مقالات ثقافية

نحن السودانيون هكذا .. لماذا ؟

ياسر عبد الكريم

مقتطفات من روايتي –نهايةأمنجي-
ما هو الشي الذي لا نجده في كل فكرة وكل تطبيق لهذه الفكرة ؟
ما الذي يمنع الفكرة الجميلة من أن تعيش طويلاً ويجئ من يضيف إليها فكرة أخرى أو تعديلات أخرى ويستمر كل شي نحو ما هو أفضل
ما الذي يجعل الواحد منا يقف في وجه الرأي الجديد .. والإجتهاد الجديد ؟ والموهبة الجديدة ؟
بل بالعكس إذا كنت موهوبا انت إذن في مشكلة كبرى ووضعك احسن لو كنت عاديا او بليدا لأن نظامنا تم تصميمه للعاديين ويضيق على النوابغ …
والموهبة تثير على صاحبها الضغائن وهنالك متطوعون من ينشط لتدميرها واحباطها في مهدها وبسرعة فائقةكم مشروع صفقنا له وكان التصفيق نوعاً من تشجيعه على الموت حياً ؟ ! …
كم من واحد منا أطبق على صدره سره ومات حسرة لأن لا أحد يستمع إليه … أو لم يمكنه من أن يقول شئيا ينفع الناس خوفا من التجريح ومن متطوعي اثارة الضغائن ؟
إذاً ما السبب ؟  وما الذي ينقصنا ؟

الأمثلة كثيرة والقائمة تطول ويطول معها الأرق والخوف…
ما الذي ينقصنا ؟ وما هو الشيء الذي لا نجده ؟
وما من جلسة إلا وتدور فيها أشكال وألوان من هذه الأسئلة وتنتهي الجلسة عادة بعبارة واحدة وهي كفن لكل فكر وكل عمل وكل عالم موهوب … إنه شي غريب وعجيب
نحن السودانيين هكذا …
لكن السؤال ما معنى هكذا ؟
معناها إننا عاطفيون حتى هذه الكلمة ليست دقيقة ولكن معناها أننا نتحمس بسرعة وتخمد الحماسة بسرعة .
بعبارة دقيقة : نارنا قش والقش يشتعل بسرعة وينطفئ بنفس السرعة ويعود كل شئ إلى ما كان عليه قبل ذلك

ولكن لماذا أيضا ؟ هذا هو السؤال الجوهري المهم في كل مناقشة لنا … أو كل نقد ذات أو تجريح ذاتي …
نحن السودانيون ميالون إلى التجريح أكثر من ميلنا إلى النقد لأن النقد مناقشة هادئة … والتجريح مناقشة دامية .. ونحن ميالون للدم في الكلام .. ولماذا في نقدنا لا نتفادى العيوب الشخصيه والخلقيه لدى الآخرين ؟

لماذا كل هذا ؟؟ .. لأننا ينقصنا الإستمرار …. والإستمرار معناه القدرة على الصبر على تحقيق فكرة .. وبشرط أن نكون قد آمنا بالفكرة وإقتنعنا بها وعندنا إستعداد آخر للتضحية من أجلها … ونحن ليس لدينا صبر ونستعجل النتائج …
والتضحية تحتاج للصدق ومعناه أن نكون صادقين عندما إقتنعنا
وصادقين عندما قررنا المضي في تحقيق هذه الفكرة أو هذا المشروع
إن توافر الصدق وأخطأنا لسبب ما كان الصدق شفيعا لنا , لأن كل من يعمل يخطئ والذي يخطئ عن حسن نية غير الذي يتعمد الخطأ .

وهناك صفة أخرى كريهة .. إننا أنانيون بمعنى أن كل واحد يقول : أنا وليس بعدي أو أمامي أو ورائي أحد أنا أنجح ثم لا ينجح أو يكسب أحد غيري وهذا خطأ فكري وعملي.. وان أحدا لا يستطيع وحده أن يحقق شئيا فلا بد من الآخرين .. فلا بد من إقناع الآخرين ودفعهم إلى أن يعملوا معنا لكي ننجح … ولا يهم من الذي ننسب إليه هذا العمل

هكذا نحن على مستوى البيت والعمل والشارع ومدراء الإدارات وحتى زعماء الأحزاب .. فلابد من الحياة الجماعية أو المشاركة العملية … لكي نحقق عملا عظيما الى بلد عظيم

إذن فالعيب في داخلنا نحن.. ونحتاج إلى تربية طويلة .. تربية روحية .. تربية وطنية … وتربية عامة … واساس هذه التربية النموذج السليم والأهم فوق كل ذلك القدوة الحسنة على كل المستويات وأن يرتقي الكتاب والاعلام وعلماء الدين الى مستوى الحدث والكارثة

وإلا سنُحمل الأجيال القادمة ما سوف تعجز في المستقبل عن تحمله … وما يجعل تلك الأجيال تلعننا لسوء تصرفنا وسفاهة تصرفاتنا في الماضي …

ياسر عبد الكريم
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..