علي مسؤولية صاحبه

كمال كرار
في زمان مضي كانت هنالك جملة معهودة داخل البصات السفرية التي تصمم هيكلها ورشة سودانية شهيرة لصاحبها رجب مرسال وآخر .
الجملة تقول العفش داخل البص علي مسؤولية صاحبه مع أن عدد النشالين والحرامية كان قليلاً مقارنة بما هو عليه اليوم .
أما خارج هذه البصات فكان كل شيئ علي مسؤولية الحكومة ما قبل انقلاب 30 يونيو المشؤوم .
العلاج والدواء والعمليات الجراحية كانت مجاناً علي نفقة الحكومة .
والتعليم ومستلزماته كلن علي مسؤولية الحكومة بما فيه إقامة الطلاب والطالبات في الداخليات والكتاب المدرسي والقلم بنوعيه رصاص وحبر سائل والكراسات بالإضافة لمرتبات المعلمين والمعلمات التي تصرف في موعدها بلا تأخير .
وكان الطلاب الحاصلين علي الشهادة الثانوية يسجلون أسماءهم لدي ديوان الموظفين العموميين الذي يتولي توظيفهم في المصالح الحكومية المختلفة .
خريجو الجامعات توظفهم لجنة الاختيار للخدمة العامة بعد معاينات عادلة وغير مضروبة ، ويندر أن تجد خريجاً عاطلاً بعد مضي خمس سنوات علي تخرجه .
مشروع الجزيرة أيضاً كان علي مسؤولية الحكومة التي توفر مستلزمات زراعة القطن وبقية المحاصيل ، فأصبح بفضل الاهتمام الحكومي سلة غذاء السودان.
وجاءت الإنقاذ فصار السودان شكلة بدون حجاز .
ولم يعد فقط العفش علي مسؤولية صاحبه ، بل صار العلاج علي مسؤولية المريض والتعليم مسؤولية الطلبة والزراعة مسؤولية المزارع وأغلقت المصانع .
وركب الخريجون والخريجات التونسية ، أما الحرفيون والحدادون فقد دقشوا الخلا ولسان حالهم يقول بلاء ولا انجلى.
وتفشت البنوك وفي جوفها الصكوك والمضاربات التي تنهب أبوك ، كما تفشت صفحات الفيس بوك.
عندما كان كل شيء علي حساب الحكومة ، كانت الميزانية العامة أقل من مليار دولار . وعندما أصبح كل شيئ علي حساب المواطن كان دخل الإنقاذيين من البترول والجبايات أكثر من عشرين مليار دولار.
لماذا حدث ما حدث! لأن المال العام بات علي مسؤولية السدنة والتنابلة ولكل فار جحر ولكل سوسيوة صقر .
من نكات الموسم أن أحدهم قال أمام رهط من الهتيفة في مكافحة الفساد تلقونا قدام . أما قدام هذه فبلا شك هي الأموال المنهوبة في تقارير المراجع العام ، والقصور الكائنة في المنشية أو ساق النعام وكلو يا فندم تمام .
الميدان
ميدان مين يا عم آل ميدان آل