تجليات: عيد بأيّة حال عدت يا عيد!

هل هو اسم على مسمى: عيد الضحيّة؟ عيد الأضحية؟ عيد الضحايا؟ عيد الأضاحي؟ عيد التضحيات؟ عيد الضحى وليل النيل إذا سجى؟ أهل هو العيد الذي عرفناه في طفولتنا بلونه البهيج وبثياب الفرحة التي كانت تغمرنا ونحن نجوب الأزقة والابتسامة تشرق على كل راجل ومارّ؟ كيف يكون هذا عيدا، وفيه تذبح روح الوطن كما تذبح الخراف من جرّاء الغلاء والصراعات والتناحر وأمراض النفوس البالية والجشع المتفشي والجهل وتفاقم الفقر والدعة والعوذ؟ تسيل دماء الأضاحي فتروي تراب الأرض الطاهرة بلونها الكرزي الداكن وكأنها تستنجد بالموت وبحياة أعز عليها من التي تعيشها الآن! وبما أن الكل يكون قد ضحى بالثمين والغالي فتجري هذه الدماء وتهلل صاعدة إلى ربها العلي القدير إلى جنان الخلد وإلى حيوات سرمدية تجري فيها أنهار من اللبن والعسل وهل يكون نهر النيل منها؟
فما عسانا نقول عن الاحساس الدفين الذي يغمر أبناء الوطن في غضون فترة العيد وهم يشاهدون بأم أعينهم وضع البلد في حال تردّي واختناق وفي وضع يتسم بعدم الاستقرار ؟ إذ تتجاذبها التيارات والمصالح السياسية، حزبيّة كانت أم شخصية، بعيداً بعد السماء والأرض عن مصلحة الأمة شعباً وأرضاً ومنجزات؛ كان ينبغي أن تكون هي صاحبة الأولوية لو كانت الحكمة هي الفيصل، ولو كانت الخبرة والعبرة بالدروس هي المحاور التي يجب أن تنطلق منها النفوس الحادبة على مصلحة الوطن، لأن الخبرة هي أم المعرفة، فأين الحكمة والعقل والمنطق والذوق السليم في كل ما يحدث هاهنا؟
دعونا ننحرف برهة ونبحث في صفحات التاريخ. أبو الطيب المتنبئ كتب عن الشعور بالاستكانة وعرف معنى الجور. إذ كان ذلك الشعور قد انتابه وهو على خير حال وأحسن مقام فكيف يكون شعور الأمة في هذه الحال من الاختناق الذي لا يفتأ أن يتفاقم يوما تلو الآخر سيما في سبتمبر وأكتوبر. ما هو شعورنا بالعيد وما زالت دماء الأضاحي تبلل بلونها الكرزي شديد الاحمرار عتبات كل بيت بالوطن؟ فالسودان بل الأمة العربية أجمعها تعيش هذا الاختناق الحاد الذي انعكس في كل مجالات الحياة اليومية، فأين نحن من سلام الوطن ومن الرفاهية المرجوة لأهله؟ وهانحنذا قد دلفنا من نافذة الألفيّة الثالثة من عمر الدهر، ورغم ذلك، لا يخفى على أحد منا تردّي الأوضاع، فما العمل؟ ففي السودان ومصر وسوريا وتونس تصارع الشعوب للقمة العيش الكريمة ومن أجل حياة رحيمة سليمة معافاة من كل الأمراض والكوارث التي صارت تلازم الشعوب كظلها ولا تحيد عنها. دعونا نطرح السؤال: بأي حال عاد العيد هذه السنة؟ بكل أسف يا إخوتي، فعيدنا هذه السنة أقسى حالا وأمرّ طعما وأقتم لونا من السنين التي تلته، إذ أن الأضاحي والقرابين المحتسبة عند العلي القدير لا تقدر بثمن، فالرفعة والكرامة للوطن!
