المخرجة عرفة حسن: مسرحية “ستة صفر” تناولت كل مشاكل المجتمع.. تدهور كروي

الخرطوم – عاطف فضل المولى
توالي مسرحية (ستة صفر) تقديم عروضها هذه الأيام بالمسرح القومي بأمدرمان، وتسلط الضوء بصورة نقدية على النتائج السلبية للأندية والمنتخبات السودانية بشكل خاص في كرة القدم، وبجانب ذلك تناولت انكسارات المجتمع السوداني بقصة الطالب الذي تتكفل أسرته بسفره للخارج لدراسة الطب قبل أن يعود بشهادة لتدريب لكرة القدم.
المخرجة عرفة حسن الخليفة رفضت اتهامها باقتباسها لبعض النصوص من برنامج (العارضة) الذي يقدم على شاشة (ام بي سي) والذي يسخر من كرة القدم السعودية، بل أكدت أن فكرة المسرحية جاءت من صميم مشاهداتها ومتابعتها الخاصة. وأصرت على أن (ستة صفر) فتحت باباً للنقاش يطالب بتغيير منهجية التعاطي مع القضايا الأساسية للمجتمع، فلنتابع ماذا قالت في الحوار التالي:
* في البداية لا بأس أن نتعرف عليك؟
– أنا عرفة حسن الطيب الخليفة الطيب ود بدر نشأت في بيئة دينية وتعد الخلوة الملهم الحقيقي لدراستي للإخراج المسرحي بكلية الموسيقى والدراما، حيث كان الشيخ يعلمنا قراءة القرآن في مجموعات، وكان يضرب اثنين أو ثلاثة بسوطه عندما نخطئ في وقت واحد، وكنت أُصاب بالدهشة لأسلوبه، وبعدها وجدت أن هذه الطريقة من صميم دراسة المسرح وتسمى الاستدراك.
* اختزلت المسرحية كل مشاكل المجتمع في كرة القدم؟
– بلورت (ستة صفر) مشاكل المجتمع السوداني بتسليط الضوء على النتائج السلبية لكرة القدم عبر الأندية والمنتخبات لأنها من أكثر الموضوعات التي تلامس وجدان الناس، وتعبر من خلالها بشكل صريح، مع الأخذ في الاعتبار أن مجتمعنا ظل حريصاً على الحفاظ على همومه الخاصة، والتردي خلاصة لأسباب جوهرية نعيش تفاصيلها كل يوم في كل مناحي الحياة المختلفة، لأن التطور عنوان النجاح في النتائج الجيدة لكرة القدم والفنون والعلوم والرفاهية.
* كيف وقع اختيارك للعنوان؟
– كانت هناك اقتراحات كثيرة لاختيار الاسم الخاص بالمسرحية، وفي نهاية المطاف رسى الاسم على (ستة صفر)، لأنني شعرت أنه الأكثر تعبيراً ومواءمة للنصوص الخاصة بالمسرحية، وأحب أذكرك بأن الصحفيين أيضاً يحاولون اختيار أسماء تعبر عن أشواقهم لكتابة العمود أو مجمل الفنون الصحفية، ويشعرون من خلالها أنهم أكثر قربا من القارئ.
* هل واجهتي صعوبة في اختيار الكاست؟
– قصدت أن يكون الكاست من الشباب لأنهم الأكثر تعبيراً عن معاناتهم الخاصة لأنهم لا يزالون يدفعون ثمن الظروف الصعبة التي نمر بها، وكنت محظوظة لأنني وجدت تفاعلاً كبيراً من الممثلين في تنفيذ العمل على أرض الواقع، وبطبيعة الحال أضافوا له بعدا حقيقيا بعد قراءة النصوص بحكم معرفتهم اللصيقة بكرة القدم، وهذا ساعد كثيراً في وضع القوالب الفنية للمسرحية بصورة مدهشة.
