مقالات وآراء

السودان لم يعد سلة غذاء  العالم ..!!؟؟

د. عثمان الوجيه
كان السودان يوماً ما يعرف بسلة غذاء العالم ، بلدًا خصباً يزخر بثرواته الطبيعية ويعيل ملايين الأفواه ، ولكن اليوم ، تحولت هذه الصورة الوردية إلى كابوس يعصف بآلاف الأرواح ، الحرب الأهلية المستمرة ، والنزوح القسري ، وانعدام الأمن الغذائي ، كلها عوامل مجتمعة لتدفع السودان إلى حافة الهاوية ، تتوالى الأرقام المرعبة ، وتتزايد الحكايات المأساوية عن جوع وعطش ، بينما العالم يشاهد صامتًا ، في قلب هذه المأساة ، تتمركز معسكرات النازحين في دارفور ، هناك ، يتوفى العشرات يوميًا بسبب سوء التغذية والجوع ، مخيم زمزم ، الذي يؤوي أكثر من نصف مليون شخص ، أعلن رسميًا منطقة مجاعة هذه الكلمة تحمل في طياتها معنىً عميقًا للمعاناة والبؤس ، فالمجاعة ليست مجرد نقص في الطعام ، بل هي سلسلة متصلة من الآلام تبدأ بالضعف والتعب وتنتهي بالموت البطيء المؤلم ، التحذيرات تتوالى من المنظمات الدولية والإنسانية ، ولكن يبدو أن صرخات الاستغاثة تذهب أدراج الرياح ، فالأطراف المتحاربة تتهم بعضها البعض بعرقلة وصول المساعدات ، بينما يستمر المدنيون الأبرياء في دفع ثمن الصراع ، فالصراع الدائر في السودان هو المحرك الرئيسي لهذه الكارثة الإنسانية، فالتدمير الذي خلفته الحرب طال البنية التحتية الزراعية والطرق والمستشفيات ، مما عطل سلاسل الإمداد الغذائي وجعل الوصول إلى المساعدات الإنسانية شبه مستحيل ، والملايين من السودانيين اضطروا إلى الفرار من ديارهم بحثًا عن الأمان، تاركين وراءهم كل ما يملكون ، هؤلاء النازحون يعيشون في ظروف مزرية ، ويعانون من نقص الغذاء والمياه والدواء ، والأطراف المتحاربة تمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة ، مما يزيد من حدة الأزمة ، والجوع وسوء التغذية يؤديان إلى زيادة معدلات الوفيات ، خاصة بين الأطفال وكبار السن ، وانتشار الأمراض المعدية مثل الكوليرا والحصبة يمثل تهديدًا إضافيًا على صحة النازحين ، والأزمة الإنسانية في السودان تهدد الاستقرار الإقليمي ، حيث يؤدي تدفق اللاجئين إلى الدول المجاورة إلى زيادة الضغط على مواردها ، فالمأساة الإنسانية التي يشهدها السودان تتطلب تدخلاً عاجلاً وحاسماً من المجتمع الدولي ، ويجب الضغط على الأطراف المتحاربة لوقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق ، كما يجب على الدول المانحة زيادة مساعداتها الإنسانية للسودان ، وتوفير الدعم اللازم للمنظمات العاملة في المجال الإنساني ، لأن تجاهل هذه الكارثة الإنسانية يعد جريمة بحق الإنسانية ، فالسودان ، بلد الحضارات العريقة ، لا يستحق هذا المصير المأساوي ، وعلينا جميعًا أن نعمل معًا لإنقاذ هذا الشعب من براثن الجوع والمرض ، هنا تحضرني طرفة فليسمح لي القارئ الحصيف بأن أجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي :- في رحلة طويلة عبر دلتا النيل، من القاهرة إلى دمياط ، وجدت نفسي أحادث سيدة مصرية طيبة القلب، كانت رحلتي قد تزامنت مع أشد فترات الحرب السودانية ، تلك الحرب التي مزقت أوطاننا وشردت أهلنا كنت أحاول جاهدًا أن أبتعد عن التفكير في معاناة أهلي وأصدقائي ، لكن الحديث مع هذه السيدة اللطيفة سرعان ما أعادني إلى واقع مرير ، بدأت الحديث معها عن أحوال بلادي ، وعن الحرب التي دمرت كل شيء جميل فيها ، استمعت إلي باهتمام بالغ، وعبرت عن تعاطفها الكبير مع ما نمر به ، أخبرتني أنها تتابع الأخبار عن السودان باستمرار ، وأنها حزينة جدًا لما يحدث لشعبنا ، وفي خضم الحديث ، ذكرت لي أنها أبناؤها يعملون في تجارة الأثاث ، وأنهم يذهبون بضاعتهم إلى السودان ، خاصة إلى الخرطوم ، قالت لي: “يا بني ، أبنائي يحبون السودان كثيرًا ، ولهم أصدقاء كثيرون هناك ، دائمًا ما يخبرونني عن طيبة أهل السودان وكرمهم”، ثم أضافت بابتسامة خفيفة: “لو أهلك بعتوا ليك دكوة وزيت سمسم لا تنساني” عند سماع هذه الكلمة البسيطة “دكوة”، شعرت بغصة في قلبي ، الدكوة هي عصارة زبدة الفول السوداني ، وهي من الأطعمة التقليدية السودانية التي نحبها كثيرًا ، تذكرت أيام الطفولة ، عندما كنا نجلس مع عائلاتنا لنأكل سلطة الدكوة مع الخبز الطازج ، لكن في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها السودان ، أصبح الحصول على مثل هذه الأطعمة البسيطة حلمًا بعيد المنال، رددت على السيدة المصرية بحزن : “هل هناك سوداني بقى بالداخل حتى يرسل لأقربائه المغتربين بالخارج؟”، سكتت للحظة ، ثم أضافت : “أعلم أن الوضع صعب جدًا ، لكن أتمنى أن تنتهي هذه الحرب قريبًا ، وأن تعودوا إلى دياركم سالمين ، في تلك اللحظة ، شعرت بأنني لست وحدي في هذه المعاناة ، فحتى في بلد آخر ، هناك من يهتمون بأحوالنا ويتضامنون معنا، شكرتهما على كلماتهما الطيبة ، “تساءلتُ مرارًا : لمَ لا نُبذل قصارى جهدنا لنكون عونًا لبلادنا وشعبنا؟ “ويا ترى ، لماذا لا نستنفد كل طاقاتنا لننقذ وطننا وأهلنا من هذا البلاء؟ “ولماذا نسكت ونحن نرى وطننا يتألم؟ أليس من واجبنا أن ننهض ونعمل بكل ما أوتينا من قوة لنعيد إليه أمجاده؟ “لماذا التفرج؟ لماذا لا نتحرك؟ لقد تساءلتُ مرارًا: لمَ لا نستنفد كل طاقاتنا لننقذ وطننا وأهلنا من هذا البلاء؟ أليس من واجبنا أن ننهض ونعمل بكل ما أوتينا من قوة لنعيد إليه أمجاده؟” Why don’t we exhaust all our energies to save our country and our people from this scourge? Isn’t it our duty to rise up and work with all our strength to restore its glory? وعلى قول جدتي :- “دقي  يا مزيكا !!”.
خروج:- أضحكني هذا الخبر :- قال مساعد القائد العام للجيش السوداني ياسر العطا إنه أثنى قبل أيام قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان عن التنحي ، وأفاد العطا في مقابلة مع تلفزيون السودان بثت أمس السبت بأن البرهان المقيم بالعاصمة البديلة بورتسودان أبلغه عبر الهاتف قبل أيام برغبته في التنحي لأنه “وصل الحد”، على أن يتفق كل من العطا ونائب قائد الجيش شمس الدين كباشي على نقل السلطة للأخير ، وأوضح العطا ، وهو عضو مجلس السيادة أيضا ، أنه تمكن من إثناء البرهان عن رغبته في التنحي والاستمرار إلى حين انتهاء الحرب مع قوات الدعم السريع ، ومن ثم الدخول في فترة انتقالية قصيرة لترتيب أوضاع البلاد وتنظيم انتخابات وبعدها يغادر العسكريون السلطة…. إنتهى الخبر والتعليق :- “النفاق أشكال وألوان” #أوقفوا – الحرب
ولن أزيد  ،، والسلام ختام.

