مقالات وآراء سياسية

دواس ) بين القدامي المتمكنون وبين الثوار القادمين

أسامة ضي النعيم محمد

 

معترك (الدواس) هو الخدمة المدنية في السودان  بشقيها المدني والعسكري، حولها  رعاة التمكين الي مسخ ، لم تعد الخدمة العامة فخر السودان وماعونه الذي يحول الخطط والبرامج الي مستشفيات ومدارس ومزارع  وحراسة ثغور بأعلى معاييرالاداء ، مداخل الخدمة المدنية في جميع الوظائف كانت تنال عن طريق الشهادات والاختبارات والمعاينات الشخصية والخبرات ، الولاء والانتماء لحركة الاخوان غدتا منذ 1989م بديلا وإحلال تمكينا لنيل  وظائف الخدمة العامة المدنية منها والعسكرية ، التمكين في الوظائف العامة جنح الي افراغ الخدمة العامة من الكفاءات عن طريق الصدمة بإحلال أهل الولاء دون اعتبار للمؤهلات والخبرات في خروج تام عن أسس  ومعايير الاختيار للخدمة العامة التي وضعها الانجليز خلال عهدهم من1899 م الي 31/12/1955م. 

عينات من التمكين في الخدمة العامة لا تستقيم عقلا ، طبيب الاسنان د مصطفي عثمان يتنقل بين وزارات الخارجية والاستثمار كما يتقافز طبيب الاسنان الاخر غندور ليصبح شيخ عمال السودان بقصد تهشيم عظام أقوي اتحاد عمال في افريقيا  قبل أن يصبح حارس بوابة السودان ألخارجية ثم (يتنطط) من اغترابه المتعافي الطبيب العمومي الذي – وبمقال لسانه- كان يتقاضي راتبا الفي دولاروهي غلة متواضعة ، إلا أن التمكين وبضربة لازب يفتح عليه أبواب عمولات بلغت في جزئها المعلن مبلغا يزيد عن الخمسة وعشرين الف دولار ، يرسم المتعافي خبيرا لمصانع السكر وقبلها هو أيضا شيخ الزراعة الذي يفتي علي الهواء في صلاحية القطن المحور في مشروع الجزيرة، ثم هناك المعلم عثمان كبريفارق عناء (الطباشورة) ويدخل دنيا الاستثمار بحصة في ذهب جبل عامر وبين عمل الوالي يتسلي في سوق المواسير بفاشر السلطان يتكسب بعض الدراهم .

مع ذلك التمكين لم تعد الخدمة العامة هي الصانع والزارع والطبيب والمهندس  والجندي ومكمن خبرة أهل السودان ، من تعاقبوا علي الوظائف في عهد الإخوان تقاسموا بينهم أن يعضوا عليها بالنواجذ ، تناسلوا وتعاضدوا بينهم تمكينا ، خلايا واقفة نافذة عندها السلطان تفرش الدرب لخلايا نائمة أو في بيات شتوي ، الاحتراز ليوم الثوار وخراب ديار التمكين جعلهم يغزلون حلقات التمكين بصورة أميبية تتناسل وتتجدد كما (الكورونا) . رياح ثورة ديسمبر أطاحت بكبار المتنفذين وغم عليها الوصول للمندسين من خلايا في بيات شتوي أو تلك التي تتحول وتغيرجلدها ولا تمانع من ترديد بيت الشاعر ابن هاني الاندلسي ( ما شئت لا ما شاءت الأقدار. فأحكم فأنت الواحد القهار) في مدحهم للثوار أمام التروس ومن لهم عنده حاجات. 

أصف معركة تنظيف مجاري الخدمة العامة السودانية ب (دواس) ، أدوات الحرب فيها بدائية كما في (الدواس) ، تتنوع بين اخفاء أدوات العمل من معارف وأدلة تشغيل وصيانة الي تغبيش في خرائط وموجهات العمل ، ربما وصلت الي اشعال حرائق بقصد تعطيل مصانع ومحولات كهربائية أو خطوط ناقلة للوقود ، خطوط السكة حديد وفلنكاتها لا تسلم كأداة من أدوات التخريب.

تذكرني أعمال اعادة صياغة الخدمة العامة بما حدث في عهد نميري أبان المصالحة في العام 1977م ، بعد تأدية القسم للعمل في الاتحاد الاشتراكي انفجرت  معركة علنية بين (القدامي والقادمون ) ، من طرف خفي عمد جعفر نميري وصحبه من أعضاء انقلاب 1969م الي تغذية ذلك الصراع ونجحوا في اقصاء الصادق المهدي وخرج مغاضبا.

ثوار ديسمبر – ولله الحمد- جيل مختلف يتمتع بسعة الصدر وجميل الصبر وحراس تروس وأخوان شهداء ، لهم باع طويل في منازلة الطغاة وسيواصلون المشوار في فصل (الدواس) لتحطيم اليات التمكين المندسة في عظم الخدمة العامة ، بين كر وفريسعي الثوار لاخراج جحافل التمكين من معاقلهم بين ثنايا وتلافيف الخدمة العامة ومن جاتب مضاد تسعي أميبيا التمكين لإعادة التحور والتشكل للظهور بمظهر الحمل الوديع والموظف المغبون.

وتقبلوا أطيب تحياتي .

مخلصكم / أسامة ضي النعيم محمد  

  

‫2 تعليقات

  1. المتمكنون القدامى ..ده جِنًّا سكن ولقى العيش واللبن …والفطامة بقت عليهم صعبة .. تَبّاًلهم ثلاثون عاما ماشبعوا من مال السحت…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..