مذكرات إبراهيم منعم منصور(3)

٭ بشفافية بدأ صاحب المذكرات وضع الأساس لذلك الطفل الذي لعب دوراً واضحاً وفاعلاً في مسيرة العمل الوطني والاجتماعي وقال عندما تفتحت مداركي للحياة وجدت نفسي في دار كبيرة «حوش» به عدد من القطاطي بعضها للسكن وتتناثر على بعد أمتار من بعضها البعض تحيط بها أسوار قصيرة من قصب النال وبعضها للضيوف منفصل تماماً بسور له باب من أماكن السكن ويتوسط الاثنين سكن خاص لصاحبه ويسمي المكان اختصاراً «حوش الشيخ».
٭ البلدة تسمى صقع الجمل واختصاراً أيضاً «الصقع» وتعود التسمية كما علمت إلى إنها كانت عاصمة لقبيلة «حمر» التي أنتمي إليها في القرن التاسع عشر قبيل المهدية أثناء حكم الناظر ابراهيم ود المليح وكانت الجمال تنوخ فيها وتجتر كعادتها ثمار شجرة الحميض وكذلك النباتات وترمي بها من فمها «أو تصقعها» كما يطلق عليها.
٭ ومن كثرة صقع الجمل في تلك القرية جاءت التسمية صقع الجمل غير أن الناظر منعم منصور بعد أن استقر قليلاً في الصقع حيث تولى قيادة القبيلة في عام 7291م، 8291م رحل إلى مدينة النهود حيث المركز الإداري الذي به قادة الحكومة ممثلو الحكم الثنائي «البريطاني المصري» وأسس دارا جديدة هي «حوش الشيخ الحالي».
٭ وبعد أن استرسل صاحب المذكرات في ذكريات الطفولة وسرد.. تاريخ أسرته وإخوانه وزوجات أبيه وإخوانه في تلك الأسرة الممتدة.. أعيد حديث قال انه موجه إلى أفراد الأسرة والأهل ولابد منه وعذراً لمن لا يعنيه أو أضاع وقته. وهو.. «وأنا أودع المدرسة الأولية بمدينة النهود لابد أن أذكر ان دخل علينا يوماً أستاذنا «الشيخ ابراهيم عمر عبد الرحمن مدرس العربي والديانة وأفادنا بلغة مبسطة إننا جميعاً «سودانيون وكلنا من ادم وادم من طين ولا يريد أن يسمع منا انه من «قبيلة» كذا أو كذا.. تعجبنا في البداية ثم رويداً رويداً حفظنا الدرس وانه إذا سألنا أي شخص «جنسك شنو؟ نقول سوداني وكان يفاجيء بعضنا أثناء «الحصة» فلان جنسك شنو؟ فإذا أخطأ وذكر القبيلة نال «كفاً» ساخناً إلى أن أصبحنا جميعاً في الفصل «سودانيون» ثم جاءنا رغم انه ليس بمدرس «الجغرافيا» بقصيدة الأستاذ عبد الرحمن علي طه عن «سبل كسب العيش في السودان وحفظناها إلى أن جاءتنا لاحقاً في درس الجغرافيا.. لابد لي بعد سبعين عاماً أن أوردها هنا بمناسبتها وملابساتها لعلها ? لعلها ولعلها تلهم حكامنا اليوم في الانقاذ شيئاً يتداركون به ما أعادوا به البلاد قرناً إلى الوراء.
٭ جاءت القصيدة في الكتاب ولم أوردها تحريضاً على اقتناء المذكرات فهي جديرة بذلك وأورد ما قاله صاحبها..
«ومن محاسن الصدف أن وجدت في سفارة السودان بواشنطن وأنا وزير للمالية شخصاً يعمل بها اسمه «صديق عبد الرحيم» حرمته لائحة شؤون الخدمة من تذاكر مجانية للسفر في اجازته إلى السودان لأنه تعيين محلي هاجر إلى أمريكا واشتغل في السفارة لو كان في السودان وتم تعيينه ونقل إلى واشنطن يمنح التذاكر المجانية.. سألت دا صديق بتاع القولد؟ قالوا نعم أصدرت تصديقاً مالياً استثنائياً بمنحه التذاكر ارتاح السفير عمر صالح عيسى لأنه يعلم انه أحد معالم تاريخ البلاد».
أواصل مع تحياتي وشكري
الصحافة