منوعات

لا زالت الخرطوم تقرأ رغم الظروف المعيشية الصعبة

ورّاق: الطلب كبير على الكتب القديمة والنادرة

لقاء مع كمال وداعة أحد روافد المعرفة المغرم والولهان بالقراءة ومتابعة كل جديد في المكان الذي نجده مزدحماً على الدوام ومنبر للرأي وملتقى الشعراء والأدباء، يقصده كل من يبحث عن المعرفة ساحة أتني.

حوار: محجوب عيسى

* حدثنا عن علاقتك بالكتاب؟
– كمال وداعة، (ورّاق) منذ 1991م، كانت البداية في شمال الجامع الكبير بعد أن أحلت إلى الصالح العام من السلكية واللا سلكية، بدأت النشاط شمال الجامع إلى تاريخ هذه اللحظة، البدايات كانت صعبة بالنسبة لي، لأنها كانت حاجة جديدة ولكن سريعأ ما تأقلمت وواصلت في المهنة، وفي الأصل كنت قارئاً وهذا الشيء الذي جعلني بعد أن أحلت إلى المعاش أرجع إلى وراق وعملت فترة طويلة شمال المسجد الكبير إلى أن قامت المحلية بزعزعتنا في تلك المنطقة، ومن ثم تفرق الناس في أنحاء الخرطوم، ونحن اخترنا ساحة أتني وكنت من روادها، وكنت بعد انتهاء الدوام في بيع الكتب أحضر إلى أتني وألتقي مع المثقفين والأدباء والشعراء والكتاب وغيرهم، فاخترت أن أكون قريباً منهم، ما كان صدفة، أتني كانت أنسب مكان .
* هل برأيك ما زال الكتاب خير جليس؟
– نعم بكل تأكيد ما زال الكتاب خير جليس وسيظل خير جليس إلى نهاية الدنيا، ليس له بديل مهما وجد من التكنولوجيا وخلافها، ولكن لا أعتقد أن هناك بديلاً، فهو أفضل جليس.
* بيروت تكتب والقاهرة تطبع والخرطوم تقرأ، أما زالت الخرطوم تقرأ؟
– نعم لا زالت الخرطوم تقرأ رغم الظروف المعيشية الصعبة، ورغم شح الكتاب الجيد لا زالت الخرطوم تقرأ، القارئ السوداني قارئ نهم يعرف الكتاب جيداً وعلاقته بالكتاب جيدة جداً.
* تحتوي المكتبة على عدد من الكتب العربية المتنوعة، كيف تعمل على تأمين الكتب النادرة والقديمة؟
– الكتب النادرة أصبحت شحيحة، الواحد يتعب ويبحث عن الكتاب النادر، وهذه فرصة، فالمهتمون بالطباعة في السودان يهتمون بكتب التاريخ التي تناولت تاريخ السودان، لأنها أصبحت نادرة والقارئ يبحث عنها وغير متوفرة بالشكل الجيد.
* ما هي أسباب ندرة الكتاب الفكري؟
– هناك محاربة من قبل المصنفات مما قاد إلى ندرة الكتب الفكرية، بالإضافة إلى الغلاء، وإن الكتب الفكرية الجيدة معظمها موجود في دار نشر بعيدة من بيروت مثلاً أو المركز الثقافي العربي بالجزائر، الكتب تنتج بالدولار، لذا فهي مكلفة ليست كالكتب المصرية وإن معظم الكتب الموجودة في السوق كتب مصرية وهي تعادل بالجنيه المصري وليست ذات قيمة عالية.
* ما هو الكتاب الأكثر طلباً اليوم؟
– القارئ السوداني أصبح صاحب مواسم، حالياً رواية حمور زيادة التي فازت بالفيلم (النوم عند قدمي الجبل) هي الأكثر مبيعاً، بالإضافة إلى روايته القديمة (الغرق)، أيضاً رواية (عالم صوفي) من الروايات الأكثر مبيعاً ودوماً يبحث عنها القارئ.
