مقالات سياسية

مقترح للخروج من النفق

بإعلان كشف الانقلاب العسكري الخامس (منذ إبريل ٢٠١٩) يصبح السودان منفتحا على كل السيناريوهات.. حتما إذا كانت كل هذه المحاولات مجرد (مشاريع انقلابية) لم تصل ساعة الصفر وليلة التنفيذ فلا يعني ذلك أن المحاولة السادسة والسابعة والعاشرة كلها ستحبط قبل التنفيذ.. حتما سيكون في طيِّ القدر محاولة تخترق ساعة الصفر، لن يكون السؤال ما إذا نجحت إو فشلت، لأن السؤال حينها سيكون عن الخسائر البشرية، وليس النجاح أو الفشل..

دون التغوُّل على خصوصيات قواتنا النظامية فإن الوصف الحقيقي لما يجري الآن ليس (انقلابات عسكرية) بالمعنى الحرفي، هي نُذُر مواجهة داخلية بين المكونات المسلحة للقوات النظامية، بالتحديد الجيش وقوات الدعم السريع.. الذين يلعبون في الميدان الآن يلبسون “قميصين” بلونين مختلفين.. فريقان عسكريان يواجهان بعضهما، ونحمد الله كثيرا أن المواجهة حتى الآن لا تزال مجرد (مشاريعٍ انقلابية) لم تصل ليلة التنفيذ.. وما من عاقل في السودان يتمنى أن يرى اليوم الذي تطارد فيه سيارات الدفع الرباعي العسكرية في شوارع الخرطوم بعضها بعضا.. فالدماء من الجانبين سودانية، لا منتصر ولا مهزوم فيها.. والخرطوم ليست “قوز دنقو” تسمح بمساحات الكر والفر والقصف والقصف المضاد.. ولا يتمنى أحد أن يرى شاشات الفضائيات تتصدرها أخبار تتحدث عن تحرير “شارع واحد” في حيِّ العمارات أو محطة “لفة جوبا” في حي أركويت! أو شارع الزعيم أزهري في بحري!.. كما هو الحال في العواصم العربية الأخرى التي حفظت الشعوب العربية أسماءها حيًّا حيًّا، شارعا شارعا، زنقة زنقة..

بصراحة؛ ما للجيش للجيش وما للشعب للشعب، في العقيدة العسكرية الحلال بين والحرام بين و(ليس) بينهما أمور مشتبهات.. وليس من الحكمة أبدا أبدا أبدا، أن نمزح في ساحة الجد، إثارة الكراهية أو ممارسة (التشجيع) مثل كرة القدم في ميدان طرفاه من القوات النظامية أمر في غاية الخطورة، فالحرب أولها كلام، وما أسهل إطلاق الرصاصة الأولى وما أصعب -بعد ذلك- إسكات البنادق عندما تتحدث..

الحل في تقديري في التالي:

أولا، تُسلَّم قوى الحرية لمقاليد الحكم فورا. ولَيْتهم يوقِّعون اليوم السبت على الإعلان الدستوري من أول جلسة، فالوقت حرج..

ثانيا: مباشرة بعد إعلان الحكومة، المضي قدما في تشكيل المجلس التتشريعي.

ثالثا: الدخول في مفاوضات جديدة مع المكون العسكري في مجلس السيادة لإعادة تصحيح معادلة العلاقة بين القوات النظامية والسياسة وفق مبادلة بموجبها تنفرد القوات النظامية بمجلس أعلى يكون مسؤولا عن كافة خصوصياتها وينفرد بحق “الفيتو” على أي قرار سياسي يمسُّ القوات النظامية، في مقابل أن يتنازل العسكريون اختيارا من مقاعدهم في المجلس السيادى ويستمر المدنيون الخمسة فقط (ويخرج المدني السادس أيضا من المجلس)..

موجبات الانتقال من مرحلة الصورة إلى (الحصة بناء الوطن) تتطلب كثيرا من الرشد الذي يسمو فوق العواطف..

وبالله التوفيق..

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..