الأشتر الناش الطيرة أو قصة الثورة الملونة في السودان

د. ناظم يعقوب
في العام ٢٠١٩ ، و هو يرفل في سواد لباسه العسكري، إنتصب الكولونيل (الكسندر فندمان) أمام الحضور بالبيت الأبيض في إطار مساءلة الرئيس الأمريكي السابق ترامب، يقرأ من ورقه أمامه و يجهر بصوته قائلا ( ها نحن ندعم الجهود العسكرية و الدبلوماسية الرامية لرعاية المصالح الامريكية العليا (بعد تحقيق الثورة الاوكرانية) ثم مضي يجيب علي باقي الأسئلة. إن حديث فيندمان وغيره من الشهود في هذه القضية كان منفذا للكثيرين للحديث عن دعم الولايات المتحدة الأمريكية للثورة الاوكرانيه في العام ٢٠٠٤ و التي أطاحت بالرئيس الاوكراني حبنها ( كشما) و تنصيب (يوشنكشو) المعروف بولائة للولايات المتحدة الأمريكية بعد أحداث عرفت بعد ذلك بالثورة البرتقالية و هي نموذج مثالي للحديث عن ما يسمى بالثورات الملونة.
الثورة الملونة هي نموذج model يحاول أن يصف عدد من التحركات الجماهيرية في عدة بلدان بتسعينيات القرن الماضي.، أطلق هذا الاسم أولا على حركات التغيير التي انتظمت جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق بعد انهياره، كالتورات في أوزبكستان. أزربيجان أرمينيا و بيلاروس . إلا أن هذا الأسم صار دلاله علي حاله يتم بها استيراد الديمقراطيه خاصه بعد ما اطلق الرييس الامريكي الاسبق جوج بوش علي احتلال العراق إسم الثوره البنفسجيه .و هكذا صار مفهوم الثوره الملونه مفهوما يطلق علي كل حراك تنطبق غليه الملامح العامه لهذا النموذج و إن لم يكن هذا الحراك بدوله كانت تتبع للاتحاذ السوفيتي.
مثلا الهبات الجماهيريه في بنقلاديش 2013 و فيجي 2009 و جواتيمالا ٢٠١٥ ، هي كلها تغيرات سياسيه تصنف الآن ضمن الثورات الملونه. يري بعض المنظرين أن الولايات المتحدة الامريكية تقوم بإختطاف تلك الهبات الجماهيريه لاعاده ترتيب الاوضاع في هذه البلدان بما يتفق ومصالحها.
عاده ما تستغل الولايات المتحده الامريكيه حراكا جماهيريا (مشروعا) ضد رئيس ما او حكومه اتخذت بعض الاجراءات الصارخه و التي تؤثر علي معاش الناس سلبا كإجراءات اقتصاذيه مفقره أو تزوير في الانتخابت٬ تستغل هذه الظروف لتدعم هذا الحرالك بتدريب الناشطين و توفير الاعلام الكافي لتدويل مطالب الجماهير و توفير الدعايه الكافيه للحرك الجماهيري المعني ثم تحقن بمجموعات موالية لها في جسد الحراك الذي يطالب بالتغيير و بعدها تستغل هذه العناصر الموالية لها و المعدة مسبقا (بطرق مختلفة) لتهيئة الظروف في الدوله المعنية لاستقبال وصفات أمريكا و الموسسات الدولية التابعه لها كصندوق النقد الدولي والتي تسعي لرسملة العالم.
إن إعداد الدول لتستوعب القيم العولمية و رؤوس الأموال العابره للدول هي اهم أهداف الثورات الملونه كما يتصور منظرو هذا النموذج.
عاده ما تعرف هذه الثورات بلون ما كالثوره الورديه في جورجيا، الثوره الصفراء في الفلبين، ثوره لون الأرز في لبنان ٬الثوره الزرقاء في الكويت و الثوره البرتقاليه في اوكرانيا و التي اطلق عليها هذا الاسم لانه كان شعار ( يوشكينكو) الذي نصب بعد الثوره .
تعرض نموذح الثوره الملونه للكثير من التقد الذي عاده ما يتعرض لنقاش نقطتين . أولا: قضيه أن هناك الكثبر من التجارب التي يطلق عليها ثورات ملونه لا تنطبق عليها سمات نموذج الثوره الملونه النموذجيه. ثانيا: آن الثوره الملونه ما هي الا نظريه موامره تفتقر الي الادله الكافيه. حسنا…. بقول الإحصائي البريطاني جورج بوكس( كل النماذج خاطئه و لكن بعصها مفيد) في إشاره إلي أن النموذج ما هو إلا تصور يسعي للتنبوء بسلوك نظام معين عندما تتفاعل عناصره.
أي أن أي نموذج ما هو إلا إطار نظري يهمل الكثير من العناصر في النظام و لكن تتجلي قوته في قدرته علي التنبوء، لا بقدرته علي وصف شامل لكل العناصر التي تتحرك في النظام و هذا ما يعرف عموما بقصور النموذج في نظريه التفكير النظمي system thinking ، أما قضيه نظريه الموامره هذه فهي أمر محير حقيقه، إذ كيف لا نفكر بأمريكا بإعتبار أنها دوله تخطط لكل ما هو موغل في الشر ؟ كيف يمكننا أن ننسي كل جرائم الامبرباليه و الولايات المتحده الأمريكيه لنصدق انها رسول الديمقراطيه و السلام العالميين ؟ .
