مقالات سياسية
حول ضوابط الاستيراد والتصدير الجديدة التي أعلنها البنك المركزي

الهادي هبَّاني
• يسمح منشور ضوابط الصادر للشركات الأجنبية المستثمرة داخل السودان بتصدير منتجاتها بدون أي قيود تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني…
• هنالك العديد من الضوابط تُقيِّد عملية الصادرات وتؤدي إلى ارتفاع تكلفة التصدير والتوقف عن التصدير أو اللجوء إلى التهريب المباشر أو التعامل مع المهربين.
قلنا في عدة مقالات سابقة بأن البنك المركزي لم يعد سلطة نقدية مستقلة، بل مجرد أداة تابعة للمافيا الاقتصادية المتحكمة في الاقتصاد ممثلة في المكون العسكري ومؤسساته الاقتصادية، إضافة إلى حُلَفَائِه من طفيلية النظام البائد، بجانب الشرائح المتطلعة من قوى الهبوط الناعم والحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية جوبا والتي تمتد مصالحها وتطلعاتها مع المافيا الاقتصادية إلى ما قبل الثورة والمفاوضات بينهما قبل الثورة وسعت للتوافق مع العسكر ضمن ما عُرِف بالحوار الوطني وانتخابات 2020م. وقد جاء قرار البنك المركزي بالتعويم الكامل للجنيه وإجراءات وضوابط الاستيراد والتصدير التي أصدرها بتاريخ 09/03/2022م لتؤكد تلك التبعية، وأن البنك المركزي مجرد أداة لخدمة مصالح هذه المكونات الاجتماعية والطبقية المتحكمة في السلطة وفي الثروة. وفيما يلي نبين ذلك:
أولًا: اشتمل منشور بنك السودان المركزي رقم (18/2022) الخاص بضوابط الاستيراد على إلغاء أربعة مناشير سابقة هي المنشور رقم (6/2020) بتاريخ 01/01/2020م الخاص بضوابط الاستيراد، والمنشور رقم (20/2020) بتاريخ 02/09/2020م أي بعد مرور 8 أشهر فقط والخاص بضوابط استخدامات حصائل صادرات الذهب والسلع الأخرى، والمنشور رقم (2/2022) بتاريخ 01/01/2022م الخاص بضوابط الاستيراد، والمنشور رقم (11/2022) بتاريخ 24/01/2022م أي بعد مرور 23 يومًا فقط الخاص باستخدام حصائل صادرات الذهب ومخلفات التعدين. كما اشتمل المنشور الآخر للبنك المركزي رقم (17/2022) الخاص بضوابط الصادرات على إلغاء عدد 15 منشور سابق خلال الفترة ديسمبر 2014م إلى يناير 2022م خاصة بإجراءات وضوابط الصادرات وبجوانب أخرى لها علاقة بضوابط الصادرات. وكلها كانت مناشير متتالية بمتوسط منشورين في السنة الواحدة، ولم يفصل بين بعضها غير أسبوعين فقط كالمنشور رقم (18/2021) بتاريخ 15/12/2021م الخاص بضوابط التصدير لدول الجوار عبر المعابر البرية والذي أعقبه المنشور رقم (1/2022) المناقض له تمامًا بتاريخ 01/01/2022م الخاص بإجراءات وضوابط الصادر.
