إنتخابات عام 2020 و الحريات و عجز أحزاب المعارضة المستدام!

عثمان محمد حسن
? يقامر البشير لمصالح حزبه أولاً و مصلحة السودان في المرتبة الثانية على طاولة المصالح العالمية.. بينما يقامر ملوك و رؤساء دول العالم لمصالح بلادهم أولاً و من ثم مصالح أحزابهم بعد ذلك.. فكان لا بد من أن تضيع مصلحة السودان، في زحمة المصالح الدولية هذه، لصالح البشير و حزبه..
? و نسمع هذه الأيام من يطالبون بتغيير الدستور لإفساح المجال للبشير للترشح للانتخابات الرئاسية القادمة و المضمون فوزه فيها إن لم تحدث معجزة تحول دون ذلك..
? المعجزة حاضرة في ( كمون) كراهية الشعب السوداني لنظام البشير.. و لكن المعارضة لا تريد أن تُفَعّل تلك الكراهية بدخولها الانتخابات بترتيبات تعدها اعداداً متقناً مستفيدة من الضجر و الضيق السائد في الأوساط الشعبية.. علاوة على الحرص على بعض الاجراءات لازمة لقبولها الخول في الانتخابات..
? إن حزب المؤتمر الوطني ساقط اجتماعياً بسبب سقوطه الأخلاقي المكشوف.. و قد صار اسمه عنواناً للفساد العام.. ما للمعارضة كيف تقرأ وقائع الأحداث و المتغيرات في الساحتين المحلية و الدولية..؟
? قبيل انتخابات عام 2011 فكر الأستاذ/ علي محمود حسنين، نائب رئيس الحزب الوطني الاتحادي، و طالبكم بتوحيد احزاب المعارضة في جبهة واحدة ضد المؤتمر الوطني.. و كثيراً ما تذكرتُ مكالبته تلك.. و كثيراً.. كثيراً ما تذكرتُ مغادرته للسودان مغاضباً.. و كلما حدث تشرذم داخل أحزام المعارضة.. و أنا لا أعرفه معرفة شخصية.. و لكن..
? قرأنا في صحيفة الراكوبة أن ( قوى الإجماع) ” انتقدت الأصوات الداعية في ظل سيادة اجواء سياسية وقانونية غير مواتية لإجراء انتخابات نزيهة, وأكدت إن هذه الدعاوى تطيل أمد النظام وتكرس لسيطرة الفئات الرأسمالية والطفيلية.” و أن قوى الاجماع تتهم من ينادون بخيار الانتخابات بالعمل على اكساب النظام شرعية يفتقدها على أرض الواقع وأنهم بذلك يساهمون بإعادة إنتاج الأزمة..
? وَحْدُنا، معشر السودانيين، من لا نعطي النظام شرعيةً.. مع إدراكنا أن النظام فيروس خطير يعيد انتاج نفسه متى شعر بالخطورة عليه.. و لا يحتاج إلى من يعمل لإعادة انتاجه.. بينما المعارضة تسعى لاستئصاله بمصل انتهت صلاحيته منذ زمن..
? و لا عاقل في السودان يدعو لخيار الانتخابات على علاتها.. بعد أن أثبتت التجارب فشل مفوضية الانتخابات المدجنة في إثبات حياديتها.. و فشل المراقبين المحليين في إثبات فعالية وجودهم.. و أثبتت كذلك أن المراقبين الدوليين يجهلون ما جرى و يجري من تلاعب منتسبي المؤتمر الوطني قبل و أثناء و بعد إجراء انتخاباتٍ موبوءة بالصرف من الخزينة العامة لكسب الأصوات و نقل المقترعين من منازلهم إلى المراكز.. و من ثم تبديل صناديق الاقتراع أثناء نقلها من مراكز الاقتراع الفرعية إلى المركز الرئيسي..
? التزوير حدث في عام 2015 و سوف يحدث في عام 2020 طالما النظام هو المشرف على مدخلات و مخرجات العملية الانتخابية من ألِفها إلى يائها.. دون أي متابعة ( حقيقية) من المنافسين له..
? أما عن الشرعية، فالنظام لا يبالي باعترافنا بشرعيته من عدمها بعد أن ضمن الشرعية من جانب البيت الأبيض و عما قريب سوف يضمنها من الكونقرس و هما كانا حجر عثرة في طريق الاعتراف الدولي الكامل بشرعيته.. و سوف تستغل جميع الدول إستغراق النظام في العمل لمصالح متنفذيه كي تحقق مصالحها في السودان.. و نحن تائهون في صحراء عدم دخول الانتخابات درءً لإكساب النظام الشرعية..
