نجمة ونجمة

لكم التحية . قبل عشرة سنوات قتل الشاب جاسم المقبول في داخل غرفة نومه ، بسبب رعونة وعدم احترام الانقاذ لسلامة البلاد او العباد . لقد كتبت اكثر من مرة عن الحادث والانقاذ لا تهتم ولا تحرك ساكنا . وقامت الانقاذ اكثر من مرة بتعريض حياة المواطن في الخرطوم للخطر بدون اهتمام .
ارجوا نشر هذا الموضوع تحت اسم الكاتب . مع الشكر
بقلم ميسون النجومي
نجمة ونجمة
في تمام الساعة الثامنة من كل يوم، تحمل والدتي الكرسي البلاستيكي من البلكونة، وتعتدل في جلستها أمام التلفاز قربها صينية شاي المغرب، تخرج نظارتها ذات الإطار الذهبي وتعقف يديها أمامها لتشاهد المسلسل.
أنا أجلس سَلَطَة على أحد كراسي الصالة المريحة، نصف متابعة نصف سرحانة يقترب المسلسل من محطته الأخيرة، دعايات ما قبل الختام. تنظر والدتي إلى الساعة قلقة، أعرف تماما ما ستقوله. “مازن دا اتأخر أضربي ليه قولي ليه تعال قوام” (وفي بيتنا أي حاجة بعد المسلسل هي متأخرة فطبع الريف فينا غلاب)
أتصل بمازن، أعرف تماما ما سيقوله يقاطعني قبل أن أنطق “جاي جاي ..أنا هنا في اللفة” أي لفة؟ الله أعلم.. قد تكون اللفة قرب الدكان المفضي إلى بيتنا، وقد تكون لفة في طريق مدني الخرطوم. المهم مازن سيأتي في الوقت الذي سيناسبه.. رغم نقنقاتنا.
طيب!
وسأغلق الهاتف وأقول لأمي “قال هو في اللفة، جاي”
أتصل، مازن يرد قبل أن أنطق: “أنا مع جاسم” يغلق السماعة
ماما تسأل: قال شنو؟
أرد دون انتباه “قال مع جاسم”
صمت.. نتابع المحطة الأخيرة في المسلسل الذي ينتهي في لقطة مشوقة للحلقة القادمة، ينزل التتر.
تلتفت أمي بعد مضي ربع ساعة من المكالمة “جاسم منو؟” أهز كتفي “ما عارفة” والحقيقة أن الطريقة الواثقة التي رد بها مازن جعلت إجابته المقتضبة تمر عليّ دون سؤال. كأن قولته “مع جاسم” لا تحتمل السؤال (مع جاسم) هذه العبارة من شأنها أن تسكت كل شك وسؤال واعتراض.
علاقة ماما مع أصحاب مازن، علاقة عجيبة، زي البحر، مد وجزر. ثورة عارمة وحفاوة غامرة. سواء استلطفتك ماما أو لم، فستكون أنت جزء من البيت، لك ما له، وعليك ما عليه. انظر هذا الحوار الذي كان في أوائل التسعينات أول سكنانا في الخرطوم:
“صاحبك دا أنا قلت ليك ما برتاح ليه!
خلاص اتلاقيتوا؟ وخليت قرايتك وبقيت في الجري والتئخر والدواحة؟”
“مافي دواحة ولاحاجة وصحبي دا ود ناس وما تعملوا لينا شكوك ودرامات”
“بعمل! بعمل! اخليك ساي يعني!
“مازن يلوذ بالصمت كعادته
“أسمعني، كلم صاحبك دا يحول لينا دولارات مستعجلة” أو ستفتح الباب غاضبة على الصحاب الذين امتدت بهم السهرة حتى الصباح خارج البيت.. ولأن مازن ذهب لمشوار.. ستمد لهم جنيهات تخبرهم أن يحضروا لها خبزا وصلصة من الدكان.
والحقيقة أننا اسرة نحب الدراما شويتين تلاتة، ادركت ذلك لاحقا، كل حدث فيها نعمل له قومة وقعدة، ونؤمن بنظرية المؤامرة في كل شيء. لكن الحق الحق أقول. فهي تجعل حياتنا أكثر متعة.
منذ عودته من أمريكا ومازن يلف حياته بصمت متين يصعب اختراقه.. يصعب عليك أن تفهم ما يفكر فيه أو بما يحسه.. معنا وليس معنا.. والخرطوم في بداية الألفينيات كانت صعبة عديل.. بئر اليأس والإحباط.. ماذا تقول؟ بماذا تفكر؟ ماذا تفعل؟ أين تذهب؟ مافي حاجة.. متاهة! الكل يخبط في حائط صلد.