هذا الوضع الفوضوي يؤكد ما ذكرناه تفصيلا في مقال سابق بعنوان (هيكلة بنك السودان المركزي ضرورة لهيكلة القطاع المالي والمصرفي) تم نشره في 6 حلقات متتالية خلال الفترة (أبريل – مايو 2021م) عن التضارب وعدم الاستقرار في قرارات البنك المركزي والتي تؤدي إلى فوضي شاملة وعدم استقرار وتضارب مستمر في السياسة النقدية وكافة السياسات المتعلقة بالاستيراد والتصدير. وتنعكس في استمرار عجز الميزان التجاري وميزان المدفوعات وتفاقم الأزمة الدائمة لسعر الصرف. وهذا التضارب يعكس تبعية البنك المركزي لمصالح المكون العسكري ومصالح الطفيلية المرتبطة به، وأن أي قرار يصدر منه (كما يبدو) يتم صياغته مسبقًا في دهاليز السلطة العسكرية التي تدير الاقتصاد من داخل القيادة العامة والقصر الجمهوري ومكاتب الأمن والمليشيات والموائد السلطانية التي تعج بها المزارع والقصور، أو عبر الخط الساخن المفتوح دائمًا بكافة وسائط الاتصالات بما فيها (الواتساب) بين هذه القيادة وحلفائها من طفيلية الانقاذ وكبار رجال الأعمال المتحالفين والمكملين للمافيا الاقتصادية المتحكمة فيما لا يقل عن 95% من الاقتصاد والثروة. وكل المؤشرات تؤكد أن أي قرار يصدر عن البنك المركزي له علاقة مباشرة بمصلحة تجارية، أو صفقة رابحة لأحد، أو بعض، أو كل المتنفذين من هذه المافيا سواءً كانت مصلحة مؤقتة تحتاج لمنشور سريع يصدر من مطبخ البنك المركزي يلغي منشور سابق ثم يتم إلغاؤه بعد فترة وجيزة، أو مصلحة ممتدة لفترة تستدعي أيضًا طبخ منشور آخر متوسط أو طويل الأجل يُمَكِّن الجهة أو الجهات المتنفذة من تنفيذ بعض مصالحها التي يتطلب تحقيقها فترة متوسطة أو طويلة الأجل وهكذا دواليك. هذا هو ما يحدث بالضبط داخل مطبخ البنك المركزي عبر الخط الساخن بين المُقرَن، القيادة العامة، القصر الجمهوري، ووزارة المالية بشارع النيل وبالعكس والذي يشبه من حيث الاسم والمظهر والجوهر (الشكل الهندسي شبه المنحرف) متوازي الأضلاع ومتباعد الأقطار والذي تنعكس كل قراراته وسياساته علي البلاد وتخلق الأوضاع الحالية المنحرفة.
ثانيًا: إن المنشورين المشار إليهما بشأن ضوابط الاستيراد والتصدير يكشفان تغول البنك المركزي على صلاحيات وأعمال وزارة التجارة. فعمليتي الاستيراد والتصدير تمثلان عقود بيع دولية كما تُعَرِّفُهَا وتُنَظِّمُهَا قوانين التجارة الدولية والتي تختلف عن القوانين التي تحكم الاعتمادات المستندية أو أيٌ من أنظمة الدفع المصرفية الدولية، بل ولا يجوز حسب قوانين التجارة الدولية أن تكون لها علاقة بها لأن مصالحها متضاربة. فالاعتماد المستندي أو أنظمة الدفع المصرفية الدولية تعتبر منفصلة تمامًا عن عقود البيع الدولية المبرمة بين البائع والمشتري ممثلة في عقود الاستيراد والتصدير بحيث يكون النظام المصرفي أو البنك الذي يصدر الاعتماد المستندي ويتعهد بالسداد بموجبه أو بموجب أي وسيلة أخرى يتعهد فيها بسداد قيمة عقد البيع الدولي أو (عقد الاستيراد والتصدير) متحللًا تمامًا عن أية اختلاف بين البائع والمشتري وملتزمًا فقط بسداد قيمة العقد بغض النظر عن الخلافات التي قد تنشأ بين البائع (المُصَدِّر) والمشتري (المستورد) وأن الاعتمادات المستندية تنظمها نشرة الأعراف والممارسات الموحدة للاعتمادات المستندية رقم 600 التي دخلت حيز التنفيذ بديلًا للنشرة رقم 500 بتاريخ 01/07/2007م المعتمدة من لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (الأونسترال) في اجتماعها الثاني والأربعين في فيينا عام 2011م والتي يتم تطبيقها حاليًا في أكثر من 175 دولة حول العالم من بينها السودان والتي يقتصر فيها دور البنك على الوفاء بتعهداته بسداد القيمة وفقًا لشروط الاعتماد المستندي. ووفقًا لذلك فإن كافة الجوانب المتعلقة بالاستيراد والتصدير هي من اختصاص وزارة التجارة والغرفة التجارية التي تصدر شهادات المنشأ. وليس لبنك السودان المركزي والبنوك التجارية أي علاقة بذلك ويقتصر دورها على إصدار وتنفيذ وسائل السداد بجانب تطبيق متطلبات التعليمات الإشرافية الخاصة بالرقابة على المصارف كتعليمات مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب والرقابة على النقد ومصادره وحركته وتبادله وكل ما له علاقة مباشرة بالسياسة النقدية فقط لا غير. ولذلك لا يحق للبنوك التجارية إصدار شهادات الصادر والوارد ويقتصر دورها فقط على التدقيق في صحتها عند إصدار وسيلة الدفع المعتمدة وعند سداد قيمتها. كما ليس للبنك المركزي حق في تحديد السلع التي يتم تصديرها أو استيرادها وإجراءات وضوابط تجارة الحدود والمعابر وتحديد شروطها فهذا من صميم عمل وزارة التجارة. ولكن بجانب كونه فوضى وعدم دراية بالتخصص وتقسيم العمل كمبدأ أصيل في الإدارة عمومًا، فإن الهدف من كل ذلك هو وضع كل سياسات الاستيراد والتصدير لدى البنك المركزي الذي يتبع بالكامل للمكون العسكري والطفيلية المرتبطة به. وقد أقر رئيس الوزراء السابق حمدوك في إحدى تصريحاته بأن البنك المركزي تابع للمكون العسكري ولا سلطانٌ عليه من مجلس الوزراء. بل وهنالك بنوك تجارية تابعة للمكون العسكري وتعتبر أحد مؤسساته الاقتصادية المملوكة له بالكامل كبنك أمدرمان الوطني.
ثالثًا: تنص الفقرة (2) من التعميم رقم (18/2022) الخاص بضوابط الاستيراد على السماح بكافة أنواع الدفع فيما عدا الدفع المقدم والذي استثني منه الدفع المقدم لاستيراد الأدوية والمستلزمات الطبية والمواد الخام الصناعية ومواد التعبئة والتغليف لصناعة الأدوية والسلع التي تتضمن عقودها شرط سداد جزء مقدم من قيمتها. ولكن هذا يساعد على التوسع في الاستيراد بضوابط سهلة مشجعة تؤدي لإغراق السوق المحلي بالسلع المستوردة بما فيها الأدوية والمستلزمات الطبية التي أصبحت للأسف تُبَاع بواسطة الباعة المتجولين والفِرِّيشة في الأسواق غير المنظمة. كما أن فتح الباب لكافة أنظمة الدفع في الاستيراد يؤدي إلى تزايد النزاعات القانونية الدولية نتيجة لتعثر كثير من المستوردين في الوفاء بالتزاماتهم للبنوك المُصدِرَة لوسائل الدفع والمتعهدة بها. وهذا كله يؤدي في نهاية الأمر لزيادة الطلب على الدولار في السوق الموازي، ويشكل ضغطًا مستمرًا على سعر الصرف، ويضاعف العجز في النقد الأجنبي. وبالتالي من المفترض أن تُحَاط عملية الاستيراد بضوابط صارمة وصعبة بهدف تحجيم وتقليل فاتورة الاستيراد للقضاء على السوق الموازي ومعالجة أزمة سعر الصرف.
رابعًا: سمح التعميم رقم (18/2022) بالاستيراد بدون تحويل القيمة أو ما يعرف بنظام الـ (Nill-Value) لأغراض الاستثمار بموجب قانون تشجيع الاستثمار، والاستيراد لصالح الاستثمارات المنشأة بموجب اتفاقيات سارية مع حكومة السودان معتمدة من وزارة المالية. وهذا بجانب كونه يشجع على غسيل الأموال وتمويل الإرهاب حيث يسمح (بموجب هذا النظام) بدخول سلع من الخارج دون أن يتم سداد قيمتها بموجب أنظمة الدفع المصرفية المعروفة. وبالتالي فإن المستفيدين من ذلك هم تجار العملة الذين يحتفظون بمشترياتهم من العملات الصعبة من السودانيين العاملين بالخارج في حساباتهم في الخارج ويدخلونها للسودان في شكل بضائع للداخل تَصدُر لها شهادات وارد عند دخولها بموجب المنشور نفسه. وبالتالي تكون هذه الأموال القذرة قد اكتسبت صبغتها القانونية ودخلت النظام المصرفي وتحولت لأموال مشروعة. إضافة إلى أن الاستيراد بدون تحويل القيمة يساعد أيضًا على التهرب الضريبي والتجنيب المنظم فالسلع التي تدخل بدون تحويل القيمة لا يتم سداد أية رسوم أو ضرائب عليها كغيرها من السلع الأخرى المستوردة وهو ما يدخل أيضًا في نطاق غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. هذا بجانب أن هذه الثغرة دائمًا يستفيد منها المتنفذين الذين لديهم مصالح تجارية مع جهات خارجية في بعض البلدان المجاورة كالإمارات والسعودية ومصر وغيرها لإدخال بضائع تحت ذريعة قانون الاستثمار دون أن يتم تحويل قيمتها عبر القنوات الرسمية وتحت ما يعرف بالإعفاءات الصفرية. وهو ما كان سائدًا في النظام البائد ولا يزال ساريًا حتى اليوم من قبل كبار المتنفذين من المافيا الاقتصادية المتحكمة وعلى رأسها الشركات التابعة للمكون العسكري وللمليشيات العسكرية وبعض كبار رجال الأعمال.