* أي فئات المجتمع إقبالاً على الكتاب؟
– جميع الفئات، ولكن حقيقة لا نظلم الشباب، هناك إقبال منهم ويميلون للأدب وخصوصاً الرواية، قليل من يميل إلى الكتب الفكرية والفلسفية.
ومن هنا استغل هذه الفرصة لأقدم لهم النصح بقراءة الكتب الفلسفية والفكرية والنقد.
* ما رأيك في الكُتاب الجدد، وكيف حركت كتبهم المكتبة؟
– شباب جيد جداً وكتاباتهم متقدمة يحتاجون لدفع من الذين سبقوهم ومن وزارة الثقافة ومن الدولة، بالإضافة إلى الاهتمام الحكومي، لأنهم يعانون، الواحد يكتب ولا يستطيع أن يطبع أو ينشر وهذه مشكلة، ولا يستطيع أن يوزع، لأن دور النشر تهتم بالكاتب المعروف، فالشباب الناشئ يحاول أن يجد نفسه وسط هذه الزحمة ويشكون دوماً من الطباعة وعدم وجود دور نشر، والطباعة من النفقة الخاصة والمسألة مكلفة حتى إن وجدوا مطبعة على نفقتهم لن يجدوا من يوزع لهم.
* ألا تعتقد أن التقدم التكنولوجي والكتابة الإلكترونية يهددان الكتاب الورقي؟
– أبداً هذا الموضوع تحدثت فيه كثيراً، الكتاب الورقي له خاصيته مهما كان هناك تقدم في التكنولوجيا ورغم الكتاب الإلكتروني وخلافه، إلا أن الكتاب الورقي له وجوده ومكانته وخاصيته، ودائماً القارئ يحبذ الكتاب الورقي، لأنه سيظل معه في أماكن الترحال في المكتب وفي البيت.
* العالم العربي يعاني من انخفاض في القراءة وليس السودان فقط، كيف نعيد القراءه إلأى ألقها وسابق عهدها؟
– خلال الفترة الأخيرة الوطن العربي بمجمله فيه ضعف في القراءة والمنتج، ولكن الحالة هنا في السودان لها ظروفها وأسبابها الموضوعية، واعتقد آن الأوان لكي يقبل الناس على القراءة ويبدأوا البحث عن المعرفة حتى يستطيعوا أن يواكبوا ما يدور حولهم في العالم وحتى نستطيع أن نربط المشهد الثقافي السوداني بالمشهد الخارجي .
* بعد هذا العمل وسط الكتب خلال تلك الفترة الطويلة، هل فكرت أن تؤلف كتاباً؟.. إذا كانت الإجابة نعم، في أي المجالات؟
– الفكرة موجودة وهو أدب سيرة الذاتية، أريد أن أكتب السيرة الذاتية لي كوراق وعلاقتي بالمهنة وقد بدأت الكتابه.
* كيف ترى معرض الخرطوم الدولي السنوي للكتاب؟
– لا أعلم ماذا أقول في هذا، ولكن من المفترض ألا يسمى بالدولي، يمكن أن يسمى معرض الكتاب السنوي، لأنه يفتقر إلى دور نشر كثيرة ومهمة لا تشارك منذ فترة طويلة، ويفتقر لكتب كثيرة غير متوفرة
* كلمة أخيرة:
– اعتقد أن وزارة الثقافة في الفترة القادمة يقع على عاتقها دور ربط المثقف السوداني بما يدور حوله في العالم، وهذا لا يكون إلا بتوفير الكتاب، وإذا قامت الدولة بالنشر في نوعية معينة من الكتاب لتوعية الناس ومحو التغبيش الذي حدث خلال الثلاثين عاماً الماضية، وكلنا سنساهم في توفير الكتاب ونساهم في رفع وعي الإنسان السوداني .

