رصد وتوثيق: في العام الماضي ماعرف السودان مثل هذا التدهور مع الاقطار العربية!!

١-
مــقدمة:
******
(أ)-
انقضي العام الماضي ٢٠١٥ بخيره وشره، كان بحق عام حفل باحداث سودانية هامة اثرت سلبآ علي كل مجريات الامور فيه، كان من ابرز احداث العام المنصرم جمود وفتور علاقة السودان مع البلاد العربية بصورة اعادتنا الي ذكري ذلك الفتور الذي عرفه السودان عندما ساند غزو العراق للكويت في ٢ اغسطس ١٩٩٠. كان السودان طوال شهور العام الماضي في عزلة خانقة دوليآ -وبشكل خاص مع الاقطار العربية التي كان يتودد اليها…وما حصد الا الهشيم!!-.

(ب)-
***- وحتي لا يكون ما كتبته (اعلاه) ناتج من فراغ او لا يستند الي حقائق دامغة، رأيت ان يكون مقال اليوم عبارة عن رصد احداث وقعت في العام الماضي توضح وتبين بجلاء الي اي مدي وصل جمود النظام الحاكم في السودان مع البلاد الدول العربية،…لماذا وصلت العلاقة الي هذا السوء والفتور؟!!، ساتناول علاقة السودان مع كل البلاد العربية بلا استثناء.

المـدخل الاول:
علاقة السودان مع الدول العربية في افريقيا:
١-
اولآ- جمهورية مصر العربية:
*******************
وقعت احداث كبيرة اثرت سلبآ علي العلاقة بين السودان ومصر، كان ابرزها تصعيد حدة المواجهة بينهما بسبب منطقة “حلايب” المحتلة من مصر، رفع السودان مذكرة الي الامم المتحدة بشأن النزاع علي المنطقة. جاء التصعيد اصلآ بسبب مقتل ١٥ مهاجرا سودانيا على الحدود المصرية -الاسرائيلية- وعدم اعتذار الحكومة المصرية عن الحادث. كانت العلاقة بين البلدين متوترة وفاترة بسبب سد “النهضة” الاثيوبي واتهام القاهرة ان السودان منحاز الي الجانب الاثيوبي. لعب الاعلام المصري ايضآ دور في تصعيد المواقف المتازمة حيث وصف البشير بـ”الإخواني مثير المشكلات”، تكاثرت السحب الملبدة بالغيوم في سماء العلاقات المصرية السودانية بعدها وجاء حادث تعذيب مواطن سوداني في أحد أقسام الشرطة المصرية ليسكب مزيدا من البنزين على العلاقات بين البلدين، مما حدا الرئيس البشير الي شن هجوم علي الاعلام المصري ووصفه بالرداءة. استنكر البرلمان السوداني في جلسته اليوم ما سمّاه “سوء معاملة” مواطنيه في مصر وذلك خلال جلسة استمع فيها لتقرير من وزير الخارجية إبراهيم غندور حول القضية. واعترف وزير الخارجية السوداني خلال الجلسة أن هناك زيادة في حالات احتجاز السودانيين وتفتيشهم وسلب ممتلكاتهم في مصر “. جرت محاولات عديدة من قبل الحكومتين لاصلاح الخلل في العلاقة التي تسير الي اكثر سوءآ..الا انها ما تعدت حدود تصريحات رسمية من الجانبين لا تسمن ولا تغني من جوع!!..زار الرئيس البشير شرم الشيخ مشاركآ في “المؤتمر الاقتصادي”..وزار الرئيس المصري السيسي السودان وشارك في حفل تنصيب البشير رئيسآ.

