مقالات وآراء سياسية

علي غرار “العديد” العسكرية الامريكية في قطر…قاعدة روسية في السودان!!

بكري الصائغ

انطلاقآ من المقولة المعروفة “ما فيش حد احسن من حد”!!، قررت الحكومة الانتقالية في الخرطوم المضي قدمآ في تنفيذ الاتفاقية التي سبق ان تباحث حولها الرئيس المخلوع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اثناء زيارته منتجع “سوتشي” الروسي على ضفاف البحر الأسود في يوم ٢٣/ نوفمبر ٢٠١٧، وهناك اثناء الزيارة فاجأ البشير الرئيس بوتين بطلب كان في غاية الغرابة ولم يسبق ان عرفت الدبلوماسية الروسية في تاريخها الطويل مثل طلب البشير!!، ما طلبه البشير من بوتين جعل الاخير يفتح فاه في اندهاش شديد وتردد في الرد الفوري علي الطلب الغريب!!

٢-

قال البشير لبوتين، “…نعتقد بأن ما حصل في بلادنا هو كذلك نتيجة السياسة الأميركية” أننا بحاجة للحماية من التصرفات العدائية الأميركية بما فيها منطقة البحر الأحمر، الوضع بالبحر الأحمر يثير قلقنا، ونعتقد أن التدخل الأميركي في تلك المنطقة يمثل مشكلة أيضا، ونريد التباحث في هذا الموضوع من منظور استخدام القواعد العسكرية في البحر الأحمر”… وأبدى البشير عزمه على بحث هذه المسألة مع روسيا، وعن رغبة بلاده في تعزيز التعاون العسكري مع موسكو من أجل “تحديث عتاد قواتنا المسلحة”، مشيرا إلى أن السلاح الذي تملكه الخرطوم روسي أو سوفياتي الصنع، وقال الرئيس السوداني إن بلاده بصدد إطلاق برنامج لتحديث جيشها، وإنه اتفق مع الجانب الروسي على مساهمة موسكو في هذا البرنامج.

٣-

كلنا في السودان نعرف، ان عصر الرئيس المخلوع لم ينتهي بعد بصورة كاملة الي الابد، فهناك الكثير من تركة النظام السابق “معشعشة ” داخل السودان الحديث وخاصة داخل المؤسسات العسكرية ، وليس بالغريب ان يكون موضوع بناء قاعدة عسكرية روسية علي ساحل البحرالاسود واحدة من هذه الاشياء التي علقها النظام السابق في عنق الحكومة الانتقالية الحالية.

٤-

وجهة نظر حكومة حمدوك تتمثل في الاتي:

(أ)-

ما الذي يمنع ان يكون السودان عنده قاعدة عسكرية اجنبية، واغلب دول العالم فيها قواعد ومطارات وموانئ عسكرية اجنبية، بل حتي بعض الدول الاوروبية لم تمانع في بناء معسكرات ومنشآت عسكرية تخص دول اخري؟!!

(ب)-

الولايات المتحدة الأمريكية:- هي أكبر دولة مشغّلة لقواعد عسكرية في الخارج. حيث تملك 38 قاعدة عسكرية تضطلع هذه القواعد بواجبات كالخدمة الوطنية والحماية وحماية المدنيين. أما أكبر القواعد العسكرية الأمريكية من حيث عدد الأفراد فكانت قاعدة “رامشتين إيه بي” في ألمانيا وكانت تضم (٩٢٠٠) شخص.

(ج)-

تواجد القوات الأميركية في ألمانيا ينظمه اتفاق دفاع بين الدولتين منذ منتصف القرن الماضي. تواجد لا يقتصر على أفراد أو طائرات ومنشآت، بل مؤسسات لها أبعاد عسكرية واقتصادية، في ألمانيا يتواجد نحو (٣٨) ألف جندي أميركي، وهي تستضيف بذلك أكبر عدد من الجنود الأميركيين في أوروبا، ولا يفوق هذا العدد سوى عديد جنود الولايات المتحدة الأميركية في اليابان.