‫2 تعليقات

  1. (بيروت تكتب والقاهرة تطبع والخرطوم تقرأ، أما زالت الخرطوم تقرأ) هذه مقولة كاذبة مئة في المئة فعندما قيلت في الستينيات على /ا أظن كانت نسبة الامية تزيد عن الثمانين بالمئة في أوساط الرجال بينما بلغت التسعين في أوساط النساء؟؟ بربكم هل نحن شعب قارئ وما علاقتنا بالكتاب وهل لذلك اثر في حياتنا الخاصة والعامة؟؟ لماذا الاطراء الغزير على أنفسنا ماهي نتائج مطالعتنا لإنتاج الاخرين فكرا وعملا…أرجوكم غاددروا هذه المحطة بسرعة الخرطوم لا تقرا البتة والا لما سيطر عليها عبد الحى يوسف وزمرته عقودا!!! فالذين يقرأون تنقدون تجاربهم ويصححونها.. لماذا انتعشت بيننا العنصرية والقبلية إذا كنا قراء فعلا؟؟؟ لماذا كل هذا الفساد فالعلم يضبط النفس ويهذبها؟؟

    1. الاخ كمال وداعة
      قرأت حوارك مع السيد محجوب عيسي و اعجبني كثيرا لانه مع من يوفرون المعرفة لاهل هذا البلد .
      لم يعبني كثيرا تعليق ذلك الشخص الذي يقول ان عهد كتاب قد ولي و انه لم يكن هناك وجود لمقولة القاهرة تكتب و بيروت تطبع و الخرطوم تقرأ ، هذه مقولة صحيحة و انا من الجيل الذي حضر عهد الكتاب و كان موجودا في المكتبات البسيطة التي تحوي ارقي التحف الادبية و مكتبات المدارس و المكتبات العامة في العواصم . و هو ايضا يرمي ذلك الجيل التي حظي بالقراءة بالتقصير في حق الاجيال التي تلته و لكن هذا غير صحيح و ان كان يشير بالتحديد الي الانقاذ منهجا و فكرا فهذه احد اخطاء التاريخ في السودان بوصول الانقاذيين العنصريين الانانيين الي الحكم وهم اذكياء في الشر و لجأو الي افراغ التعليم من محتواه ليصنعوا منه الشعب الذي يريدون حمكه و تعرف جيدا ان التعليم هو احد العوامل التي يمكن ان تحدث بها كل التغيرات الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و بل تصنف بها المجتمع الي حكام و محكومين ، فمن تلقوا تعليما جيدا في دولة تعتبر التعليم استثمارا في الموارد البشرية يفتح اذهانهم و يجعل منهم خيرا لبلدهم و لانفسهم و لكن بفوراق التعليم صنفت الانقاذ معظم شباب اهل السودان الي انصاف متعلمين تخرجوا من الجامعات بل كانت تعتبر التعليم عبئأ لابد من التخلص منه و جعله لمن استطاع اليه سبيلا حسب شريعتهم . إن انحسار قارئي الكتاب في السودان سببه ان معظم المتعلمين من الشباب و حتي الذين تخرجوا من الجامعات خلال الثلاثين عام الماضية تواجههم هموم لا تترك مساحة لاي جهد او اهتمام ثقافي مع مشكلة لغوية في فهم لغة الكتاب نفسه ناهيك عن موضوعه و فكرته و لذلك فهم يصابون بالاعياء من اول صفحة و هم ليسوا ملامين لان هناك من تسبب في افساد تحصيلهم و تدني لغتهم و فهمهم .
