مقالات سياسية

إما معنا أو ضدنا

منظمات اختطفت الاسلام.. و تشعبت لتشكل كابوساً يثير الرعب في كل اتجاه..؟ و رب قائل يقول إنها انبثقت من رحم الأنظمة الفاسدة.. و فساد الأنظمة نشر البطالة بين الشباب.. و شكِّل اليأس و فقدان الأمل في إشاعة العدل بين الناس حاجزاً نفسياً ضد أي ادعاء من تلك الأنظمة بإحداث تغيير نحو الأفضل.. و رب قائل يذهب إلى أن الخطاب الديني ( الوهابي) أخرج الشباب من لب الدين.. إلى البحث عن ما يعتقدون أنها الجذور التي ابتعدت الأنظمة الحاكمة عنها.. و انصاعت لهيمنة الغرب.. الذي يستغل ضعف الأنظمة لضرب الاسلام في مقتل..
هيمنة الغرب و تسيير الأمور كما يشتهي في البلدان العربية و الاسلامية حقيقة واقعة.. لكن التشِّويش الذي حدث في أذهان الشباب جعلهم يختطفون الاسلام و يطيرون به إلى (المسالخ) و ( المحارق).. و ( المدافن) في كل مكان.. و انتهز الغرب الفرصة فاختطفهم و معهم الاسلام المشوَّش ليشن بهم حرباً إعلامية ضارية- مباشرة أو غير مباشرة- ضد الاسلام نفسه، رافعاً راية الحرب ضد الارهاب، فتوجهت كل الانظار إلى الراية تلك بعيداً عن فلسطين و مآسيها.. و بعيداً عن القدس و الاستيطان الاسرائيلي.. و بعيداً عن ( ثالث الحرمين) الشريفين حيث تكاد الحفريات من تحته تلحقه ب( سد مأرب)! .. فالعرب يحاربون الارهاب بدون هوادة.. و تركيا ( المسلمة) يدور الشك حول علاقتها بداعش.. لكن داعش تطعنها بلا تردد.. و بعض العرب و اسرائيل يتفقون ضد إيران النووية..
إسرائيل لديها ترسانة نووية.. العرب لا يملكون ( شروى نقير) نووي.. و لا يسعون لامتلاكه.. إيران تحاول أن تكون نووية.. إلا أن بعض العرب ( الأثرياء) ، بدلا من الوقوف مع إيران ضد إسرائيل النووية، يقفون مع إسرائيل ضدها.. و صار نتياهو هو المتحدث ( الرسمي) باسم الخليجيين ضد ليس إيران النووية فحسب، بل و ضد عودة مليارات الدولارات الايرانية إليها بعد احتجاز لعقود في أمريكا.. و يخشون تدفق مليارات البترودولار على إيران بعد رفع الحظر..
الواقع المذري للدول العربية و بعض الدول الاسلامية جعل الغرب يشغل العرب و المسلمين بأنفسهم.. و لا يتحدث عن ( إيجابياتهم) في محاربة الارهاب الذي ( صنعوه) في سوريا الأسد.. بل يشير إلى الارهاب ( الدولة الاسلامية) دائماً.. و ترى في كل وسائل الاعلام مسلمين يقتتلون و الدماء تسيل.. و صار الأفراد الموتى من العرب و المسلمين أرقاماً لا أسماء.. أرقاماً بالعشرات و المئات..
و ينخفض صوت الاعلام الغربي إلى أدنى درجة عند مقتل المسلمين بأيدي مسيحيين.. و يرتفع الصوت لدرجة ( المناحة).. عند ارتكاب مسلمين منفلتين ( جريمة كراهية) ضد كائن من كان.. فلم يتحرك أوباما لادانة مقتل ثلاثة من المسلمين العرب في أمريكا إلا بعد احتجاجات مسلمين أمريكان.. المتتشددون يُستغَلُّون.. و يقال أن شبكة الاسلاموفوبيا تنفق 40 مليون دولار سنوياً..لنشر الخوف من الاسلام و بالتالي تشويه صورته لحد كراهيته!
و نحن نصفق للطائرات التي تقصف العشرات من الداعشيين و تبيد المئات من الأبرياء في العراق و سوريا.. و الكل يجهل أي رِحم تمخض عن القاعدة و من ثم عن داعش.. و تسمع المذيعات و المذيعين يقدمون الأخبار بشيئ من الحماس متى تعلق الخبر بضربات موجعة ضد داعش.. و لا أحد يفكر في من أين أتت داعش.. و لا أحد يفكر في هل هي منا و لنا.. أم هي من خارج سماوات منظومتنا الاسلامية هبطت لتزيد أوجاع المسلمين أوجاعاً و تعاسة..؟
وصلت مدينة أتلانتا عاصمة جورجيا الأمريكية في ديسمبر عام 1996 .. كان الاعلام الأمريكي يتحدث عن أن الاسلام أسرع الأديان انتشاراً في العالم ( The fastest growing religion worldwide).. كما كان يتحدث وقتها عن المرحوم الملك عبدالله خليفة الملك الراحل فهد بشيئ من عدم الاطمئنان باعتبار أنه عربي قح.. و مسلم متشدد.. و كانت روسيا قد انبطحت تماماً أمام أمريكا.. و أوروبا أصبحت بالكامل في جيبها منذ رحيل ديجول و بومبيدو و مجيئ ساركوزي.. و وجدت أمريكا نفسها بلا عدو سوى الاسلام.. فالكل يخشاها و يخطب ودها.. و الاسلام ينتشر.. إذن، الاسلام هو المشكلة! و عليها أن تخطط له ليتماشى مع استراتيجيتها.. و من ثم تتولى احتواءه و تقليم أظافره..

