددا !

فلا بنبغي ان يصب الناس جام غضبهم علي الإنقاذ وفلولها من القتلة واللصوص وينصبون لهم محاكم العدالة الانتقالية ويفككون دولة التمكين وحدهم ، فلابد ان تشمل اللعنة كل هذه الفئات التى كانت جزءا من دولة التمكين وسخرتها الإنقاذ من أجل تثبيت نظامها الي الابد، وإستقوت بهم إستقواء جعلها تترك لهم حبل موارد البلد علي الغارب، فاثروا ثراء فاحشاء وهم كانوا اصلا ابناء فقر وعدم ! حتي اصبحوا وهم الحثالة بفضل الإنقاذ سادة وسائر الناس خدما ! ينظرون لهم بإحتقار وإذدراء من عل !حتي اقاموا لانفسهم منازلا منيفة متعددة الطبقات في أحياء خاصة بهم بعيدا عن احياء الاهالي الغبش !واسرفو في تعدد الزواجات من صغار السن !

الغريبة هذه الفئات ليس بينهم وبين الإنقاذ من رابطة في الفكر او الولاء او العقيدة السياسية او حتي مجرد الإنتماء للحركة الإسلامية ،فقط مجرد مرتزقة ولكنهم غير محاربين ، فقط علاقة الاكل من فتات الإنقاذ طوال ثلاثين عاما وما ذهب عنهم النهم ولا غادرهم الشبق ولا شبعوا من مال السحت !

عندما جاءت لجنة تفكيك نظام الإنقاذ وبدات الفطامة من رضاعة المال الحرام، خرجوا يتخبطون من شدة ما فعله فيهم إدمان الرضاع ،ويكيلون السباب البذىء لدكتور حمدوك ، ويتهددون الاستاذ وجدي صالح بالقتل وبالفعل حاولوا إغتيال اعضاء لجنة التفكيك في بابنوسة ! قوة عين لصوص وقتلة في آن !

بنبغي ان لايقل تعامل المجتمع مع هذه الفئات باي حال من الاحوال عن موقف الثورة والثوار في تعاملهم مع فلول النظام المدحور. فيجب ان يكون للشباب والكنداكات ولجان المقاومة في الاحياء موقفا ثوريا متسقا في مقاطعة المغنيين منهم والصحافيين والفنانين والطرق الصوفية التى عرفت بدعمها للانقاذ حتي تصبح الثورة بالفعل وعيا شعبيا شاملا وثقافة عامة طاغية ، تجري في الشعب السوداني مجري الدم .

جعفر عبد المطلب / تورنتو

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..