مقالات سياسية

إنفلات 1-2

عثمان شبونة

* حالة الغم والإنفلات التي نعيشها في يومياتنا تنذر بلحظات مدلهمة لا ندري إلى أين تقودنا.. وبحسب استشعارات العقل ــ المحدود ــ الذي يبني المعادلات بالمتاح على الأرض يمكن التكهن بأنها لا تقودنا إلى خير..! أما بحسابات الأمل والتفاؤل فإن رحمة الله أقرب؛ وتبديله للحال ــ متى شاء ــ هو اليقين الصلد الذي لا تزحزحه عوارض الحياة.. وما بين تشاؤم وتفاؤل نؤمن بأن للتغيير شروط وأسباب تكاد لا تتوافر في ميقات الوهن المُعاش على المستوى الرسمي؛ ولا نغفل الإنهاك الشعبي المتولِّد من خضم العسر بتعدد أبوابه المشرعة..!

* إشارة البداية تعني في ما أرى عدة (إنفلاتات) أبرزها إنفلات سعر الدولار ووصوله لرقم أسطوري في مقابل الجنيه؛ فبحساب الأمس (الدولار وصل لـ 260 جنيهاً سودانياً).. وحين تصل الصحيفة ليد القاريء نهار اليوم ربما يقترب من الـ 300 جنيه.. ومعضلة التحليق الخرافي للدولار في (الفضاء الأسود) لن تحلها فقط مطاردة الرؤوس الصغيرة أو من نسميهم (الجوكية) المنتشرين على الشوارع متاجرين بالدولار لغيرهم أو لأنفسهم؛ (وإن كانوا جزءاً من الأزمة) فهؤلاء يتوارون ويظهرون كلما انتفت الموانع.. ولكن الرؤوس الكبيرة أو مصادر التخريب الرئيسية للإقتصاد ممثلة في كبار تجار العملة هي التي يجب أن تسقط اليوم قبل الغد في أيدي العدالة (إذا كان لها قوة)! هذه المصادر لم تكن سرية ونشاطها ليس جديداً؛ فقد إزدهر منذ عهد حكومة اللص الأكبر عمر البشير والتي كانت في مجملها عصابة فساد داعمة للمخربين واللصوص الذين تربطهم بها صلات بسبيل أو بآخر..!

* الحكومة الإنتقالية في السودان؛ والتي نشهد في عهدها إنفلات الدولار بأسعار غير مسبوقة لو أرادت أن تضع حداً للمتلاعبين فالأمر ممكن بيدها؛ أو بيد خبراء تستعين بهم؛ إلّا إذا كانت بعض عناصرها والغة في هذه (الحفرة القذرة)! فلا جريمة مستبعدة مع وجود دُور وثكنات مايزال (الكيزان) يمثلون فيها السلطة والسطوة..!

* إن الكتل النقدية الضخمة للعملة السودانية والتي أعتبرها عبارة عن (ورق ملون) تسهل طباعته وتخزينه ــ منذ العهد البائد ــ هذه الكتل أصبحت المتحكم برفع سعر العملات الأجنبية كافة (حتى الجنيه المصري!).. كل جهد الحرامية ــ المخربين الكبار هو أن يحولوا (تضخمها) إلى ما خفّ وزنه وزاد ثمنه..! فإذا صعب العلاج بتغيير العملة لن يكون أصعب مما يحدث الآن؛ وإذا كان العلاج في الحسم والضرب بيد من حديد على مخربي الإقتصاد (أعداء الشعب ــ تجار العملة) فلن يكون ذلك أقسى مما يعانيه الشعب الذي إحتار في كيفية عيشه مع حالة إنفلات الأسعار اليومية..!
أعوذ بالله
ـــــ
المواكب– الخميس

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..