* من خلال مشاهدتي للعرض وجدت تشابهاً للنصوص لبرنامج العارضة الذي يقدم على ام بي سي، هل يعد هذا اقتباساً؟
– لم أقتبس فكرة من أحد، بل جاءت المسرحية كولادة من خلال مشاهدتي ومتابعتي لواقع الحياة وكرة القدم على وجه الخصوص وحتى أكون معك أكثر صراحة لم أشاهد المباريات من داخل الاستاد، ولكن عندما أمر بالاستادات القريبة من مواقف المواصلات أشاهد أرتالاً من الجماهير تقف في الصفوف للدخول للمباريات، وتدفع من مالها الخاص، وبعدها أسمع بخسارة المنتخب أو النادي وأصطحب معي كل مشاهداتي وأقيس على ذلك مدى الحزن الشديد الذي يجتاح نفوسها لأنها كانت ترغب في الانتصار.
* ضربتي من خلال ستة صفر عصفرين بحجر؟
– المسرحية فتحت باباً للنقاش يطالب بتغيير منهجية التعاطي مع القضايا الأساسية لمجتمعنا، وقدمت رسالة تطالب من خلالها بتبديل الصورة النمطية التي اختزلتها في النتائج السيئة لكرة القدم والتي تصرف عليها الدولة أموالاً طائلة، وفي نهاية المطاف المحصلة صفر وستة صفر تطالب الأندية والمنتخبات بالفوز بكأس برنجي على أسوأ الفروض حتى يشفي غليل الجماهير.
* المسرحية لم تضم نجوماً معروفين؟
– بالعكس يعد الثنائي سيد جرسة وجنكيز من الوجوه المشرقة في المسرح السوداني، وشكلوا إضافة حقيقة لستة صفر، ومن خلال العرض لمست تجاوباً كبيراً من الجمهور وحتى الفنانين الشباب المشاركين يعدون إضافة حقيقة بفضل الحماس والرغبة في إيصال المفهوم الخاص للمسرحية.
* حدثينا عن تمويل العمل؟
– أنا أقوم بدور الممول والمخرج في الوقت ذاته، وقبلت هذا التحدي بشكل كبير على الرغم من إشفاق معظم الذين من حولي عليّ، وقولهم إنني سأتعرض للخسارة، وكان ردي لهم بأن الربح الحقيقي هو إيصال فكرتي للناس وبكل تأكيد المسرحية تحرض على الاهتمام برعاية الدراميين مقارنة بالدعم المقدم لكرة القدم.
* ما هي الصعوبات التي تواجه المخرجين الشباب؟
– المسرح بالسودان يواجه مشكلة التمويل وخلال عملي لم أشاهد رعاية للأعمال الفنية، وكل المحاولات التي تقدم تكون بمجهود فردي ولو نظرنا إلى تركيا نجدها استفادت مادياً من السياحة بتمويلها للأعمال الدرامية التي تسوق للفضائيات العالمية بسعر معقول لأنها تهدف من خلالها إلى إظهار العمق الحقيقي للبلد وجذبت الكثير من السياح خلال الاونة الاخيرة من جميع أنحاء العالم وأصبحت القبلة الحقيقية لكل للناس وعبركم أوجه اتهاماً للفضائيات المحلية لأنها تجتهد لرعاية البرامج، ولم تدخر وسعاً في سبيل الدفع بالدراما في إيجاد النصوص الجيدة كما يحدث في الدول العربية.
* هناك اتهام يؤكد وجود أزمة كتابة وإخراج؟
– صحيح، أُقرُّ بوجود أزمة كتابة وتبلد، وهي نتاج للفقر المادي والخواء النفسي الذي ضرب الفنان والمثقف السوداني لأنه يحتاج إلى وضع خاص وبيئة مساعدة يوظف من خلالها طاقاته ومعظم المؤلفين يكتبون بذاكرتهم والمخرج متهم بالتقصير لأن إضافته تعد فطيرة على مستوى الحوار والحركة، وهذه السلبيات يمكن حلها عبر الورش والسمنارات، لأن الفنان الذي يستسلم للظروف يجيب أن يذهب للعمل في مهنة أخرى.
* حدثينا عن مشاريعك المستقبلية؟
– أحاول عكس موضوعات مختلفة عبر المسرح، ولو شعرت بأنني أهدر طاقة دون أشياء ملموسة سأرتب أوراقي من جديد لأن دراستي للمسرح جاءت برغبة أكيدة وحقيقة في تغيير كل الأنماط التقلدية والمساهمة في ترقية الوطن، خاصة وأن الفنون تعد جزءاً أصيلاً من التطور المادي للمجتمعات الحديثة

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..