حينما أفكر في التناقض الفاضح بين الادعاءات الامريكيه لدمقرطه العالم و بين هذا الشر الذي نشرته في هذا الكوكب بدربه و حماس متناهيين، لا أجد تفسيرا سوي ما جاء في نطريه التنافر المعرفي cognitive disonance . تقول النظريه أن وجود فكرتين متناقضتين بنفس العقل، انما هو محفز قوي لصراع نفسي عميق و قلق كبير لا يحل الا بتناسي و تجاهل إحدي الفكرتين في ما يسمي بالنسيان الانتقائي selective amnesia أو تعضيد الفكره الاخري بإستخدام منهج تفكير رغائبي wishful thinking يعزز فكره دون الاخري، فمثلا، المدخن الذي تقلقه حاله وجود فكرتين بعقله. فكره انه يرغب في التدخين و فكرة أن التدحين هو أهم أسباب سرطان الزئه و من ثم الوفاه. هذا المدخن لا يحتمل ،نفسيا تآني وجود الفكرتين معا في عقله، فاما أن يعضد سلوكه بان يتناسي و يعرض عن المعلومات التي تؤكد ان التدخين قاتل أو ان يعتقد، في رغائبيه، ان ما يدخنه من لفافات لا يصل للحد الذي يدخله في زمره المهددين بسرطان الرئه . و هكذا،…… فالشخص الذي يعاني م وجود صوره أمريكا القاتله و امريكا الحانيه بعقله، ليس له الا بنسي أحدي الصور أو يبرر الاخري.
و بمساعده البروبقندا الامبرياليه و أعلامها الفاعل ينسي أن الولايات المتحده الامريكيه فد قتلت ما يقارب ٢٥٠٠٠٠ نسمة بالقنبلتين النوويتين اللتيين ألقتهما علي مدينتي هيروشيما و نجزاكي ويتذكر المشاهد التي تعرض جوالات الدره التي كتب عليها بحروف براقه US AID و هي تطعم الجوعي بأفريقيا . ينسي ٣٦٥ الف مدنيا قتلتهم الولايات المتحده الامريكيه في خلال عشرين عاما من المجازر الممنهجه و المستمره في فيتنام ، ليتذكر قاعات مركز اتلانتيك الفخمه في احدي الفاعليات التي تدعم تاسيس الديمقراطيه في السودان . ينسي أو يتناسي سيناريوهات الموت الامريكي/ الاوربي في العراق و افغتستان ليتذكر نضائح الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما للقاده الأفارقه بخصوص إحترام القانون و الدستور و ما إلي ذلك من عبارات براقه buzz words .ينسي مغامرات بريطانيا في جزر الفوكلاند ليتذكر مشهد السفير البريطاني بالسودان و هو يحيي السودانيين في ثورتهم ضد الانقلاب الدموي الحالي. فد يقول قائل أن امريكا لم تقم بأي غزو عسكري من بعد غزوها للعراق و أنها قد سحبت قواتها من أفغانستان. أن امربكا الان ليست امريكا التسعينات و ها هي تتحول الي دوله تسعي بصدق لسلام و ديمقراطيه العالم. هنا، سأستغل هذا الزعم للدخول في متن هذا المقال و لبه و هي قصه الاستعمار الحديث في السودان و تفاصيل الواقع السياسي الحالي.
بعد أن صكه (سارتر)، في العام ١٩٥٤ إستخدم الرئيس الغاني الأسبق (كوامي نكروما) مصطح الأستعمار الجديد و الذي أستعمل لاول مزه في ديباجه منطمه الاتحاد الأفريقي عام ١٩٦٢ ثم في كتابه الموسوم( الأستعمار الجديد- آخر مراحل الإمبرياليه) و الصادر عام ١٩٦٥ . يقول نكروما ( بدلا عن الاستعمار ،كأداة أساسيه للإمبريالية، يطل علينا اليوم الاستعمار الجديد…………، و الذي بسببه صار رأس المال الأجنبي يستعمل لإستغلال- فضلا عن تنميه- الدول الاقل نموا. فتح نكروما بتعريف هذا المصطلح الفضاء واسعا للكثير من الكتابات التي تناقش ذات الاطروحة ، فلقد كتب عن ذات الاطروحة المفكر الفرنسي (جان بول سارتر عام ١٩٦٥ في كتابه ( الاستعمار و الاستعمار الجديد) و المفكر الأمريكي ( نووم جومسكي ) في عمله الموسوم ( علاقات واشنطون و فاشيه العالم الثالث ) غام ١٩٧٩ . يعرف (براساد فيجي) الاستعمار الجديد بأنه (الممارسات التي تستعمل الامبرياليه الاقتصاديه، العولمه، الامبرياليه الثقافيه و الاعانات المشروطه للتأثير علي الدول الناميه و ذلك عوضا عن وسائل الاستعمار القديم من تدخل عسكري مباشر أو سيطره سياسيه غير مياشره (hegemony)………… يختلف الاستعمار الجديد عن العولمه و الدعم التنموي. اذ انه يتسبب في حاله من التبعيه و الرضوخ مما ينتج عنه حاله حاميه من السيطره السياسيه و الألتزامات الدائريه من الديون………… يؤثر الاستعمار الحديث علي كل مستويات المجتمع و يخلق حاله شامله لشعب مستعمر بوسائل حديثه.).
تستخدم الدول الامبرياليه أدوات مختلفه للتاثير علي الناس و الاحداث من استراتيجيات التاثير علي الجموع ،غسيل الادمغه و تعديل السلوك و التي صارت أكثر دقه و مخاتله من اي وقن مضي.(و ذلك أدني أن لا يعرفن فيؤذين.)
