مقالات سياسية

السلام، عقبات وعقبات

محمد عتيق

(١) لا جدال في أهمية السلام وأولويته المطلقة ، ولا شك أن الحركات المسلحة قد لعبت دوراً في إنهاك النظام البائد وتشتيت قواه ..
ولا جدال كذلك في أن ثورة ديسمبر ، ثورة الشباب والنساء عموداً ووقوداً ، كانت ولا زالت ثورة المواجهة الجذرية لأزمات الوطن الممتدة منذ استقلاله ، “لا زالت ولفترة طويلة قادمة” لأنها في مواجهة إرث عميق غزير التفرع والتشابك ، إرث الفساد والاستبداد الذي تتناسل فيه العقبات واحدة من الأخرى ..
كان الشعب بكل تعبيراته : أحزاب ومنظمات وحركات مسلحة ..إلخ في مواجهة ذلك النظام ، وبسقوطه انتقل الجميع لمرحلة جديدة : مرحلة مواجهة إرثه المتشابك هذا ، إنتهى العدو المشترك ، العدو الذي :
* نشأت الحركات المسلحة أساساً في مواجهته وظلت تحاوره حيناً وتقاتله أحيانا .
* وتحالفت في مواجهته أيضاً قوى الشعب الحزبية والنقابية والمدنية في إطارها العريض (قوى الحرية والتغيير) ..
إنتهى عدو الشعب بشقيه المدني والعسكري ، ق ح ت والحركات المسلحة ، فهل هنالك عائق آخر ؟

(٢) ق ح ت تشير دائماً إلى أن الجبهة الثورية من أعضائها المؤسسين ، والجبهة الثورية تؤكد على ذلك ، وإحلال السلام هو البند الأهم في الأهداف المشتركة ، السلام الذي يرتكز عموماً على عودة النازحين واللاجئين إلى قراهم الأصلية واستعادتهم لأراضيهم و (حواكيرهم) المتوارثة تاريخياً ، إنصافهم وتعويضهم مادياً ورفع أي ضرر عنهم ، وذلك في كل مناطق دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ، ثم رفع التهميش عنهم وعن كافة “المهمشين” في كل أنحاء الوطن بتأسيس البنى التحتية ووضع برامج تنمية متوازنة فيها مع تمييز إيجابي للأرجاء الأكثر تخلفاً و “تهميشاً” ..
والحقيقة (ق ح ت) تدير معارك في جبهات عديدة منها علاقتها المعقدة مع المجلس العسكري (اللجنة الأمنية للنظام البائد) وتوصلت معه إلى إعلان دستوري شكلت بموجبه مجلسي السيادة والوزراء ..
كذلك الجبهة الثورية ، استطاعت أن تستدرج (ق ح ت) إلى التعامل معها كطرف يمثل الهامش والنساء ومعسكرات النزوح واللجوء ، فكانت مفاوضات أديس فالقاهرة وأخيراً جوبا ، ولأن قيادة ق ح ت تعي حجم المخاطر أمامها فانها تواجه الأزمات بحكمة وصبر ؛ أنجزت مع الحركات المسلحة ، داخل وخارج الجبهة الثورية ، خارطة طريق تؤدي إلى مفاوضات بين الطرفين في منتصف اكتوبر ولمدة شهر ، مع إشارات لإمكانية تعديل في مجلسي السيادة والوزراء لاستيعاب ممثلي الحركات المسلحة ..
هنا انفصلت الجبهة الثورية عن ق ح ت لتنفرد بتمثيل الهامش والمظلومين في المعسكرات والنساء والشباب مع جناح عبد العزيز الحلو في الجبهة الشعبية/قطاع الشمال .

(٣) أما (حركة تحرير السودان) جناح عبد الواحد محمد نور فقد جددت -كعهدها – الرفض لمفاوضات جوبا مستنكرةً اتفاق ق ح ت مع المجلس العسكري على الشراكة القائمة ومطالبةً ب :
– تسليم الرئيس المخلوع للجنائية الدولية وتنفيذ كل القرارات الدولية بحقه وهو أول المطلوبات غير القابلة للتفاوض ..
– إعادة النظر في وثيقة الإعلان الدستوري ..
ثم أعلن رفضه التام للحكومة واصفاً إياها ب ( الإنقاذ تو ) !!

فهل سيطول ليل “المهمشين” أكثر وأكثر ؟؟

محمد عتيق
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..