الديكتاتورية الدينية والديموقراطية العلمانية (2)

كان ملخص ماذهبنا اليه فى المقال السابق فى نقطتين :
الاولى :ان هؤلاء المصنفين تحت راية الاسلام السياسى من كل حدب ولون ، يؤمنون ايمانا لاشك فيه ، بانهم معصومون من الخطأ ومعفيون من العقاب لانهم يعلنون تطبيق شرع الله . وفى هذا لايقدمون اى تفاصيل لفكرة ” الاسلام هو الحل “، فالله “سبحانه ” يعلم نواياهم ، أو كما يقولون ، وبالتالى فليس لاى أحد ?آخر ? ان يعلم التفاصيل !
الثانية : ان كشف الامر بالكامل فى معركة ضرورية وأساسية ،لايمكن ان يتم الا فى مناخ ديموقراطى كامل الدسم ، بحيث يتاح للكل من طرفهم والاطراف الاخرى ان يقدم ما لديه فى حرية كاملة ، ذلك لان الحكم على النوايا يستحيل على البشر، الا اذا شاركوا صفة من صفات المولى سبحانه ، وهو شئ لم يدعيه الانبياء والرسل ، بمافيهم رسولنا الخاتم . وحقيقة الامر ،أخذا من تاريخ المسلمين، فانه قد أتيح فى بعض عهود ذلك التاريخ ، لكافة السكان من مختلف الملل والنحل ، ان يتجادلوا فى كل أمور الدين والدنيا دون منع أو حجر .
أحاول ابتداء من هذا المقال ، ان أبدأ الامر من اساسه وأوله الذى أرى أننا ، وبدون ذلك، نكون كمن يحرث فى البحر . ذلك لان المسالة بدأت ،فى اعتقادى ، من قضايا أساسية ومنذ زمن موغل فى البعد ، ربما يعود الى مابعد خلافة سيدنا عمر رضى الله عنه ، ثم تفرع واستفحل على يد كثير من السلف ، الى ان وصل الى هذا الحد شبه المستحيل . فماهى هذه القضابا الاساسية التى أعتقد ان المسالة وحلها يكمنان فيها ؟
أولا : فكرة الوحدانية :
قد يستغرب البعض طرح الوحدانية كقضية ترتبط بما اسميناه ” الديكتاتورية الدينية ” . ولكنى اصر على انها هى قلب الموضوع . فاذا كنا نؤمن بان الله واحد لاشريك له . وانه حتى الانبياء والرسل ماهم الا بشر يوحى اليهم ، وانهم ليسوا وكلاء ولا حفظة ولامسيطرين ..الخ مماجاء فى كتاب الله وبكلمات لاتقبل الجدل حول معانيها ، اذا كنا مؤمنين بكل ذلك ، فان التقديس لايكون الا لله سبحانه وتعالى ، وان أى تقديس لغيره يدخل فى معنى الشرك به. قد يقول قائل وماعلاقة هذا بموضوع الديكتاتورية الدينية ؟ والرد على ذلك بسيط : وهو ان الذين يدعون امتلاك الفهم والحقيقة لماهية الدين والشرع ينطلقون دائما من مواقع التقديس لاشخاص أو أحاديث لايأتيه الباطل ، ابتداء من فرعون وانتهاء بسيد قطب والترابى وغيرهم من مدعى امتلاك الحقيقة . الغريب فى الامر ان اتباع هؤلاء الملاك يستمرون فى تبعيتهم ، حتى لو انقلبت فكرة المدعى راسا على عقب . آخر مثال على ذلك : التعديلات الدستورية التى تقدم بها الشعبى وأصر عليها ، ليس لصحتها ، ولكن لان الذى أتى بها هو الترابى ، أوكما قال الشيخ السنوسى ! ولعل الشيخ لو راجع مواقف الترابى العملية ، من نفس هذه القضايا عندما كان ” سيد البلد” دون منازع ، لوجد مايعلم ونعلم جميعا من مواقف لاعلاقة لها بالحريات وماشابه السلف ، الى ان وصل الى هذا الحد شبه المستحيل . فماهى هذه القضابا الاساسية التى أعتقد ان المسالة وحلها يكمنان فيها ؟
أولا : فكرة الوحدانية :
قد يستغرب البعض طرح الوحدانية كقضية ترتبط بما اسميناه ” الديكتاتورية الدينية ” . ولكنى اصر على انها هى قلب الموضوع . فاذا كنا نؤمن بان الله واحد لاشريك له . وانه حتى الانبياء والرسل ماهم الا بشر يوحى اليهم ، وانهم ليسوا وكلاء ولا حفظة ولامسيطرين ..الخ مماجاء فى كتاب الله وبكلمات لاتقبل الجدل حول معانيها ، اذا كنا مؤمنين بكل ذلك ، فان التقديس لايكون الا لله سبحانه وتعالى ، وان أى تقديس لغيره يدخل فى معنى الشرك به. قد يقول قائل وماعلاقة هذا بموضوع الديكتاتورية الدينية ؟ والرد على ذلك بسيط : وهو ان الذين يدعون امتلاك الفهم والحقيقة لماهية الدين والشرع ينطلقون دائما من مواقع التقديس لاشخاص أو أحاديث لايأتيه الباطل ، ابتداء من فرعون وانتهاء بسيد قطب والترابى وغيرهم من مدعى امتلاك الحقيقة . الغريب فى الامر ان اتباع هؤلاء الملاك يستمرون فى تبعيتهم ، حتى لو انقلبت فكرة المدعى راسا على عقب . آخر مثال على ذلك : التعديلات الدستورية التى تقدم بها الشعبى وأصر عليها ، ليس لصحتها ، ولكن لان الذى أتى بها هو الترابى ، أوكما قال الشيخ السنوسى ! ولعل الشيخ لو راجع مواقف الترابى العملية ، من نفس هذه القضايا عندما كان ” سيد البلد” دون منازع ، لوجد مايعلم ونعلم جميعا من مواقف لاعلاقة لها بالحريات وماشابه ! الايتذكر راى الشيخ الكبير عن شهداء حرب الجنوب الذين أصبحوا ” فطايس ” بعد المفاصلة ” ؟! وهل هناك ديكتاتورية فكرية أكثر من هذا ؟