٢-
ثـانيآ- ليبيا
*******
شهدت العلاقات بين البلدين توترات واحداث هامة منها: انسحاب ليبيا من القوة المشتركة لمراقبة الحدود مع السودان..اتهام وزير الاعلام الليبي السودان انه ينتمي لمثلث الموت لتدمير ليبيا..اعتقال عبدالحليم عمر قنصل السودان في بني غازي والخرطوم استدعت السفير الليبي للتوضيح .ارتفعت حدة التوترات الأمنية بين دولتي السودان وليبيا في الآونة الأخيرة بسبب الاتهامات المتبادلة بين البلدين بشأن دعم الحركات المسلحة وإيواء الجماعات الإرهابية، حيث وجه خليفة حفتر اتهامات مباشرة لدول بعينها بالوقوف وراء دعم الجماعات الإرهابية المسلحة في بلاده، التي ذكر من بينها دولة السودان، مشددا على أن السودان من إحدى الدول التي ينبع منها الإرهابيون الذين يتسربون إلى بلاده، بقوله ?إن السودان عنصر رئيسي في دعم هذه المجموعات الإرهابية?، فالاتهامات الأخيرة جعلت العلاقة بين البلدين غير واضحة، ويظل السؤال ما هو مصير العلاقات بين السودان وليبيا في ظل الاتهامات المتبادلة بينهما؟!!

٣-
ثالـثآ- الجمهورية التونسية:
****************
كل ماجاء في الصحف المحلية في عام ٢٠١٥ عن العلاقة بين السودان وتونس تمثلت في: السودان وتونس يوقعان اتفاقا إطاريا ثنائيا في مجال النقل الجوي.. السودان وتونس يبحثان التعاون في مجال النفط..الأولمبي التونسي يقصي السودان من تصفيات ريو ٢٠١٦ !!

٤-
رابـــعآ- الجمهورية الجزائرية:
*****************
في الوقت الذي رفض فيه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة زيارة الخرطوم ويشارك في حفل تنصيب البشير رئيسآ، قام البشير بزيارة اصلآ لم تكن معلنة الي الجزائر، وهناك وصفها ب”المثمرة جدا”!!،جهات سياسية كثيرة اكدت ان سبب الزيارة محاولة من البشير طلب معونة مالية يدعم بها الخزينة الخاوية. انتهت الزيارة وما سمعنا بعدها باي نتائج!!..وخبر رياضي افاد ان فريق منتخب الجزائر الأولمبي تعادل ودّيا مع السودان.

٥-
خامســآ- المملكة المغربية:
*****************
من اهم الاخبار التي جاءت عام ٢٠١٥ عن العلاقة بين السودان والمغرب كانت عن وفاه الراحل الشاعر محمد مفتاح الفيتوري في يوم ٢٤ ابريل ٢٠١٥..كانت هناك زيارة قام بها وزير البيئة والتنمية العمرانية الدكتور حسن عبد القادر هلال للمملكة المغربية للمشاركة في مؤتمر البيئة والمناخ. وما سمعنا او طالعنا طوال عام ٢٠١٥ باي اخبار ذات حدث هام بين البلدين!!

٦-
سـادسآ- الجمهورية الإسلامية الموريتانية:
*************************
كانت كلما جاءت في الاذهان اسم موريتانيا، الا وتذكرنا القصيدة العصماء التي قيلت في وزيرة الخارجية الموريتانية السابقة “الناها بنت مكناس” وجاء في بعض ابياتها: (ما كنت أعرف كيف الشعر لولاها حتى تبدّت ولاحت لي ثناياها..فقلت برق بدا أم أنّ بي سنة أم أنّ ما كنت قد أبصرته فاها). وما كانت هناك من اخبار سودانية اخري عن موريتانيا” سواها. الا ان وصول عمر البشير في يوليو ٢٠١٥ الي موريتانية مترأسا وفد السودان المشارك في أعمال القمة الرابعة العادية للوكالة الأفريقية للسور الأخضر الكبير. زار البشير موريتانيا ثلاثة مرات ولم رئيسها ولا مرة بزيارة الخرطوم!!

الـمدخل الثــاني:
الـدول العربية في شرق افريقية
*******************
٧- سـابعآ-جـزر القمر:
ما كانت هناك من اخبار هامة عام ٢٠١٥ حول العلاقة بين البلدين، الا ذلك الخبر عن سودانير” تستأنف رحلاتها الجوية إلى جزر القمر. وخبر اخر حول إنجاز يحسب للسودان عامة وللمرأة السودانية على وجه الخصوص، حيث اختيرت المجموعة القصصية (سرقوا عمري) للصحفية والاديبة القاصة ليلى حسن سلمان (ام علي) ضمن محتويات المكتبة المدرسية في جزر القمر ، وتدرس في المدارس هناك.

