
ما من انقلاب عسكري او ثورة ام انتفاضة شعبية وقعت في اي بلد في العالم منذ قديم الزمان وحتي اليوم، الا وكانت من نتائجها وجود رابحين وخاسرين، ومن رصد بدقة وعناية شديدة تاريخ الانقلابات العسكرية في السودان منذ انقلاب الفريق/ ابراهيم عبود عام ١٩٥٨ـ ومرورآ بانقلاب النميري ١٩٦٩ ، وسوار الذهب عام ١٩٨٥، وانقلاب الجبهة الاسلامية عام ١٩٨٩، وهذا الاخير في ابريل الماضي ٢٠١٩، يجد ان هناك من من استفادوا من الانقلابات، واصبحت عندهم (شنة ورنة) واسعة داخل البلاد وخارجها، اثروا واغتنوا واصبحوا اصحاب الأملاك والأراضي الزراعية الواسعة، وامنوا مستقبلهم ومستقبل اسرهم واحفادهم، وهناك الذين قلب لهم الدهر ظهر المجن، و(دقوا الدلجة) – كما نقول في لغتنا العامية – خسروا كل شيء بدء من الصيت والسمعة التي كانت واسعة، وانتهاءآ باملاكهم وثرواتهم.
في هذا المقال اليوم، رصد حساب ارباح وخسائر انقلاب ابريل ٢٠١٩، ومن هم الذين استفادوا من هذا الانقلاب؟!!، ومن هم الذين خسروا كل شيء؟!!، واصبحوا اليوم في حال مزري يرثي وهم قابعين في السجون، بعد ان كانوا اصحاب سلطة وجبروت، انهم الان غير مصدقين، انه قد انطبق عليهم المثل المعروف (ما طار طير وارتفع، الا كما طار وقع).
اول الخاسرين خسارة كبيرة من انقلاب الخميس ١١/ ابريل، وخرج من “المولد بلا حمص”، هو الفريق أول ركن/ عوض محمد بن عوف، وزير الدفاع السابق، خسر بانقلابه كل شيء بدء من وظيفته كوزير للدفاع، ومنصبه كنائب أول لرئيس الجمهورية، ولكن أسوأ ما في محنة بن عوف، انه دخل التاريخ العسكري كاول جنرال قاد انقلاب ناجح ولكنه لم يبقي في السلطة اكثر من (١٩) ساعة، غادر بعدها السلطة وتنحي عنها مجبرآ،…بالطبع اخر ما كان يتوقعها بن عوف ان تكون نهايته بهذا الشكل الدرامي، لو عرف بن عوف مسبقآ انه لن يبقي طويلآ في الحكم، لما فكر في قيادة انقلاب ضد رئيسه البشير!!
عمر البشير (الذي اصبح الان منسيآ)، هو واحد من الذين خسروا كل شيء وما تبقي له من متاع الدنيا الا سرير وطاولة في زنزانة بسجن كوبر!!، لم يعد يلقب باسم “المشير البشير”، وانما “الرئيس المخلوع” صاحب الرقم (٠٠٠) في سجن كوبر!!، لا يواسيه احد في السجن الا صديقه القديم عبد الرحيم حسين!!، اقسي ما يؤلم البشير ويحز في نفسه، انه وبعد (٧٤) عام من عمره عليه ان يبقي لمدة عامين في “مؤسسة إصلاح اجتماعي”، لا في قصره بكافوري، او في بيت متواضع ب”حوش بانقا”!!، ومما يحز في نفسه كثيرآ انه غدا بلا زوجة اولي وثانية!!، واه شقيق حميدتي هو من قام بمصادرة امواله!!، كل اخوان البشير تشتتوا، وانقطع الخيط وتدحرجت حبات العقد،…اكبر خسارة جناها البشير ان لا احد من الرؤساء العرب اشفق علي حاله، ولا احد منهم طالب بعدم ارساله الي محكمة الجنايات الدولية!!
واذا قمنا بفتح ملف: “بعد عشرة شهور من وقوع انقلاب ١١/ ابريل ، من هي الشخصية التي حققت اكبر قدر من الارباح لنفسها؟!!، سنجد ان الفريق أول/ محمد حمدان دقلو “حميدتي” هو صاحب الرقم القياسي بلا منافس او منازع في اغلب المكاسب التي جاءت بعد الانقلاب، ولم يترك الا الفتات للاخرين!!، بعد نجاح الانقلاب اصبح هو الكل في الكل، وصاحب االكلمة والاخيرة في مجلس السيادة كما كان قبلها في المجلس العسكري الانتقالي السابق!!
“حميدتي” هو “رجل الأمارات القوي”، وصديق ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، و”رفق سلاح” حفتر!!، هو اغني جنرال علي وجه الارض، عنده مناجم ذهب “قطاع خاص” في دارفور، وحساب بمليارات الدولار في بنوك دبي، وسبق لحمدتي ان تبرع بمبلغ مليار دولار لخزينة الدولة!!
