مقالات وآراء

مثلما توقعنا: واشنطن لقنت الدرديري درس قاسي في كيفية احترام حقوق السودانيين

(أ)-
***- جاءت الاخبار في الصحف المحلية يوم الاثنين ٥/ نوفمبر الحالي ٢٠١٨ وافادت ان وزير الخارجية الدرديري محمد احمد يتوجه إلى الولايات المتحدة للدخول في المرحلة الثانية من الحوار بين الخرطوم وواشنطن لرفع اسم السودان من قائمة (الدول الراعية للإرهاب)، هذا الخبر لم يكن جديدآ علي السودانيين فقد سمعوه وقرأوا عنه طوال مدة ال(٢٥) عام الماضية بدء من اغسطس عام ١٩٩٣!!،
(ب)-
***- سفر الدرديري كان محل سخرية المواطنين علي اعتبار ان كل وزراء الخارجية السابقين (د/حسين ابوصالح ، علي عثمان محمد طه ، د/مصطفي اسماعيل، د/لام اكول اجاوين ، دينق الور كوال ، علي احمد كرتي ، بروفسيور/ إبراهيم احمد غندور) فشلوا فشل ذريع وبصورة مخجلة في ازالة اسم السودان من القائمة السوداء بسبب ان النظام الحاكم في الخرطوم كان يتهرب ويتعمد عدم تنفيذ الشروط التي قدمتها واشنطن للحكومات السودانية السابقة والحالية ، والتي كان ابرز ما فيها ان يكفوا أهل السلطة في الخرطوم عن ممارسة ساديتهم في الشعب السوداني المغلوب علي امره، وانه واجب علي السلطة الحاكمة ان تحترم (مبادئ حقوق الانسان) التي سبق ان التزم بها السودان بعد انضمامه لمنظمة الأمم المتحدة عام ١٩٥٦.
(ج)ـ
***- سخرت الجماهير في السودان من الدرديري الذي سافر للولايات المتحدة الامريكية صفر اليدين لا جديد عنده يقدمه للمسؤولين الكبارالذين هم رجال مقربين من الرئيس دونالد ترامب الذي يكره الحكم والحاكمين في السودان وبصورة خاصة عمر البشير!!،
***- وفي هذ الصدد، علق بعض الصحفيين في الخرطوم علي سفر الدريري وقالوا ” اذا كانوا كل وزراء الخارجية السابقين في الخرطوم منذ عام ١٩٩٣ قد فشلوا في فتح حوارات مع مسؤولين امريكان كانوا وقتها معتدلين وعندهم صبر علي التفاهم والاخذ والرد ، فهل ينجح الدرديري مع المسؤولين الحاليين في واشنطن الذين ومنذ ان تولي ترامب الحكم وهم لا يطيقون سماع اسم السودان ؟!!
(د)-
***- حال الدرديري في واشنطن كان اشبه بحال من دخل الي عرين الاسد وهو لا يحمل اي نوع من السلاح!!
(هـ)-
***- نشرت صحيفة (الراكوبة) اليوم الخميس ٨/ نوفمبر ٢٠١٨ الحالي خبر تحت عنوان:
(واشنطن مستعدة لشطب السودان من قائمة الدول الداعمة للارهاب ضمن شروط)، وجاء فيه، ان الولايات المتحدة اعلنت أنها مستعدة لشطب السودان من قائمة الدول الداعمة للارهاب ولكن بشروط ستة (قديمة متجددة منذ عام ١٩٩٣) وهي:
أن تقوم السلطات السودانية بمزيد من الاصلاحات..
وتعزيز التعاون لمكافحة الارهاب،
وتحسين سجل البلاد على صعيد حقوق الانسان..
الوفاء بجميع المعايير القانونية..
الي جانب التعاون في مكافحة الارهاب وحقوق الانسان..
حل نزاعاته الداخلية..
السماح بدخول أكبر للعاملين في مجال الاغاثة.
اكدت واشنطن انها علي استعداد تام لشطب اسم السودان من قائمة (الدول الراعية للارهاب) في حال قام السودان بتحقيق تقدم في التعامل مع المسائل الست الرئيسية ذات الاهتمام المشترك.
بالطبع كل من طالع الشروط الامريكية يجدها هي نفسها المكررة التي لم يلتزم بها أهل السلطة في الخرطوم،واقع الحال اليوم يؤكد بكل وضوح ان لا احد في نظام البشيرعلي استعداد لقبول الشروط خصوصآ وان روسيا قد دخلت في السودان بقوة بعد زيارة البشير لها في نوفمبر الماضي ٢٠١٧، وهناك طلب البشير من الرئيس الروسي بوتين حمايته من امريكا وذلك بتاسيس قاعدة عسكرية روسية علي ساحل البحر!!
الوزير الدرديري لم يتفاجأ بالشروط الامريكية فقد كان مسبقآ يتوقعها ان تكون محور النقاش بين الطرفين السوداني – الامريكي ، كان يعلم انها انها شروط ستقف عقبة في طريق الحوار واشبه ب(العقدة امام المنشار)، وكانت قمة الماسأة ان الدرديري لم يكن يحمل معه اي موافقة رسمية علي الشروط لطمأنة قلوب المسؤولين في واشنطن ، وهو امر كان يعلمه كل صغير وكبير في الوفد الامريكي!!
كل المسؤولين الكبار في وزارة الخارجية الامريكية كانوا علي يقين تام ان الدرديري سيغادرالولايات المتحدة بلا تحقيق اي نجاحات او توفيق في مهمته… سيخرج منها تمامآ كما دخلها خالي الوفاض!!
الشيء المخجل في موضوع ازالة اسم السودان من قائمة (الدول الراعية للارهاب) ان الشروط الامريكية عمرها اليوم خمسة وعشرين عام بالتمام والكمال ، وطوال مدة الربع قرن هذه لم تنفذ السلطة الحاكمة في الخرطوم تلك الشروط العادلة بل ولا واحدة منها…ولا تفكر اطلاقآ في تنفيذها !!
بالطبع ، وهذا شيء لا يختلف حوله اثنان ان الوزير الدرديري كان موقفه حرج للغاية وهو يستمع لوجهات نظر المسؤولين في وزارة الخارجية الامريكية ونقدهم للاوضاع المزرية في السودان ، وعرف منهم الدرديري ان المسؤولين يعرفون كل صغيرة وكبيرة ما يجري في السودان وكيف حال السكان تحت حكم البشير!!،
لقد لقنوه درس في الانسانية واحترام حقوق المواطنين ، وانه من واجب الدولة حماية الاقليات وعدم محاولة ابادتها من خلال سياسات الارض المحروقة، والتجويع، ومنع قوافل الاغاثة الدولية من الدخول للمناطق المتاثرة بالفقر والجوع والامراض، وحماية السكان من قصف القري والمزارع بالقنبل والصواريخ.
لقد سمع الدرديري منهم الكثير الذي لم يسمعه من قبل عن بلده!!، وبالطبع لم يستطيع ازاء ماعندهم من حقائق ان يفند حججهم ونقدهم لحال السودان المزري…لانه اتضح له ان هؤلاء المسؤولين الامريكان يعرفون عن السودان ما لا يعرفه البشير نفسه!!
بكري الصائغ
[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..