مقالات سياسية

الدعم وعدم العدالة في حكومة الثورة

ادم بركة دفع الله

الدولة السودانية منذ استقلالها وحتى قيام ثورة ديسمبر المجيدة اتسمت بالحروب والمعاناة والظلم, والثلاثيين السنة الاخيرة من حكم الاسلاميين كانت الاسواء في حياة السودانيين والاسباب يمكننا نوجزها في غياب العدالة والاختلال التنموي والتهميش بكل اشكاله الثقافي والاجتماعي والاقتصادي واستغلال جهاز الدولة من فئات وجماعات لصالح مصالح ذاتية وجهوية وكانت قمة تجلياته في عهد الانقاذ.

وبعد سقوط حكومة الاذلال بالثورة التاريخية بشعارها حرية سلام وعدالة كان يجب ان تنتهي معها اسباب الحروب والمعاناة ونبني سودان جديد وبأسس جديدة تتسم بالعدالة والاستقرار.

في عهد الحكومة الثورة ومازالت العقليات المركزية التاريخية التي استفادت من استغلال جهاز الدولة مسيطرة تريد ان تنتج اعادة الازمة وتعيدنا الى المربع الاول ما قبل الثورة بدعاوي ايدلوجية بالية وبواجهات حزبية خربة وظهرت ذلك في قضية  رفع الدعم الحكومي و في نقاط  التالية اريد اوضح كيف تم استغلال اجهزة الدولة ومحاولة  تثبيت امتيازاتهم التاريخية الظالمة للناس ومسببة للحروب في اطراف السودان.

السؤال المفتاحي هو ما الهدف من الدعم الذي يدفعه الحكومة للسلع والخدمات الاساسية وهل الدعم توزع بعدالة لكل فئات المجتمع السوداني؟ للاجابة  للاسئلة  لنصل للافتراض الاتي عدم جدوى الدعم غير المباشر او الطريقة المعمولة بها الان  غير عدالة
وحسب راي وزارة المالية الهدف من الدعم هو:

–        حماية محدودي الدخل وتوسيع فرصهم في الحصول على السلع والخدمات الاساسية
–       تقليص التفاوت في مستويات الدخول بين الناس
–       الحد من تقلبات الاسعار في السلع الاساسية
وفي تحقيق للهدف اعلاه الحكومة تقدم ثلاثة انواع من الدعم على النحو الاتي
–       دعم السلع الاستيراتيجية (الكهرباء , القمح , المحروقات ) وهذا يشكل النصيب الاكبر من اجمالي مبالغ الدعم بنسبة 86% من اجمالي الدعم الحكومي للعام 2019
–       دعم العلاج والادوية
–       الدعم النقدي المباشر للفقراء
نبدء بالسلع الاستراتيجية (الكهرباء , القمح , المحروقات )

السلع الاستيراتيجية
1-      الكهرباء : ونصيبه من الدعم 10%
ينال القطاع السكني 70% من دعم الكهرباء واكثر من نصف سكان السودان (52%) لا يتمتعون بخدمات الكهرباء وبالتالي هناك فئة قلة هي المستفيدة من دعم الكهرباء ورغم النصف الذي لا يتمتع  بخدمات الكهرباء واغلبهم في المناطق الانتاج او هم الدينامو المحرك للاقتصاد في البلد
2-       المحروقات: ونصيبها من الدعم 60%

ويعتبر السودان من الدول الاقل سعرا في العالم للمحروقات وات تتفوق عليه الا دولتي ايران وفنزويلا.
حيث تستأثر ثلاث ولايات فقط بالدعم الجازولين والبنزين  هي الخرطوم , الجزيرة والبحر الاحمر  بحوالي 70% من الدعم حسب توزيع المواد البترولية

وهذا الدعم يشمل البنزين الجازولين غاز الطبخ وقود الطائرات الفحم البترولي والديزل الثقيل الانواع اكثر استخداما من ضمن تلك المحروقات هي الجازولين. والبنزين يشكل قطاع النقل 75% من جملة الاستهلاك  ويليه قطاع الكهرباء 12% ثم الصناعة 6% الزراعة 4%  والخدمات 3%

ام البنزين نصيب استخدام قطاع النقل فيه 98% بينما 2% يذهب للخدمات  من هذه الارقام حيث المستفيدين من دعم المحروقات هم الشرائح الاعلى دخلا حيث يذهب 51% من دعم المحروقات الى الشرائح الاعلى دخلا من السكان بمقارنة بحوالي 3%  فقط للشرائح الضعيفة او الاكثر فقرا وتبلغ استفادة شريحة ال20% الاعلى دخلا ستة عشر ضعفا مقارنة باستفادة السكان ال20% من الشريحة الانى دخلا
3-      القمح او الدقيق : نصيبه من الدعم 16%
حيث تستورد الدولة الدقيق بتكلفة مقدرة للجوال 2200 جنيه ويباع للمخبز ب550 لكي يتحصل المواطن على سعر الرغيفة بجنيه وعندما نعود الى توزيع الدقيق نجد هناك اربع ولايات فقط مستأثرة بالدقيق المدعوم وهي على التوالي الخرطوم , الجزيرة , نهر النيل وجنوب دارفور
4-      الادوية والعلاج : نصيبها من الدعم 10%
حيث توفر الدولة ادوية الحوادث والطوارئ وعلاج الاطفال دون الخامسة وادوية ومستهلكات زراعة وغسيل الكلى وادوية خفض وفيات الامهات ورعاية الحوامل ومستلزمات قسطرة لقلب والمحاليل ومستهلكات الختبرات الطبية مجانا وهذا الدعم يشمل جميع المواطنيين

ولكن انها تذهب اغلبها للمناطق الحضرية التي توجد فيها المستشفيات الكبيرة وبسبب الاختلال التنموي تذهب للولايات التي كانت تسيطر على حكم السودان تاريخيا وبالاضافة تفتقد الكثير من المناطق الريفية خدمات الرعاية الصحية الاولية وصحة الامومة وايضا لا توجد معايير واضحة في مجال الصحة في توزيع الادوية والمستلزمات الطبية التي تقدمها الدولة مجانا لذلك نجد في توزيع هذا الدعم غيرالعدالة وغيرشفافة.

لذلك  الذين يرفضون رفع الدعم  بصورته الجارية  يتدثرون بحجج خوفهم على الفقراء ماهي الا خدعة  لكي يحافظوا الامتيازات والمكاسب التاريخية واستمرار استغلال  الاطراف في مواردها ليتمتع بها القلة ان الاوان نوقف العبث باسم الفقراء  لابد من معالجات الاختلالات الاقتصاد وايجاد طرق اخرى اكثر عدالة في توزيع الدعومات الحكومية
نواصل

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..