استعداداً لشهر رمضان: الثلاجات الكهربائية والمكيفات دخلت زنازين السجناء الكبار في كوبر!!

بكري الصائغ
عش زمناً… ترى عجباً!! منطقة سجون طرة سجن المزرعة
١-
عودة الي حدث مصري قديم وقع في سجن (طرة)
عام ٢٠١٧…وتكرر في سجن (كوبر) عام ٢٠١٩
(أ)-
بعد نجاح انتفاضة الشعب المصري عام ٢٠١١ التي انهت حكم الرئيس السابق حسني مبارك، الذي جثم علي صدر شعبه طوال (٢٩) عاماً، تم اعتقال الرموز الكبيرة والشخصيات السياسية البارزة في البلاد، وكان من بين المعتقلين وزير الداخلية السابق حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق، وأحد أبرز أركان نظام مبارك، وادين العادلي في (٩) قضايا، هي قتل المتظاهرين، وقطع الاتصالات، وسخرة المجندين، واللوحات المعدنية، والكسب غير المشروع، وغسيل الأموال وأخيرا الفساد المهول في وزارة الداخلية.
(ب)-
قضت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار حسن فريد، بمعاقبة حبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق، والقياديين بوزارة الداخلية نبيل خلف، وأحمد عبد النبي بالسجن المشدد 7 سنوات، وإلزامهم برد (١٩٥) مليونا (٩٣٦) ألفا، وتغريمهم مبلغًا مماثلاً متضامنين في قضية (فساد الداخلية).
(ج)-
في ظل وجود حرية الصحافة والنشر بعد الغاء القوانين المقيدة للحريات في مصر، ظلت تتابع وترصد اخبار (جهابذة) عصر مبارك الذين قبعوا في منطقة سجون (طرة) وسجن (المزرعة)، وتنشر اخبارهم بالتفاصيل الدقيقة، بعد ان سمحت السلطات الأمنية بالنشر دون حظر او منع.
(د)-
جاء في بعض الصحف، ان حبيب العادلي، وصفوت الشريف، وبعض النافذين القدامى يعيشون حياة في داخل زنزاناتهم تختلف تماماً عن حياة باقي جيرانهم السجناء في نفس السجن، فهؤلاء السجناء السياسيين كانت عندهم كل وسائل الراحة والفخامة داخل زنزاناتهم من اسرة مريحة، واجهزة تلفاز ومكيفات… ومأكولات ومشروبات تصلهم من خارج السجن !!، بعض الصحفيين المصريين كتبوا عن حياة العادلي ووصفوها بالفساد و(الكوسة)!!، وان وزير الداخلية ينعم في سجنن بنفس الجاه الذي كان عنده سابقاً!!
٢-
وانتقلت العدوى المصرية (الكوسة) سريعاً للسودان:
فقد جاءت الاخبار الاخيرة من السودان – وتحديداً في يوم السبت- ٢٠/يناير ٢٠١٩، ان أحد أبرز معتقلي المؤتمر الوطني ورجل الأعمال المعروف، جمال الوالي طلب من سلطات سجن كوبر إتاحة الفرصة له بأن يستقدم مبردات جو (مكيفات) وثلاجات جديدة و(فرش) للمكان الذي يعتقل به في سجن كوبر. وذكرت مصادر لـ(الانتباهة) أن الوالي طلب استقدام مكيفات كهرباء لزنزانته وثلاجات سيقوم بدفع ثمنها من جيبه، وأوضحت المصادر أن السلطات استجابت للأخير وسمحت بدخول الثلاجات والمكيفات و(المراتب) الجديدة.
(أ)-
طلب جمال الوالي استقدام مبردات جو (مكيفات) وثلاجات جديدة و(فرش) للمكان الذي يعتقل به هو شيء لم نسمع به من قبل، وما من سوداني الا وهو ملم بالظروف التي كانت في زنزانات مئات السجناء المشاهير السياسيين والشخصيات المرموقة، وكيف انهم عاشوا فيها مثلهم ومثل مئات السجناء الاخرين: سرير عتيق بمرتبة عادية ومعاها وسادة، وطاولة صغيرة، وزجاجة بها مياه شرب، وكوب من الماء.. ولا شيء غير.
(ب)-
عندما اعتقال الراحل/ اسماعيل الازهري في شهر اغسطس عام ١٩٦٩، لم يعامل معاملة خاصة في سجن كوبر، بل عانى بشدة من الوضع في الزنزانة بسبب مرضه.
