خارج السياق
مديحة عبدالله
قال مدير المخالفات بمحلية بحري إن إزالة العشوائيات هدفت إلى محاربة الظواهر السالبة بالمحلية، حيث شملت محلات الشيشة والخمور بجوار جامعة بحري، بالإضافة إلى إزالة كافة التعديات على مصرف شمبات الغربي والمزاد والشعبية وإزالة الأكشاك في مدخل كبري الحلفايا لافتًا إلى استمرار العمل في إزالة المخالفات والتعديات على المصارف. وقال في تصريحات صحفية (سونا) إن هذه الحملات التي ابتدرت تنفيذها كل محليات الولاية عقب صدور القرار، لم تقابل إلا بالاستهجان من قبل المتضررين، الذين أجمعوا على المطالبة بإيقاف الإزالة لحين توفيق أوضاعهم خاصة وأن هذه الأكشاك والمحال التجارية تعول آلاف الأسر وأنها مصدر عيشهم الوحيد مطالبين حكومة الولاية بتوفير البدائل مقابل إزالة مواقعهم التجارية.
المتضررون حديثهم صحيح تمامًا، فالنهج الذي تتبعه المحليات للإزالة يرتكز على قانون تم إلغاءه لكن ساري المفعول هو قانون النظام العام بكل ما يحمل من تمييز وعنف ضد الفقراء، حيث شهدت شوارع الخرطوم مطاردة للبائعين والبائعات واطلاق الغاز المسيل للدموع عندما احتجوا، ونزع معدات عملهم وتجميعها في مركبات الشرطة بشكل لا يليق بسودان بعد الثورة.
الآن وسط الخرطوم يكاد يخلو من الباعة، فهل شهدنا نظامًا ونظافة وانضباط؟ كلا بل العكس نشهد مياه الأمطار مختلطة بمياه الصرف الصحي أصبحت تغطي الطرقات الرئيسة عوضًا عن البشر (على الأقل فيما أشاهده في شارع الحرية يوميًا) إضافة إلى التلوث الشمي في وضع لا يمكن تخيل أن يكون واقعًا في أي مدينة من مدن العالم، ما بالنا إذا كانت هي العاصمة؟
فما فائدة التخطيط إذا لم يرتبط بتعزيز حقوق المواطنة؟، وهو أمر لا يتعارض مع حفظ النظام فالحقوق لا تتجزأ إلا عندما يتم التبرير للإجراءات الإدارية المتعارضة مع حقوق المواطنين، الذين اضطروا للعمل باعة في طرقات الخرطوم في ظروف قاسية لأن السبل أغلقت أمامهم للعمل في مزارعهم ومراعيهم ومواقع مهنهم التي خبروها.
الواقع أن هناك ظلم بيَّن وقع على هؤلاء المواطنين لا بد من وقفه، ولا بد أن يتم التنظيم وفقًا لما تقتضي حقوق المواطنة، وهو أمر يستدعي أن تراجع حكومة الولاية مواقفها وعملها وهو دون المستوى المطلوب كثيرًا جدا.
الميدان
