الأستثمار بين الممكن والمستحيل

قولوا حسنا الأثنين
الأستثمار بين الممكن والمستحيل
محجوب عروة
[email protected]
بدعوة كريمة من آل النفيدى ? متعهم الله بالعافية والمزيد من النجاحات ? حضرت مساء السبت الماضى بمقرهم ( الديوان) اللقاء الكبير بين ولاة الولايات والوفد القطرى الأستثمارى فى فعالية الملتقى الأقتصادى السودانى القطرى. استمعت الى مداخلات الولاة وعروضهم لفرص الأستثمارات الواسعة الممكنة ذات الجدوى الأقتصادية فى كل ولاية وفى كل المجالات الزراعية والصناعية والعقارية والسياحية وغيرها. ولعل مداخلة احد المستثمرين القطريين عندما طلب منهم ابداء الرأى هو الذى شدنى ودفعنى لكتابة هذا العمود. قال الأخ القطرى ان أهم شئ لجذب الأستثمار هو اعتماد الشفافية فى تعامل الدولة مع المستثمر وضرب مثلا بمشكلة حدثت له شخصيا عندما بدأ مشروعه الأستثمارى فوجد فى الطريق عقبات ورسوم جمارك واجراآت عديدة تقاذفته بين مختلف الأدارات من محلية وخلافها.
ثم قرأت فى صحيفة ايلاف الغراء ما نبه اليه المستثمر السعوى السيد صالح كامل فى خطابه أمام مؤتمر الغذاء العربى الذى عقد مؤخرا فى الخرطوم والذى قال فيه (أن هناك العديد من العوامل هى التى أدت الى احجام كثير من المستثمرين على القيام بدورهم وواجبهم للأستثمار فى السودان منها تذبذب الخطط القومية والبرامج الأستثمارية وعدم استقرار السياسات الأقتصادية والمالية والنقدية والتمويلية واختلاف علاقات العمل بين رب العمل والعاملين. ومضى يقول أن توفير المناخ الملائم للأستثمار لا يتأتى فقط بسن القوانين وحدها فلا بد من توفر عنصر أساسى ألا وهو المصداقية والتى تعنى الوفاء بالألتزامات واحترام التعقدات وعدم التراجع عما تم الأنفاق عليه. واضاف: اذا كان هدف الدولة فعلا زيادة الأنتاج وبالتالى زيادة الصادرات فيجب ألا تنظر للضريبة على أنها أداة لملئ الخزينة وتمويل الميزانية العامة بل يجب أن ينظر اليها فى المقام الأول على أنها محصل اقتصادى يغرى المستثمر لسلوك استثمارات اضافية. ونفس الرؤية ينطبقان على قانون الجمارك والقوانين الأخرى ذات الصلة بالعملية الأقتصادية. وفى نفس الوقت يجب ألا تعطى الأولوية للنفقات السيادية بل تعطى لمدخلات الأنتاج وقطع الغيار والآلات والبذور والمبيدات والأسمدة والمواد الخام.وضرب السيد كامل مثلا بأنك اذا أردت أن تحلب بقرة فلا بد أن تأكل هذه البقرة وتعيش لتنتج بدلا من ذبحها.)
