(الركائز الأساسية)..!

خط الاستواء
يُحكى أن أحد المجاذيب، زار الفنان أحمد عمر الرباطابي بعدَ أن أجلسه كِبر السِّن في بيته غرب أبو هشيم. بعد الترحاب والسؤال عن الحال والاحوال، بدا الزائر في حالة اشفاق على الفنان القدير، الذي اشتهر بغنائه وتطريبه الدافق في الزمن الجميل. من هذا المنطلق ? الاشفاق – طلب الزائر من الفنان القدير، أحمد عُمر الرباطابي، أن يمدح له مدحة في الجناب النبوي، في معنى أن المديح – لا الغناء – يليق بمن هم مثله من كِبار السِّن.
لم يخذله الرباطابي الذي أترعَ ومدح وأبدع، مثلما هو بارع في كل الليالي الهادية.. ساعتها خرج الزائر عن طوره ورمى دمعتين شوقاً نحو الحِجاز، ومن شدّة الوجد والإعجاب – والشفقة أيضاً – على الفنان القدير، قال له: هسه دحين يا حاج أحمد، أكان مدحتَ طوالي، وخليت الغُنا دا، ما كان أخير؟. رد عليه الرباطابي بسرعة البديهة قائلاً : ( نان أخلّي الغُنا، عشان آكُل دِميعاتَكْ دَيل )؟.
وهكذا دواليك.. في معترك الحياة هناك مقترحات تبدو معقولة، لكنها غير قابلة للتطبيق. هناك آراء نيِّرة تُقال من تزجية للوقت، مثال ذلك ما يشاع عن أن حل مشكلة الشرق الأوسط، يمكن أن يتأتى من خلال رؤية عربية مشتركة، أويقال إن الاحتقان السياسي في بلد كالسودان، يُمكن تنفيسه باتفاق جميع الفرقاء وان السودانيين قادرين على حل مشاكلهم، شريطة ألا يدخل بينهم دخيل،، وفي هذا الصدد تُطرح الوصايا بضرورة لم الشمل وتوحيد الجهود وحشد الطاقات، وما الى ذلك..
الشاهد أن أزمات المنطقة العربية تجاوزت حدود التنظير وخرجت عن السيطرة بعد انتقال دويلات المنطقة من فورة الربيع العربي، إلى صراع مذهبي – شيعي سني – بين المكونات الاجتماعية والسياسية، بالتالي أصبح الحديث بلغة المقترحات، عديم الجدوى، ناهيك عن أنه يثير سخرية المستمع. من الصعب، بعد كل الذي جرى في العراق وسوريا واليمن وليبيا. من الصعب اقناع مرجعيات متنابِذة تتطلّع إلى الجنة باراقة الدم، من الصعب اقناعها بفتوى من تحت سحب الدخان و من بين ألسنة النيران.
وللسودانيّين أيضاً مقترحاتهم التي تبعث الأمل في النفوس، لكنها لا تؤثر مطلقاً في صفوف العيش وأزمة المواصلات، وسعر رطل اللبن الذي بلغ 12 جنيهاً في الخرطوم. نوعية المقترحات التي تبعث على الأمل تجدها على كل لسان حكومي أو معارض.
غالبية الناطقين بالضاد يحدثونك عن خروج آمن أو هبوط ناعِم، خصوصاً إذا أُعطي القوس للصادق المهدي، فإنه قدير على تقديم وصفات سحرية، لتقريب كل وجهات النظر، فهو يدعو إلى الحل عبر مؤتمر تحضيري أو مؤتمر دستوري، تحت رعاية الايقاد أو دولة أوربية، بغية الوصول إلى صيغ مشتركة تفضي الى ثوابت وطنية وتحافظ على اللُّحمة الوطنية، وتجنِّب البلاد المستحيل.. وصفة تؤدي الى تغيير النظام مع الحفاظ بالضرورة، على (الركائز الأساسية)..!