خامسًا: تقوم ضوابط الاستيراد وفقًا للمنشور المذكور على أساس شراء وتصدير الذهب واستخدام حصيلته في استيراد السلع الاستراتيجية. وهذا وضع مختل تمامًا، فالذهب سلعة منتجة محليًا وأية ضوابط بتصديره يجب أن يتم تضمينها في منشور يختص بعمليات التصدير وليس الاستيراد. بجانب أن هذا المنشور يُكَرِّس الفوضى في قطاع الذهب ويعطي الشركات الكبرى التابعة للمكون العسكري والمليشيات مساحة كبيرة جدًا للمتاجرة في الذهب وتصديره، ويتيح لها نفس القدر من المساحة لاستخدام حصيلة صادر الذهب لاستيراد السلع الاستراتيجية كالوقود والقمح والدقيق والأدوية وهو ما يجعل هذه الشركات والكيانات متحكمة في تجارة السلع الاستراتيجية وفي تحديد قنوات توزيعها وأسعارها وكمياتها دون تدخل الحكومة وأمام أعينها وبموجب قرارات صادرة منها. فالتعميم يتيح لها حجب جزء مقدر من حصائل تصدير الذهب التي تتراكم وتصل إلى مليارات الدولارات في حساباتها خارج السودان كما يحدث حتى في محفظة السلع الاستراتيجية التي تحتفظ باحتياطيات ضخمة من حصائل صادرات الذهب في حسابات ضمان خارج السودان علمًا بأن محفظة السلع الاستراتيجية تعتبر جزءًا لا يتجزأ من الأدوات التي تستخدمها المافيا الاقتصادية في نهب موارد البلد والتحكم في أقوات الناس. وهذا الوضع يعتبر تبديد لحقوق السودانيين وأجيالهم المتعاقبة في الذهب كثروة قومية وتركيز عائداتها في يد أقلية ممثلة في المافيا الاقتصادية المتحكمة في الثروة والسلطة.
سادسًا: أما المنشور رقم (17/2022) الخاص بضوابط الصادرات فهو أيضًا يصب في مصلحة المافيا الاقتصادية المتحكمة وفيما يلي نتناول بعض الجوانب التي تعكس ذلك على سبيل المثال وليس الحصر:
1- يمنع المنشور التصدير بطريقة المستندات (مقابل القبول) وبطريقة (ضد المستندات) ولكنه يستثني من ذلك العملاء الذين تثبت جدارتهم الائتمانية بعد دراسة أوضاعهم. وهذا الشرط يعتبر من الشروط المفصلة تفصيلًا محكمًا على العملاء الكبار الذين يتميزون بمقدرات مالية عالية لا تتوافر عادة (في ظل ظروف السودان الحالية) إلا في المنتمين للمافيا الاقتصادية المتحكمة في الاقتصاد كالشركات العسكرية وشركات المليشيات الكبرى المتخصصة في تصدير السلع النقدية كالذهب والمحاصيل، والمواشي، واللحوم، وغيرها. وهذا النوع من نظم الدفع يشتمل على شبهات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب ويتيح فرصًا كبيرة لهروب حصائل الصادرات وإمكانية افتعال العديد من النزاعات القانونية حولها. ولذلك تَحظِرُها أو تضع عليها كل البنوك في العالم قيود صارمة جدًا. وبالتالي من المفترض أن يتم حظر هذه الوسائل في عمليات التصدير بشكل نهائي واستخدام الوسائل التي تضمن وصول عائدات الصادرات بانتظام للبنوك المُصدرة ودعم احتياطيات النقد الأجنبي في القطاع المصرفي وتُجنِّبه مخاطر الوقوع في شبهة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب الأمر الذي يؤهله مستقبلًا للقبول والاندماج في النظام المصرفي العالمي.