إختارت الدول المستعمره أن تترك عملاء لها في مستعمراتها السابقه ليقوموا بتسهيل عمليه السيطره .تسمي هذه الشريحه في أدبيات الاستعمار الجديد ب( الكومبرادور) و التي هي بلأساس كلمه ذات اصول برتغاليه تعني (عميل)، ثم استخدمت في الشرق الاقصي، تحديدا في الصين، اذ كانت تطلق علي الشخص الذي يكسب عيشه من الوساطه بين المستعمر الانجليزي و المواطنين. و كان الكمبراذور يتقاضي أجورا مقابل كل راس صيني ينجح في ضمه لجيش السخره. ببساطه انه (السمسار) ( الفلنقاي) او الدلالي الي حد ما. يعرف ( اشقروف) الكمبرادور علي انه( شخص من النخبه يتمتع بإمتيازات نسبيه، متعلم و ميسور الحال، تحصل علي هذه الامتيازات عبر تسهيلات المستعمر، لذلك هو اقل ميلا للنضال من اجل الاستقلال السياسي و الثقافي) بل يسعي لتعميق حاله الاستغلال لاستدامه الامتيازات التي يرفل فيها. برعم الاستقلال الدي حظيت به الدول الافريقيه الا ان معظم الحكومات التي ورثت السلطه بعذ خروج المستعمر انما هي مؤسسات قد تمت السيطره عليها من قبل انتلجنسيا الكمبرادور، بصوره او بأخري.
في السودان- و هنا (نخش) اللحم الحي-، فلقد تم إعداد النخب التقليديه و الحديثه و الاسر الكبرادوريه باكرا، إذ أحضر المستعمر الانجليزي عبد الرحمن المهدي من جزيره الفيل الي الجزيره ابا و منح عطاءا لجلب الاخشاب لبناء خزان سنار في العام ١٩٢٤ عبر قرض تحول لاحقا إلي منحه. ثم و هب أرض الجزيره ابا الزراعيه و هكذا صنع حزب الامه الذي ما زال محافظا علي إرثه كمؤسسه إقطاعيه كمبرادوريه أصيله فتحت لمنتسبيها أبواب الإمتيازات الماديه و المعنويه فكانت أوكسفورد، سرايات الجريره ابا، بيوت الملازمين و اجازات جنيف و مئات المناصب الوزاريه من أول حكومه وطنيه الي الان . اما الاحزاب التي فرختها الطائقه الختميه فلا يمكننا ان نتوقع منها نضالا مرتبطا بالناس و أحلامهم فمحمد عثمان المرغني( الكبير) نفسه انما يعتبره بعض المؤرخين مرشدا للاستعمار التركي حيث تزامنت رحلته الثانيه للسودان مع الاجتياح التركي و هذه قصه طويله. و بعد الاستقلال قام هذان الحزبان بابتلاع المثقفين بعد ان ذاقوا لذيذ الطعام ، فخامه ( السموكيج) و الترف الذي تتيحه المناصب البراقه فضاع الشعب مره اخري تحت وطأه الاستعمار الجديد. و الجدير بالذكر هنا ان امكانيه الوصول للسلطه و النفوذ في السودان تحدد بعوامل متشابكه منها العرق. الدين، اللغه، علاقات القرابه. ومن الطبيعي ان يكون للمنتمين للثقافه الاسلاموعريه حظ الأسد في حصد بطاقات الدخول لنادي النخبه الدي هو حقل اختيار الكمبرادور. و ذلك لظروف تاريخيه لا علاقه لها بقيم الثقافتين العربيه و الاسلاميه. و هذا شأن آخر.
بعد ان ارتدت الدول الاستعماريه عن الاصلاحات (غير الجوهريه) التي قام بها ( كينز) في بنيه الراسماليه و دشنت عهدا جديدا في الفلسفه الاقتصاديه و التي تعرف باللبراليه الجديده، صار كل العالم مفتوحا للاستغلال من قبل الدول الراسماليه. من تلك اللحظه و إلي الآن. عبر آليات عديده، ضمنها ما يسمي باجراءات الاصلاح الهيكلي للإقتصاد و التي هي من أهم شروط تلقي الاعانات و القروض، يقوم البنك و صندوق النقد الدوليان بتهيئه الدول لإستقبال الشركات العابره للدول و الاستثمارت التي تنهب ثروات الدول الناميه. أما السودان فلقد تعرض لتجارب معروفه مع التعامل مع النظام المالي العالمي الذي صنعنه الامبرياليه، لكننا سنركز علي الفتره من العام ٢٠١٢ لاهميتها في ما نحن بصدده، ألا و هو الحديث عن الواقع الحالي من منطور انه واقع استعماري جديد.
هذا الواقع الذي بدأ بشكل واضح عندما نشر ( ليمان ) أحد مستشاري الرئيس الامريكي السابق بارك اوباما حينما نشر ورقه بعنوان ( نحو حوار وطني في السودان). كانت هذه الورقه مناره حكومه الأنقاذ البائده ووسيلتها للخروج من أزمتها الشامله آنذاك. و ليس من المستغرب أن يطلق الرئيس السابق للسودان عمر البشير مشروعا اسماه -لغبائه- بنفس أسم ورقه ( ليمان) و التي كانت تقترح عده اقتراحات تهدف لان تجد مخرجا آمنا للرئيس السابق و عصابته لكي تقوم باستبداله بالاتنلجنسيا الكمبرادوريه في ما نعرفه الان بخطه ( الهبوط الناعم).
إن خطه الهبوط الناعم ( الليمانيه) كانت تهدف لابدال حكومه الاسلامويين بالكمبرادور الجدد neocompradors و اللذيين تم اعدادهم عبر عمليه طويله من الاستماله groomimg .