لكن أحيانا تلمح في عينيه خيط من مازن قديم، مازن الطفولة والضحك والحنين. يفاجئني يوما في العربة بأغنية قديمة كنا نترنم بها. فكأنه محبوس في قبو داخله بعيد، يحتاج من ينتشله منه.
“جاسم!”
ِ
سنسمع هذا الإسم يتردد أكثر وأكثر. ومعها مازن سيخرج من الظلال رويدا رويدا. اليوم سيشرب الشاي معنا. سيقيّل في المنزل دون سبب.. سيتكئ في المطبخ مونسا والدتي. سيستلف جريدة والدي ويعلق على حدث ما.. سيجلس لمباراة كرة القدم (وليس شغوفا بها كوالدي) ويضحك لتهليلات والدي ولمكاواة أخي الصغير له.
ثم كانت مناسبة في منزلنا، فهلّت علينا جلابيب بيض، يحملون ويعملون ويساعدون ويشاورون. وهو ليس غريب على أصحاب مازن، لكنهم كانوا يساعدون ويشتتون.. هسي يجلسون ويشاركون.
وفي كل جمعة سيستيقظ باكرا، ويذهب للصلاة ويعود مستعجلا، “أمي، داير لي حلة وكانون، سكين وحاجة اغرف بيها.. دايرين برميل البلاستيك” (برميل البلاستيك المقدس بتاع ماما خخخ) وتشتعل فينا الحماسة أنا ووالدتي (فمازن يشركنا في أمر يخصه) الحلة دي ولا دي؟ شيل الكانون دا أحسن.
أصبحنا نتحمس لهذه الكركبة كل جمعة (ما قلت ليكم أننا نحب الدرامات) وفضولنا يتزايد، ما هذه الرحلة؟ أين ستذهبون؟ ماذا تفعلون؟ (في مرة خبزت والدتي فطائر ليحملها معه) “ده شنو ؟ مافي داعي ياخ؟ رحلة شباب عادية فطاير وبتاع!” محرجا بعض الشيء من حماستنا.
“ماشي مع ناس منو؟” ثم تلك الإجابة الواثقة المقتضبة والتي يقولها مازن وكأنها لا تقبل السؤال “مع جاسم!”
“جاسم منو؟”
كنت أسمع اسمه في ثنايا حديث الصحاب أبناء شهادة لندن، يتحدثون عن عودة جاسم إلى البلاد، وقبل موجة الطاقة الإيجابية الكانت حايمة قريب دا كانت تجربة جاسم.
“جاسم يقول ممكن”
“جاسم يقول بوسعنا”
“جاسم بالفعل بدأ يحقق شيئا”.
جاسم كان قد حوّل هذه الونسات وأدارها مية وثمانين درجة بعد أن كان بعض أفرادها قد وضع خطة محكمة للخروج من البلاد بعد التخرج أو البقاء نادبا حظه ممنيا نفسه بوظيفة في منظمة أجنبية ودائرة اجتماعية رتيبة واضعا طموحه وأحلامه في درج موصد.
أنشأ جاسم شركة (ستار اينيرجي) أو (طاقة النجم) أعتقد اقتبسها من اسم والده (نجم الدين)، لكنها أظنها مثلت تلك الروح الوقادة بداخله التي لا يخبو فيها الأمل. وأذكر تصميم لملصق إن لم تخني الذاكرة كتب فيه شيء مفعم بالعزيمة والتحدي. ويا للخرطوم التي تحتاج الكثير من التحدي والعزيمة والأمل! أعتقد أن فكرتها البارعة هي التعاقد مع وكلاء إل جي على تركيب منتجاتهم بواسطة مهندسين وفنيين خبراء، لا أي كلام والسلام.
لا أذكر أننا تبادلنا أي كلمة! أذكر حادثة طفيفة لمازن بالعربية، استدعت أن يجلب أوراقه إلى القسم ليسوي الأمور مع الشاكي. فأرسل جاسم.. كنت وحدي بالمنزل وعند غياب أمي فإنني أحب أن أغز كوعي بدالها، فتحت الباب وغزيت كوعي وتصنعت الإستياء (ما عارفة ليه مع انه الموضوع ما هاميني، غايتو علي حركات) : تااااني مازن طقش العربية؟ اذكر انه ابتسم ابتسامة اعياء ولم يرد، استلم الأوراق وذهب.
