هل السودان دولة مؤسسات.. أم قطاع خاص ملك البرهان؟!!

بكري الصائغ
هل السودان دولة مؤسسات.. أم قطاع خاص ملك البرهان؟!!
غدا السبت ٢٥/ نوفمبر الجاري تجئ ذكرى مرور (٢٥) شهر علي انقلاب البرهان في أكتوبر ٢٠٢١، ولست هنا بصدد الحديث عن الانقلاب وظروفه وملابساته وما حالت إليها البلاد من أوضاع مزرية تفوق الوصف، واسوأ ما في السودان اليوم بعد الانقلاب عدم وجود مؤسسات بالدولة تقوم بالإشراف علي الشؤون الداخلية والخارجية، بل حتي مجلس السيادة الذي يعتبر أكبر وأهم مؤسسة ولا يضاهيها في الأهمية اي مؤسسة اخري، اصبح ما بين غمضة عين وانتباهتها (قطاع خاص) مملوك للفريق أول/ البرهان، الذي هيمن علي كل شيء فيه، واصبح من حقه بعيدا عن القوانين واللوائح المنظمة للمجلس القيام بتعيينات وإقالات فيه غير مراعي الي أن تعيينات في المجلس جاءت ضمن اتفاقية جوبا التي الزمت جنرالات السودان علي تطبيقها، لهذا لم يكن بالغريب، أن رفض الطاهر أبوبكر حجر، عضو مجلس السيادة، عدم اعترافه بقرار اعفائه من مجلس السيادة الصادر من البرهان داعياً أعضاء المجلس التسعة الذين جرى إعفاؤهم بعد انقلاب ٢٥ أكتوبر لاجتماع عاجل لمجلس السيادة، من أجل ما أسماه (بتحمل المسؤولية الوطنية لوقف الحرب)، وهو تصعيد خطير اثبت أن البرهان غير واعي بتصرفاته.
قمة الفوضى ضربت كل المؤسسات الحكومية بعد أن سلم ادارتها لنائبه مالك عقار، وكباشي وياسر وخضر، وقام باعفاء وزراء وتعيين غيرهم دون الرجوع الي اي جهة لاستشارته او الأخذ برأيها!!… وقبلها قام البرهان بحل المجلس وحكومة حمدوك، والغي قراره السابق بتشكيل ” لجنة إزالة التمكين ومحاربة الفساد واسترداد الاموال”،- وكوش”- علي كل العقارات والاراضي والشركات والاموال التي سبق أن نجحت “لجنة إزالة التمكين” في جمعها من قياديين في حزب المؤتمر المنحل، وحتى اليوم لا احد يعرف أين اختفت مليارات الجنيهات السودانية وملايين الدولارات والعقارات والمؤسسات المصادرة؟!!، احد القراء في موقع تواصل سأل في خباثة شديدة:-( إشمعني يعني كباشي اشتري شقة في القاهرة اليوم وليس من قبل بمبلغ ٣٠٠ ألف دولار، واشتراها بعد ما بقي مسؤول عن ادارة وزارات كثيرة؟!!.).
صحيفة “الراكوبة” كانت قد نشرت في يوم ٢٩/ سبتمبر الماضي خبر تحت عنوان:(البرهان يضع وزارات الحكومة تحت إشراف قادة الجيش)، جاء فيه:-( كشف خطاب مسرب لرئيس مجلس السيادة، قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، عن أنه طلب وضع الوزارات والهيئات الحكومية تحت إشراف قادة الجيش الأعضاء في مجلس السيادة، هم: نائبه في الجيش الفريق شمس الدين كباشي، ومساعداه الفريق ياسر العطا والفريق إبراهيم جابر، ونائبه في مجلس السيادة، مالك عقار. ويشرف نائب قائد الجيش، شمس الدين كباشي، على وزارة شؤون مجلس الوزراء، ووزارات الخارجية والداخلية والحكم الاتحادي والمعادن والعدل والري والموارد المائية.).
