أخبار السودان

ليس لإجترار الذكرى فقط ..!

حينما يضيق العسكر في أي مكان وعندنا بمعارضيهم أو حتى حلفائهم من العقائديين يساراً كانوا أو طائفيين أوإسلاميين .. فإنهم يلجأون في التنكيل بهم الى منطق عقيدتهم العسكرية التي تربوا عليها و يؤمنون بفكرها الناطق بلغة السلاح ..
حكمة من التجربة ..
في بداية حكم الرئيس جعفر النميري وقبل إنفراط عقد مجلس الثورة أو قل إنقسامه على نفسه .. وكانت مايو في نسختها القانية ..فقد شكل النميري لجنة لوضع الميثاق الوطني الذي يكون نواة للدستور و تصور عام لصيغة الحكم في مستقبل ذلك النظام .. وقد ضمت اللجنة ممثلين لكل الفئات الإجتماعية والسياسية والنقابية مزارعين وعمالاً ومهنيين وغيرهم و مندوبين عن قطاع الفنون والأداب و أساتذة الجامعات والمفكرين وكذلك القوات النظامية بمختلف تشكيلاتها وحتى عدداً من رموز الأحزاب الكبيرة الذين تخلفوا عن هجرة أحزابهم المبكرة الى معارضة نظام مايو !
بيد أن رياح الإختلاف بين الشيوعيين و النميري أتت بما لم تشتهي سفن ذلك الحوار الحضاري الذي كان يتم في هواء قاعة البرلمان طليقاً من أية قيود يفرضها عليه النظام بل كان مسموحا للصحافة والجمهور متابعته من الرهات العليا للقاعة .. فتوقف بعد إنقسام الحزب الشيوعي حول تبني مايو أو مناوئتها ..ثم تلاشت لجنته مع هيجة العسكر المتبقين في مجلس الثورة وقد فتكوا بزملائهم من الأعضاء السابقين الثلاثة الذين عُزلوا في وقت سابق وتحديدا في نوفمبر 1970 ..ومن ظنوا أنهم قد حرضوهم من قيادات الحزب الشيوعي وأصحاب الرتب الصغيرة من منفذي إنقلاب يوليو 1971 !
الان يدور حوار بين الإسلاميين بحضور العشرات من أحزاب الموالاة الصغيرة والمُركبة في معمل الإنقاذ و بعض الفتات الذي تناثر من الحركات حاملة السلاح وشتات من الشخصيات القومية والكل يعرض على إيقاعات دلوكة تراجي مصطفى ..ولعله و رغم أن تصريحات الشعبي التي يؤذن بها كمال عمر في كل صباحات ذلك الحوار و تطمينات الشيخ الترابي بنجاح الحوار الذي سيقود الوطن الى صيغة النظام الخالف وبشريات دلق كل أنماط الحريات على قارعة الشارع السياسي و الإجتماعي والوعود بنزول المن والسلوى في كل زوايا ما تبقى من الوطن .. إلا أن بواطن بل وبعض ظواهر الأمور تشي بأن الوطني و الشعبي لم يعودا قلباً واحداً في صدر الثقة ببعضهما .. لاسيما وأن تلك الثقة قد إهتزت كثيراً بين حكومة الإنقاذ ممثلة في جناحها العسكري والحركة الإسلامية التي تتندر بالمنة في صناعة النظام بيدها وتأسيس مؤتمره الوطني وكأنها توحي بالإشارة الخفية الى أنها قادرة على تدميره أيضا مثلما بنته متى ما قلب لها ظهر المجن!
فهل تكون نهاية الإسلاميين في بداية إنشقاق عصاهم التي لطالما كبروا وهللوا بها تعضيداً لهذا النظام .. على يد عسكره ومن والاهم من الجيش .. ليكون إنفضاض هذا الحوار الذي يدور في الغرف المغلقة مثل نهاية حوار النميري الذي أداره الشيوعيون وهم مختلفون ثم ذهب معهم بعد أن إستغنى عنهم النميري دون تمييز ولم يستثن إلا من إنبطح منهم متخاذلاً ولعق حذاء من كان يسمى بالرئيس القائد ..طلباً لإستمراره ذليلاً في أكل العيش المسموم !

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..