(ج)-
كان الأزهري في السجن، وطلب إذناً لتشييع جنازة شقيقه علي الأزهري وظل طوال اليوم يتقبل العزاء فأصابه إرهاق شديد من مراسم العزاء الطويلة، كان على مشارف السبعين من عمره وأصيب بجلطة دموية نقل على إثرها إلى المستشفى الجنوبي، وظل بها تحت عناية مركزة، بعد أن رفض المسؤولون السماح بسفره لتلقي العلاج في الخارج (بحسب أرملته) التي قالت: كان الحرس يقف خارج الغرفة في الصباح، وكان الأزهري يتلقى التحية من المعتقلين السياسيين الموجودين بالمستشفى، وفي يوم وفاته حضر للزيارة ابننا الوحيد محمد كعادته، وكان عمره آنذاك (١٢) عاماً، إلا أن الحارس أوقفه ومنعه من الدخول، وما كان من محمد إلا أن صرخ في وجه الحرس، عندها أدار الأزهري رأسه ونظر حيث يقف وحيده، ورفع له يده مطمئناً ومحيياً طالباً منه الامتثال لأوامر الحرس، كان احساساً غريباً، انتابتني مشاعر متباينة لم أصدق أن والده على فراش المرض، ووحيده على بعد خطوات منه لكنه لا يستطيع احتضانه، لأن هناك حارساً ببندقية عند الباب… شاءت الأقدار أن يكون ذلك المشهد هو اللقاء الأخير بين الأزهري ووحيده، بعدها دخل في غيبوبة، وبعد لحظات فارق الحياة عند الساعة الرابعة من عصر الثلاثاء الموافق ٢٦ أغسطس ١٩٦٩، ووري جثمانه الثرى في يوم الأربعاء ٢٧ أغسطس من ذلك العام بمقابر البكري بأم درمان.
(د)-
كان عمر حسن الترابي (٨٠) عاماً عندما تم اعتقاله من داخل منزله حسن الترابي عام ٢٠٠١ بتهمة التخطيط لتحريك الشارع وتنفيذ اغتيالات لعدد من مسؤولي حكومة حليفه السابق الرئيس عمر البشير، عانى من معاملة غير كريمة في السجن وصلت الي حد منع سلطات السجن السماح بدخول الادوية اللازمة لعلاجه.
(هـ)-
من غرائب ما يوجد في سجن كوبر حالياً وهو شيء لا يوجد في اي سجن اخر بالعالم ، وجود سجين مكبل بالقيود ومحكوم عليه بالإعدام منذ عام ٢٠٠٨، ولم ينفذ فيه الحكم بتوجيهات شخصية من عمر البشير، وهو السجين هو عبد الرؤوف ابو زيد محمد حمزة بتهمة قتل الدبلوماسي الأمريكي جون غرانفيل في السودان عام ٢٠٠٨، تم القبض على عبد الرؤوف في بيته كما تم القبض على ثلاثة آخرين، وتمت محاكمتهم وأدينوا الأربعة في القضية وحكم عليهم بالإعدام شنقاً.
(و)-
قال عبد الرؤوف في تحقيق صحفي اجري معه:
(في الأصل انا مقيد الرجلين بالحديد منذ الاعتقال واحياناً تكبل اليدين كذلك والتقييد على باب الزنزانة لأيام ولا يفك لصلاة ولا لقضاء حاجة! وذات مرة قيدت لغير القبلة! وكذلك المنع من قضاء الحاجة لفترات طويلة خاصة وأن الزنازين لا توجد بها دورات مياه داخلية! والضرب المبرح والاهمال الطبي بعدم تحويلي لمقابلة اطباء اخصائيين حتى ازداد الوضع الصحي سوءً وأصبت ببعض الأمراض، والاذى لا يحصى لكن عزاءنا ان لنا يوم لن نخلفه يقتص الله فيه حتى للعجماوات).
(ز)-
اسرة السجين عبد الرؤوف تعيش في حالة سيئة بسبب المعاملة الا انسانية التي يجدها ابنهم عبد الرؤوف في سجن كوبر، والدة السجين بعد ان فقدت الامل في انقاذه عبر المحامين، طالبت المسؤولين التعجيل بإعدامه رحمة وشفقة بحاله المزري.
٣-
استعداداً لشهر رمضان الكريم الذي سيحل بعد ايام قليلة، بدأت مصلحة السجون في تجهيز كل مستلزمات السجناء الكبار من ثلاجات ومكيفات ومراتب جديدة، وربما اجهزة تسجيلات وتلفزيونات، و… (ابري، وحلو مر، وماكنتوش وباسطة ، وموز صومالي!!)
**- وايضآ، ربما سيقضون شهر رمضان في السعودية بجوار الكعبة المشرفة ،… فكل شيء ممكن ان يحدث في سودان حكم جنرالات انقلاب ٦ ابريل!!