لقد شكلت المنظمات غير الحكوميه و الورش التي تعقد خارج و داخل البلاد اهم حواضن الإعداد. ذادت وتيره هده الاعدادات من العام ٢٠١٣ حتي قيام الانتفاضه الشعبيه في ٢٠١٨. من تمارين الاعداد النهائيه للكمبرادوريين الجدد قبل حقنهم في شرايين السياسه السودانيه نذكر علي سبيل المثال: : ورض العمل التي تمت بتنزانيا و يوغندا بتمويل من منظمه (ماكس بلانك ) قبيل أن بفشل الشعب مخططات الامبزيال و (يشنقل الريكه) . كما لاننسي دور بعض التنظيمات الشبابيه التي كانت فصول Class Rooms لتدريب الكثير من عناصر الكمبرادور الجديد كتنظيم (التغيير الآن). و لا يخفي علي حصافه القارئ أن الكثير من نجوم السياسه الشباب الآن كانوا من المتدرين في هذه الورش و -أو- كانو اعضاءا في هذه التنظيمات الشبابيه.
شكلت انتخابات ٢٠٢٠ علامه مهمه في تاريخ تنفيذ سياسه الهبرط الناعم.اذ كان مخططا لهذه الانتخابات أن تكون المفصل Geer Shift الذي به تنقتل السلطة بنعومة الى الكمبرادور الجديد و بعدها يتم اعفاء مجرمي الحرب في حكومه الانقاذ من المساءلات القانوية الدولية و المحلية و لكن اندلاع الاتنفاضة الشعبية العارمة بكل دافعيتها المتزايده أجبرت أمريكا و الكمبرادور الجديد لركوب عربه الانتفاضه للوصول الي السلطه فتحولت من هذه اللحظه استراتيجيا الهبوط الناعم الي استراتيجيا الثوره الملونه التي تقتضي ركوب موج الثوره و لقد سردنا ديناميكيتها سابقا.
لذلك اعتقد ان مصطلح (قوي الهبوط الناعم) الذي كثر تداوله هذه الايام انما هو إسم غير ملاىم لوصف دور الكمبرادور الجديد في الراهن السياسي السوداني. إن الاسم الانسب هو( قوي الثوره الملونه).
شكل الانقلاب الذي قام به الجنوال ( البرهان) و أمير الحرب(حميدتي) هزه للكمبرادور الجديد بقياده رئيس الوزراء المخلوع( عبد الله حمدوك) و الدي- بعد تدربه في المؤسسات الامبرياليه – كان منوط به القيام بدور أساسي في تنفيذ استراتيجا الهبوط الناعم كورير لماليه الحكومه الانتفاليه ما بعد الانقاذ والتي كان مخططا لها -لولا انتفاضه السودانيين في ديسبر ٢٠١٨- أن تنقل السودان من الانقاذ الي مرحله الاستعمار الجديد عبر اليه الهبوط الناعم . هذا النوع من الحكومات يمكن ان نسميه ( استعمار عبر الوكاله) colonialism by proxy) . لقد أربك هدا الانقلاب حسابات قوي الاستعمار الجديد بقياده الولايات المتحده الامريكيه التي كانت مطمئنه الي ان خططها بشان تمكين كمبرادورها الجديد، اذ قال( جيفري فلدمان) المبعوث الامريكي الخاص للقرن الافريقي بعذ سماعه لاخبار الانقلاب الدي تم بعد ساعات من تاكيد قائد الاقلاب له بان المكون العسكري حريص علي انجاح الفتره الانتقاليه و تسليم السلطه لحكومه ديمقراطيه منتخبه. قال (فلدمان) و هو ما زال في الدوحه في طريقه الي واشنطون : ( يا الهي. لقد خدعما البرهان). أن حال امريكا و تخوفها من ان يفلت السودان من سيطرتها الكامله التي كانت قاب قوسين او أدني بفعل الطاقم الكمبرادوري. عبر عنه ( كاميرون هدسون)في مقاله ب New atlantic الموسوم ( انقلاب السودان لم يكن فشلا للدبلوماسيه الامريكه، انه فجر حقبه جديده في افزيقيا)،حين كتب (قد يعكس هذا حقبة جديدة للدبلوماسية الأمريكية في إفريقيا – حقبة تكون فيها الولايات المتحدة واحدة من العديد من الجهات الفاعلة القوية التي تتنافس على التأثير لتشكيل النتائج السياسية. في سياق تضاءل فيه صوت واشنطن وسط القوى المتنافسة ، برز السودان باعتباره ساحة المعركة النهائية. على الرغم من أن السودان كان دائمًا على مفترق طرق استراتيجي ، إلا أن الثورة أعادت تغيير السطح السياسي في البلاد ، وظهرت الفرصة للاعبين العالميين الجدد المتحمسين لاستغلال أكثر من مجرد رواسب الذهب الغنية في البلاد أو الموقع الاستراتيجي.) انتهي تعليق هدسون. لقد اثار هذا الانقلاب عاصفه جامجه من التنكهنات.. إذ ظن البعض أن الامارات العربيه المتحده هي من يقف وراء هذا الانقلاب بحكم انها كانت من الداعمين لصناعه الشراكه بين العسكر و القوي المدنيه لقياده الفتره الانتقاليه باموالها الطائله التي اودعتها حسابات الأفراد و الجماعات ثمنا لهذه الشراكه الكريهه و التي اسماها الشعب السوداني بشراكه الدم. فتظاهر السودانيون الغاضبون و الحادبون علي مصلحه السودان أمام سفارات دوله الأمارات باوربا صابين غضبتهم الكبيره علي الامارات. لكن. هذا الظن انما هو ناتج من عدم درايه بمنظور الولايات المتحده الامريكيه للسودان كمسرح للنهب و الاستقغلال ، كما انه أيصا ناتج من عدم درايه بعلاقه دوله الامارات العربيه بالواولايات الامريكيه المتحده. ان الامارات العربيه المتحده لا يمكنها -اطلاقا- ان تقوم باي دور استراتيجي في السياسه العالميه دون ان تكون الولايات الامريكيه هي المخطط. يمكن لدوله الامارات العربيه المتحده أن تقوم باي شي لامريكا و إن تعارض ذلك مع مصالحها. فبرغم العلاقات التجاريه الكبيره مع ايران، فان الامارات العربيه المتحده ما انفكت تنفذ خطط و( أوامر) الاولايات المتحده للضغط علي ابران للحد من ظموح الاخيره النووي و الذي يهدد واثع سيطره الاولايات المتحده علي المنطقه. قامت الامارات العربيه المتحده بالسماخ للولايات المتحده الامريكيه باستخدام دبي و التي هي ثاني