اليوم، السبت ٢٥/ نوفمبر الجاري، يحتفل البرهان ومعه كباشي (بدون ياسر وخضر!!) بذكري مرور (٢٥) شهر علي انقلاب أكتوبر ٢٠٢١، يحتفل البرهان به بعيدا عن القصر الفخم الابهة ورئاسة الجمهورية رمز السلطة ، احتفاله سيكون متواضعا للغاية بلا تهاني ولا دعوات باستمرار الحكم.. يحتفل وسط مزيد من الدمار الذي حاق بالبلاد.
ماذا كتبت الصحف عن حال البرهان اليوم؟!!، نشرت صحيفة “الراكوبة ” خبر تحت عنوان:-(تخبط البرهان يقوده إلى إلقاء مسؤولية الفشل على عاتق الوزراء والولاة.). وجاء فيه:-(لم يستطع قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان الحفاظ على قدر من تماسك إدارته للسلطة حاليا، ويقوده ارتباكه وتخبطه إلى تصفية خصومه في مجلس الوزراء وولاة الولايات ومجلس السيادة كي يتنصل من الفشل الذي بات يصاحبه، عسكريا وسياسيا، وفي الداخل والخارج. يأتي هذا فيما يلوّح أعضاء من مجلس السيادة، ممن أقالهم البرهان، بالاجتماع لاتخاذ قرار عزله من منصبه كرئيس للمجلس واعتبار كل قراراته لاغية. ويسعى الجنرال البرهان للقيام بتغييرات في عدة مناصب ليوحي بأنه مازال يدير دفة السلطة المتهاوية بعد اتساع رقعة الانتصارات العسكرية التي حققتها قوات الدعم السريع في ولايات عديدة ونجاحها في تحقيق مكاسب سياسية من خلال تمسكها بالتفاوض بينما يتنصل وفد الجيش من الالتزام بقواعد التفاوض الرئيسية. وينظر متابعون إلى تصرفات قائد الجيش مع معاونيه على أنها نوع من التخبط في الإدارة، والذي يمكن أن ينهي مسيرته قريبا بعد أن تعالت أصوات تنادي بعزله من منصبه، باعتباره عقبة أمام وقف الحرب بعد استسلامه لرؤية فلول النظام السابق ورضوخ لأجندة الحركة الإسلامية، والتي لم تعد خافية على الكثير من المواطنين. وقال الأمين العام للحزب الوطني الاتحادي الموحد عضو المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير محمد الهادي محمود إن “قرارات البرهان تثبت أنه حريص على أن يبقى في السلطة مهما كان الثمن، ويشعر بأن المنصب يمنحه الحماية المطلوبة، وانعكس ذلك على محاولاته السابقة التي لم يلتزم فيها بشأن ترك السلطة قبل الحرب، ويقيل كل من يختلف معه، وبدأ بإقالة المدنيين من مجلس السيادة ثم أطراف عملية السلام وصولا إلى بعض الوزراء وولاة الولايات”. ولفت الهادي إلى أن كل من يقوم بتعيينهم “من أرباب النظام البائد لتثبيت أوضاعهم، وهو مستعد للقيام بأي خطوة تخدم استمراره في الحكم، بما في ذلك عقد اتفاق مع الدعم السريع أو العودة إلى الاتفاق الإطاري، مهما كلفه الأمر”.).- إنتهي-
من طالع الخبر اعلاه يفهم، أن البرهان تعمد بعد انقلاب اكتوبر وضع كل المؤسسات الحكومية في يده، وشكل مجلس سيادة لم يتعدي عدد أعضائه عن خمسة، وقام بحل حكومة سابقة شكلها ثم عاد وحلها بشكل اخري جديدة هو المهيمن عليها، البرهان رفض بشدة منذ لحظة انقلابها الي اليوم تعيين قاض للمحكمة الدستورية لان القضاة في المحكمة الدستوريين دائما مدنيين، لذلك خشي من نفوذ وسلطة القاضي المدني، واليوم ولاول مرة في تاريخ السودان البلاد بلا قاضي محكمة دستورية!!
