مقالات سياسية

لعناية رشا عوض: سهام الناقدين انتاشت الصادق المهدي بحق! (٣-٣)

أما عن دفاع الأستاذة رشا عوض بأن الصادق المهدي لم يشارك الانقاذ في السلطة، فهذه تحتاج لوقفة. فمن المعروف أنه قد دفع بإبنيه عبد الرحمن وبشرى لتولي المناصب الرفيعة في حكومة الإنقاذ، بينما اختار لنفسه ولبناته الأميرات (مريم المنصورة وأخواتها) وإبنه الصديق، مواقعهم في قيادة المعارضة، وقد فهمنا الإشارت من كل هذا!

ثم أنه قد وقع مع نظام الإنقاذ ثلاث اتفاقيات، ليس لأنه كان عازفا عن مشاركتها السلطة لأسباب مبدئية ومثالية، أو لأنه اختار أن أراد بتوقيع هذه الاتفاقيات أن (يضربها ضرب غرائب الإبل!)، كما تريد أن تقنعنا الأستاذة رشا، بل لأنها كانت كلها مناورات فاشلة هدف من ورائها مقاسمة الإنقاذ السلطة! وقد علم ثعالب الإنقاذ ما يسعى له، وما يطمح فيه، فاستغلوه مرارا بالتلويح له بالمشاركة في السلطة، ونالوا منه ما يريدون من حبال النحاة، التي مدها إليهم بلا ثمن، ونجحوا بذلك في جرجرته لشق صفوف المعارضة، وتعضيد شرعيتهم، بتوقيع تلك الاتفاقيات معه، ثم (ملحوه)، كما نقول بالدارجة!

ولو أن الصادق المهدي ظل معارضا شرسا للإنقاذ لما قبل من رئيسها (الذي لا يعترف بشرعيته) أن يكرمه بالوسام، ويتصور معه مبتسما أثناء الاحتفال بالتقليد، وكأنه لا يعلم بأن قبوله بأن يتقلد ذلك الوسام من المخلوع البشير قد كان اعترافا ضمنيا بشرعيته، وتنازلا عن شرعيته المزعومة، وليس ضربا للإنقاذ ك(ضرب غرائب الإبل)!!

وخير من يحدثنا عن اتفاقيات الصادق مع الانقاذ، في رأيي، هو الدكتور سلمان محمد أحمد سلمان، في مقاله التوثيقي المستفيض عنها، والذي لا يزال منشورا في صحيفة (سودانايل) الإلكترونية، بعنوان: (قراءة في اتفاقيات السيد الصادق المهدي مع حكومة الإنقاذ).

وحسب ما ورد في المقال، التقى السيد الصادق المهدي في الأول والثاني من مايو عام ١٩٩٩ بالدكتور حسن الترابي، وبعد ستة أشهرٍ التقى الصادق المهدي بالرئيس عمر البشير في جيبوتي في ٢٥ نوفمبر عام ١٩٩٩، حيث تم توقيع اتفاق جيبوتي. ويقول دكتور سلمان إن أهم ما يمكن أن يقال عن اتفاق جيبوتي هو (نجاح الإنقاذ في توسيع وتأطير هوّة الانشقاق والانقسامات داخل التجمع، وتأكيد تبنّي السيد الصادق المهدي للحل السياسي ونبذ الثورة أو العمل المسلح للإطاحة بنظام الإنقاذ)، وأنه (أول اتفاقٍ بين طرفين شماليين يعترف بحق تقرير المصير لشعب جنوب السودان)!

وتنصّل السيد الصادق المهدي من إعلان كوكادام، ولم يتحمّس إطلاقاً لإتفاقية الميرغني – قرنق، عندما كان رئيساً للوزراء، إن لم نقل أنه قد رفضها واجهضها. وكان كل ما نادت به تلك الاتفاقية هو تجميد تطبيق قوانين سبتمبر!

وفي ٢٠ مايو عام ٢٠٠٨ اتفاقاً ثالثاً مع حكومة الإنقاذ، تمّت تسميته “التراضي الوطني.”! ويخلص الدكتور سلمان إلى أن (من الواضح أن السيد الصادق المهدي قد ساهم مساهمةً كبيرة بموجب تلك الاتفاقيات الثلاثة في تقوية أرضية نظام الإنقاذ وإضعاف المعارضة).

