كسر الصمت: ندوة جماهيرية في حاضرة شمال دارفور وامرأة لرئاسة “المؤتمر السوداني” في الولاية.. حكايات تمباسي

الفاشر – عبد الرحمن العاجب
استقبلت فاشر السلطان (أبو زكريا) وفد حزب المؤتمر السوداني القادم إليها من الخرطوم برئاسة إبراهيم الشيخ عبد الرحمن رئيس الحزب. بدت المدينة الوريفة وكأنها تتنفس الصعداء من الرهق الذي أصابها بفعل الانفلات الأمني الذي أرهق مواطنيها لعقد من الزمان ونيف، غير أن الأوضاع الأمنية في المدينة تحسنت رويدا رويدا بفضل المجهودات التي قام بها الوالي الجديد عبدالواحد يوسف بحسب إفادات بعض المواطنين الذين أبدوا ارتياحهم الشديد للقرارات والخطوات الجادة التي اتخذها تجاه مسألة توفير الأمن، وكغير عهدها السابق وبفعل الأمن ظلت المدينة تضج بحركة المواطنين وتسهر حتى منتصف الليل وانتفت فيها بشكل شبه تام ظاهرة الانفلات الأمني وإطلاق الأعيرة النارية التي كانت تدخل الرعب في نفوس المواطنين طوال الفترات السابقة.
كسر الصمت
وبفعل الطوارئ المفروضة على ولايات دارفور أصبح النشاط السياسي هناك في غاية الصعوبة بسبب تمسك السلطات بقوانين الطوارئ المفروضة في المدن الكبيرة ورئاسات الولايات.. ومنذ الانتخابات العامة في العام 2010م لم تشهد ولايات دارفور نشاطا سياسيا جماهيريا من قبل الأحزاب السياسية، غير أن حزب المؤتمر السوداني استطاع أن يكسر صمت الأحزاب السياسية ويقيم ندوة سياسية جماهيرية حاشدة تناولت الراهن السياسي بمدينة (الفاشر) حاضرة ولاية شمال دارفور التي وصلها صباح (السبت) وفد رفيع المستوى من قيادات الحزب ضم إلى جانب إبراهيم الشيخ عبدالرحمن رئيس الحزب، مستور أحمد مساعد رئيس الحزب للشؤون السياسية، إلى جانب عدد مقدر من قيادات الشباب والطلاب بالحزب، وتأتي زيارة الحزب لشمال دارفور ضمن فعاليات المؤتمر العام الخامس الذي ينعقد في منتصف يناير القادم.
تفاعل جماهيري
ومع انخفاض درجات الحرارة بفعل فصل الشتاء كانت هتافات أعضاء حزب المؤتمر السوداني ورافده الطلابي مؤتمر الطلاب المستقلين تزداد سخونة وهي تشق عنان السماء بحثا عن الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.. ومنذ وقت مبكر من مساء (السبت) بدأت الجماهير تتوافد نحو ميدان الموردة الذي يتوسط حي (تمباسي) العريق بمدينة الفاشر وتفاعلوا بشكل كبير مع الأدبيات التي كانت تخرج بحماس من حناجر أعضاء مؤتمر الطلاب المستقلين بجامعة الفاشر الذين شكلوا حضورا أنيقا في الندوة السياسية الجماهيرية التي تناولت الراهن السياسي، ولم يقف تفاعل الجماهير عند هذا الحد بل ازداد حينما تغنى الفنان (أنس وردي) بالأغاني الوطنية التي بدأها بأغنية الراحل محمد وردي (أصبح الصبح فلا السجن ولا السجان باقي) والتي تفاعلت معها جماهير الندوة ملوحين بعلامة النصر، ووجدت الندوة ارتياحا واسعا من الجماهير التي قدرها البعض مابين (1500 ? 2000) مواطن تقريبا.