      و علي فكرة قرات كلا الكتابين لحمور زيادة و هما كتبات من النوع الذي يسكن في الذاكرة خاصة الغرق و كيف ان علاقات الرق كانت حتي في عهد مايو هي هي و كيف ان الذين خلفيهتم تعود الي عهود الرق تلازمهم الوصمة في كل زمان و كيف ان للارقاء السابقين و حتي احفادهم اسماء مختارة تختلف عن اسماء من يسمون انفسهم بالاحرار او اولاد البلد و المرأة اسمها فايت ندو ، و عندما سمت ابنتها عبير رفضت احدي النساء المتسلطات في القرية الاسم واجبرتها علي تغيير الاسم و كيف ان عبير لما امها دخلتها المدرسة و تريدها ان تكون دكتورة اخرجتها السيدة اللعينة من المدرسة و كيف حتي ممرض الشفخانة الذي يقول انه تقدمي و بل شيوعي يغوي عبير في مقر عمله بالشفخانة ، و كيف ان مجتمع نارتي لا يعرف العلاقات الحرمة و زني المحارم و هم يستبيحون الجدة و الام و البنت و كيف ان السيدة اخذت طفل عبير الذي هو ثمرة استباحة طفولتها ووهبته للغجرية . هذا الكاتب كان يصف ما كان يحدث بالضبط و لازال البعض من اهل السودان مثل ذلك المجتمع يفكرون بذات الطريقة . بل ان ذات الاماكن التي ارتبطت بجلب ضحايا الرق منها هي ذات المناطق التي تغلي بالصراعات الان بسبب ذات عقلية مثل مجتمع حجر نارتي الذي صوره الكاتب .
      هذا كاتب رائع وصف كل شيء كما هو ، و بالطبع ليس للاسماء المستخدمة في الرواية علاقة بالرواية و لكن موضوع الرواية و شكل العلاقات المجتمعية ليس من بنات افكاره بل واقع قام بتوثيقه باسماء من عنده ، ايضا في كتابه الاخر النوم عند قدمي الجبل وصف المذكور الانقسام بين مجتمعين في حجر نارتي بقيام حلة ود ازرق و كيف ان اهل حجر نارتي كانوا يزدرون الاعراب و لم يقبلوا دمجهم في المجتمع و التعامل معهم كخدم منازل و لكن بكسل اهل حجر نارتي تغيرت علاقات الانتاج في القرية باعتماد اهل حجر نارتي علي عمل العرب ثم مشاركتهم ثم امتلاك زعيمهم ود ازرق لراس المال و عمل دكان ليدخل اهل نارتي دفاتر مديني دكان ود ازرق وتحول مجتمع الاعراب الي سكان مستقرين و كيف ان الاعراب للتصدي لرفض مجمع نارتي لهم صنعوا حلف مصلحة متبادلة بينهم و الحكومة و تحولوا الي متبرعين لاقامة مشاريع المياه في القرية لفرض قبولهم ، و لكني اتحدث عن عقلية رفض الاخر المتجذرة في المجتمع السوادني علي كل الاسس العرقية و الثقافية ، و اذا كان اهل الشمال بنطاقه الواسع من المستعربين و غير المستعربين يرفضون اهل الهامش بسبب سحناتهم و لغاتهم فما بال النوبيين يرفضون الاعراب الذين يفوقونهم نقاءأ عرقياً بمعايير العنصريين الجدد . ان مثل هؤلاء الكتاب يتركون للقاريء مساحة كافية لقراءة ما بين السطور و التامل و هم يصورون المجتمعات كما هي و التي ظلت لزمن طويل كذلك و لابد لنا ان نغيرها و نقبل ببعضنا .
      ان عهد الكتاب لم يولي فقد عادت الي المكتبات اجمال الروايات العالمية للكتاب العرب و للروائيين الاجانب مثل البرتو مورافيا و دان براون و ماركيز وديستوفسكي و تلستوي و عاد حتي كارل ماركس و لينين و انجلز في أروقة سوق العفراء و اننا موعودون بزمان يعود فيه الكتاب و قراءه و بالطبع إن الكتاب الاصفر الذي لن يعود. تحياتي لكما معا للاهتمام

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..