عنده جيش خاص باسم قوات “الدعم السريع”، وقام بنشر ضباطها وجنودها في اليمن وليبيا!!، اصبح هو “الدينمو” المحرك في مباحثات السلام، اصبح هو المكوك الحائم ما بين الخرطوم، جوبا، اديس ابابا، دولة الامارات العربية!!، هو صاحب صحيفة “الصيحة”، وايضآ عنده مطار حربي (قطاع خاص) في منطقة “ازرق” شرق دارفور!!
اغلب الصحف المحلية والاجنبية كتب عن حميدتي الكثير الخطر، وان المسؤولين الكبار في دولة الامارات العربية، وضعوا “حميدتي” في نصب اعينهم ورشحوه ليكون رئيس السودان القادم!!، وان حكومة ابوظبي بدأت في تلميعه اعلاميآ من الان بصورة مكثفة ليقتنع به الناس!!، دولة الامارات لا تخفي اطلاقآ تبنيها “حميدتي” علانية ، مستغلة ضعف وهشاشة السلطة التي تحكم السودان اليوم، وخايفة من غضب الامارات!!
بالطبع هناك الكثيرين الذين استفادوا من انقلاب ١١/ابريل، ولكن لا احد يعرف ان كان الشعب السوداني (٤٤) مليون نسمة قد حقق مكاسب وارباح من الانقلاب العسكري؟!!
بكري الصائغ
كم هو مسكين الفريق أول/ صلاح عبدالله قوش الذي يعتبر واحد من اكبر الخاسرين بعد انقلاب ابريل ٢٠٢٠، ولو قمنا برصد ما خسره قوش، نجد اكبر انه فقد منصبه كمدير جهاز بعد ان اجبر علي تقديم استقالته ووارغمه المجلس العسكري الانتقالي علي ذلك – علي اعتبار انه لا يمكن ان يستمر في عمله بالجهاز- وهو المكروه والمغضوب عليه من قبل المواطنين، وبعد الاستقالة تعرض لكثير من المشاكل مع السلطة الجديدة التي وبعد صعوبات سمحت له بالخروج من البلاد، فسافر الي القاهرة، وهناك وصله خبر منع دخوله امريكا هو واسرته، وتوالت عليه بعد ان اتهمه “حميدتي” بانه وراء الحادث الذي وقع من ضباط ورجال أمن سابقين عملوا بالجهاز، حملوا السلاح ضد السلطة بحجة انهم لم يستلموا التعويضات بعد تسريحهم، وان قوش هو من حرضهم علي حمل السلاح واحتلال مباني تخص جهاز الأمن في منطقة كافوري.
وكما جاء في المثل المعروف “لا تاتي المصائب فرادي”، فقد وقعت مصيبة اخري لم يكن يتوقعها قوش عندما اصدر النائب العام قرار باعتقال صلاح قوش بتهمة الثراء الحرام، وعليه ان يسلم نفسه خلال سبعة للتحقيق معه، ولما لم يستجب للقرار تم اخطار البوليس الدول لاعتقاله اينما كان، حال قوش مثل حال سابقه محمد عطا، لقد اصبحت اسرهم بلا وطن، ولا جوازات سودانية.
صلاح قوش يعرف تمامآ ان الرئيس برهان لا يرغب في اعتقاله، لانه بمثابة قنبلة موقوتة ممكن ان تنفجر في لحظة وبطيح برؤوس كبيرة مازالت في السلطة الحالية اذا قدم للمحاكمة، وهي شخصيات عسكرية سبق لها ان شاركت في نظام البشير، وارتكبت جرائم ضد الانسانية.
اشهر الخاسرين بعد انقلاب الخميس ١١/ابريل ٢٠١٩:
العسكر:
١- عمر البشير، عوض محمد بن عوف، بكري حسن صالح، صلاح قوش، عبدالرحمن الصادق المهدي، عبدالله البشير، الطيب محمد خير “سيخة”، يونس محمود، محمد عطا، اللواء ركن/ عبد العظيم علي الأمين، قائد قوات الدفاع الشعبي، مدير الشرطة الفريق/ الطيب بابكر علي فضيل، يوسف عبد الفتاح (رامبو)،العميد محمد عثمان محمد سعيد، ابوبكر دمبلاب.
شخصيات مدنية:
علي عثمان محمد طه، نافع علي نافع، عبدالرحيم حسين، عوض الجاز، عبد الحليم المتعافي، عبد الرحمن الخضر ابراهيم غندور، ابراهيم احمد عمر، علي كرتي، ابراهيم محمود حامد، مصطفى عثمان إسماعيل، عبدالله عمر البشير، عباس ، كمال عبيد، علي الحاج، ابراهيم السنوسي، وداد بابكر، حسين خوجلي، بدرية سليمان، اشراقة سيد محمود، الصادق الرزيقي، اسامة عبدالله، الفاتح عزالدين، كمال حسن علي، بدرالدين محمود، علي محمود،، كمال عمر، قطبي المهدي، ربيع عبد العاطي، الطاهر حسن التوم، محمد طاهر إيلا، احمد هارون، كمال عبداللطيف، الطيب مصطفي، أحمد محمد هارون.
بالطبع هناك مئات الاسماء التي لم ترد في القائمة السوداء اعلاه…وهذا قليل من كثير.