ثم نأتي إلى آخر خيبات ومواقف الصادق المهدي من ثورة الشباب الحالية، التي أذهلت و أدهشت العالم، بدءًا من تبرؤ الصادق من المشاركة في الخروج في مظاهراتهم، وقوله بأنه كان متوجها لأداء العزاء، ثم وصفه لثورتهم، وهي في أوجها؟ ب(بخور المرقة)، وتثبيطه لهم بأنها ليست (طلق ولادة)، ثم مغادرة شباب حزب الأمة وخلعهم لخيامهم بموقع الاعتصام قبل ساعات من المجزرة البشعة التي ارتكبت في حقهم يوم فض الاعتصام!

هذه هي يا أستاذة رشا عوض بعض مواقف الصادق المهدي التي ينتقدها معارضوه، (بحق)، وأنا منهم، فهل لا تزالين تعتقدين بأنها من السهام (التي تنتاشه بغير حق)؟!

أود في خاتمة تعقيبي هذا أن أقر واتفق مع الأستاذة رشا عوض في تقريرها بأن: (تجديد الحياة السياسية في السودان يتطلب موجة جديدة لها فكرها السياسي الجديد ورؤاها وبرامجها الاقتصادية والتنموية الجديدة وكل ذلك على يد قيادات جديدة تماما لها فلسفة وثقافة سياسية جديدة).

هذا، في رأيي، هو بالضبط المشهد الذي نرى ملامحه تفتر أمام أعيننا الآن، حيث يدهشنا شبابنا الثوار حين نراهم وقد عكفوا على تلبية شرط (تجديد الحياة السياسية في السودان)، كما تفضلت بشرحه الأستاذة رشا. فقد أصبحوا الآن رهان السباق و حداة الركب. وبعد أن فجروا ثورتهم الظافرة، والتي اعتبرها بحق أعظم ثورة في التاريخ الإنساني الحديث، زادونا ادهاشا بشدة حرصهم عليها، ومدى استعدادهم للدفاع عنها،  وسهولة فدائهم لها بأرواحهم! وقد لاحظنا تطور وعيهم السياسي، الذي أدهشني وحيرني شخصيا، وشدة حساسية قرون الاستشعار عندهم، لكل ما يهدد مسيرتهم، وحيال كل من يعرقلون بلوغ ثورتهم لأهدافها.

فقد رأيناهم وهم ينتفضون في وجه الصادق المهدي وفي وجه (الأميرة) مريم المنصورة، ومنهم بعض الثوار من شباب حزب الأمة ذات نفسه، وغيرهم من أرباب الزعامات القديمة، الدينية وغير الدينية، من السياسيين والعسكريين وقادة الميليشيات، من الطامحين والطامعين في القفز على أجسادهم لتصدر الحديث بإسم ثورتهم، ولو كان الصادق المهدي محنكا تعلم شيئا من تجربته الطويلة، لعمل لهم ألف حساب، وتخلى عن الطمع فيهم وفي ثورتهم!

هؤلاء الشباب اليوم أدركوا بفطرتهم الذكية، بأن الدكتور حمدوك وحده هو من يطمئنون لقيادته لحكومة ثورتهم، وقد تعاهدوا على حمايتها، ونراهم في جاهزية دائمة للنهوض دفاعا عنها، بتسيير وحشد مسيراتهم المليونية، التي يحركونها بأسرع مما يرتد إلينا طرفنا! والذي لا يعلم هذا عنهم، ويصر على محاولات خمهم واستغلالهم، سيلقى مصيره على أيديهم في مزابل التاريخ!
ولو كنت مكانك يا أستاذة رشا عوض لكنت قد توجهت بالنصح للصادق المهدي، من باب احترامك ومحبتك له، لأنه صاحب فضل عليك، بألا يفكر في اعتراض مسيرة هذه الثورة القاصدة، ولا يطمع فيها، أو يخطط لإفشال حكومتها، كما أفشل من قبل حكومة ثورة أكتوبر الانتقالية، ليرثها، بدلا من دفاعك عنه، غير المستحق، وبغير الحق، كما حاولت في مقالك هذا!