حكاية تمباسي
فرعية الحزب بشمال دارفور والتي فرغت خلال أيام مضت من مؤتمرها العام وانتخبت أماني حامد حسبو رئيسا للحزب بالولاية، لم يكن ميدان الموردة بحي (تمباسي) العريق خيارها لإقامة الندوة ولكن السلطات رفضت أن تصدق للحزب إقامة الندوة في الميادين التي تقع وسط المدينة ربما خوفا من الحشد الجماهيري الذي يتسبب في إحراج الحكومة ولكن رغم ذلك حظيت الندوة بحضور جماهيري كبير وأفلح الحزب من خلالها في أن يكسر صمت الأحزاب السياسية الذي امتد لمايقارب الخمسة أعوام بشمال دارفور ويكتب على جدران المدينة حكاية (تمباسي) التي ربما تكون نقطة انطلاقة لكثير من الأحزاب السياسية التي تريد أن تلتحم مع جماهيرها التي انقطعت عنها لفترة من الزمن بفعل مصادرة الحريات العامة من قبل النظام الحاكم الذي أطلق مؤخرا دعوته للحوار الوطني الذي ربما تأتي مخرجاته بمزيد من الحريات.
التمسك بخيار الإسقاط
الرافد الطلابي لحزب المؤتمر السوداني والذي يعرف في الجامعات السودانية باسم مؤتمر الطلاب المستقلين لعب دورا كبيرا في نجاح الندوة، وقال ممثلهم بشمال دارفور في كلمته إنهم ظلوا منذ تأسيس المؤتمر في منتصف السبعينيات يطالبون بوطن يسع الجميع إلى جانب اهتمامهم بقضايا مناطق الأطراف والتي تعرف في أدبياتهم بـ(الهامش) وتناول الراهن السياسي وشدد على ضرورة إسقاط النظام وإقامة بديل ديمقراطي.. وفي ذات الاتجاه شكلت الأحزاب السياسية المنضوية تحت قوى (نداء السودان) حضورا في الندوة وفي سياق حديثه أكد ممثل الحزب الشيوعي السوداني بشمال دارفور أن الحوار الجاري حاليا بقاعة الصداقة لا يعني قوى (نداء السودان) لجهة أنه لا يلامس الواقع السوداني، وشدد على موقف قوى النداء الداعي لإسقاط النظام وإقامة حكومة قومية انتقالية، وفي ذات المنحى طالب ممثل منظمات المجتمع المدني بشمال دارفور بضرورة سيادة مبدأ الشفافية والتفاف الشعب السوداني حول ثورة شعبية لإسقاط النظام.
نفاج ونقلة نوعية
شكل انتخاب أماني حامد حسبو رئيسا لحزب المؤتمر السوداني بشمال دارفور نقلة نوعية في الولاية التي لم يسبق أن تقلدت فيها امرأة رئاسة حزب سياسي وربما يفتح انتخابها نفاجا لبقية نساء الأحزاب لتقلد منصب رئيس الحزب في الولاية بعد السنة التي ابتدعها حزب المؤتمر السوداني بشمال دارفور.
أماني المليئة بالحماس وأشواق التغيير تحدثت في الندوة وانتقدت سياسات النظام ووصفته بالفاشل وشددت على ضرورة إسقاطه، وطالبت بوقف الحرب وتحسرت على أوضاع النازحين ومعاناتهم، وطالبت أماني بترتيب صفوف المعارضة من أجل إسقاط النظام والالتفاف حول شعار (حرية سلام وعدالة الثورة خيار الشعب) وقالت إن الشارع هو الفيصل بين المعارضة والنظام وقطعت بأن الشوارع لا تخون.
سياسات بديلة
وبالنسبة للشاب الثلاثيني مستور أحمد الذي يحمل صفة مساعد رئيس الحزب للشؤون السياسية فإن بقاء النظام يعني مزيدا من التفكيك للدولة السودانية متهما ذات النظام بتفكيك النسيج الاجتماعي وتضييق الحريات السياسية طوال عقدين ونصف من الزمان، وطالب مستور الجماهير بانتهاج خيار الثورة الشعبية التي اعتبرها من الوسائل المجربة تاريخيا لتغيير الواقع السياسي وجزم بأن إسقاط النظام سيقود إلى تغيير الواقع إلى الأفضل.. وأشار مستور إلى أن مسؤولية ما بعد إسقاط النظام وإحداث التغيير مسؤولية الجميع، منوها إلى أن تحالف قوى الإجماع الوطني وقوى (نداء السودان) وضع سياسات بديلة لمرحلة ما بعد إسقاط النظام.