كنت في طريقي إلى خارج إحدى الكليات الجامعية بمدينة أتلانتا، فكرت في أخذ مشروب من الكافتيريا.. رأيت أحد الطلاب مشدوداً على كرسيه و عيناه شاخصتان في التلفاز المعلق على حمالة.. نظرت ناحية التلفاز.. كان مشهد بُرجَّي التجارة العالمية بنيويورك ينفثان لهباً و دخاناً.. و الناس تجري في فزع من المكان الذي أسموه ( Ground Zero) .. أي موقع الحدث و الشاشة تعيد منظرَ طائرتين تخترقان البرجين .. تجمهر بعض الأساتذة و الطلبة و بعضهم يلقي اللوم على منظمة فتح.. و علَى ياسر عرفات.. و ضرورة الانتقام منه..
قلت لهم:- مهلاً.. مهلاً.. لا يمكن لياسر عرفات أن يفعل هذا.. إنه رجل دولة حقيقي (A Real Statesman) لا بد و أن يكون الفاعل جهة لا تكترث بالقوانين الدولية.. جهة بلا دولة و لا مقر.. و لابد من البحث عن منظمة مثل القاعدة و عن شخص مثل بن لادن و زمرته الذين جعلتم منهم قوة تساعدكم على الاجهاز على الاتحاد السوفييتي..!
الأمريكان- كشعب- طيبون جداً.. و خلوقون حقاً.. و متى وثقوا فيك ذهبوا معك إلى آخر المطاف.. و إذا أحسوا شيئاً من الكذب في تعاملك.. فقدتهم إلى الأبد.. و قد التفوا حولي يومها يستفسرون.. و يناقشون.. و شعرت بكثير ارتياح بعد أن أبعدتُ ياسر عرفات عن أذهانهم.. و انصرفنا بعدها كلاً إلى غايته..
و يومها كشف الرئيس الأمريكي بوش عما بداخله و هو يصرخ:- ? It is a crusade!? ….” هذه حملة صليبية!”…؟ و قد كانت الأجواء محتقنة لدرجة مزعجة.. و من عاش تلك الأيام الكالحة داخل الولايات المتحدة يكون لا بد و أن يكون رآى أمريكا غير التي نعرفها .. حيث بدأ التضييق على الحريات.. خاصة و أن من يسمون بالذئاب المنفردة (The lonely wolves) قد بدأوا التحرك للتخريب.. مثل من أسموه بال ( lace -bomber ).. و آخرين قدموا من كندا براً و من بريطانيا جواً..
و قرر دوناد رامسفيلد، وزير الخارجية، و ديك تشيني- نائب الرئيس جورج بوش- إعداد ما بواسطة اسكات أي صوت يتصدى لخططهم لضرب الاسلام بادعاء الارهاب.. و تخويف أي دولة تظهر أدنى معارضة للتحرك الأمريكي في كل مكان.. و نجحوا خارجياً حين ارتجفت جميع الدول العربية حتى ( الممانعة) و على رأسها ليبيا القذافي التي قدمت معلومات عن ما لديها من أسلحة دمار شامل.. و السودان الذي فتح صندوق أسراره عن بن لادن و القاعدة.. و نثر كنانة معلوماته لتلتقط منها ( السي آي إيه) ما تشاء- و الله واسع عليم!
و سوف أتحدث عن قانون ( باتريوت) PATRIOT ACT The.. و لا علاقة له بالوطنية و الوطن، كما قد يتبادر إلى الأذهان..

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..