أخبار السودان

السوريون يتظاهرون اليوم في «جمعة حرائر سوريا» من أجل كرامة النساء المعتقلات..حماه المحاصرة تستعيد ذكريات الثورة الدموية في 1982

وسط أجواء أمنية بالغة التشدد، وحملات اعتقالات ومداهمات، شملت الكثير من المدن، يستعد السوريون للخروج اليوم إلى الشوارع تحت عنوان «جمعة حرائر سوريا» متحدين الحصار الخانق الذي فرضته السلطات السورية على مدنهم وبلداتهم.

وفي الوقت الذي يواصل فيه الجيش السوري وقوات الأمن والشرطة حصار مدن بانياس، وحمص، ودرعا، وحماه، شهدت مدينة حلب ثاني أكبر المدن، مظاهرة شارك فيها نحو ألفي شخص من طلاب جامعتها مطالبين بإنهاء حصار المدن، في واحدة من أكبر المظاهرات التي تشهدها المدينة التي ظلت هادئة، أكثر من غيرها. وقال شاهد في حلب إن الشرطة السرية أغلقت الطريق الرئيسي المؤدي من وسط المدينة إلى الجامعة في حي الفرقان غرب المدينة لمنع توسع المظاهرات «سنخرج يوم 13 مايو (أيار) من أجل كرامة أخواتنا المعتقلات»، وفق ما دعت إليه أمس «صفحة الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد 2011»، على شبكة «فيس بوك». ونشرت الصفحة التي تجمع ما يزيد على 174 ألف عضو، مجموعة أسماء وصور لسيدات تم اعتقالهن من أبرزهن: سوسن العبار وشقيقتها غادة خلال مظاهرة لرفع الحصار عن درعا في 30 أبريل (نيسان) الماضي، ومعتقلة الرأي رغداء حسن بتهمة نشر الأخبار الكاذبة التي من شأنها أن توهن نفسية الأمة، ونور جزماتي خلال مشاركتها في مظاهرة باب الحديد في حلب، وسواهن من الأسماء.

في موازاة ذلك، واصلت القوى الأمنية، أمس، إحكام قبضتها الأمنية على عدد المدن والبلدات التي شهدت أبرز حركات الاحتجاج‎ ضد النظام السوري غداة مقتل 19 مدنيا في حمص وريف درعا، معتقلة بالجملة شخصيات ومثقفين أبرزهم الناشط الحقوقي السوري نجاتي طيارة في مدينة حمص.

وانتشرت القوات السورية في مدن جنوبية، أمس، وشددت قبضتها عليها، وتقدمت الدبابات في مدن داعل وطفس وجاسم والحارة، وذلك تحسبا لمظاهرات تنطلق اليوم. ويجري نشر دبابات في مناطق على الساحل السوري وفي وسط حمص وخارج مدينة حماه إلى الشمال، وحاليا في أنحاء سهل حوران في الجنوب، وهي مناطق تشكل مساحة كبيرة من أراضي البلاد. وقالت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) إن وحدات الجيش تتعقب «جماعات إرهابية مسلحة مدعومة من إسلاميين ومحرضين أجانب تلقي الحكومة عليهم باللوم في العنف». وأوضح رئيس المركز السوري للدفاع عن معتقلي الرأي وحرية التعبير، المحامي خليل معتوق أن «قوات الأمن ألقت القبض على الناشط طيارة في شارع خالد بن الوليد في مدينة حمص، وتم اقتياده إلى جهة مجهولة».