‫2 تعليقات

  1. هذا شعار بائس قديم متداول فقط بين السودانيين ولا صدي له خارج السودان …

    قديم لان اول من اطلقه وحاول الترويج الاعلامي له هو د. محمد هاشم عوض وزير الاقتصاد ابان دكتاتورية السفاح نميري ..

    بالتحديد في عام 1979 ابتدع الوزير -عليه رحمة الله ورضوانه وله المغفرة- هذا الشعار ضمن حزمة شعارات الاتحاد الاشتراكي ومنها ابوكم مين ؟؟ نميري !! … اتحادنا قوة !!
    نـأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع … الخ الخ
    وكان ذلك من باب المزايدة وتكبير كومة وسط تنافس الوزراء لارضاء النميري صاحب النزوات والمزاج المتقلب والذي لم يكن يتردد او يتورع من تكفيت او تشليت الوزراء متي ما هفت له وحسب المزاج … قبل اقالتهم !!
    ولاحقاً حاول البروفسير الدفاع عن شعاره بالقول بانه استند علي بيان نعم بيان وليس دراسة مستفيضة او ورقة علمية بيان يقول انه صدر من منظمة الاغذية العالمية وتحدث البيان عن كندا واستراليا والسودان ثلاث دول قد تكون مصدر للغذاء في العالم …

    ومرت السنوات وصارت كل حكومة ترفع ذات الشعار بكل بلاهة

  2. فعلاً النفاق أشكال وألوان
    وأنت أحد تجلياته الباهته كبُهتان مواقفك الرماديه وكتاباتك التى لا تكاد تستقر على حال واحد
    هذا المقال الوحيد ألذى كتبته ولم يتضمن جمله مليشيات الدعم السريع المتمرده، كسابق مقالاتك التى كنت تحشو نصفها بهذه الجمله المستعاره من قائد مليشيات الكيزان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..