اكبر تجمع للايرانين خارج ايران لتكون مركزا لتجميع معلومات استخباراتيه عن ايران. بالاضالفه الي المعاهدات بين البلدين بخصوص الطاقه النوويه و التي تخدم – ضمن ما تخدم-اغراض الارلايات الامريكيه المتحده في مساله الحد من المقدرات النوويه لايران. هذا، بالاضاقه لادوار دوله الامارات العربيه المتحده في مساعده امريكا و الناتو في الحرب ضد القذافي ٢٠١١ و ادوارها في افغانستان و اليمن التي تمر هذه الايام بمجاعة حقيقيه تماما كالتي عشناها في ثمانينات القرن المنصرم . بالرغم من ان بعض المحللين السياسيين الامريكيين ما زالوا يحذرون من محاولات الامارات المتحده العربيه لان تشب عن الطوق الا أن الاسره الخاكمه في الامارات لا يمكنها ان تتخلي عن الحمايه الامريكيه كضامن وحيد لبقائها علي سده الحكم .لقد اسهبنا في علاقات الاولايات المتحده و الاامارات العربيه المتحده في مقالنا في الفيس بوك و الموسوم ب( محاوله لفهم التسويه السياسيه) و الدي يمكن الاطلاع عليه عبر الرابط في موخره هذا المقال. اما المملكه العربيه السعوذيه فلا يد لها في هذا الانقلاب فهي – ايضا- كرفيقتها، لا تنفك عن مدار الولايات المتحده الامريكه، بل أن علاقتها بالولايات المتحده الامريمكيه هي علاقه عضويه فاقتصادها مرتبط ارتباطا هيكليا بالاقتصاد الانريكي بعد اتفاقيه البترودولار عام ١٩٤٥. و اما عن الدور الاسرائيلي – المعقد، فاسفرد له مقالا بذاته لاسباب اهمها ان علاقات الجمهوريين و الديمقراطيين الامريكان باسرائيل هي علاقات معقده تحكمها رؤيتا الحزبين المختلفتين بشأن قضيه اداره الشان الخارجي للولايات المنحده و هذا بشأنه أن يفتح الابواب الكبيره لاراقه الكثير من الحبر و الدماء ايضا.
حسنا……. من هو خلف الجنرال البرهان؟……..
برغم ضباب الغموض الذي يغطي دوافع البرهان، إلا ان الامر في غايه البساطه. اعتقد ان الجنرال البرهان هو سيكوباث متعطش للسلطه. برغم ان هذا المصطلح مرتبط في مخيله الناس بالقتله المتسلسلين و المغتصبين المتعقبين stalker rapists لكنه في الاساس مصطلح في علم النفس يطلق علي مجموعه من الاشخاص الذين يتميزون بانعدام القدره علي التعاطف empathy ، عدم الندم absence of remorse ، حب السيطره و النفوذ لدرجه انهم سموا ب ( ود امبعلو السيطره) control freak ، الخداع، التلاعب ، اوهام خياليه عن أحقيتهم المطلقه للتميز .
المهم، أن هذا الرجل، المريض بالسلطه و الذي قال للناس ( انا رب الفور)،. هذا المريض الذي يظن انه يحقق نبوءه والده برئاسه السودان، قام بالسيطره علي مقاليد الحكم بعد ان اقترب موعد تسلم المدنيين السلطه حسب الوثيقه الدستوريه. ، ثم استعان ببعض المنسوبين للنظام القديم، فقط لتصريف الشئون التنفيذيه فلقد تعلموا ( الزيانه ) علي رؤرسنا نحن اليتامي كما انهم ما زالو يحلمون باستعاده أمجادهم الغابره و لكننا نعلم و يعلم البرهان ايضا أن حزبهم صار من ساكني الماضي و لكنه يحتاجهم كافراد ليس بصفاتهم كاعضاء بتنظيم الاخوان المسلمين . المهم ان الامر هو بهذه البساطه : مهووس سلطه و سايكوباث يستعين ببعض الذين لهم قدره لل( سواقه) لتحقيق احلام ابيه. هذا الرجل ( همبت) السلطه و لن يتردد في الاتفاق مع الولايات المتحده الامريكه او الشيطان نفسه لتحقيق أوهامه و اشواقه المريضه . نعم ستسعي الولايات المتحده الامريكيه -و اظنني قد قامت- للاتفاق مع البرهان و تقدم له السلطه بضمانات كافيه علي ان يترك كمبرادورها الجديد في حال سبيلهم . و هنا تحين الفرصه لايضاح ان الولايانت المتحده الامريكيه باركت الشراكه و الوثيقه الدستوريه في العام ٢٠١٩ بالاساس لان العسكر هم واقع و لكنها تراهن علي الكمبرادور الجديد لانهم – ببساطه- معدون للقيام بهذا الدور و العسكويون ليست لهم المقدره لتنفيذ قصص كالاصلاحات الهيكليه، الحوكمه، اتفاقيات التجاره الحره و ما الي ذلك من المسميات التي يخالها العسكريون أسماءا خرافيه لأشياء ليست لها وجود أصلا. لتك المقدمات، فالولايات المتحده الامريكيه و اجسامها الدوليه ستبقي علي العسكر كامر واقع بينما تضغط عليهم للابقاء علي حمدوك و جماعته التي سيختارها لاعداد السودان لمرحله النهب الجديد، to prime Sudan for the new era of exploitation . و ماادل علي ذلك الا تصريحات فوكلر الحاليه و رضا الرلايات المتحده و الاتحاد الأوربي باتفاق حمدوك البرهان الحالي. هذا الاتفاق هو اعاده للوضعيه ما قبل الانقلاب و هي و ضعيه الثوره الملونه و لكن لا يمكن عبور نفس النهر مرتين فتنفيذ اليه الثوره الملونه الان صار مستحيلا فالشعب قد اكتشف أن هناك شيئا كريها يجوس في الخفاء something fishy is lurking behind the scence و ان كان معظم الثوار لا يعرفونه يقينا. و ما هذا المقال الا محاوله لاتاحه الفرصه للسودانيين للنطر خلف الستار. أنا أعتقد ان القارئ السوداني هو قازئ ذكي و لكنه يفتقر للمعلومات و المناهج و هذا هو دور المثقفين بالضروره، و لكننا، شهدنا بعد ديسمبر ٢٠١٨ كيف أن اصحاب ( الحلاقيم الكبيره) قد سيطروا علي وسائل الاعلام كلها الاجتماعي منها و الجماهيري التقليدي فصار ال ( cowboys and cowgirls) * او( اللايفويات) – كمايسميهم الشعب السوداني . صاروا مصادر التحليل و مرجعيات النقاش،. المهم ……..