أبو الطيب المتنبئ: عيد بأية حال عدت يا عيد
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ
لَوْلا العُلى لم تجُبْ بي ما أجوبُ بهَا وَجْنَاءُ حَرْفٌ وَلا جَرْداءُ قَيْدودُ
وَكَانَ أطيَبَ مِنْ سَيفي مُعانَقَةً أشْبَاهُ رَوْنَقِهِ الغِيدُ الأمَاليدُ
لم يَترُكِ الدّهْرُ مِنْ قَلبي وَلا كبدي شَيْئاً تُتَيّمُهُ عَينٌ وَلا جِيدُ
يا سَاقِيَيَّ أخَمْرٌ في كُؤوسكُما أمْ في كُؤوسِكُمَا هَمٌّ وَتَسهيدُ؟
أصَخْرَةٌ أنَا، ما لي لا تُحَرّكُني هَذِي المُدامُ وَلا هَذي الأغَارِيدُ
إذا أرَدْتُ كُمَيْتَ اللّوْنِ صَافِيَةً وَجَدْتُهَا وَحَبيبُ النّفسِ مَفقُودُ
ماذا لَقيتُ منَ الدّنْيَا وَأعْجَبُهُ أني بمَا أنَا شاكٍ مِنْهُ مَحْسُودُ
أمْسَيْتُ أرْوَحَ مُثْرٍ خَازِناً وَيَداً أنَا الغَنيّ وَأمْوَالي المَوَاعِيدُ
إنّي نَزَلْتُ بكَذّابِينَ، ضَيْفُهُمُ عَنِ القِرَى وَعَنِ الترْحالِ محْدُودُ
جودُ الرّجالِ من الأيدي وَجُودُهُمُ منَ اللّسانِ، فَلا كانوا وَلا الجُودُ
ما يَقبضُ المَوْتُ نَفساً من نفوسِهِمُ إلاّ وَفي يَدِهِ مِنْ نَتْنِهَا عُودُ
أكُلّمَا اغتَالَ عَبدُ السّوْءِ سَيّدَهُ أوْ خَانَهُ فَلَهُ في مصرَ تَمْهِيدُ
صَارَ الخَصِيّ إمَامَ الآبِقِينَ بِهَا فالحُرّ مُسْتَعْبَدٌ وَالعَبْدُ مَعْبُودُ
نَامَتْ نَوَاطِيرُ مِصرٍ عَنْ ثَعَالِبِها فَقَدْ بَشِمْنَ وَما تَفنى العَنَاقيدُ
العَبْدُ لَيْسَ لِحُرٍّ صَالِحٍ بأخٍ لَوْ أنّهُ في ثِيَابِ الحُرّ مَوْلُودُ
لا تَشْتَرِ العَبْدَ إلاّ وَالعَصَا مَعَهُ إنّ العَبيدَ لأنْجَاسٌ مَنَاكِيدُ
ما كُنتُ أحْسَبُني أحْيَا إلى زَمَنٍ يُسِيءُ بي فيهِ عَبْدٌ وَهْوَ مَحْمُودُ
ولا تَوَهّمْتُ أنّ النّاسَ قَدْ فُقِدوا وَأنّ مِثْلَ أبي البَيْضاءِ مَوْجودُ
وَأنّ ذا الأسْوَدَ المَثْقُوبَ مَشْفَرُهُ تُطيعُهُ ذي العَضَاريطُ الرّعاديد
جَوْعانُ يأكُلُ مِنْ زادي وَيُمسِكني لكَيْ يُقالَ عَظيمُ القَدرِ مَقْصُودُ
وَيْلُمِّهَا خُطّةً وَيْلُمِّ قَابِلِهَا لِمِثْلِها خُلِقَ المَهْرِيّةُ القُودُ
وَعِنْدَها لَذّ طَعْمَ المَوْتِ شَارِبُهُ إنّ المَنِيّةَ عِنْدَ الذّلّ قِنْديدُ
مَنْ عَلّمَ الأسْوَدَ المَخصِيّ مكرُمَةً أقَوْمُهُ البِيضُ أمْ آبَاؤهُ الصِّيدُ
أمْ أُذْنُهُ في يَدِ النّخّاسِ دامِيَةً أمْ قَدْرُهُ وَهْوَ بالفِلْسَينِ مَرْدودُ
أوْلى اللّئَامِ كُوَيْفِيرٌ بمَعْذِرَةٍ في كلّ لُؤمٍ، وَبَعضُ العُذرِ تَفنيدُ
وَذاكَ أنّ الفُحُولَ البِيضَ عاجِزَةٌ عنِ الجَميلِ فكَيفَ الخِصْيةُ السّودُ؟
زمان كنا نقرا كلامو ونضحك ربونا على انو نحن عرب عديل اتاري كافور دة قريبنا ولا من بعيد.. قريبنا بالدم كمان,, لعن الله الكذب والنفاق والجشع والطمع والتكسب من سقط القول وذلك دأب المتنبي.. اجمع الصادقون على ذكاء وكرم المتنبي والا كسف حكم ام الدنيا مصر رغم وجود البيض الكرام السادة .. ابو الطيب ذو اللسانين هو نفسه جعل الشمس تفضح كلما ذرت الشمس بشمس منيرة سوداء.. وبعد ان شحذ وشحذ ابا المسك هل في الكاس فضل أماله فاني اغني منذ حين وتشرب .. وان لم تنط بي ضيعة او ولاية فجوك يكسيني وشغلك يسلب .. هذا الفاجر متى استعبد الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا وكيف سمح احفاد كافور الاخشيدي يتدريس قصائد المتنبي كماهي او لماذا نثل هذه القصائد؟؟؟ هذه البذاءة والدناءة هي ما جعل شعر المتنبي كالعطر المرشوش على الغائط اليس هو قائل الابيات الجميلة ..
عش عزيزا او مت وانت كريم بين طعن القنا وخفق البنود
واطلب العيش في لظى ودع الذل ولو كان في جنان الخلود
تعبير جميل خلطه بالتجرؤ على المولى وفوق كل يضم ديوانا واحدا ابياتفي منتهى الحكمة وابيات في منتهى البذاءة ..
كفى بك داء ان ترى الموت شافيا وحسب النايا ان يكن اماني.. فتامل جمال التعبير مع قلة الادب كافور هو الموت..
ليه جبت فصيدة الهجاء دي في المقال ومعليش يا عيد ماها