لاحقا ، فكرت كثيرا في ذلك التعبير، أظنه كان عتاب رقيق لطريقتنا في التعامل مع بعضنا البعض، وهي أننا نضع تصورا جامدا وضيق جدا جدا لما نريده من أحبتنا نود أن نحصرهم فيه، فإذا لم يسعهم ضيق تصورنا عبرنا عن خيبة أملنا.
لقد كان جاسم مدرسة في المحبة، أتعلم منها الكثير، وأحاول أن أحقق منها الكثير .. افتح لحبيبك ألف ألف باب، وسع أملك فيه حتى يسعه.. أحاول هذا مع أولادي (أحاول وأنسى)، لا أسأل إن كانوا الأفضل والأذكى في الفصل، أسأل إن كانوا سعداء، إن كانوا يحبون أصدقائهم، آخذ أحلامهم بجدية: (أريد أن أصبح حارسا في حديقة الحيوان)، (أريد أن أصبح يوتيوبر!!) .
يلفني عرفان كبير لهذا الفتى الذي احتضن أخي كما لم يحتضنه دمه ولحمه ووطنه.. اظنني لا أبالغ بالقول في أنه كان لرفاقه حضنا وسيعا ووطن وكما أنبته في قلبه، أنبته في قلب أسرته، فصار لمازن أخوات ثانيات يدللنه كثيرا وعمٌّ (كما سمعت) يحب أن يتصنع التذمر بينما هو مليء بالمحبة ووالدة تبتهج بقدومه كما تبتهج بقدوم ابنها.. وانتقلت طاقة النجم إلينا جميعا، سرت في بيتنا، ووسعت من ضيق أحلامنا وآمالنا.
مارس ٢٠٠٧. تزوجت أخت النجمين الصغيرة (النجومي ونجم الدين) (ما أنا – سارة)، امتلأ هاتف مازن ببهجة صور التحضيرات والتجهيزات والإحتفالات.
٧ ابريل ٢٠٠٧. انطلقت قذيفة كاتيوشا من شاحنة حربية تقل أسلحة بوسط الخرطوم، لتشق طريقها وسط المنازل الآمنة فتخترق جدار غرفة وادعة وتجد مستقرها في رأس شاب سوداني اسمه جاسم.
ما اذكره من تلك الأيام العصيبة، هو وجه مازن واصدقاؤه مطمئنين آمنين، فكرة الموت لا يلوح منها خاطر في وجههم. مازن كان يتحرك بكل حيوية ونشاط بين منزلنا ومنزل جاسم والمستشفى. يثرثرون امام العنبر.. الحياة نفسها كانت تصطخب في جسده، أيموت هو؟ وهذه الجنازات التي تجرجر أقدامها في الطرقات تحيا؟ أو هذه الجيف التي تدثرت بالسلطة وانتفخت بالنتن ستحيا؟ ويموت جاسم؟ لا يمكن.. الثامن من ابريلصباح التاسع من ابريل رحل.
على الصفحة التي خصصت لذكراه، بين دموع مودعيه ومفارقيه، يكتب مازن: (غريب، عندما أذكره لا أشعر بالحزن، أشعر بشيء طيب، بسعادة تغمرني)
بالطبع! فتلك صداقة المعدن للمعدن. أنا أتشكك كثيرا عندما أمر على وصف (الصديق الذي غيّر حياتي) أصلا أنا أتهيب جدا من الصديق الذي يرغب في تغييرك. فالصداقة في الحقيقة تنقيب. ذلك الذي ينقب في داخلك ويجلو نفيس معدنك أمام عينيك. لترى نفسك التي كانت غائبة حتى عنك.. لذا لا يمكن أن ترتبط هذه الذكرى إلا بكل ما هو جميل وحفي وطيب وسعيد. نعم سعيد.