أتاح الجنرال البرهان- دون ان يدري او يرغب- فرصه ثمينه لتحقيق ثوره ناضجه لاول مره في تاريخنا الحديث، فالانقلاب الذي قام بتنفيذه كان محرضا لعده احداث انتهت الي توفير بيئه خصبه لميلاذ تغيير مفهومي جذري في جسد السياسه السودانيه. لقد قام البزهان بالانقلاب علي خكومه الثوره الملونه سعيا منه لتحقسق احلامه السيكوباثيه المريضه و لكنه و في نفس الوقت قد قام باقصاء اهم عدو استراتيجي للشعوب الافزيقيه و هو الاستعمار الحديث…….. ثم ماذا كانت تخبئ الايام؟……. قام عبد الله حمدوك بالموافقه علي التوقيع علي اتفاق يقضي باستمرار مشاركه العسكر في اداره شان الحكم في السودان ، موقظا بذلك غضبا سال في شوارع معظم مدن السودان مواكبا و هدير، هتافا و عنفوان و بطولات قلما يشهدها التاريخ. رفض السودانيون او معظمهم موقف حمدوك رمر البطوله السابق و تم وصفه بالمرتد، الضعيف، و حتي العميل. هذا الموقف المفصلي قام بتسجيل سابقه محوريه في ساسيتنا الحديثه. اذ اننا كسودانيين، و بعد كل تغيير سياسي في نطام الحكم، كنا نقوم بتنصيب رموز سياسيه نوكل اليها عمليه الشان السياسي برمته دون ان نراقبهم و هم يقومون بذلك. نكتفي بالامنيات و الدعوات لتحقيق احلامنا. و لكننا الان و في هذه الانتقاضه- التي استحقت أسم ثوره بجداره،- قد قمنا بحراسه أحلامنا بالتظاهر، حميناها بالعرق، الدموع و حتي الدماء و الارواح الغاليه . لم تخدعنا الاسماء البراقه ولا اللغه المنمقه و لا بروباقندا القوي الاستعماريه. لم تشفع للكمبرادور أسماء جامعاتهم اللامعه و لا ادعاء البساطه التي يعلي من شانها السودانيون. لم بعد ذلك ممكنا. لقد قام السودانيون – لاول مره- باستهداف اعداء المبدأ و ليس اعداء النظام القديم فهاهو حمدوك يصير عدوا للثوره عندما صار عدوا لشعارات و مبادئ لجان المقاومه الثلات ـ( لا تفاوض، لا شراكه و لا مساومه). هم بذلك يحققون اهم مبادئ الثوره و التي هي انقلاب كامل علي كل المستويات، السياسيه، الاجتماعيه . النظريه و لمتجسده. ان هذه الملامح ان ما هي ملامح لتغيير يحترم المفاهيم المجرده للثوره و هي المبادئ ، كما يفسح لكل الكمون المتواري وراء سهول و صحاري البلاد لان يتجسد و ليتفجر قمحا و وعدا و تمني. أعتقدان الاوان قد حان لكي يتداول السودانيون كل الاطروحات التي تتحدث عن البنيه التحتيه للصراع او جذور الصراع او أي مسمي يحاول ان يحدد الاسباب الحقيقيه لتأخر البلاد. لقد ادرك السودانيون ان الداء إنما يختبئ خلف عروش الحكام، خلف اللغه و القصص المعسوله. لقد ادركوا ان صراع العروش ما هو الا صراعا فوقيا يخبئ صراعا عميقا يجب تعريته. بإعمال الفكر ، و ما زفضهم لحمدوك بعد تعظيم الا دليل دامغ علي هدا التغيير الجدري في طريقه التفكير . يا للسماء……… لم اتخيل ان تتيح لنا الايام مثل هذه الفرصه. كان حمدوك( كبير كهنه الكمبرادور) يتميز بلغه ذات مبني رائع و تماسك طاهري ملموس ليستحق بذلك لقب ( Rehtoric ) بجداره. و تعني هذه الكلمه حرفيا البليغ و لكن استخدامها في سياق معين يحيل معناها لل( السطحي الأنيق) . لقد حمدت الله مليا أن البرهان قد قام بهذا الإنقلاب، مع عميق حزني لاننا و بسببه، قد فقدنا عشرات الارواح التي كنا حملناها أحلامنا و أمانينا،(جرتقناها) بالذغاريد و الاغنيات، ( جمال شيلنا) و جمال دنيانا. برعم هذا الحرن الا انني اقيم دور هذا الانقلاب في صناعه واقع ثوري كبير و ايام حبلي momentous بما هو أبهي.