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «قوات الأمن السورية داهمت قرى بالقرب من مدينة بانياس الساحلية (غرب سورية) واعتقلت العشرات، بينهم رئيس مجلس بلدية بانياس عدنان الشغري والمحامي جلال كندو، بينما واصلت حملة الاعتقالات في المدينة، لا سيما في صفوف المثقفين والكوادر العليا». وذكر أن «الجيش والأجهزة الأمنية داهموا صباح أمس قريتي البيضا والقرير المجاورتين لبانياس، حيث اعتقلوا عشرات الأشخاص». وأعلنت منظمة حقوقية، أمس، أن الأجهزة الأمنية السورية شنت حملة اعتقالات واسعة اليومين الماضيين. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان أن «الأجهزة الأمنية شنت حملة اعتقالات واسعة في عدة مدن سورية طالت معارضين ونشطاء ومتظاهرين. واعتقلت في دمشق الناشط بسام حلاوة من مقهى في حي باب توما وفي مدينة دوما (ريف دمشق) اعتقلت الناشط حسان منعم وفي دير الزور (شمال شرق) اعتقلت عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الديمقراطي السوري المعارض البارز فوزي الحمادة».

وأشار المرصد إلى اعتقال «الدكتور عدلان العدلان والصيدلي حميد العدلان في حمص (وسط)، بالإضافة إلى المدون والصحافي جهاد جمال (المعروف باسم ميلان) في حلب (شمال) ومؤيد بسيم الحنيني في كفرنبل (ريف أدلب شمال)». كما أورد اعتقال العشرات في اللاذقية (غرب) وجبلة (غرب) وريف دمشق وقريتي البيضا والقرير المجاورتين لمدينة بانياس.

وتبحث السلطات الأمنية في بانياس عن قادة الاحتجاجات الذين لم يتم اعتقالهم بعد، وكانت قد اعتقلت أمس المحامي جلال كندو، بعد اعتقالها قادة حركة الاحتجاج في المدينة قبل أيام وبينهم الشيخ أنس عيروط الذي يعد زعيم الحركة، وبسام صهيوني الذي اعتقل مع والده وأشقائه.

ولم يختلف المشهد كثيرا في مدينة المعظمية في ريف دمشق، حيث لا تزال الدبابات تحاصر المدينة في ظل القيام حملة اعتقالات واسعة طالت عائلات بأكملها. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان عمار القربي تأكيده عن شهود عيان أن «المئات قد تم اعتقالهم»، مشيرا إلى أن بحوزته «لائحة باسم نحو 300 معتقلا طالت معارضين وموالين».

وقد اضطرت السلطات الأمنية السورية، وفق ما رواه القربي، إلى استخدام المدارس الموجودة في المدينة لإيواء المعتقلين، بعد أن أحكمت السيطرة على الجوامع، محولة إياها إلى مراكز لتجمع عناصر الجيش والقوى الأمنية، في وقت استمر فيه فرض حظر التجول في المدينة التي تعاني من انقطاع التيار الكهربائي والاتصالات أحيانا. وذكر القربي أن بلدة قطنا (ريف دمشق) لا تزال محاصرة منذ يومين بناقلات جنود امتدت على الطريق العام، تمهيدا لشن حملات اعتقالات. وكان قد تم اعتقال نجل القيادي جورج صبرا الذي أفرج عنه أمس. وقد انتشرت الدبابات والآليات العسكرية في ريف درعا، جنوب سوريا، على طول الطريق المؤدي إلى الشيخ مسكين (25 كلم شمال درعا).

ووفق رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان، فإن أحداث بلدة الحارة، غرب منطقة درعا، أدت إلى مقتل 13 شخصا بينهم طفل في سن الثامنة قتلوا برصاص قناصة كانوا متمركزين على عدة مناطق منها خزان المياه الغربي والجنوبي وعلى جامع خولة بنت الأزور، فيما واصلت القوى الأمنية عمليات التفتيش في بلدتي جاسم وأنخل. وكانت صفحة «الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد 2011» على شبكة «فيس بوك»، نشرت أمس مجموعة من الصور لأطفال تم قتلهم خلال الأحداث التي تشهدها سوريا في الفترة الأخيرة.

