خلافة .. شمال استان .. الي أين ؟!ا

خلافة .. شمال استان .. الي أين ؟!
محمد عبد الله برقاوي..
[email protected]
في بدايات الانقاذ ولانها جاءت من الأبواب الضيقة تحمل السلالم بالعرض..فوجدت أن توسيع المداخل لتمر الفكرة لابد أن يأتي عبر طرق القلوب التي جبلها الله علي فطرة محبته ورسوله الكريم..لذا فقد وسعت من تلك البوابات ليس في حدود من سحرتهم تلك الشعارات فقط علي المستوي الداخلي ..بل جذب ذلك النغم طيورا من مختلف الأشكال والألوان جاءت لتنضم للسرب المغرد باناشيد الحماسة الداعية لهلاك الامريكان واعلاء سيوف الجهاد في كل مكان..
فاصبحنا نري في شوارع الخرطوم العمائم بكل المقاسات وحملة الاباريق والبيارق ..وبقية الفيلم الذي انتهي بموت الحليف المطرود بن لادن و قبله تسليم كارلوس في صفقات التبادل الامني مع الغرب التي عبرت ملفاتها الاطلسي عوما الي واشنطن ذات نفسها بعد أن ارتشفت من مياه النيل في أرض الكنانة..!
كلها مشاهد علي كل حال لا تحتاج الي اعادة بالبطيء..
فاعتبر البعض ان ذلك من قبيل المرونة في توجهات الانقاذ أو عقلانية برجماتية تنسجم مع الواقع العالمي العام..فيما أعتبره البعض الاخر خوفا ظاهرا علي سلطتها يمثل خيانة للمبادي المشتركة..!
طبعا هذا التقييم علي صعيد الاسلاميين فيما بينهم..!
فانفرط سامر المؤتمر العالمي الاسلامي ..بعد أن فضّ زعيمه خميني السودان شراكته مع الانقاذ التي خسر فيها رأس المال ..ودفع فرق الخسارة شهورا من السجون المتقطعة ثمنا لبعض الضربات المرتدة ..!
ولان اللعبة قد باتت مكشوفة ولم يعد من يرقص بمقدوره أن يغطي لحيته..فقد اتجه جهاد الانقاذ الذي فشل في ساحات الفداء بالجنوب ..مباشرة الي ساحات السوق ..فالبنوك الاسلامية التي انشئت في ايام السوق الأسود..جاهزة لتبيض المال المسروق والوجه المحروق ..! فانتهت بلا رجعة اسطورة المشروع الحضاري الذي أوهموا به الناس انه يربط بين اعادة صياغة البشر والحجر والشجر والتنمية بالعقيدة للوصول الي الخلافة المثالية التي تحولت من منشودة الي مفقودة..
في كل هذه الأجواء المشحونة بالربكة .. انقسم الناس الي فئة واحدة عايشة وفئات كثيرة دايشة..فمن ضمن الأخيرة نشأت جماعات التزمت السلفي والتكفيري التي تؤخر رجلا عن الانقاذ اختلافا باعتبارها قد فرطت..وتقدم الرجل الاخرى تقربا منها لكونها توفر البيئة الحاضنة لتمدد تلك الجماعات المتزمتة في المجتمع السوداني استغلالا لاحباط الشباب الذي بات خارج اهتمامات السلطة التي أغرقت البلاد في فيضانات التعليم العالي غير المرشد ولا المدروس ولاحتي المفيد من حيث التحصيل ..وبالتالي فالاعداد التي تخرجت بحثا عن العمل أضحت جيوشا تفوق الخطة التخديمية ان كان فيها مايتوفر بعد استيفاء اعداد المحسوبين علي النظام والوساطات والمعينين القادرين علي دفع المعلوم !
فطاش ما طاش من الشباب الغض الذي اصبح عائما مع تيارات المجهول ..وأصبح لقمة سائغة تلقفتها تلك الجماعت ..لتنجنيدها في صفوف تنطعها..
أما من أبى فهو ايضا يشكل معضلة أخري تزيد من بلل طين التفسخ الاخلاقي وتبعات العطالة المذلة وانتشار الأشغال الهامشية تحت الشموس الحارقة..!
فانقسم مجتمع الشباب عندنا والشابات ايضا في غالبيته الا من رحم ربي.. الي نصف جنح الي الافراط في الغلو الديني .. ونصف بالتفريط في المثل الاجتماعية الراسخة والموروثة..مما خلق الأجواء الملائمة وهيأ ساحات الصدام الذي جر الي ظهور صنوف غريبة ..من جماعات التشيع التي تحاول استثمار الروح الصوفية المتأصلة في السودان وتندس بينها وهو ما يزيد من ازكاء نار العداء مع الجماعات السلفية التي دأبها معادة تيار الصوفية وماتسميه البدع ..فتملاء صدرها من هواء المناخ العام وقد وفرته سلفا السلطة الانقاذية وهي تغض الطرف عن تزايد ذلك الصراع لتشغل الناس بامساك تلابيب ببعضهم ..مما يدعو للتخوف من أن يتحول السودان الي افغانستان أخري أو يمن ..وعلي ضوء انفصال الجنوب وترويج النظام لجمهوريته الجديدة( خلافة شمال استان ) التي ترفرف فيها رأية العروبة والاسلام ..فتتدفق عليه مرة اخري اسراب الجماعات وقد ضاقت عليها في كل مكان دوائر الحركة .. وبيننا وبين السعودية فركة ضراع سباحة وشريط مفتوح مع الحدود المصرية الواسعة..!!!
والبقية تشاهدونها غدا..ان لم تهدوا دار عرض الفتنة فوق رؤوس المنتج..فسيعاد الفيلم الذي انتجه قديما بالأبيض والأسود في نسخته الجديدة بالألوان الطبيعية ليواكب العيون الشابة وهي تبحث عن اي منظركان هروبا من التبطل والفراغ .. اللهم اني بلغّت فأشهد..
وكل عام والجميع بخير جعله الله رمضانا بلا فتن أو محن علي شعبنا وأمتنا ..انه المستعان..
وهو من وراء القصد.