2- يسمح منشور ضوابط الصادر للشركات الأجنبية المستثمرة داخل السودان بتصدير منتجاتها بدون أي قيود تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني. ومن أهمها حظر تصدير المنتجات الاستراتيجية كالقمح مثلًا للشركات الأجنبية المستثمرة في زراعة القمح في شمال السودان وتستخدم تقنيات حديثة متطورة وتتميز منتجاتها بالجودة والكثافة كشركة الراجحي على سبيل المثال، وذلك للاستفادة من منتجاتها لتغطية الاستهلاك المحلي وبالتالي تقليل فاتورة استيراد هذه السلع الاستراتيجية. وأيضًا كتصدير المنتجات البترولية التي تمثل حصص شراكة لبعض الشركات الأجنبية في قطاع النفط وإجبارها لبيع حصصها داخل السودان لتغطية جزء من الاستهلاك المحلي من الوقود.
3- يسمح المنشور أيضًا بنظام إعادة التصدير لبعض السلع المستوردة ولكن بضوابط ضعيفة يستفيد منها كبار تجار سلع الترانزيت الذين ينشطون في التجارة الحدودية عبر المعابر مع دول الجوار كالمنتجات البترولية، السكر، الدقيق وغيرها. فبجانب كون هذا العمل ليس من اختصاص البنك المركزي ويعتبر من صميم مهام وزارة التجارة إلا أن تجارة الترانزيت يجب تنظيمها وإنشاء إدارة خاصة بها ضمن هيكل وزارة التجارة باعتبارها من الأنشطة التي تدر احتياطيات ضخمة من النقد الأجنبي خاصة وأن السودان محاط بعدد مقدر من الدول التي ليس لديها موانئ بحرية كتشاد وإفريقيا الوسطى، أو أنها تعاني شحًا فيها كإثيوبيا وإرتريا. وبالتالي لا بد من وضع ضوابط لإعادة التصدير بحيث يحقق معيد التصدير قيمة مضافة على السلع المستوردة المراد إعادة تصديرها كإعادة التعبئة مثلًا مما يخلق وظائف جديدة وأن يشترط فيها التصدير مقابل اعتمادات مستندية مؤكدة أو أي وسيلة من وسائل الدفع المضمونة عبر القنوات المصرفية المشروعة بما يضمن دخول حصائل الصادرات في حوض التدفقات النقدية للعملات الأجنبية داخل القطاع المالي والمصرفي.
4- هنالك العديد من الضوابط الواردة في المنشور المذكور والتي تُقيِّد عملية الصادرات وتترتب عنها الكثير من الرسوم التي تؤدي إلى ارتفاع تكلفة التصدير مما يدفع بالعديد من المصدرين اللجوء للتوقف عن التصدير أو اللجوء إلى التهريب المباشر أو التعامل مع المهربين. فالأصل في الضوابط الخاصة بالصادرات هو أن تكون ضوابط لا تعيق عملية الصادر بل تسهم في تيسيرها وضمان سرعتها وانخفاض تكلفتها، فالأصل في أي سياسة ناجحة للتجارة الخارجية هو تشجيع الصادرات ومعالجة كل العقبات التي تواجهها والتشدد في الاستيراد وإحاطته بضوابط صارمة للحد منه من أجل تحقيق فوائض مستدامة في الميزان التجاري وفي احتياطيات النقد الأجنبي من أجل تمويل مشاريع التنمية وفي توازن ميزان المدفوعات. وأن تنحصر عمليات الاستيراد والتصدير والضوابط الخاصة بها في وزارة التجارة ويبقى البنك المركزي والقطاع المالي والمصرفي مسئولًا فقط عن المهام ذات العلاقة بالسياسة النقدية والرقابة عليها دون أن يتغول على اختصاصات وزارة التجارة.
الميدان