نحن نقترب من الذكرى العاشرة لرحيله. كنت أود كتابة شيء من هذا قبل عشر سنوات، مرت مياه كثيرة تحت الجسر يا جاسم. كلما تطلعت إلى صاحبك وهو يضاحكنا، يحمل صغاري وصغار اختي، يسند جدتي التي رحلت هي الأخرى، يتحدث بحماسة عن البلد، يبدي إعجابه بمشروع واعد، واخيرا وهو يحمل مايا بنته ويرنو إليها بمحبة بائنة. تذكرتك يا جاسم. وهمست في سري شكرا
[email][email protected][/email]
وشكراً كثيراً استاذ شوقي
ويهذه المناسبة اوجه الشكر لكل من ينقب في روحي ويبعثني بعثا جديدا
نحو خمس سنوات مضت، كنت بمدينة جوبا زارني أحد قدامى الأصدقاء، والسماء تمطر بغزارة، وكان المساء مساءاً إستوائياً، تحدثنا عن الإصدقاء والشهداء، سالته عن أناس عديدين لم ألتقي بهم منذ زمن وإلتقينا بهم بالأمس في بهاء الطريق الذي إخترناه ليوصلنا الي بلادنا وأن يوصل بلادنا بعضها بعضاً ولكن تأتي الرياح بما لا يشتهي المحبين، سألته عن دكتور وليم كون بيور، فأجابني بإن وعكة ألمت به منذ زمن وإلتزم السرير، بحثت عن عنوانه وقمت بزيارته أسعدته الزيارة كما أسعدتني، وعبر لي أكثر من مرة عن سعادته بأنه لايزال يحتل حيزاً من ذاكرتي، تحدثنا عن كل شئ عن السودان الذي كان وما سيكون، عن الشهداء، عن أروك طون أروك، وإستقصيت عن صورة قرنق مبيور في ذهن وليم كون بيور، عن ذكرياته في جامعة الخرطوم (كجور كجور يا بيور)، عن تقاطعات إتفاقية أديس أبابا وإلتباس بعض موقف الطلاب الجنوبيين من نظام نميري ومن المعارضة، ورغبتهم ومصلحة الجنوب في تنفيذ الإتفاق، عن سنواته في لندن وعن نيروبي حينما تولى مكتب الحركة، وعن الجنوب الذي كان وما سيكون، وعن موقفه من رؤية السودان الجديد، وعن الفترة التي أمضيناها سويا في التدريب العسكري.
يشُدني الحنين للإصدقاء القدامى وأبحث عنهم ولا أزال، في رحلتي الأخيرة الي جوبا طلبت من اللواء مارشال إستيفن أن يذهب معي لزيارة صديقنا القديم كندي قايين، أحد قدامى أبناء المورلى من منطقة البيبور الذين كان بعضهم من ضمن مؤسسي الحركة الشعبية ومنهم كندي نفسه وجمعة بابو (أبوحديد)، والآخرين الذين إنضموا لأحقاً مثل بابور وكروك أدونج كروك ولغوشو لوكوني والقائمة تطول، لم أوفق في زيارته. تحدثتُ مع بيار أتيم في الهاتف وأعطاني زوجته التي أمطرتني بالأسئلة وبدءت حديثها ب (يا أبوسناء كيف حالك ؟)، وسألتني عن الأوضاع في السودان وعن النضال فالأسئلة المتعلقة بالسودان في أذهان كل الناس في جنوب السودان عاديين وقياديين.
إلتقيت بجوبا بأصدقاء كثر ، وغادرتها وفي الطائرة تذكرت رحلتي لسجن واو ولقبر عبيدحاج الأمين، وهو يتوسد ثرى الجنوب منتصراً في معركة الإنتماء الي كل السودان.
في صفحته على الفيسبوك الأسبوع الماضي نعى صديقنا القاضي خالد جادين وبن جيلنا الذي ربطتنا به مسيرة طويلة والمنتمي لكلا السودانين، نعى دكتور وليم كون بيور نقيب المحاميين الجنوبيين وهو يوقع على دفتر مغادرة الحياة، ثم قرأت في قصاصة آخرى إن المأتم سيقام في بيت صديقنا بيور أجانق (بيور أسود) وتذكرت بيور أسود عبر السنوات الثلاثين الماضية حينما إلتقيته للمرة الأولى في رئاسة دكتور جون قرنق، وتوقفت عند عملنا المشترك في ملف دارفور، وتذكرت أروك طون أروك الذي يمكن أن تختلف معه في السياسة ولايمكن الا وأن تحتفي بظرفه وذكاءه الإجتماعي وحميمية علاقاته مع الآخرين، والراحل أروك وكون بيور وبيور أسود تجمعهم صلة الدم والمكان، أروك طون العسكري المطبوع والجنوبي ذو المزاج الخرطومي والذي يتحدث العربية كما يتحدث لغة الدينكا، وحينما إستضافه التلفزيون في الخرطوم بعد سنوات طويلة من التمرد طلب أن يستمع الي أغنية (فات الأوان ) للمبدع صلاح بن البادية، تذكرت صديقي مشور طون أروك، الأخ الأصغر لأروك طون أروك وضابط القوات المسلحة الذي إبتلعته مياه النيل بفعل فاعل! تذكرت لقائي به في المدرسة الثانوية وكذلك لقائي الأخير به قبل إنضمامي للحركة الشعبية، وقد كان قائداً لحامية حلايب وهو يقوم بلا تردد في بدايات عام 1986م بتوصيلي بالمكتب السري للحركة الشعبية في داخل الخرطوم، وقد تردد المدنيين من أعضاء المكتب أما هو العسكري وضابط القوات المسلحة فقلبه لا يعرف الخوف وثقته بي لا تتزعزع.