? و تعتقد صحيفة حريات الاليكترونية أن فى تجديد ترامب دعم بلاده لمحاسبة المسؤولين السودانيين عن الابادة الجماعية والجرائم ضد الانسانية ، اشارة إلى عمر البشير الموضوع على رأس ائمة المطلوبين.. و أن إدارة ترامب ” تتجه لتخليص النظام السودانى من بعض حمولاته الزائدة ? ومن بينها عمر البشير ? لمصلحة النظام وتسويقه لدى الرأي العام الأمريكى و الغربي ”
? و صرح د. مصطفى عثمان اسماعيل، قبل يومين، أن أمريكا لا تسعى لإسقاط النظام.. و ربما أخذ العلم بذلك من المندوب الأمريكي في دورة مجلس حقوق الإنسان التي انعقدت مؤخراً في جنيف.. و لم تقف أمريكا ضد السودان هذه المرة كما كانت تفعل في الدورات السابقة..
? إن المعارضة عاجزة عن فك شفرة المؤتمر الوطني حتى الآن لأنها تتعاطى مع حلول عطلها المؤتمر الوطني نفسه.. و لا تسعى المعارضة بجدية للبحث عن وسيلة للخروج من قمقم اليأس الذي وضعها المؤتمر الوطني فيه.. و أحالها إلى الركوع في محراب الحيرة و العجز المستدام..
? ثم، من بمكنته أن يجبر النظام على إجراء انتخابات نزيهة غير هذه الأحزاب المنظمة و الممسكة بزمام المعارضة.. و التي نتطلع إليها لإحداث التغيير المنشود.. لكنها لا تنفك تقبع في قمقم قلة الحيلة و الخوف من مواجهة النظام في الانتخابات.. و لا تدري أن النظام يخاف توحدها أكثر من خوفها هي منه..
? و البعض يقول أن المعارضة نمور من ورق.. لا تملك سوى التنظيرات و إدمان الفشل و النظام الفاسد يكسب مواقع جديدة كل مرة.. و إلا، فماذا تنتظر المعارضة.. و إلى متى تظل في الانتظار؟..
? إن انتخابات عاك 2020 سوف تُجرى في مواعيدها.. و سوف يزداد النظام تسلطاً في الداخل بدعم اقليمي و خارجي.. و يزداد عتواً.. و السنوات تمضي.. و المعارضة في بيزنطة تحلل و تبحث.. و تنتقد.. و تدعي أن محاولة تغيير النظام عبر الانتخابات لا يعبر عن إرادة الشعب..
? هناك شبه إرادة دولية على بقاء النظام لحفظ الأمن في المنطقة.. أي أن النظام مشمول بحماية دولية قوية.. و أمريكا تريده نظاماً بدون بشير.. و إن استمر البشير، فلا بأس طالما النظام ينفذ سياساتها..
? يا أحزاب المعارضة، تذروا أنكم رفضتم دخول الانتخابات من قبل.. حيث كان بإمكانكم تغيير المعادلات قبل قيامها.. و كانت نتيجة رفضكم 4 سنوات إضافية يعيشها الشعب السوداني في جحيم الانقاذ.. و المزيد من توسع مساحات هيمنته و كسبه المزيد من معارضي الحركات المسلحة الساعين لأخذ فتات من السلطة و الثروة يلقيها لهم النظام على الأرض يلتقطونها صاغرين؟
? و سوف يتواصل هدر زمن السودان بعد انتخابات عام 2020 ، و أنتم محبوسون في قمقمٍ ( الرفض) دون ابتداع وسيلة أو أي فعل للخروج منه.. و تظلون تتضعضعون أكثر فأكثر لدرجة التلاشي..
? اليأس يهزم الناس أحياناً.. و لم تكن انشقاقات بعض الحركات المسلحة أثناء حوار ( الكذبة) سوى مقدمة لحدوث انشقاق أكبر في الحركة الشعبية لتحرير السودان.. و هو أخطر انشقاق يصيب المعارضة في مقتل.. و يعطى النظام مساحات واسعة لمناورة و مراوغة المعارضة التي لا تجيد إلا اللعب في الميادين الضيقة في الحارات..
? خذوا المثال النموذجي من النائب البرلماني المحترم ( أبي القاسم برطم) و زملائه الذين تحدوا المؤتمر الوطني و دولته العميقة، و خاضوا الانتخابات مستقلين و فازوا في دوائرهم رغم أنف الدولة العميقة!
[email][email protected][/email]