(د)-

الإمارات العربية المتحدة: – قاعدة “المنهاد” الجوية تستخدم للعمليات الأسترالية في الشرق الأوسط…

(د)-

جيبوتي : – “قاعدة دعم جيش التحرير الشعبي الصيني في جيبوتي” near “أوبوك”…

(هـ)-

القواعد الروسية خارج بلادها:

١- جورجيا: – القاعدة العسكرية الروسية الرابعة في أوسيتيا الجنوبية والقاعدة العسكرية الروسية السابعة في أبخازيا…

٢-  كازاخستان:- محطة “بلخاش” للرادار؛ Sary Shagan range؛ مركز “بايكونور” الفضائي…

٣-  قرغيزستان: – قاعدة “كانت” الجوية ومركز الاتصالات البحري 338…

٤- سوريا: – مرفأ طرطوس؛ قاعدة “حميميم”…

٥- طاجيكستان: – القاعدة “العسكرية 201″…

٦- القرم :-  قاعدة (de jure Ukraine) – أسطول البحر الأسود…

(و)-

تركيا عندها عدة قواعد عسكرية في الخارج وهي:

١-  قبرص الشمالية – قبرص الشمالية (متنازع عليها قبرص): – قيادة قوة السلام التركية القبرصية..

٢- العراق – كردستان العراق (العراق): – قاعدة تتضمن 2000 موظف…

٣- قطر- – قاعدة تتضمن 3000 موظف…

٤- سوريا :- قواعد في مناطق الباب (سوريا)، الراعي، “أخترين”، “طرابلس”، “تل رفعت”، عدد الموظفين فيها غير معروف…

هـ – أذربيجان: – المباني والمنشآت في بلدة “غيزيل شيرغ العسكرية”، وثمة مبنى واحد يقع في المطار في منطقة “حاجي زين العابدين تاغييف”…

(ز) –

قاعدة العديد الجوية (إياتا: IUD، إيكاو: OTBH) هي قاعدة عسكرية قطرية تقع جنوب غرب العاصمة القطرية الدوحة والتي تعرف أيضا باسم مطار أبو نخلة. تضم القاعدة القوات الجوية الأميرية القطرية والقوات الجوية الأمريكية وسلاح الجو الملكي البريطاني . تستضيف القاعدة مقر القيادة المركزية الأمريكية ومقر القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية والسرب رقم 83 من القوات الجوية البريطانية وجناح المشاة الجوية رقم 379 التابع إلى القوات الجوية الأمريكية. في عام 1999 قال أمير قطر وقتها آنذاك الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للمسؤولين الأمريكيين أنه يود أن يرى ما يصل إلى 10,000 ضابط وجندي أمريكي متمركزين بشكل دائم في القاعدة. وفقا لتقارير وسائل الإعلام في يونيو 2017 استضافت القاعدة أكثر من 11,000 ألف ضابط وجندي أمريكي وأكثر من مائة طائرة تشغيلية…

٥-

جاءت الاخبار في يوم الاثنين ١٦/ نوفمبر الحالي وافادت، ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اعطي الضوء الاخضر لوزارة الدفاع الروسية لكي توقع نيابة عن روسيا علي معاهدة دولية تنشئ روسيا بموجبها قاعدة بحرية لها علي الشواطئ السودانية للبحر الاحمر، وكانت تقارير اخبارية، ومنها ما نشرته صحيفة البرافدا الروسية في الثاني عشر من نوفمبر ، قد افادت بان مرسوما قانونيا صادر ا من رئيس الوزراء الروسي مايكل موسيشتين قد كشف عن نية بلاده انشاء قاعدة لوجستية لها علي شاطئ البحر الاحمر بالسودان – الاتفاقية المذكورة صاغت مسودتها وزارة الدفاع الروسية، راجعتها وزارة الخارجية واعتمدتها المحكمة العليا ومكتب النائب العام ومحكمة التحقيقات الفدرالية الروسية. ولقد وجه المرسوم برفع مسودة الاتفاقية للرئيس فلاديمير بوتين للتصديق النهائي علي توقيع الاتفاقية وهذا ماتم مساء يوم الاثنين ١٦ نوفمبر، الاتفاقية المعنية ستصير سارية المفعول لفترة خمس وعشرين عاما ، وتنص علي امكانية تجديدها لفترة عشر اعوام كل مرة باتفاق الطرفين،  الغرض من القاعدة هو خدمة السفن الحربية الروسية – بما فيها التي تعمل محركاتها بالطاقة النووية- وطواقمها من العناصر العسكرية وتزويدها بالوقود والمؤن وصيانة تلك السفن الحربية-، وتعطي الاتفاقية الحق لروسيا لانزال اي اسلحة وذخائر واليات وامدادات اخرى وطواقمها في اي ميناء بحري او جوي للسودان وعبور الاراضي والاجواء السودانية. – انتهي الخبر –

٦-

هذه الاتفاقية العسكرية السودانية الروسية -(بحكم انها عسكرية)- فلن يعرف احد من الشعب تفاصيلها وبنودها السرية، وماهي الالتزمات التي يجب علي السودان القيام بها مقابل وجود القاعدة العسكرية ؟!!…الشعب دائمآ مغيب عن الحقائق!!

