
يظل تساؤل أديبنا الرائع الطيب صالح ( من أين أتى هولاء ) أبدياً ، ليبدد حالة الاندهاش التي تنتابنا ، واستغرابنا الذي يصل حد الحيرة والذهول، لما فعله أهل المؤتمر الوطني طوال ثلاثون عاماً من عمر الزمان ، وما يفعلونه حتى الآن بالعباد والبلاد .
لم ينجى إلا القليل من السودانيين من جرائم أهل المؤتمر الوطني ، الذين تسللوا خلسة في ضيم ليل بهيم ، ليستولوا على الحكم في السودان ، ظلماً وقسراً واغتصاباً عبر الدبابة التي نزلت للشارع في ذلك اليوم الحزين على أمة السودان ، الذي عاود فيه مطر الحزن ليجدد عذاب الأرصفة ، لتذبل الأزهار ، ويرحل الفرح من سماء بلادي وتحل مكانه الدموع والآهات .استولوا على الوطن ليسلبوا الناس الحرية والديمقراطية ، وحقهم في العيش والحياة الكريمة ، لتشهد فترة حكمهم الهوان والإزلال لإنسان السودان ، شردوا الناس من وظائفهم باسم الصالح العام ، وحاربوا الكفاءات ، ومن نجى من رصاص الغدر ممن خالفهم الرأي ، كان مصيره الاعتقال والتعذيب فأذاقوا الناس كل أشكال العذاب، وهجموا عل موارد البلاد وثرواتها ونهبوها وسرقوها ، وعاثوا فساداً في البلاد، وباعوا مؤسسات البلاد ، وخصوا عضويتهم بالوظائف العليا دون مؤهلات ولا شهادات باسم التمكين.
الآن يتكالبون للعمل من اجل أن تنهار الفترة الانتقالية ، يطالبون بالحريات وهم الذين لم يعرف نظام حكمهم حرية ، وتواصل صحفهم وإعلامهم في الحملات المنظمة و الشائعات وتثبيط الهمم ، يريدون للحرية أن تحميهم وهم يسيئون ويشتمون الناس، يتحدثون عن الضائقة المعيشية ، وهم يعلمون أكثر من غيرهم أن ذلك نتاجاً للفساد الذي صاحب حكمهم طوال ثلاثون عاماً.
يتحدثون عن التدهور الصحي وانهيار الخدمات بالمستشفيات ، وهم يعلمون أن سبب ذلك مامارسوه من فسادِ وتجارة في الصحة والدواء، وتدمير المستشفيات الحكومية ، من أجل أن تعمل وتربح مستشفياتهم الخاصة، وترك أمور الصحة والتعليم لمن لاعلاقة لهم بهذا المجال.
يتحدثون عن صندوق الانتخابات وهم الذين أتوا على ظهر الدبابات ، ثم من بعد قاموا بتزوير الانتخابات وسرقة أصوات الناخبين ، يتحدثون عن الإسلام وهم غارقون في الفساد والسرقات وأيديهم ملطخة بدماء قتل الأبرياء والطلاب والعزل ويتعاملون بالقروض الربوية التي أباحها شيوخهم الذين لبسوا جبة المضاربات والاستثمار الذين لم يعرفوا من الإسلام إلا مثنى وثلاث ورباع الذين نسوا أوتناسوا أن الإسلام (رحمة وتكافل وعدل) .
يتحدثون عن الكفاءات ، وهم الذين هزموا الكفاءة بالتمكين وأهل الولاء ، فهاجر أصحاب الشهادات الرفيعة والعقول النيرة وعبروا البحار ، يتحدثون عن السلام وهم الذين جعلوا أرض الوطن للحروب والنزاعات ، لينطلق صوت الرصاص بعد أن كان محصوراً في جنوب السودان فقط ليشمل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وجبال النوبة ، ويمتد أيضاً لشرق السودان ، ثم ينفصل الجنوب.
يتحدثون عن السلام الشامل وهم الذين جعلوا الوطن لثقافة المقايضة فاستنسخت الحركات، وصار كل من له قضية لأبد له أن يرفع البندقية مادام أن الحكومة لن تفاوض إلا من حمل السلاح.
يتحدثون عن التعليم ، والكل يعلم الانهيار الذي صاحب أهم مرفق وهو مرفق التعليم في زمانهم ، عندما أصبح التعليم و طباعة الكتاب المدرسي وسيلة للغنى والتكسب والاستثمار ، وأصبح التعليم يمؤول من جيوب ولاة أمور التلاميذ ، بعد أن سرقوا موارد البلاد ،واستكثروا مجانية التعليم على أبناء السودان نصف الحاضر وكل المستقبل .
وحرقوا قلب كل أم وأبكوا كل أب ، ولم يراعوا شيئاً، اعتقلوا أبنائهم في جنح الظلام من بيوتهم وذهبوا بهم للاعتقال والتعذيب والقتل والتنكيل ،وشهدت فترة حكمهم المقابر الجماعية ، ودفن ضحاياهم دون أن يعلموا أسرهم بأماكن دفنهم ، ولم يرحموا دمعة أم والحاح والد . رملوا الناس ويتيموا الأبناء.
التساؤل الثاني للصحفي الجميل مؤمن الغالي عندما يقول غفر الله لك صديقي المبدع سعد الدين حسن ودعني أسألك ( جبت ده من وين عليك الله ) عندما يتحدث عن أحد الذين يطلقون على أنفسهم ( محلل سياسي واقتصادي ) ويقول يعلم الله ويعلم الجميع ويعلم الجمع ممن ضم مجلسنا ويعلم (هو ذات نفسه ) أنه لا محلل سياسي ولاسمع حتى بعلم يسمى بالتحليل الاقتصادي، ,أنه بدلاً من الإجابة على أسئلة المضيف ، يحدق في الكاميرا ببلاهة ، وتبدأ المهزلة والرجل يقول في لجلجة وتمتمة ، إن خمسة وتسعين بالمائة من المعتصمين بالقيادة العامة قد أخرجهم الجوع وأخرجتهم المصاعب الاقتصادية ، وأن الخمسة في المائة الباقية لهم أجندات غير وطنية غير معروفة وإنهم ( ما وطنيين ) ،وكثيرون هم الذين تستضيفهم القنوات الفضائية وهم بدون علم وبدون دراية ، ونظل نطرح في هذا التسأول ( ده جابوه من وين ) كلما ظهر أحد هولاء الخبراء على الشاشة ، ويا لكثرة هولاء الخبراء الذين استضافتهم القنوات خاصة أيام فترة الرئيس المخلوع ، وخاصة أيام اندلاع الثورة وحاولوا أن يدافعوا عن العهد البائد ويقللوا من عظمة الثورة والثوار.
د. السموءل محمد عثمان
[email protected]
لم ينجى؟؟؟! لم ينجُ يا دكتور ! وأصل الفعل قبل الجَزْم ينجو وليس يَنْجَى إذا كان لازماً، أما إذا كان متعدياً فهو يُنْجِي من الرباعي أنجى كيُنزِل من أَنْزَلَ على وزن (أفعلَ) أو يُنَجِّي من الرباعي نَجَّى كفضَّلَ يفَضِّل على وزن فَعّل يُقَعِّل بتضعيف عينه