لا يختلف اثنان، أن السودان بشكلة السودان لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتباره دولة!!، جاء في موقع “ويكيبيديا” عن مفهوم الدولة:- *-(الدولة هي مجموعة من الأفراد يُمارسون نشاطهم على إقليم جغرافي محدد ويخضعون لنظام سياسي معين مُتفق عليه فيما بينهم يتولى شؤون الدولة، وتشرف الدولة على أنشطة سياسية واقتصادية واجتماعية والتي تهدف إلى تقدمها وازدهارها وتحسين مستوى حياة الأفراد فيها، وينقسم العالم إلى مجموعة كبيرة من الدول، وإن اختلفت أشكالها وأنظمتها السياسية.أهم مكونات الدولة هي: المواطنون – الإقليم – الحكومة – السيادة – الاستمرارية السياسية. ويلاحظ أن الدراسات الحديثة تضيف إليها عنصري الثقافة والحضارة.).
اما مفهوم الدولة عند البرهان، فهو سودان جديد تحت حكمه بلا مؤسسات دستورية وبلا أحزاب او تجمعات سياسية ، الجيش فيها هو صاحب الكلمة الأولي والمطالعة وواجبة التنفيذ علي الشعب بكل اشكاله وتنوعاته، “أنا ربكم الأعلى سأعين رئيس الوزراء واحكم الطير والشجر”، والعاصمة الجديدة للدولة بورتسودان، سودان جديد فيه مؤسسات الاستخبارات العسكرية والأمن والشرطة وبقايا فلول النظام القديم والاسلامية والمنظمات الاسلامية المسلحة مرفوع عنها القلم -(حسب الدين مرفوع عنك القلم يعني أن الله لا يحاسبك على ذلك الفعل.).
انا البرهان “كيم جونغ أون” السوداني!!
وصلتني رسالة من قارئ علق علي المقال وكتب:
(…- ياحبوب، لو افترضنا كما جاء في المقال أن البرهان رئيس ديكتاتوري سلطوي مازال يحكم منذ عام 2019 بالحديد والنار والقهر والاستبداد، يبقي السؤال مطروح بشدة “من أوصل البرهان للسلطة وسكت عن تصرفاته وجرائمه طوال مدة حكمه؟!!.. اليس هو الشعب نفسه الذي اعطي البرهان الضوء الاخضر ليحكم بدل عن ابن عوف؟!!.. الم تسكت الاحزاب والمكون المدني علي بقاء البرهان ولم تحاربه الا بالكلام والتصريحات والمظاهرات الغير مرتبة ولا منظمة؟!!، قديما سألوا فرعون مين فرعنك؟، قال “ما لقيت حد يلمنى”·).
وصلتني ثلاثة رسائل من قراء علقوا فيها علي المقال، وكتبوا:
١-
الرسالة الأولى:
(…- المقال لفت نظري بشدة لحكاية شقة كباشي في القاهرة وثمنها 300 ألف دولار وليه تم شراؤها مؤخرا بعد استلامه مهام الإشراف علي عدة وزارات سيادية وعادية وأن ميزانيات هذه الوزارات اصبحت في يده؟!!.. لا استبعد أن البرهان هو الاخر اشتري شقة مجاورة لشقة كباشي في نفس العمارة والطابق، وما بعيد كمان بقية جنرالات المجلس يشتروا شقق في نفس العمارة ويسموها “عمارة مجلس السيادة في الغربة”!!.).
٢-
الرسالة الثانية:
(…- رئيس الدولة يجب أن يكون معترف به عالميا ومحل تقدير واهتمام من بقية الدول الاخرى . وبما ان البرهان فاقد الشرعية بعد انقلاب أكتوبر
فلا يمكن إطلاق لقب رئيس دولة عليه.).
٣-
الرسالة الثالثة:
(…- البرهان شئنا ام ابينا أحتفل بعيد انقلابه في بورتسودان وهو مازال في السلطة . ولكنه انقلاب لم يحقق فيه اي إنجازات منذ توليه الحكم عام 2021 حتي الآن. هو الحاكم الوحيد بين كل الذين جاءوا للحكم ولم نجد له إنجاز يمكن أن يفتخر به!!.).