لقد إنتاش البرهان دون أن يقصد طائر الثوره الملونه( حمدوك) بعد ان إنتاش الشعب السوداني قبله طائر حكم الإنقاذ/ الممثل الابرز للاقصاء الثقافي الديني بالسودان( الاخوان المسلمين) مستحقا بذلك لقب( الاشتر الناش الطيره) او الأحمق الذي انتاش الطائر الملون. عصفوران بثوره واحده . لكن ، و بعد سقوط قائد سرب الطيور الملونه و كبير الكمبرادور الجدد، هل هناك ما يمكن ان نغني له في هذا الفجر الثوري الكبير؟ . نعم ….… لقد أتاح البرهان مناخا للعصافير الموسميه النهازه فرصه لان ( تقوي عيونها) و تتبختر في مسارح السياسه السودانيه لكي ( تنتف) ريشها الواهي رياح الثوره و الثوار و تعري زيفها القبيح. شهدنا قبل الانقلاب بأبام و بعده ظهور عصافير السياسه الموسميه امثال التوم هجو، اردول ، برطم و الكثير من العصافير المساكين. عري شعبنا هذه العصافير حتي خلت أننا في نادي تعري كبير political striping club تعتلي مسارحه أسراب ملونه من الساسه الزائفين الإتنهازيين اللزجين ، لقد تحول مسرح السياسه الي منصه نادره لمشاهده بغاث الطير في حال تعريي و قبح. تعري مثير للشفقه و الرثاء. شكرا أيها الشعب الذي اسقط (ناش) كبير الكمبرادور و عصافير السياسه الموسميه.
أما التحول الاعظم في هذا لايام فهو ظهور ( لجان المقاومه) كمارد مهيب في ساحه الصراع السياسي. يمكنني أن أتغني بالبسالات الكبيره، قيم الايثار و القوه التي يتمتع بها الثوار ثم امضي الي شأني لاكتب خاتمه هذا المقال، و لكني أشهد أن هذا الحدث إنما هو اكبر ظاهره سياسيه سودانيه ستظل تحرك السياسه السودانيه الي زمن طويل ما لم تطالها أيادي أعداء المبدأ. في سياق دراسه الأنظمه المعقده المتكيفه complex adaptive systems يتواتر ذكر مفهوم الظواهر الناشئه emergent phenomena و هي الظواهر المعقدة الناشئة الجديدة و التي تنشأ من خلال تفاعلات مكوناتها البسيطة و هي ظاهرة مذهله جدًا موجودة في حياتنا. مثلا و لنقرب المعني، خد تفسير ظاهره الذكاء البشري. إن دماغنا وخاصة الشبكة العصبية فيه هو مثال جيد جدًا لعرض هذه الظاهره. يتكون الدماع البشري من مليارات الخلايا العصبيه التي ترتبط مع بعضها البعض بوسائل اتصال كيميائيه. لا غير. فاذا نطرت لهذا التجمع المعقد ، لن تجذ الا الخليه كوحده اوليه له، و هي بالتاكيد قطعه لا تمتلك خاصيه الذكاء، التفكير او الوعي، و لكن ارتباط هذه الخلايا و تفاغلها المعقد مع بعضها انتج الذكاء البشري و التفكير. بل ان هذه الظاهره الناشئه انتهت لان تسيطر علي النظام برمته فصار المخ كله -كتركيب فبزيائي- تحت سيطره التفكير و الوعي. اي النطام بوحداته البسيطه و بتفاعله المعقد، انتج ظاهره جديده قامت بالسيطره علي النظام نفسه. هنا و في هذا السياق، اعتقد ان لجان المقاومه ظاهره ناشئه emergent phenomenon نتجت عن تفاعل مكونات النظام السياسي القديم و هي الان ستكون المكون الاساسي ، ان لم تقم بالسيطره علي النظام كله، و بهذا الزعم اقرر اصاله هذه الظاهره و انها ليست عرضا عابرا سيتبخر ليعود النظام السياسي أسرا للقوي القديمه. اننا امام ظاهره يجب التعامل معها بالاحترام الكافي و عنايتها لكي نحصد سعادتنا و رفاهنا.إن اهم ما يمكن ان نقوم به هو مساعده لجان المقاومه و تسليحها بالمعرفه الكافيه لفهم الواقع و مماحكته علي أسس معرفيه حقيقيه. الاهتمام بالمعرفه النظريه ثم التكنيكات العمليه لضمان تحقيق المقاصد . لقد فطن عدد من المثقفين لهذا الدور و كانوا و لا زالوا يقومون به بكفاءه مشهوده وسط الشباب علي سبيل المثال لا الحصر صديقي و أستاذي د. محمد جلال هاشم و د. أبكر آدم ا٢سماعيل و صديقي العارف أحمد الحاج.
