افريقيا…..جرد حساب وحصاد الفشل

تطوي الدولة في القارة الافريقية العام تلو الاخر كما فعلت قبله اكثر من ستين عام منذ تأسيس الدولة الافريقية الحديثة أي الدولة ذات الورثة الاوربية بعد استقلال تلك البلدان في الاثني عشر شهرا” الماضية فتحت نفس الاوراق القديمة و اقفلت ليس بافضل حال مما فتحت ، فما زالت القارة تمتلك و بلا منازع حق الحروب و الجوع و المرض و الفساد السياسي و الاقتصادي كحق حصري يتبارى فيه القادة الافارقة كل على حسب مزاجه الشخصي ، لذا النظرة الى نهاية الاعوام لا تبتعد اكثر من رقم طويت صفحتة مع فتح صفحة جديدة بذات الامال و الاحلام التي وضعها الاباء الاوائل لا تبارح مكانها بل تحفر عميقا في المخيلة الافريقية لربما قريبا تذهب الى ذاكرة النسيان البعيدة .
فلا زالت الشعوب الافريقية في حالة نزوح و هجرة ومعاناة لا حصر لها و كل المنظمات الدولية و بمختلف تخصصاتها عجزت عن سد فجوة المعرفة بالوضع الحقيقي الذي تعاني منه القادة و ذلك اما لعدم رغبة الحكومات الافريقية التعاون مع تلك المنظمات و التعلل بنسبها الاجنبي و الاستخباراتي ، او ارتباط ذات المنظمات بدولة المنشأ و طموحات تلك الدول بالمنطقة فيما يتعلق بتبادل المصلحة لذا ان الانسان الافريقي الخاسر الوحيد في تلك اللعبة التي لا تتوانى سحق الضعيف خاصة في ظل قوانين دولية و بيروقراطية عالمية تحاول بقدر الامكان التعامل بسياسة الامر الواقع و البحث عن المساومات باسرضاء ذاتها او لاسكات بعض جمعيات المجتمع المدني في بلدانهم فغالبا ما تطالب تلك الجمعيات حكوماتها بالمطالبة بالمبدأ الاخلاقي و الانساني لسياساتها الخارجية و جعلت محور الانسانية هي الجانب الاساسي للتعامل بغض النظر عن الجيوسياسية التي ارتبطت سابقا بالمصالح فقط.
فالملاحظ ان عدد سكان القارة الافريقية الذين هم في حالة هجرة دائمة تفاديا للحروب والمجاعات و الباحثين عن وضعية افضل لحياتهم اصبحت السمة البارزة لشباب القارة بالتحديد و حالة الزهد التام باوطانهم و الاقتناع التام باستمرار سوء الوضع ببلدانهم ، و هذا ايضا يمثل عائقا” من عوائق التنمية المستقبلية للقارة السمراء .
و ثلاثية القتل بالانسان الافريقي ما زالت المسيطرة على القوى في المنطقة : زيادة نسبة الجوع ، الجهل يفتك باكبر نسبة من الاجيال القادمة ، الامراض التي لم يكن اضرها مرض الايدز ، و الكبد الوبائي سوء التغذية و وفيات الاطفال و الامهات ، وكثير من الامراض التي لها علاقة مباشرة بالاكل و الشرب فمن الطبيعي ان تكون هذه عناوين انسان القارة الإفريقية إذا كانت أنظمتها الحاكمة التي مازالت تضع الصحة و التعليم آخر اهتماماتها و آخر بنودها في ميزانيات الدول في بداية كل عام؟
انسان بكل تلك التعقيدات الاجتماعية ، السياسة ، الاقتصادية و الثقافية …الخ يحتاج إلى عقلية إدارية تنتشلة من براثن تلك المعضلات ، لكن شعار الحروب و الصراعات و الانقلابات العسكرية كانت شعار للأنظمة الحاكمة منذ أكثر من من خمسين عاما مما أثر على انسان القارة في كلمة وطن و علي حكامها فى معنى دولة ، أصبحت الشلليات و الجماعات هي المسيطر الاساسي في حكم الدولة الأفريقية و انصار الحزبية و الجهوية و المصالح الشخصية في حكم الدولة مما اصاب الدولة اما بالضمور بسبب الاقلية الحاكمة او الترهل كنتيجة مباشرة للترضيات و التحالفات السياسية غير المجدية.
