الملافظ… سعد

افق بعيد

الملافظ… سعد

فيصل محمد صالح
[email protected]

قلبت الصحيفة مرة واثنتين، ثم وضعتها جانبا وعدت إليها مرة أخرى، وقرأت ما هو مكتوب فيها ومنسوب إلى السيد وزير المالية علي محمود، حمدت الله وشكرته على ما أنعمه علينا، واعتبرت حديث السيد الوزير زكاة العافية والنعمة التي يمن بها علينا الخالق سبحانه وتعالى. كان مانشيت الصحيفة يتحدث عن أن وزير المالية قال: أهم صادراتنا الذهب والدكاترة والنبق.
لا أعلم إن كان السيد الوزير يمزح أم كان جادا، وفي الحالتين هي مصيبة، لأنه يعلم بأنه يتحدث للصحفيين، وأن الصحفيين سينشرون ما يقوله. فلو كان الوزير يمزح، فليس هذا مكان ولا أوان المزاح، وإن كان جادا فيما قال فالمصيبة أعظم. تواجه بلادنا أزمة اقتصادية كبيرة، واضحة المعالم لمن له فهم وعقل، فقد توقف العائد الكبير من البترول الذي كان يعود علينا من الجنوب، والموسم الزراعي فاشل ونحن مواجهون بفجوة غذائية كبيرة تصل في بعض المناطق لحد المجاعة، واقتصادنا كله منهار وجنيهنا يتهاوى أمام الدولار، فيما الأسعار تتصاعد بمتوالية هندسية.
هذا الأمر يعرفه ويعترف به ويحذر منه خبراء الاقتصاد الإنقاذيين، عبد الرحيم حمدي وصابر محمد حسن وحتى محافظ بنك السودان محمد خير الزبير، هذا طبعا بجانب عشرات الخبراء من غير الإنقاذيين. بعد الاعتراف بحجم الأزمة وتداعياتها ينبغي التفكير في إيجاد المعالجات الجادة واللازمة، وهذا الأمر يحتاج لجدية وصراحة وفهم ورؤية لما يمكن عمله، بالحسابات والأرقام.
لقد سمعنا كثير من التطمينات والتصريحات عن قدرتنا على سد العجز وتجاوز االأزمة، لكن كان معظمه خاويا ومليئا بالمعلومات غير الصحيحة، مثل الحديث عن أن صدرات الذهب ستسد الفجوة، أو الانتاج الزراعي، في وقت نستورد فيه الطماطم من إثيوبيا.
نفس هذا الوزير سبق أن طالبنا باللجوء لأكل الكسرة ، عندما ارتفع سعر الرغيف، وهذا يعني ببساطة أن السيد الوزير لا يعرف سعر الكسرة الجاهزة، ولا يعرف تكلفة انتاج الكسرة منزليا، أما لأنه لا يأكلها ولا يشتريها ولا يعرفها، وهذه أيضا مصيبة لأن معنىاها أن الوزير مستورد من بلاد البلطيق أو اسكندنافيا، ومن غير الجائز أن يرأس وزارة المالية والاقتصاد في بلاد لا يعرف ماذا يأكل أهله. الاحتمال الثاني أن الوزير يأكل الكسرة ومحتوياتها وأخواتها، لكن لا يمثل هذا الأمر أي جزء مهم من ميزانيته لدرجة أنه لا يحس بها تمثل أي تكلفة، وهذا أيضا مانع قوي من أن يتولى الرجل حقيبة المالية والاقتصاد.
بعد أن خلصت إلى النتيجة التي قادتني إلى أن الرجل في كل الأحوال لا يصلح ولا يناسب موقع هذه الوزارة المهمة، طفقت أفكر: هل الرجل مسؤول فعلا عن التخطيط وإعداد السياسات الاقتصادية التي تنفذها وزارته، أم أن حزبه الحاكم لديه لجنة اقتصادية حقيقية تقوم بدور المطبخ وهي التي تعد السياسات والتوجهات، وتترك للوزير التنفيذ، ثم التصريح عن تصدير النبق واللجوء للكسرة، وهي مسالة خفيفة نتقيها بتنبيهه بأن الملافظ…سعد
اسال الله أن يكون الاحتمال الثاني هو الغالب، أن هناك لجنة من الاقتصاديين السياسيين هي التي تخطط وتهندس وتضع السياسات، حتى لو كان اعضاؤها هم السادة حمدي وصابر ورفقائهم، الذين ذقنا مرهم من قبل، فبلاء أخف من بلاء، والمصيبة أقل عبئا من الكارثة، فيما أظن.

تعليق واحد

  1. يا فيصل يااخوي الناس ديل حاير بهم الدليل وسواء كان هذا الوزير هو الذي يخطط أو تأتيه الخطط فقد نضب معين الفهم وانتهت التجربة الي صخرة الفشل وأنا أتوقع في الأيام القادمة أحاديث أكثر سماجة وتهكم واستهتار وأفعال أكثر بلاهة ودروشة فمن تنكشف عورته ويفقد حياءه لا يبالي بما يقول ويفعل

  2. [HIGHLIGHT=#FFFF00][COLOR=#FFFF00][FONT=Tahoma][FONT=Simplified Arabic][SIZE=7][FONT=Verdana]البقاء لله وحده عزيزنا الاستاذ/فيصل :ولا أدرى على من تزرف دموعك الغاليه فنحن بيتنا فى دوله شبعة موتا ولا يجوز البكاء كما يقول المثقفون من امثالكم التحسر على اللبن المسكوب وخاصة اّذا كان هذا اللبن كان وصل لمرحلة (الروب!!)00ولا كيف يا إخوانا؟ ومبروك لموقع الراكوبه وقراءها المحترمين للشكل الجديد ودائما بإذن الله الى الامامدائما0

  3. في تداعيات الدكتور عبدالله الطيب رحمه الله ان رجلا صعد المنبر امام احد الخلفاء وحول الامير شعراؤه ومستشاروه وعلماء الكلام وانشد :
    خمرٌٌ وتمرٌ ورمانٌ ومعفرةٌ
    قتلتموا الشيخ عثمان بن عفانا
    فصاح به الخليفة : افصح ! (فسر)
    فاجاب : انت في كل هؤلاء لم تعرفها أاعرفها انا ؟ واتضح ان عنده (شوية لطف ) كما يقول اشقاؤنا في شمال الوادي ! اها دا بي سببو ! داك مالو؟!

  4. زمان الكيزان شابكين الناس عندنا احسن الكوادر المتعلمة والمؤهله والمثقفة وعندنا برامج وخطط وحلول والان انكشف المستور واتضح انهم اغبى الناس بلا دجال ولا يملكون من الكفاءات شروى نقير وليس لهم برنامج ولايحزنون سوى التمسك بكرسي السلطة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..