يفرض هدا الواقع السياسي علي كل التنظيمات السياسيه ان تقوم بتطوير أطروحاتها السياسيه و ادواتها لتواكب هذا الاختراق الدي أحدثته الاحداث الأخيره. اذ لن يتواني الشعب السوداني في ان يترك صناديق الاقتراع خاويه اذا لم يقرأ الجديه و المعقولية ثم الوجاهه في اطروحات التنظيمات السياسيه و يذهب لكيما يحقق امانيه بؤسائل يجترحها، و لاني أري أن التنظيم السياسي هو الوحده البنيوية التي قامت عليه الممارسه السياسيه الحديثه، فجل آمالي أن تشرع تنظيماتنا في اصلاح هياكلها و أطروحاتها المعرفيه/ الفكريه و السياسيه التي اورثتنا كل هذا البؤس. فليس من اللائق ان تنصرف تنظيماتنا السياسيه لتخوض في صراع عبثي حول النفوذ دونما إستحقاق بذلت فيه (حجر دغش). نحن لم نر بعد ديسمبر٢٠١٨ تنظيما واحدا قدم طرحا جادا للخروج من هذه الكارثه الوطنيه الشامله سوي الحركه الشعبيه لتحرير السودان و حسم الكتله التاريخيه اللتان قدمتا عده اوراق نطريه بنتا عليها مواقفهما التفاوضية لتحقيق السلام في السودان، فكانت اطروحه هيكله الموسسات الامنيه، العلمانيه و النظام المصرفي الموحد و غيرها من الاطرحات الأختراقيه التي أثارت جدلا عاتيا. سأقف عند هذا الحد من غزل الحركه الشعبيه لتحرير السودان ف( شكارتها دلاكتها ) بكل تاكيد. قصدت أن اقول ان اقناع الشعب السوداني لكي يختارك ممثلا له في البرلمان او رئيسا لدولته لم يعد شأننا يسيرا it is not a piece of cake any more. لقد صار مهرا لن يتمكن من دفعه سوي المجتهد و قمه لن ينالها من يتميزون بالكسل الفكري أو اؤلئك الذين اعتادوا استغلال رووس اموالهم الرمزيه من تاريخ و أحاجي مسليه لكي يدفعونها مهورا مزوره لثقه شعب جبار لطالما خدعه الأقذام. كما ان العصافير الموسميه النهازه لن تجرؤ علي ادعاء بنوه صقر الجديان الباذخ، عنقاء زماننا و لآماد طويله قادمه. نحن الان أحوج ما نكون لمشروع قومي خالص يتوسل شروطنا الثقافيه و الحضاريه. مشروعا وطنيا نري أنفسنا في مرآته. يفهم أن كيف يشقي (اوشيك) في ميناء بورتسوذان، كيف تتكئ (حوا) علي حافه جبراكتها و علي تخوم مراحها، كيف ينحني (كوه) و هو يحصد القطن من علي سفح جبل طبانجا، كيف و كيف ؟ نحن الآن نحتاج جهدا كبيرا لانجاز ثوره وفق مشروع وطني إستناري و متعوب عليه. و قبل أن أختم اود ان احكي قصه العبقري ال اللامع ( نيلز بور) . فلقد اشتهر الرجل بمنطيقيته الصارمه فهو رائد من رواد فيزياء الكم و لا غرو. قيل انه عاق حدوه حصان علي مدخل بيته لقدرته علي طرد الأرواح الشريره. و عندما زاره لفيف من اصدفائه العلماء و سألوا في استنكار واضح عن سر هذا الخبال. قال لهم ( علمت ان هذا الشئ يعمل إن آمنت بقوته أو لم تومن، انه فعال بمعزل عن ايماني ) . و لذلك أقول ان الخلفيات النظريه التي اوصلتني الي الكثير من الخلاصات في هدا النقال، ليست ضروريه غلي الاطلاق للإتفاق معي في ما انتهيت اليه من حتميه الاهتمام بلجان المقاومه كاحدي الروافع المهمه لهدم الماضي التعيس او أن تتفق معي في أهميه المشاريع الوطنيه التي تقرأ أرضنا و سمواتنا قبل ان تعتني ببلاغه الاعراب و بريق ال(موزتقو). دعونا نتفق علي صياغه مشروع سياسي سوداني .
ناظم يعقوب
برزبن
١٣ ديسمبر ٢٠١٢١
مراجع مقترحه
—————
David Lane, Journal of communist studies and transion politics, Coloured revolution as a political phenomenon.25(2):113-135
Kwame Nkrumah, Neo-Colonialism, The Last Stage of Imperialism;First Published: in 1965 by Thomas Nelson & Sons, Ltd., London. Published in the USA by International Publishers Co., Inc., 1966
3. Jan Drahokoupil, Project: Globalization and the state: The politics of FDI in Eastern Europe, The Rise of the Comprador Service Sector: The Politics of State Transformation in Central and Eastern Europe
4. Cameron Hudsdon, Sudan’s coup wasn’t a failure of US diplomacy. It was the dawn of a new era in Africa, New Atlantic 28 October 2020 David Lane, Journal of communist studies and transion politics, Coloured revolution as a political phenomenon.25(2):113-135
Kwame Nkrumah, Neo-Colonialism, The Last Stage of Imperialism;First Published: in 1965 by Thomas Nelson & Sons, Ltd., London. Published in the USA by International Publishers Co., Inc., 1966
3. Jan Drahokoupil, Project: Globalization and the state: The politics of FDI in Eastern Europe, The Rise of the Comprador Service Sector: The Politics of State Transformation in Central and Eastern Europe
4. Cameron Hudsdon, Sudan’s coup wasn’t a failure of US diplomacy. It was the dawn of a new era in Africa, New Atlantic 28 October 2020
5, Leon Festinger’s Theory of Cognitive Dissonance, http://netk.net.au/Psychology/Psychology8.pdf
6. Mary ET Boyle, Ph.D.,the Mind of a Psychopath , https://pages.ucsd.edu/~mboyle/COGS11/COGS11-website/pdf-files/F18-16-COGS11-The-Mind-of-a-Psychopath-PART2.pdf
7. Emily Vintiadis, Emergence , January 2013 https://www.researchgate.net/publication/272479117_Emergence
ربما بعد المسافات -برزبن استراليا- خلاك تشوف طشاش طشاش …
كمبرادور البرتغالية الاصل دى افضل منها تجار الدين او وكلاء الرأسمالية الطفيلية ..