نيوزيلندا تبحث عن سبل جديدة لمحاربة " كارثة بطيئة " اسمها داء السكري

ولينجتون – بدأت نيوزيلندا رحلة البحث عن طرق جديدة لمكافحة داء السكري ، ذلك المرض الذي تتزايد معدلات الإصابة به إلى حد أن منظمة الصحة العالمية وصفته بأنه "كارثة بطيئة الحركة"، بعد أن أظهر تقرير أن البرنامج الوطني الذي يقدم فحوصات طبية سنوية مجانية لمرضى السكري أثبت عدم جدواه تقريبا.

وبعد مراجعة البرنامج الذي استمر العمل به على مدار 11 عاما ، قال مدير العيادة الوطنية لمرضى السكري بوزارة الصحة الدكتور براندون أور-ووكر إن المرضى الذين يخضعون للفحوصات المجانية ليسوا بأفضل حال من المرضى غير المشمولين بالبرنامج ، رغم إنفاق 46 مليون دولار نيوزيلندا (38 مليون دولار أمريكي) من الأموال العامة علي هذا البرنامج.

تحدث الإصابة بداء السكري عندما ترتفع نسبة السكر في الدم إلى مستويات عالية للغاية ، لا يستطيع معها البنكرياس إفراز كمية كافية من الإنسولين للسيطرة عليه. ويعتبر السكري مرضا مزمنا ، وإن لم يتم مداواته فإنه قد يسبب الفشل الكلوي وأمراض العين وقرحة القدم فضلا عن زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب.

يعاني ما يربو على 200 ألف شخص في نيوزيلندا من داء السكري ، فيما تقول وزارة الصحة النيوزيلندية إن معدل الإصابة بالمرض قد بلغ مستويات وبائية ، بل ويزيد بنسبة خمسة في المئة سنويا ، في ظل الاشتباه في إصابة مئة ألف آخرين بهذا الداء دون تشخيص المرض لديهم.

معظم هؤلاء المرضى يعانون من النوع الثاني لداء السكري ، والذي يعالج عادة بالأدوية واتباع أنظمة غذائية معينة ، فيما يعاني الأقلية من النوع الأكثر خطورة ، وهو النوع الأول الذي يتطلب حقنا مستمرا بالإنسولين.

وكان 12 من الأطباء المتخصصين وباحثي الصحة العامة وأخصائيي التغذية الرواد وقعوا على رسالة مفتوحة الي دورية "نيوزيلاند ميديكال جورنال" النيوزيلندية الطبية الشهر الماضي ، حذروا فيه من عدم بذل جهود كافية لمكافحة داء السكري الذي تزداد معدلات الإصابة به بصورة سريعة ، وقالوا إن السبب الرئيسي وراء الإصابة به يكمن في الزيادة الكبيرة في معدل انتشار البدانة بين الأطفال والبالغين.

تقول الباحثة في مجال الصحة العامة الأستاذة الزميلة لويزا سيجنال من جامعة أوتاجو في ولينجتون: "تمثل البدانة سببا لأكثر من 80 في المئة من حالات الإصابة بداء السكري التي يمكن تجنبها في نيوزيلندا ولا يتم التعامل معها بجدية – بل إنه في الحقيقة تم وقف العديد من برامج الوقاية".

وأضافت: "لدينا معدلات عالية للإصابة بداء السكري تنذر بالخطر ، وتزداد بصفة مستمرة… وأخصائيو الصحة يحذرون منذ أعوام من هذه الأزمة الصحية التي بدأت تلوح في الأفق".

يقول وزير الصحة النيوزيلندي توني ريال: "لقي برنامج الفحوصات المجانية انتقادات من المرضى والأطباء على حد سواء ، كونه يتعلق باتباع الروتين أكثر منه بتقديم الدعم لأولئك الذين يعانون من داء السكري. ذلك هو السبب في أن الحكومة طلبت المراجعة (للبرنامج)".

وأوضح أور-ووكر أن البرنامج لم يثمر عن تشخيص المرض لدى المزيد من الأشخاص ، وليس من شأنه سوى الاستمرار في تخصيص قدر كبير من نفقات الصحة لرعاية مرضى داء السكري.

يقول ريال إن مسؤولي الصحة يعتزمون إجراء مشاورات واسعة على الصعيدين المحلي والدولي لتطوير سبل جديدة لدعم مرضى السكري.
وأضاف أن حكومته ، التي تنتمي إلى يمين الوسط ، ستركز على اتخاذ قرارات بشأن تبني سياسة جديدة بحلول آذار/مارس أو نيسان/أبريل المقبلين ، في حال جرى إعادة انتخابها لفترة ولاية جديدة في الانتخابات العامة المقررة في 26 تشرين ثان/نوفمبر الماضي.

ويقول المتخصصون الاثنا عشر ، الذين يطالبون باتخاذ المزيد من الإجراءات ، إن السبل الجديدة يجب أن تشتمل على استراتيجية وطنية للتغذية والنشاط البدني كما أوصت منظمة الصحة العالمية ، وإعادة فرض قانون على متاجر بيع الأغذية المدرسية يلزمهم ببيع المنتجات الغذائية الصحية فقط ، ذلك الإجراء القانوني الذي ألغته الحكومة بعد توليها السلطة بثلاثة أعوام.

كما دعا المتخصصون إلى حظر بيع الوجبات السريعة للأطفال وتشديد النظم والقواعد التي تحكم صناعة الأطعمة والمشروبات ، للتشجيع على تناول الأغذية الصحية.

د ب ا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..