هذا المثال الحديث ، يماثل السوط السلفى الذى يجلد به كل مسلم يحاول التفكير بطريقة تختلف عن السلف فى أى أمر من أمور الدين ، بالرغم من ان مايعلمه ابن اليوم من المعارف التى أصبحت تأتيه بضغطة زر ، عوضا عن السفر لشهور على ظهر دابة كما كان يحدث لاسلافنا العظام الذين اجتهدوا بقدر ماتيسر لهم ، يساوى اضعاف ماتيسر للسلف . افلا يجوز لاصحاب زماننا ان تتاح لهم الفرصة للتفكير ، مع انه امر يحث عليه ديننا قرآنا وحديثا وفعلا ؟
واذا عدنا الى السلف المذكور اليوم بماانجز فى أمور الدين ، لوجدنا انه مذكور للسبب الذى ينهانا عنه شيوخ اليوم ، الاوهو الابتكار والخلق للجديد . فشيخنا البخارى قد توصل الى صيغة لتنقية الاحاديث من الموضوع والمصنوع والمشكوك فى روايته أو راويه ، استطاع عن طريقها الوصول الى صحة ستة الآف من الاحاديث النبوية بينما كان ماجمع يصل الى ستمائة الف حديث ! فماالذى يمنع من يقول اليوم بان نعرض الحديث على القرآن لنرى مدى توافقه مع الآيات التى تتحدث عن نفس الموضوع ، مثلا ، أو أى اسلوب آخر ، طالما حسنت نوايا المبتكر ؟ ولايكون من حق بشر آخر ان يشكك فى نواياه ، فالامر هنا لله وحده .
فاذا كان الامر كذلك ، وهو ان المقدس الوحيد هو الخالق سبحانه ومايأتى منه ، فان مادون ذلك يصبح قابلا للتفكير والاخذ والرد . بل انه سبحانه وتعالى يحثنا قى كثير من آيات قرآنه على التفكير واستخدام العقل حتى فى ماأتانا منه . وقد فعل ذلك كثير من السلف وعلى رأسهم عمر ،الذى اسقط حكم بعض الآيات اعتبارا لظروف الواقع. والسؤال لمتبعى السلف دون تفكير أو تغيير حسب تغير الزمان والمكان : لماذا توجد مذاهب مختلفة وليس مذهبا واحدا ، اذا كان هناك تفسير واحد لكل النصوص ؟ اليس أختلاف تفسير النصوص دليل على اختلاف الرؤى الناتج عن اختلاف الاشخاص والزمان والمكان ؟ واليست هناك حالات تروى عن النبى (ص) وبعض العلماء باحكام مختلفة عن نفس الفعل نتيجة حتى لنوعية السائل ؟!
لابد لكل مسلم من احترام جميع الانبياء والرسل وصحابة رسول الله ، غير ان هذا لايمنع الاشارة الى اخطاء ارتكبوها بهدف أخذ العبرة والاستفادة بالتجربة . ولعلنا اذا قرأنا القرآن باهتمام ، ناهيك عن التدبر ، لوجدنا اشارات كثيرة لمثل هذه الاخطاء بل ومعاتبات من المولى عز وجل لانبيائه ورسله فى مثل هذه الحالات . واعتقد ان الهدف من هذا هو اثبات بشريتهم. وهناك القول الثابت له سبحانه وتعالى بما يعنى ان الله يحب ان يخطئ البشر فيستغفروا فيغفر لهم ، وانه اذا لم يحدث هذا الشئ الطبيعى فى البشر ، فانه ، سبحانه ، سيأتى بقوم آخرين يخطئون فيستغفرون فيغفر لهم . طبيعة البشر كما يعلمها خالقهم .
اذا اقتنعنا بهذا ، فانه يصبح من غير المحظور والممنوع ان نفكر فى ماقاله السلف من صحابة وتابعين ..الخ بل وأن ننتقد بعض المواقف التى نرى فيها الخطأ ، من غير ان نجرم. وهكذا ينفتح الباب المغلق منذ قرون لمراجعات لابد منها ، يكون قياسنا فيها الرجوع الى القرآن والسنة المؤكدة بنفس القياس . هذا بالطبع لن يرضى حراس “الشريعة ” التى لاتخرج عن مايفهمون هم . والغرض هو استمرار الديكتاتورية الفكرية حماية لوجودهم ومصالحهم الدنيوية . أليس هذا مافعله ويفعله جماعة الانقاذ والقاعدة وداعش . ففقه التحلل، وتحليل السبى وماملكت الايمان ومحاربة الجار الكافر وكل آيات السيف ، التى يفسرها العالمون بما يتواءم مع التطور البشرى بأمر الله ( تعمير الكون كسبب رئيس للخلق والخلافة فى الارض ) ، هى المتكأ الفكرى لهؤلاء الديكتاتوريين.
ولنا مواصلة ان شاء الله .