في ظل تلك التعقيدات و اكثر احتفل الاتحاد الأفريقي في مايو من العام الماضي (2013 )احتفالا بالعيد الخمسين لتأسيس منظمة الوحدة الأفريقية التي لاحقاً أصبحت الاتحاد الأفريقي في العام 1963 كان عبارة عن تحقيق حلم لاباء استقلال القارة الافريقية فمثلاً نكروما في غانا الذي قال في استقلال بلاده(… من الآن فصاعداً أصبحت أفريقيا جديدة في العالم و مستعدة الآن لخوض حرب تحريرها حيث سنثبت أخيراً ان الرجل الأسود يستطيع ان يدير شؤونه بنفسه و سنثبت للعالم و للامم الأخرى كافة خصوصاً الشباب اننا مستعدون لنقود مصائرنا بأنفسنا ). و ليوبلد سينغور في السنغال الذي ناد بالاشتراكية الأفريقية (…اشتراكيتنا ليست اشتراكية اوربا و ليست شيوعية العلمانية و ليست ااشتراكية الديموقراطية للحرب العالمية الثانية نحن اطلقنا عليها ببساطة الأسلوب الإفريقي للاشتراكية). اما باترس لوممبا تعمقت نظرتة القارة (…حيث مازال جراح الماضي ماثلة امامنا لقد اجبرونا على العمل كعبيد باجرة بسيطة لا تكفينا حتى لمقاومة الجوع او الملبس او المسكن او تربية أبنائنا كشأن بقية الكائنات). سكرتوري غينيا كوناتري كان أكثر واقعية تحديداً فيما يتعلق بعلاقات القارة الافريقية بمستعمريها موضحاً ذلك في (…انه من غير المجدي محاولة وضع أفريقيا تحت الوصاية و تقديم الصدقات لها باخماد الوعي عند البعض او اضعاف اليقظة عند الاخر و محاولة اطالة امد علاقات و أساليب عدم المساواة بين الشعوب ).
اما نيلسون مانديلا الذي اختتم به العام 2013 كأحد احن و مآسي القارة (… لقد ناضلت ضد هيمنة البيض وضد هيمنة السود على سواء و كثيرا ما تمنيت ديموقراطية حقيقة و مجتمع حر حيث يعيش فيه الجميع في وئام و فرص متساوية … ). ومن المقتطفات اعلاه وكانها حلم بعيد المنال اجتمع 3ادة الدول الافريقية وحكامها للاحتفال بخمسينية اتحادهم الافريقي والذى باي شكل من الاشكال لايمثل اي شيئ لانسان القارة غير انه نادى للاجتماعات ومذيد من وضع القوانين الدكتاتورية والترابط الدكتاتوري واخذ الصور التذكارية والسهرات الجميلة بعاصمة الاتحاد الافريقي (اديس ابابا) ومع ذات احلام نكروما ،لوممبا وسكترتوري ، مانديلا…الخ الذين نظروا لتكوين جسم يضم الدول الافريقية ويحقق السلام والنهضة للشعوب الافريقية ويضمن وحدة القارة ومستقبل اجيالها كما ذكر ذلك رئيس الوزراء الاثيوبي كافتتاحية للاحتفال بالعيد الذهبي (…ان المسؤلية الرئيسية للجيل الحالي من الافارقة هي الخروج من الفقر والصراع واعتقد ان الروح الجديدة للوحدة الافريقية الشاملة التى ينبقي ان تلهم الاجيال الحالية والمستقبلية لتحقيق احلام الؤسسين في قارة سليمة مذدهرة ومتحدة… )فخمسينية الاتحاد الافريقي التي ربما كان ان يمكن لها ان تكون روح العام 2013 الا انه كان رماد ليس الا يذر للشعوب الافريقية في عيونها وما يشغل المراقبين الان سؤال واحد فقط الذي كان لابد له ان يطرح ويبحث له عن اجابة شافية وقاطعة ربما تشمل الاجابة حلول لكل مشكلات القارة الافريقية ، والسؤال هو كيف تحكم الدولة الافريقية ؟؟ ومن ثم يبدا البحث عن من يحكم وبماذا يحكم…الخ.
فمشكلات القارة معظمها في ساستها وسياستهم وحكمها بمختلف النظريات السياسية والاجتماعية مابين الشمال واليمين ، والسمة الاساسية تبادل الادوار بين عسكر وعسكر ولعبة الحروب والصراعات التى ان لها ان تتوقف ويكفي دماء سفكت في الاشيئ لتحقيق طموحات شخصية للبعض.
