مقالات وآراء سياسية

لا رجوع للجيش السوداني من الفشقة إلى قواعده القديمة!

عثمان محمد حسن

* إن التعنت الإثيوبي في الاعتراف الصريح بتبعية منطقة الفشقة للسودان، علاوة على تعديات العصابات الإثيوبية المكثفة على المزارعين مؤخراً والكمين الذي أدى إلى مقتل ضابط وبعض الجنود السودانيين، عوامل دفعت السودانيين إلى الانحياز  شبه الكامل للجيش السوداني، رغم شك كثيرين منهم في مدعاة قرع طبول الحرب الآن وليس قبل ذلك..
* وهناك أمران اثنان لا ثالث لهما أمام الجيش السوداني المرابط في  الفشقة، والمدعوم شعبياً الآن: إما البقاء مرابطاً مكللاً بالغار، أو العودة إلى قواعده ملطخاً بالعار.. فالجيش الإثيوبي أمامه، يبغي طرده من المنطقة، والشعب السوداني خلفه، يطالب ببقائه حيث هو..
* ومنطقة الفشقة هذه سودانية، وهي مرصودة  ضمن خارطة السودان في أضابير الأمم المتحدة، رغم تواجد الإثيوبيين فيها واستزراعهم أجزاء من أراضيها، منذ ما قبل الاستقلال..
* وكان على إثيوبيا تسليم المنطقة للسودان، مثلما سلم السودان إثيوبيا منطقة جمبيلا، المتاخمة لمديرية أعالي النيل، في عام 1957، بحكم  تبعيتها لإثيوبيا، لكن إثيوبيا لم تفعل، بل تمددت داخل الأراضي السودانية (تدريجياً) إلى أن صارت المنطقة إثيوبية الوجه واليد واللسان، بينما الحكومات السودانية المتعاقبة تغض الطرف عن التمدد الإثيوبي (التدريجي) وفي اعتبارها أن من يتمددون ما هم إلا عصابات معروفة باسم الشفتة..
* الفرق بين تلك العصابات وعصابات (الشِفْتَة) يتضح في سبل كسب عيش كليهما، فالشفتة عصابة سلب ونهب وعدم استقرار في مكان ثابت.. أما العصابات التي تروِّع المزارعين في الفشقة وتجبرهم على النزوح (قسرياً)، إلى داخل السودان، فعصابات  يتولى أمرها بعض كبار الضباط المتقاعدين من الجيش وعدد من كبار معاشيي الخدمة المدنية الإثيوبية منحتهم السلطات الإثيوبية أراضي منطقة الفشقة جزاءاً وفاقاً لخدماتهم الطويلة، رغم أنها أراضٍ سودانية، فتمددوا تمدداً استيطانياً شاملاً.. وتقول الأنباء المتواترة أنهم أقاموا مبانٍ بالمواد الثابتة واتخذوا من ما يقارب المليوني فدان وطناً لهم.. ينتجون الذرة والسمسم وغيرهما من المنتوجات الزراعية.. ويصنعون الطحنية والزيوت، ويصدرونهما إلى الخارج..
* ولتغيير الهوية السودانية للمنطقة، غيَّر الاثيوبيون أسماء القرى السودانية بأسماء إثيوبية، فحملت قرى سودانية مثل أبو طيور وقلع اللبان واللكدي وخورشين أسماء إثيوبية برخت، أبرهة، سفاري، وقطر آرات..
* وفي ظني أن أسماء القرى السودانية ستعود إلى أصلها بعد دخول الجيش السوداني منطقة الفشقة.. وأن عودة المزارعين السودانيين إلى قراهم سوف تسبق عودة أسماء القرى..
* لقد إنطلق (الجِنِّي) من قمقمه.. وفي المثل السوداني:- “الإتبلبل يعوم!” و الجيش السوداني إتبلبل، واتبلبلنا معه.. ولا أرى سبيلاً البتة لمغادرة منطقة الفشقة بعد عودتها للسودان، مهما كانت العواقب!
* حمى الله جنودنا المرابطين في الحدود مع إثيوبيا، وأولئك الذين سوف يرابطون في الحدود مع مصر عقب (عودة الروح) للسودان، عودةً يراها البعض بعيدةً ونراها قريبة في عيون شابات وشباب السودان الجديد بحقٍ وحقيق..
++ حاشية ذات صلة:-
– لا أعتقد أن العناصر التي تطالب بطرد الاثيوبيين من السودان عناصر تريد الخير للسودان.. وهي تعلم أن الأخوة الحقيقية هي تلك التي يكنها الإثيوبيون للسودانيين،  ويبادلهم السودانيون حباً بحب لا شبهة انتهازية فيه..
– وأعتقد أن علاقة الإخاء التاريخية بين البلدين تشعل غيرة الدول الطامعة ليس في الفشقة فقط، بل في (كل) السودان.. وربما من صالحها إشعال الفتنة بين السودانيين وإخوتهم الاثيوبيين.. وإعاقة العمل في سد النهضة.. ربما..! ربما..!
– وسوف ندلل في المقال القادم على أن التوتر الجاري بين السودان وإثيوبيا صُنِعَ في مصر.
عثمان محمد حسن
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..