وأوردت الصفحة أمس أنباء عن دوي أصوات الرصاص في جاسم والحارة ونمر في ظل حملات اعتقال همجية وعشوائية وتمركز عشرات الدبابات في كل مدينة، مشيرة إلى أن «القناصة يعتلون المآذن والمباني المرتفعة ويطلقون الرصاص على كل من يحاول الخروج من بيته». وأفادت بأن الكهرباء والاتصالات لا تزال مقطوعة وهناك عشرات الجرحى الذين لم يتم إسعافهم وبعضهم في حالة خطرة جدا ولم يسمح لسيارات الإسعاف حتى بالتحرك لإسعاف الجرحى.

وفي حمص، أفادت أنباء باقتحام القوى الأمنية سكنا خاصا بالطالبات في المدينة، حيث تم تفتيش كل محتوياته، منتصف ليل أول من أمس حتى ساعات الفجر من دون إذن أو علم أو مراعاة لأي خصوصية، على ما ورد في صفحة «الثورة السورية». في موازاة ذلك، أكد القاضي السوري السابق رجاء الناصر أن «الحل الأمني الذي انتهجه النظام السوري أثبت فشله»، مشيرا إلى أن هذا النظام «يفكر بعقلية أمنية، وهو يعتقد أنه يستطيع حسم الأمور بالعنف والدماء». وأشار في حديث لقناة «الجزيرة»، إلى أن «النظام لم يتصل بالشخصيات المعارضة، بل أجرى اتصالات مع شخصيات سورية مستقلة لتبادل الأفكار»، مؤكدا أن «الحل هو بانتهاج سياسة حوار مع المعارضة يسبقه التخلي عن العنف من جانب النظام».

[COLOR=blue]حماه المحاصرة تستعيد ذكريات الثورة الدموية في 1982[/COLOR]

قال ناشط حقوقي إن جنودا سوريين مدعومين بالدبابات حاصروا أمس مدينة حماه، التي دكها والد الرئيس بشار الأسد عام 1982 للقضاء على ثورة نشبت داخلها. وفي السياق ذاته، استخدمت القوات السورية الهراوات لتفريق 2000 متظاهر في حرم جامعي شمال البلاد.

ويسعى بشار الأسد، الذي ورث السلطة عن أبيه عام 2000، للقضاء على انتفاضة اندلعت قبل قرابة شهرين، وأضحت تطرح أخطر تهديد لحكم عائلته في سوريا على مدار 40 عاما تقريبا. وقد تزايدت معدلات العنف مع تحرك القوات إلى مناطق أكثر توترا، فيما وصفت الولايات المتحدة الإجراءات المتخذة من جانب السلطات السورية بـ«الوحشية».

ونقلت «أسوشييتد برس» عن الناشط الحقوقي مصطفى أوسو قوله إن جنودا تدعمهم الدبابات تجمعوا حول مدينة حماه، المعروفة بالثورة الدموية عام 1982 التي قضى عليها النظام الحاكم. وأكد الناشط أن القوات الأمنية اعتقلت بعض الأشخاص.

وفي خطوة ذكرت بما حدث مع الانتفاضة السابقة، قام الجيش السوري بقصف مناطق سكنية وسط وجنوب سوريا الأربعاء، مما أدى إلى مقتل 18 شخصا، وذلك بحسب ما أفادت به منظمة حقوقية.

وجاء قصف المناطق شبيها بما قام به حافظ الأسد عام 1982 عندما قصف مدينة حماه وسواها بالتراب لقمع انتفاضة السنة هناك، وقتل خلال ذلك ما بين 10.000 و25.000 شخص، بحسب ما تفيد به تقديرات منظمة العفو الدولية. ويوجد تضارب في الأرقام، فيما لم تذكر سوريا تقديرا رسميا.

وذكر نشطاء آخرون أن قوات الأمن استخدمت الهراوات لتفريق نحو 2.000 متظاهر في وقت متأخر من يوم الأربعاء في حرم الجامعة في حلب، أكبر المدن السورية.

