مقالات سياسية

أنفاس الفجر … جُرح القيادة

عوض البارئ محمد طه

أنفاس الفجر
جُرح القيادة

زول يسلّف روحي قدرة      زول يناولني الارادة
زول يشيل من بالي صوتُم   ويمحى من روحي (القيادة)
زول يسكّت فيني طفلة            لسة بتردِّد هتافا
وشلّة زي أقمار،، أهِلّة                  جيل من الذوق واللطافة
يرسموا الشوق بي عيونهم         لوحة الوطن القيافة
ويحرقوا الليل بالاغاني              والهتافات،، للبخافا
بكرة يا سوس البنادق              تلقى سلميّتنا آفة
نرجع اكتر للقيادة             وجيشنا يرجع حُر ، معافى
ونبني سودانّا المُلون               بالتنوع في الثقافة

في مثل هذه الأيام  وقبل عام من الان اتشح سماء السودان بالحزن  الذي مازال يساور النفوس وسيظل كذلك  الى ان تتحقق العدالة ، فمجزرة فض الاعتصام  لثوار ثورة  ديسمبر  المجيدة فاق احداث  عنبر جودة ومذبحة  قصر الضيافة  وكل حدث حزين  في تاريخ  السودان.

لقد كان اعتصام  القيادة  العامة  في الفترة  من 6/ ابريل /2019م  وحتى 3 /يونيو /2019م  عبارة  عن لوحة  حية ومتحركة  يشاهدها  العالم  بإعجاب وانبهار  وهي تحكي عن   إبداعات  الشعب السوداني  في ثورة  ديسمبر  المجيدة  ، لوحة  من التمازج الفريد  الذي أذاب كل  الفوارق الطبقية والقبلية  والاجتماعية  ارتادته القيادات  والنُخب  ، كما ارتاده المشردون  وأطفال الشوارع ، زرع الآمال  العراض  في دولة  لا فرق  فيها بين عربي ولا عجمي  إلا بالولاء للوطن  والحلم  المشترك  بين  الجميع  في دولة  المواطنة ورعاية الحقوق.

ميدان الاعتصام  ترجم هتافات  الثورة  في لوحة مجيدة لينظر  إليها   كل عنصري  ومغرور  ليعلم ان كل البلد  هي دارفور  والنيل الأزرق   وجبال  النوبة  وجنوب كردفان  والشمال  والشرق والوسط  وكل السودان.

ميدان  الاعتصام  هزم  مشروع الهوس والوهم  الذي ظل ينفذه  من هم خلف  القضبان  الان  على مدى  ثلاثين عاما وأسموه  إعادة  صياغة  المجتمع  السوداني  ففرقوا  به  بين ابناء  الوطن  الواحد  ظانين _ وكل الظن  إثم  هنا  _ أنهم بذلك  سيشكلون ملامح  مجتمع جديد  يكفل لهم  السلطة  الى يوم  يبعثون  . ولكنهم  رددوا  نفس سؤال  عبقري   الرواية السودانية الطيب صالح من أين أتى هؤلاء  ” الثوار” . وما دروا  ولن  يدروا  ان هذا هو  المجتمع   السوداني  الراسخ  ولن  تغيره مشروعات  بيع  الوهم  لأن هذه هي طبيعة الأشياء.

إن ميدان الاعتصام   سفه أحلام  الحاقدين  على الشعب السوداني ،  ومن شابههم  من الانتهازيين  والنفعيين ،  ورسم الخطوط الفاصلة  بين  شكل  الحياة  التي يريدها  من حكموه  ثلاثين عاماً ، والحياة التى يريدها الشعب السودانى بشبابه وشيوخه ونسائة ورجاله ،  بل ان  الاعتصام  اجاب  عن سؤال  عجز عن الإجابة  عليه  الكثير من المفكرين  والمحللين  وعلماء  الاجتماع  وخبراء الأمن  وهو ( لماذا  لم  تستقر البلاد  طوال فترة  حكم الإنقاذ الذي  امتد  لثلاثين  عاما ؟) ، وكانت  الإجابة  في ميدان  الاعتصام  حاضرة  رأى العين  في شعب يريد ان  يعبر  عن  حبه لبلده  كل  على طريقته  بالفن  أو  الشعر او النثر  ،  شعب يريد ان  يعيش التسامح   والحب  المتبادل  وقيم  التكافل  يأكل  من طعام واحد  وبروح الجماعة  ،  ويستمع  معاً الى فن وتراث الشرق والغرب والوسط  والشمال والجنوب  ، يصلي المسلمون  في  جماعة ويظللهم المسيحيون  من حرارة الشمس  وهم يصلون ، شعب  ابتدع “لو عندك  خت ، ما عندك شيل ”  في  طريقة تشبه سجاياه فلم  يتسول احد ” حق المواصلات” وهو عائد لبيته ، ، شعب يقدم  الدعوة لبعضه البعض لتناول  الشاي  في مرح يرفع  الحرج ” يا أخوانا الشاي .. الشاي بجاي”  وهي ذات  طبيعة  السوداني  الذي  يفيض  عليك  بالكرم  الحاتمي  ولا تحس مجرد إحساس  انه  يمتن عليك  … كل هذا  وغيره  كثير  أستهدفه أعداء الفطرة السليمة   بالرصاص  والقتل  والسحل والإغراق  في النيل  والتبشيع  على أيدي المعتوهين  والمشوهين  نفسياً  والحاقدين  ولكنهم  من حيث لا يحتسبون   زادوا  إصرار  الشعب السوداني  على  ان يعيش كما  يشتهي ، وان يقيم الدولة  التي يريدها،  وإذا  كانوا   قد فضوا  الاعتصام  من أمام القيادة  العامة  فكيف سيفضون  معانيه  ودلالاته من وجدان كل سوداني حر شريف ؟

سيظل  الحزن  فينا  كائن  يمشى  على قدمين   حتى تتحقق العدالة  ،  ويظل  ميدان  الاعتصام  رغم الحزن ، ذكرى حية  في  ضمير  الشعب السوداني  ومحطة  مهمة  من محطات  حياته السياسية  والاجتماعية ، والسؤال هو ” كيف ظل  من أصدروا  تعليمات  فض الاعتصام  ومن نفذوه  يعيشون  حتى الان  ينتظرون  مع  المنتظرين  لجنة أديب ؟ أما  كان  حري بهم  ان يقتلهم وخز الضمير  وتأنيبه ؟ ولكن عفوا فهل للمجرمين ضمير ؟

عوض البارئ محمد طه
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..