تحدثت في زيارتي الأخيرة لوليم كون بيور عن كل هؤلاء، وليم كون بيور واتيم ياك أتيم كانو من جيل الشباب المتعلمين المثقفين أنذاك من أبناء منطقة بور الذين إنضموا دون تردد للحركة الشعبية في بداياتها وسبقهم الآلآف من الطلاب من أبناء منطقة بور الذين قدموا الموهج شهداء حتى إنه يمكن القول بإن مدينة ومنطقة بور هي مدينة ومنطقة الشهداء، وقد قلت لهم ذلك حينما قمت بزيارة مدينة بور .
في بدايات إنضمامنا للحركة الشعبية قال لي الصديق أتيم ياك أتيم إنما يعجبه في تجربتنا إننا أتينا الي الحركة الشعبية مثل المكتشفين للأراضي الجديدة نحو عالم لم نكن نحيط به، وأتيم ياك أتيم ووليم كون بيور من مجموعة مهمة من المثقفين والمتعلمين الجنوبيين الذين قرروا في الثمانينيات التضحية بفرص أفضل وحياة سهلة للإنضمام للحركة الشعبية، ولم تكن العسكرية تروق لهم ولكن راق لهم الإنحياز والنضال من أجل قضايا أمنوا بها، وليم كون بيور لم يصارع من أجل المناصب والوظائف السياسية رغم إنه يستحق ذلك.
جيل المثقفين المتعلمين الجنوبيين الذين درسوا في المدارس الثانوية والجامعات في شمال السودان تشدهم في أعماقهم العلاقات نحو الشمال رغم التناقضات التي لا يستهان بها سياسياً وإجتماعياً، وهم أفضل من بإمكانهم الربط بين الشمال والجنوب، والطبقة السياسية شمالاً وجنوباً تضم الكثيرين منهم من مختلف التوجهات السياسية ومن المفيد للبلدين الإستفادة من هذه الطبقة السياسية ذات المعارف والعلاقات المشتركة والذين إرتبطت مسيرة حياتهم الشخصية بالبلدين، فهم مفيدين للوصول الي علاقات إستراتيجية بين الشعبين والبلدين.
وليم كون بيور في المحصلة النهائية وطني جنوبي أدى دوره تجاه الجنوب على نحو كامل، وفي الحديث معه تشعر دائماً بإنتباهاته التي تشده نحو السودان الأكبر وبرحيله يفتقد الذين تعرفوا عليه عن قرب إنسان من ذاك الزمن الجميل، والتعازي الحارة لأسرته وأصدقائه وزملائه ومعارفه.
11 أكتوبر 2016م
ياسر عرمان | 10-11-2016 03:01 PM
اللهم ارحم جاسم اسكنه الجنه ان كان هذا اسمه فعلا زز ومتعك الله بالصحة والعافية ايها العزيز شوقي …
حقيق في زاكرتي العديد من الاشخاص بحجم وتفاصيل هذا المدعو جاسم ، ياتون ويذهبون ويتركون لنا اجمل الزكريات وانبل المشاعر والعديد من الدروس والعبر ….لكم الله يا ابناء وطني السمحين….
شكرا شوقي علي التوضيح .. انت زول سمح بالحيل وحاجاتك سمحه .. قاتل الله العمل في السعودية حيث لا اجد وقتا كافيا لمتابعتك ..ياخذون منك زهرة عمرك ولب عقلك وروحك مقابل دريهمات … الحمد لله علي كل حال ولك التحية والود…
الانقاذ وعدتهم ببحور من العسل واللبن وسلمتهم لبحور من الدم و الدموع
شكرا شوقي علي التوضيح .. انت زول سمح بالحيل وحاجاتك سمحه .. قاتل الله العمل في السعودية حيث لا اجد وقتا كافيا لمتابعتك ..ياخذون منك زهرة عمرك ولب عقلك وروحك مقابل دريهمات … الحمد لله علي كل حال ولك التحية والود…
الانقاذ وعدتهم ببحور من العسل واللبن وسلمتهم لبحور من الدم و الدموع