٨-
ثــامنآ: جمهورية جيبوتي:
***************
ما كان هناك في عام ٢٠١٥ من خبر هام عن العلاقة بين السودان وجيبوتي، الا ذلك الخبر الرياضي: “السودان يعبر لدور الثمانية بسيكافا برباعية في جيبوتي”..وخبر اخر: “سيف زاهر مراقباً لمباراة جيبوتي والسودان في الكرة الشاطئية”…

٩-
تــاسعآ -جمهورية الصومال الفيدرالية:
***********************
من اخبار عام ٢٠١٥، ان الدولة الصومالية أبرمت مذكرة تفاهم حول الصحافة والإعلام مع الشقيقة السودانية ، حيث ستكون سارية المفعول عام ٢٠١٦..صورة الصومال في اذهان السودانيين انها دولة ممعنة في التطرف الديني ومن الخطورة بمكان اقامة علاقات جادة معها. لذلك كانت العلاقات فاترة بين البلدين.

الــمدخل الثـــالث:
الدول العربية في شبه الجزيرة العربية:
***********************
١٠-
عاشرآ- سلطنة عمان:
ما كنت اي اخبار تشير الي متانة العلاقة بين السودان وسلطنة عمان، كل ما جاءت بها الاخبار عام ٢٠١٥ عبارة عن تهاني بين السودان ومسقط!!

١١-
احدي عشر- دولة قطر:
عدم زيارة الشيخ تميم للمشاركة في حفل تنصيب البشير (٢ يونيو ٢٠١٥ ) فجر تساؤلات ما زالت مطروحة حتي الان في الشارع السوداني!!، عزا البعض السبب الي حضور الرئيس المصري السيسي الي الخرطوم. خلال عام ٢٠١٥ خفت زيارات البشير الي الدوحة وما عادات كما في السابق. هناك تعاون اقتصادي قطري ملموس في السودان لكن بدون زيارات وفود!!

١٢-
اثـني عشر- دولة الامارات العربية:
**********************
ظاهرة عدم زيارة رئيس دولة الامارات الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان بن زايد للسودان مقابل عدد الزيارات التي قام بها البشير تثير الحيرة والدهشة!! ، زار البشير هذا العام دولة الامارات وفجر هناك القنبلة (الفشنك) واعلانه التخلي عن (الاخوان المسلمين) التي اضحكت الناس عليه كثيرآ لعدم اقتناعهم وصدقهم في تصريح البشير!!..لم يقم الشيخ خليفة بن زايد بزيارة الخرطوم للمشاركة في حفل التنصيب البشير..أثار مغادرة نائب رئيس الإمارات محمد بن راشد المكتوم، الجلسة الافتتاحية لمؤتمر دعم الاقتصادي المصري في “شرم الشيخ” بالتزامن مع كلمة الرئيس البشير تساؤل الكثيرين، حول ما إذا كان ذلك مقصودا أم من قبيل الصدفة؟!!.

١٣-
ثــالث عشر- البـــحرين:
*************
كل ماجاء في عام ٢٠١٥ من اخبار عن علاقة السودان والبحرين كانت علي شاكلة: السودان يدين التفجير الإرهابي في البحرين..السودان يشجب تفجيرات (البحرين) الإرهابية ويواسي أسر الضحايا..كرتي يكشف تفاصيل استدعاء سفير السودان في البحرين..بنك الخرطوم يحصل على ترخيص للعمل في البحرين. الشيخ حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة لم يقم بزيارة للخرطوم في ٢ يونيو ٢٠١٥!!