حقيقة لقد كفانى المستثمر القطرى والسيد كامل مما كنت أود طرحه اليوم ونحن بين يدى الأخوة المستثمرون القطريون وأستصحب حديثا بينى وبين سفير دولة خليجية قبل أيام التقيته فى مناسبة حيث ذكر لى كثيرا من الملاحظات السالبة التى حدثت لمستثمرين من دولته. ولعل الناس سمعوا كيف أن مستثمرين عرب وغيرهم انسحبوا من السودان فى الفترة الماضية و ذهبوا لبلاد مجاورة وجدوا فيها ترحيبا منقطع النظير ويكفى أن جارتنا أثيوبيا قد تمتعت بحوالى ثلاثة عشر مليار دولار استثمارات الأعوام القليلة الماضية أكثرهم عرب وسودانيون!!؟
من المستحيل نجاح الأستثمار وجذب المستثمرين الى السودان بمجرد العبارات العاطفية الأنشائية والقول بأننا نملك الثروات والموارد والفرص وقانون جديد فهذا معلوم للجميع بل يملكون حقائق أكثر مما نملك عن قدرات السودان فالقوانين السابقة فيها الكثير المفيد ولكنها لم تفعل شيئا. المفيد هو الحاضن السياسى والأدارى المناسب الذى يحقق الشعور بالأستقرار والحكم الرشيد ودولة سيادة القانون والمؤسسات والعدل والتساوى بين الناس فيتحسن المناخ الجاذب اضافة الى السياسات الأقتصادية الكلية المناسبة المستقرة و بتوجيه الموارد الى البنيات الأساسية والمساعدة وتحفيز الأنتاج والمنتجين والمصدرين ورفع القدرات البشرية فهم الذين يقودون التنمية..جعل السودان واحة سياسية واقتصادية هو الحل وليس بالوسائل البيروقراطية والعاطفية.
الاستثمار عايز ليه وضع مستقر و ده ما متوفر فى السودان بعد 23 سنة من حكم الاسلاميين و تفاصيل الاوضاع الآن فى السودان ما عايزه ليها شرح و كلام كتير ممل و مكرر و معاد و راس المال عادة ما بيغامر فى وضع ما معروف ال ح يحصل فيه شنو!! بدون تغيير هذا الوضع الى وضع آخر تكون فيه البلد مستقرة و محكومة بمؤسسات لا تتاثر بتغير الحكومات يعنى بالعربى و ضع سيادة الدستور و القانون و كفالة الحريات العامة و حرية الصحافة و الانتخابات الدورية و هذا لا يتاتى الا من خلال عقد مؤتمر قومى دستورى لحل مشكلة الحكم فى السودان و يحصل الاتفاق و الاستقرار يعنى وضع البنية الاساسية للحكم المستقر المستدام مش وضع البنية الاساسية كالطرق و غيرها مع اهميتها قبل وضع اسس الاستقرار السياسى!!! عشان كده العسكر و العقائديين فشلوا لانهم بيفتكروا بغبائهم و قصر نظرهم ان البنيات المادية هى بتحقق الاستقرار و تجذب المستثمرين و فات عليهم ان البنية السياسية هى الاهم و انها هى البتحقق البنية المادية!!! الديكتاتوريين عايزين يشطبوا البيت قبل وضع القاعدة المتينة و الهيكل!!!!!
لو زرعت حوض جرجير فى البيت لجاءت عصابة المحليه تطالب بحقها فى هذا الاستثمار .. وعبيد المحليه مأمورون بتلبية حاجات اسيادهم الشرهة للمال .. عندى صديق ذهب الى اثيوبيا ليفتح بقالته هناك .. بقاله .. بقاله .. بقاله وليس مصنع او مشروع زراعى ..
الاستثمار فى السودان تعيقه القرارات والاجراءات والقيود الروتينية ويوهمونك بأن الاستثمار معفى من المدخلات والضرائب لمدة خمسة سنوات الاولى ولكن ما تدفعه قبل أن تستثمر يفوق بكثير ما كنت ستدفعه من ضرائب خلال الخمسة سنوات الاولى .. لي تجربة استثمار في مطعم سياحي فى الخرطوم وعانيت ما عانيت للحصول على رخصة مستثمر أجنبي لدرجة أن بعض المسئولين عرضوا علي للدخول كشركاء مقابل تسهيل الاجراءات ورفضت ذلك وفى النهاية استثمرت جزءا من ذلك المبلغ (ستون الف دولار أمريكي) فى ايجار محطة محروقات وسوبرماركت فيها والحمد لله العائد الشهري لا يقل عن (ثمانية عشر الف دولار) شهريا ..