سليمان أمبدة .. هل تحولت نيابة النهود إلى “كنتين” للمتاجرة بالعدالة؟

“سليمان امبدة” .. هل تحولت نيابة النهود إلى “كنتين” للمتاجرة بالعدالة؟
كتب – مرتضى أحمد
عندما اغتيل شقيقي الأصغر محمود أحمد غدراً وهو نائم في زرعه، كان قتلته على بُعد مترات منا، وفي ظل الفوضى الخلاقة لم يكن يعجزنا أخذ حقه بأيدينا في ساعتها، لكن كنا نتحلى بالحكمة والوعي الكافي الذي يمنعا من الارتقاء لمستوى المجرمين القتلة وتجعلنا في مصافهم، وقبل ذلك نمتلك من الأخلاق والتدين ما يكفي للحيلولة دون جنوحنا الى مبدأ أخذ الحق باليد، واخترنا القانون طريقاً شرعياً للاقتصاص منهم، وفي سبيل ذلك قطعنا نحو 150 كلم للوصول الى مدينة النهود لأنها الوحيدة في المنطقة التي ما تزال تحتفظ بنيابة وجهاز قضائي يعملان.
ورغم يقيني بصعوبة تحقيق عدالة ناجزة خلال مدى قريب نظراً لظروف الحرب التي ألقت بظلالها السالبة على أجهزة الدولة بما فيها القضائية والعدلية في مختلف أنحاء السودان، لكن لم نتوقع مطلقاً أن يتم نهب مؤسسة عدلية بأكملها وجعلها تعمل في وضح النهار لتحقيق رغبة أشخاص عاديين والامتثال لأوامرهم بعيداً عن نصوص القانون وأسس العدالة.
وهو بالضبط ما صُدمنا به في النيابة العامة بمدينة النهود التي حولها الكوز المسمى مجازاً بوكيل أول النيابة المدعو سليمان امبدة الى صالون خاص به لعقد الصفقات المريبة مع رموز بعض القبائل والتغطية على القتلة والمجرمين وإطلاق سراحهم من الحبس، في سلوك تغيب معه أدنى درجات الاخلاق وهو بذلك يستغل ظروف الصراع لتحقيق أجندته النتنه.
قام سليمان امبدة بإطلاق سراح المتهم الرئيسي بمقتل شقيقي خلال جلسة شاي في مكتبه بمباني النيابة العامة مع أحد رجال الإدارة الاهلية يدعى “جودات” الذي تربطه صلة قرابة بالجاني، بالضمان العادي علما بأن المتهم تم اعتقاله وحبسه بموجب المادة 130 من القانون الجنائي السوداني (القتل العمد) بعد أن قدمنا الشهود والبينات التي تثبت تورطه في الجريمة واستندت عليها النيابة نفسها في تقييد الدعوى الجنائية.
الأشخاص العاديون يعلمون أن المتهمين تحت المادة 130 لا يجوز الافراج عنهم الا بأمر قضائي، وسليمان امبدة نفسه يعلم ومع ذلك أفرج عن قاتل شقيقي قبل ان تجف مقبرته ودون أن يكمل المتهم 40 يوما في السجن، وليس هناك أي مبرر في تقديري لهذه السابقة المفضوحة، فالدولة بمسماها وأجهزتها الرسمية والشرطية والقضائية ما تزال قائمة في النهود والسجن موجود ومحمي وتوفرت له المؤن من المال العام حسب علمنا، وهناك قاضي جنائي متواجد في المدينة يمكنه تجديد حبس المتهم بشكل دوري حسب القانون الى حين استئناف عمل المحكمة.
أفرج امبدة عن المتهم ولم يقوم بإخطارنا بالخطوة وفي مرحلة لم تكتمل حتى عملية التحري وما زال هناك متهمين لم يتم القبض عليهم وشهود إضافيين طلبنا استجوابهم، ولم نتسلم صورة من القرار حتى نتعرف على القانون الجديد الذي استند عليه في إطلاق سراح متهم بارتكاب جريمة قتل بالضمان العادي، ومع غياب السند القانوني لا يوجد أي تفسير لهذه الفعلة الشنيعة سوى ثلاث فرضيات هي:
+أن يكون وكيل أول النيابة سليمان امبدة مرتشي باع ضميره ووظيفته العدلية بملاليم معدودة في جيبه، ففي النيابة والشرطة في مدينة النهود رأيت تلهف بعض العناصر للرشوة، وطلب مني أكثر من شخص مبالغ نقدية نظير المحافظة على ملف الدعوى وبمبالغ طائلة.
+أن يكون قد مارس المحسوبية والانحياز القبلي للقاتل والافراج عنه تأسيسا على موقف عنصري جهوي.
+قام بالافراج عن المتهم لتحقيق اجندة نظام الاخوان البائد الذي يعمل عناصره على تأجيج الفتنة القبلية في ولاية غرب كردفان ومختلف انحاء السودان لتوسيع رقعة الصراعات المسلحة، فمثل هذا الاجراء الخطير والمخالف للقوانين من شأنه تهديد النسيج الاجتماعي واشعال نيران الفتن القبلية، وهي خطط مكشوفة يسعى فلول الكيزان لتحقيقها.
ولم يكن أمامي غير ترجيح الافتراضات الثلاث وربما تنطبق جميعها على المدعو سليمان امبدة الذي خرج وتربى في كنف تنظيم الكيزان الفاسد الذي يجمع في طياته كل الصفات القذرة والنتنه، فالرجل حمل صفة وكيل نيابة عن طريق المحسوبية الحزبية وليس عن جدارة واستحقاق وذلك استنادا الى قرار سابق من لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو وإزالة التمكين قضى بفصله من النيابة العامة لهذه الأسباب، لكنه عاد مجدداً الى وظيفته بعد انقلاب عبد الفتاح البرهان 25 أكتوبر 2021م مثل الاف الفلول، ليواصل في ضلاله وفساده المعهود.
إن كان قتلة شقيقي لصوص تهجموا عليه في زرعه ليلاً وقتلوه ظلماً دون سابق أسباب، فأنت يا سليمان امبدة ترتقي الى مستواهم في هذه اللحظات وتم ادراجك ضمن لائحة المتهمين، فمن يحابي القتلة ويقف الى جانبهم فهو قاتل بالنسبة لي، والزمان بيننا والقانون طريقا نؤمن به لرد الحقوق من كل ظالم.
يازول تمشوا ترشوا سليمان امبدة دا والقاتل، وكان الله يحب المحسنين. تأخذ حقك بيدك الآن مافي قانون والكيزان لابد من كنسهم وسحقهم وقتلهم.