١٥-
خــامس عـشر- دولة الكويت:
******************
اخبار علاقة الكويت بالسودان ما زالت ضعيفة فالجراحات القديمة ما زالت غائرة في نفوس اهل الكويت شعب وحكومة. لكن هذا لم يمنع ان تقوم الحكومة الكويتية بجليل خدماتها للسودانيين وجاءت اخبار ٢٠١٥ علي شاكلة: الكويت تمنح السودان ألف وظيفة..دولة الكويت تعالج مرضى القلب اليمنيين في السودان..الكويت تدشن برنامج إغاثة للاجئين السوريين في السودان..دولة الكويت ساهمت مساهمة كبرى في انماء السودان..السودان توحد موقفها الرياضي مع الكويت. هذا عن دور الكويت في السودان، ام عن دور السودان في الكويت “صــفر كبير”!!

١٦-
ســـادس عشر- الجمهورية اليمنية:
**********************
كان غرض عمر البشير من اشراك السودان في حرب اليمن الخروج من العزلة التي عاني منها نظامه في الخرطوم طويلا، رغم مرور عشر شهور علي المشاركة ما زال البشير يعاني من العزلة كان اخرها عدم مقدرته السفر الي نيويورك في سبتمبر الماضي.

الــمدخل الــرابـع- الدول العربية في الهلال الخصيب:
************************
١٧-
السـابع عشـر- المملكة الاردنية الهاشمية:
**************************
عملية طرد وابعاد ٨٠٠ سوداني من الاردن كانت بمثابة تحذير واضح من الحكومة الاردنية للخرطوم بعدم ارسال اي سودانيين الي الاردن مرة اخري حتي ان كان الغرض للعلاج (هذا التعليق وجدته في احدي المواقع التي تناولت العلاقات بين البلدين السودان والاردن)!!ردود الفعل كانت من قبل المسؤولين في الخرطوم باهتة وحتي الان لم يصدر بيان رسمي سلبآ كان ام ايجاب حول عملية الطرد!!

١٨-
الـثامن عـشر- دولة العـراق:
*****************
كل ما جاء في الاخبار عن علاقة الدولتين تمثلت في تصريحات مثل: اعلنت الحكومة السودانية عن مساندتها للعراق في حربه ضد “داعش”، والعراق يبدي استعداده للتعاون مع السودان في المجال العسكري. ظروف الظروف قللت كثيرآ من تعزيز علاقتها مع الخرطوم وحلت محلها التصريحات والتنديدات.

١٩-
تاســـع عشر- الجمهورية العربية السورية:
**************************
علاقة البشير بالرئيس السوري بشار الاسد ما زالت محل حيرة المراقبين!! ، هناك من يؤكد ان البشير حتي لا يفقد صداقته مع روسيا التي تساند سورية فانه ايضآ يؤيد بقاء بشار- وهذا ما يعني ان البشير ينطبق عليه المثل المعروف:(خادم الفكي مجبور علي الصلاة)!!..هناك ايضآ من يؤكد، ان هذا الغموض في موقف البشير قد ساهم في عزلته عربيآ.

٢٠-
عـشرون- الجمهورية اللبنانية:
******************
ما كانت هناك اخبار عام ٢٠١٥ ذات اهمية حول العلاقة بين السودان ولبنان، الا ذلك الخبر العادي للغاية وافاد ان “سفارة السودان أكدت احترام رعاياها أمن لبنان وعدم التدخل في شؤونه”!!

٢١-
واحـــد وعـشرين- فلسطين:
****************
منذ ان قصفت الطائرات الحربية الاسرائيلية السودان ثلاثة مرات، وقامت ارسلت الحكومة الاسرائيلية ايضآ ارسال صقور دخلت السودان تحمل اجهزة (الله وحده يعلم ما هي !!) كف البشير فورآ بعدها عن دعمه اللوجستيكي لمنظمة “حماس” الفلسطينية!!، شهد عام ٢٠١٥ فتور واضح بين المؤتمر الوطني و”حماس”، كان الغرض منه تنبيه الفلسطينيين الي المقولة المعروفة:(الباب البجيب الريح سده واستريح)!!

الـمدخل الـخامـس والاخير:
****************
هل يمكن للبشير ونظامه ان يبقيا علي هذا الحال الذي يزداد كل يوم اكثر قتامة وسوء؟!!

بكري الصائغ
[email][email protected][/email]