بيد أن العملية العسكرية المكثفة وحملات الاعتقال بمثابة إجراءات مسبقة استعدادا ليوم آخر من المظاهرات المتوقع تنظيمها بمختلف أنحاء الدولة يوم الجمعة.

يذكر أنه قد سقط أكثر من 750 قتيلا، وتم اعتقال الآلاف منذ بدء الانتفاضة المناوئة لحكم الأسد الاستبدادي في منتصف مارس (آذار). وقد أجج الثورة اعتقال مراهقين، كانوا متأثرين بالانتفاضات في مصر وتونس، الذين قاموا بكتابة شعارات مضادة للنظام الحاكم على أحد الجدران.

وذكرت صحيفة «الوطن» الخاصة السورية أمس الخميس أن الأسد اجتمع لمدة أربع ساعات بوفد من رجال الدين السنة من حماه. وأشارت إلى أن رجال الدين طلبوا من الرئيس حل بعض المشكلات المعلقة منذ 1982، مثل مشكلة الأشخاص الذين ما زالوا في المنفى منذ ذلك الحين. وجاء بالصحيفة: «وافق الأسد على دراسة الحالة، طالما تضم أفرادا معروفا عنهم ولاؤهم للدولة».

ومنذ بدء الانتفاضة السورية، بدأت السلطات في الإعلان عن إصلاحات أيام الخميس في محاولة لتفادي المظاهرات التي يتم تنظيمها يوم الجمعة، اليوم الرئيسي للمظاهرات في العالم العربي.

ولم يكن هذا الأسبوع مختلفا: فقد ذكرت وكالة الأنباء الحكومية (سانا) أن رئيس الوزراء عادل سفر طرح برنامجا جديدا لتوظيف 10.000 من خريجي الجامعات سنويا في المؤسسات الحكومية.

تجدر الإشارة إلى أن نسبة البطالة في سوريا تقدر بنحو 20 في المائة. وذكر رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس أن حملات الاعتقالات مستمرة بمختلف أنحاء الدولة قبل المظاهرات المتوقعة يوم الجمعة. وقال: «السلطات تحتجز أي شخص يحتمل مشاركته في المظاهرات».

وأشار إلى أنه في مدينة دير الزور شمال سوريا، وضعت السلطات كاميرات داخل وخارج مسجد عثمان بن عفان، المعقل الذي يخرج منه عشرات المصلين للتظاهر بعد صلاة الجمعة.

وأضاف عبد الرحمن أن كثيرا من المحتجزين السابقين تم إجبارهم على التوقيع على وثائق تفيد بأنهم لم يتعرضوا للتعذيب وأنهم لن يشاركوا في أي «أعمال شغب» في المستقبل.

بيد أن الأسد مصرّ على قمع الانتفاضة على الرغم من الضغط الدولي والعقوبات المفروضة من قبل أوروبا والولايات المتحدة.

وفي واشنطن أدان المتحدث الصحافي بالبيت الأبيض جاي كارني أعمال العنف. وقال: «تستمر الحكومة السورية في اتباع ما تقوم به حليفتها إيران باللجوء للقوة الغاشمة وانتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان وقمع الاحتجاجات السلمية»، مؤكدا على أن «التاريخ لا يكون في جانب هذا النوع من التصرفات».

ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر الهجمات بـ«الوحشية»، مضيفا «لا نذكر كلمة (وحشي) كثيرا هنا».

وقال مسؤولون في إدارة أوباما، التي سعت إلى التواصل مع سوريا بعدما عزف عنها الرئيس السابق جورج دبليو بوش، يوم الثلاثاء، إن الولايات المتحدة تقترب من الدعوة لإنهاء حكم عائلة الأسد الطويل. وقال المسؤولون إن الخطوة الأولى هي القول للمرة الأولى إن الأسد فقد شرعيته في الحكم، وهو ما يعد تحولا مهما.

الشرق الاوسط

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..