٧-

هذه الاتفاقية السودانية الروسية مثلها مثل حال عشرات الاتفاقيات السرية التي وقعها عوض الجاز في زمن حكم الانقاذ مع حكومة الصين، ومع شركات اجنبية عملت في مجال استخراج النفط ، والغريب في امر الحكومة الحالية، انها لم تناقش حتي الان تفاصيل هذه العقود النفطية التي ابرمت في سنوات التسعينات!!، ولا قامت الحكومة باستجواب عوض الجاز في تفاصيلها واين عائداتها!!… بل ولا حتي سالته اين هي موجودة؟!!

٨-

هناك سؤال مطروح بقوة في وجه الحكومة، بعد قبولها وجود قاعدة عسكرية روسية علي اراضيه: هل يعتبر السودان واحدة من دول عدم الانحياز وانضم اليها في مؤتمر”باندونغ” عام  ١٩٥٥؟!!

٩-

سؤال اخر لا يقل اهمية عن الاول: هل السودان فعلآ في حاجة الي قاعدة عسكرية؟!!

١٠-

(أ)-

ضد من اسست هذه القاعدة الروسية؟!!

(ب)-

وكيف نضمن انها لن تتدخل في الشآن السوداني مثلما تدخلت في الشؤون السورية؟!!

(ج)-

هل من حق حكومة انتقالية البت في مسآلة انشاء قاعدة بالبلاد؟!!، ام كان الواجب عليها انتظار قدوم حكومة ما بعد الانتخابات القادمة وعرض الموضوع عليها ورفعها فيما بعد للبرلمان القادم؟!!

(د)-

لماذا وافقت حكومة حمدوك بهذه السرعة الفائقة علي تشييد القاعدة الروسية؟!!

(هـ)-

من هو وراء هذا الاستعجال قبل نهاية فترة الرئيس البرهان لمجلس السيادة وتسليم الرئاسة لمدني من المجلس؟!!

(و)-

كيف نضمن ان هذه القاعدة العسكرية الروسية لن تكون “خميرة عكننة” لشعوب وحكومات دول الجوار؟!!

(ز)-

لماذا جاء قرار موافقة السودان علي انشاء القاعدة الروسية، تمامآ بعد رفع ازالة السودان من قائمة “الدول الراعية للارهاب”؟!!

١١-

واخيرآ:

يا تري، ماهي المفاجأة القادمة بعد التطبيع مع اسرائيل، وانشاء قاعدة عسكرية روسية؟!!

 

بكري الصائغ

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. التحية والتقدير أستاذ بكري
    ويبقى السؤال الأكبر : ماهى الفائدة التي يجنيها السودان من وجود هذه القاعدة ؟

    1. يا حبيب،
      لم يصدر حتي هذه اللحظة اي بيان او تصريح من الحكومة او الناطق الرسمي للحكومة، او من وزير الدفاع!!، سكوت مريب من جميع المسؤولين في الدولة وكانما هو موضوع القاعدة الروسية لا يخص السودان!!، والغريب في الخبر الذي نشر بالصحف عن انشاء قاعدة عسكرية في السودان، ان الخبر قد خلا من تفاصيل كثيرة هامة مثل من هو المسؤول السوداني الذي وقع علي الاتفاقية؟!!، ومتي واين؟!!، وهل اعضاء مجلس السيادة علي علم بالاتفاقية، وانهم قد وافقوا عليها؟!!
      يا حبيب،
      جاء في تعليقك سؤال، وكتبت: يبقى السؤال الأكبر:ماهى الفائدة التي يجنيها السودان من وجود هذه القاعدة ؟!!، هذا السؤال يقودنا الي حقيقة خطيرة ان القاعدة الروسية ستبقي علي ساحل البحر الاحمر طول مدة (٢٥) عامآ – حتي عام (٢٠٤٥)!!، وطوال مدة بقاءها يكون السودان هو الملزم بالصرف عليها وتامين خدماتها واحتياجاتها، وهو عبء ثقيل فوق ما عند السودان من نقص حاد في كل شيء !!، ولن نستفيد من القاعدة التي اصلآ لسنا في حاجة لها.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..