إبراهيم الشيخ ينتقد
إبراهيم الشيخ عبدالرحمن رئيس حزب المؤتمر السوداني لم ينتقد النظام لوحده بل امتدت سهام نقده لتصل النخب السياسية والحكومات التي تعاقبت على حكم السودان بما فيها نظام الإنقاذ فبسياساتها الخاطئة انفصل جنوب السودان، وقال الشيخ: كل ما وصلنا له حاليا كان بسبب النظام الحالي.. الذي وصفه بأنه (تائه وضال) وبسبب سياساته الفاشلة، ونبه الشيخ إلى أن حل مشاكل الوطن يحتاج لوعي عميق بمطالب المواطنين وحقوقهم، مشيرا إلى أن غياب الحرية يعني غياب سيادة حكم القانون والتعدي على حقوق المواطنين وتابع قائلا: (الخداع والزيف لا يحل مشكلة البلد) وحذر الشيخ من إجراء استفتاء دارفور التي وصفها بأنها أصبحت أرضا محروقة، منوها إلى أنه في ظل هذا الواقع لا يمكن أن تتم عملية العودة الطوعية، وشدد على ضرورة الاعتراف بالتعدد والاعتراف بحقوق أهل دارفور، وطالب النظام ببسط هيبة الدولة وسيادة حكم القانون واحترام القرارت الدولية وتنفيذها.
رسائل في البريد
وبعث الشيخ بعدة رسائل أولاها كانت للدكتور التجاني سيسي رئيس السلطة الإقليمية لدارفور طالبه فيها بتنفيذ بند الترتيبات الأمنية، وبعث برسالة أخرى لبعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بدارفور (يوناميد) وطالب بمراجعة تفويضها وتهم الفساد التي تلاحق البعثة، وانتقد الشيخ ما سماه تماهي البعثة مع النظام الحاكم وطالبها بالقيام بمهمتها في حماية المدنيين، وبعث برسالة ثالثة إلى والي شمال دارفور عبد الواحد يوسف وطالبه بإنصاف الجميع وبسط هيبة الدولة وتحقيق دولة القانون والعدالة الاجتماعية وتقديم الخدمات الأساسية والمشروعات التنموية للمواطنين في إطار سلطاته الولائية وتعهد بدعمه حال تنفيذه لتلك المطالب العادلة والحقوق المشروعة للمواطنين، وتعهد الشيخ بأن يكون حزبه معبرا عن صوت النازحين واللاجئين والضعفاء والمهمشين في دارفور والسودان.
تواصل في إطار المهمة
وفي إطار مهمته الحزبية التقى وفد حزب المؤتمر السوداني مع نقابة المحاميين الديمقراطيين بولاية شمال دارفور وتباحث معهم حول حالة حقوق الإنسان بالولاية ومناصرة الضعفاء والمظلومين.. وامتدت لقاءات الحزب لتشمل القسم السياسي ببعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي (يوناميد) برئاسة (نيكولاي شاليتا) رئيس القسم وتباحثا حول عدد من القضايا بينها الأوضاع الأمنية وحماية المدنيين وقضايا النازحين واللاجئين واتفقا على ضرورة الضغط على الأطراف بغرض الوصول لسلام عادل دائم بدارفور.. وإلى جانب ذلك قام وفد الحزب بعقد اجتماع مطول مع أعضاء مؤتمر الطلاب المستقلين بجامعة الفاشر وتناقش معهم حول عدد من القضايا التنظيمية فضلا عن مناقشة دور الحركة الطلابية في الحياة السياسية العامة والتغيير المنشود

اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..