شهد الاعوام الفائته عودة جديدة لما رد الاستعمار القديم فمثلا في مالي وبعد ان اطاح العسكر بالحكومة ظهور روح الصراع التى لم تتوقف اصلا في اطراف الدولة حينها تدخلت فرنسا كلدول الاخرى كاميركا والصين تدخلت فر نسا بقوة اطلقت عليها (سرفال)لحسم المشكلات الانفصالية في الشمال المالي وطرد الجماعات الجهادية منه فكان التساؤل هنا منى تستطيع القارة الافريقية الاعتماد على نفسها في حل مشكلاتها.. مع الوضع في البال كل قمة للاتحاد الافريقي يخرج المجتمعون بانهم اتفقوا علي الاعتماد علي انفسهم فيما يتعلق بالامن الافريقي ؟؟
لم يجف حبر التساؤل القديم حتى تدخلت فرنسا من جديد وقبل نهايه العام لحل المشكلات والصراعات الجديدة التى اندلعت في افريقيا الوسطي بقوة اطلق عليها اسم (سنغاري) بقرار من مجلس الامن 2127لفترة تمتد لاثني عشر شهر وذات الاسباب التى ادت لتدخلها في مالي كانت في افريقيا الوسطى وهو تهديد الامن الداخلى وامن المنطقة والامن الدولي مماجعل فرنسا ذات سطوة كاملة وتواجد رسمي وعسكري في القرار الافريقي تحديدا تلك الدول ذات الاستعمار الفرنسي .
اما بالنسبة لاميركا فهي الوريث الاول لبريطانيا في القارة الافريقية و بمجريات الاحداث هي المستفيد الاول من هدوء الاوضاع في المنطقة فتاريخا يلاحظ ضعف الوجود الامريكي في المنطقة الافريقية لكن الفترة الاخيرة فتحت الباب علي مصراعية لشركاتها بالتدخل والاستثمار في افريقيا لذا كان تدخلها كواجب لحماية مصالح تلك الشركات واثبات وجودها في افريقيا والباحث عن موطأ قدم فى المنطقة بعد نكستها في (العراق وافغانستان)سابقا وتكبدها خسائر فادحه .فهي الان تمسك بخطيوط اللعبة السياسية في القارة والملاحظ ان دورها انحصر فقط من خلال الدبلوماسية والسياسة الناعمه واوراق الضغط ومنطق (الجذرة والعصا)، كما تابع العالم تدخلها على استحياء في الاحداث الليبية فقط بطائرات بدون طيار وربما هذا النهج الجديد الذي تتبعه في اميركا في حروبها الخارجية نسبة لضغوطات الرأي العام الاميركي في التدخلات المباشرة.
اما الصين العملاق الاقتصادي الذي دايما مايبحث عن استثمارات واسواق جديدة فكانت القارة الافريقية هي التى تحقق ذلك الطموح الكبير مستقبلا، كما معروف ان السياسية الصينية تنأ بنفسها عن التدخلات في السياسية الداخلية في المنطقة حتى لوارتبطت مصلحتها مع الدولة المعنية ولكن ربما المستقبل ياتي بالجديد تحديدا فيما يتعلق بالتدخلات العسكرية المباشرة المباشرة تحديدا بعد قيام (الافريكوم).
مجمل ذلك يؤكد بان صراع المصالح مازال في اوجه على الرغم من اختلافات الشكلية والنوعية ، ففرنسا مثلا لاتتواني في التدخلات العسكرية لاي تهديد يمس مصالحها بالقارة ، اما اميركا فانها شديدة الحذر من التدخلات العسكرية وتنظر بعين الماضي القريب في تدخلاتها الخاسرة في العراق وافغانستان ، لذا هي حريصة كل الحرص على عدم قيام منطقة التهاب وحروب وصراعت جديدة تحديدا في افريقيا التي يصعب التنبوء بنتائجها،الصين لانها تملك القوى الاهم وهي الاقتصاد فتدخلاتها بشجاعة في المنطقة الافريقية كمستثمر وراعي لبعض مشاريع النهضة والتنمية بافريقيا اعطاها الافضلية في تحقيق طموحاتها التى تسعى اليها وفتحت لنفسها استثمارات ضخمة واسواق مهمة في القارة الافريقية، ومن مجريات الاحداث وارتباطها التام بالتدخلات الخارجية نجد ان القارة الافريقية مازالت في احضان القوى الخارجية حتى لو اختلفت السياسات ودرجات المصالح فيمابين القوى المتصارعة، ولذلك نجد ان تلك السياسات تتعامل بسياسة الامر الواقع مع انظمة بائدة وفاسدة لانها في حوجة ماسة للدعومات الاقتصادية والسياسية .
لم يرض التاريخ الا بمواصلة كتابة صفحاته بوضع بصمته على القارة الافريقية وكأنها تنقصها الكوارث، اولا صراع افريقيا الوسطي والحالة التى يصعب التكهن بها فمستقبل مظلم في انتظارها ، وكذا حادثة جنوب السودان الدولة الوليدة هي الان تطالب بنصيبها من ارث افريقيا الا وهو الصراعات الداخلية والحرب الاهلية كحق مشروع، فكان القتل والتهجير والنزوح اخر صفحات افريقيا وايامها الدامية……….
ودمتم…………

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..