بدر موسى
[email protected]

‫6 تعليقات

  1. قالو نميري قال لي محمود محمد طه انت مش عامل نفسك نبي
    ربنا نجا موسي من الغرق
    وابراهيم من النار
    اها انا عاوز اجرب فيم المشنقة
    وكرك راح فيها الزول ههههه

  2. بالله لامن يجيك واحد بي فقر وعنقرة ويقول ليك ولدو وبتو وهم ديل زاتم اعمارم فوق الخمسين سنة بالله ده زول يستحق الاحترام والرد عليهو
    ياخوانا اكبرو شوية وجودو انتقاداتكم عشان تنالو احترام الناس
    بعدين ودالمهدي طارح نفسو للعمل العام وده مقياسو الانتخاب والتفويض الشعبي البلبطة والصياح والهستريا دي احتفظوا بيها لحدت نشوف خيار الشعب السوداني عبر الانتخابات الحرة
    انتو قالو ليكم الشعب ده اهبل ولا عبيط
    دي مداميك ختاها الانصار من سنة ١٨٨٥ وماشين بنشيد فيها مدماك ورا مدماك شي حرب وشي جهاد وشي اجتهاد وشي سياسة وشي مدنية والن نبخل ولن نمتن يوما علي هذا الشعب
    اها ياللخو انتو عماركم شنو
    كتيبات فيها هراء مع فلسفة مع دين قاطعنو من راسكم ابعد ماتكون عن الوجدان السوداني والفطرة السودانيك السوية مهما اجتهدتوا فيها
    وجات ثالثة الاثافي والهبل بتاع صلاة الاصالة وسقوط التقليد والخزعبلات التي اوردتكم مورد الهلاك
    توبوا الي الله وتصالحوا مع الشعب السوداني اولا واتركوا الكذب والتدليس وفوبيا المهدية والامام الصادق المهدي

  3. الجمهوري الطاهوي الكاذب
    الامام لم يصف الثورة ببوخة المرقة ودونك الفديو المبزول علي الاسافير تحدث عن موقف حزب الامة من الحراك وذكر بان موقفنا ليس بعلوق شدة ولابوخة مرفة نحن معارضون لهذا النظام علي طول الخط
    اما كذبة وجع الولادة فهي من مسج خيال الذباب الاسفيري واتحداك ان تثبت غير ذلك ولكنكم في معارككم اللااخلاقية تكذبون وتدلسون والحمد لله الذي كشف هذا لتتعاملوا منا من بعد بماتستحقون
    وماالعيب في تصريح الامام بانه ذهب راجلا من المسجد لبيت العذاء وتبعه المصليين يهتفون بسقوط النظام
    هل يحتاج الصادق المهدي لمثل هذا الموقف الدرامي ليثبت وقوفه معارضا للانقاذ
    يالغبئكم وياليذاجتكم ايها الموهومون فالاستقامة الاخلاقية للامام فوق طاقة استيعابكم للامر

  4. مرت بالامس ذكري مرور (١٣٥) عام علي وفاة محمد احمد المهدي، ولم نسمع باي تصريح من (ابو الكلام) بهذه المناسبة!!، ولا صحيفة محلية اشارت للمناسبة لا من بعيد او قريب!!، ولا ظهرت صحون الفتة والبلح والشربوت في ذكري المناسبة!!

  5. دنيا عجيبة خلاس ظهر ليكم حس ي اتباع الرسالة الثانيه … اسى انتو مابتخجلو تنسخوا القران المدنى دا كلوا بالسهولة دى وعاملين فيها مجددين… وطيب الاحاديث النبوية دى عملتو معاها شنو مدام عايزين تلقوا القران المدنى دا كلو……ياخ الواحد مايتفلسف فى الاحياء الدقيقة ولا الكيمياء ولااى حاجة كدا السودان دا يستفيد منها فالحين فى الدين والقران

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..