مقالات وآراء سياسية

شريعة نافِع و (سكران الجنّة)..!

 عبد الله الشيخ

الشَرِيعَة كما دونها الفُقَهاء، لم تجد حظاً من التطبيق في أية مرحلة من مراحل التاريخ.. أُكرر: الشريعة لم تجد حظاً من التطبيق في أي مرحلة مِن مراحِل التاريخ، لا سيما وان الأنظمة الوطنية ليست وحدها في ادعاء القَداسة تحت مسماها، فحتى كتشنر وحتى الأتراك، كانوا على دعوى تمثيل الخِلافة العثمانية  – الإسلامية.

بل الشريعة غير ممكنة التطبيق – قولاً واحداً – لأنها تُعرَّف عند دعاتها بأنها جُماع ما ورد في القرآن، والقرآن (حمّال أوجُه)، مع السنّة النبوية بإسنادها المتَفق والمُختَلف عليه، مع اجتهاد الحكام والأئمة في السياسة والإدارة والفتوى، يضاف إلى كل ذلك سوابق قضائية لأعلام من كافة الملل والنِحل، من عند الخلفاء الاربعة، مروراً بالأئمة الأربعة، الى آخر السلسلة التي لن تنتهي بالبغدادي، والسويدان، والترابي و (سكران الجنّة)! إذ الشريعة تستوعب مؤلفات المودودي والقرضاوي، إبن تيمية، إبن باز، مثلما ترتكز مفهوميتها على سوالِف إبن حبّان وإبن مَاجة،،، إلخ..

لقد تطورت الحياة السُّودَانية بتتابع دوائر متداخلة ومتوالدة، تحمل كل دائرة طابع المرحلة الماضَوية التي لا تنفك تتناغم مع المستقبل. القاعدة دوماً هي التطوُّر الذي يخضع لقوانين تحكم مراحله وشروط الإنتقال منها إلى الأخرى.. المعين الإجتماعي والفكري لهذه التجربة التاريخية هو تمازج الثقافة والدم العربي في العناصر السكانية الزنجية…. على هذا النسيج استقوى التنظيم القبلي بدءاً حتـى ورثته الطرق ثم استحال إلى ممالك وسلطنات ليتوسع الكيان في(دولة) في القرن التاسع عشر.

الممالك الإسلامية كانت وريثاً للممالك المسيحية التي انقطع رأسها بعد دخول العرب إلى مصر. كانت  السلطنة هي محصلة تجارب التحشيد القبلي من أجل بناء كيانات سياسية أكثر قوة. فقد انتقلت تجربة إمارة أرض المعدن التي نشأت في القرن العاشر في شرق السُّودَان إلى الأواسط بتجمع العرب تحت راية جٌهينة.

أُطلق على تحالف العرب في الوسط اسم العَبْدلّاب، لكن تحالف العرب وحدهم لم يكن كافياً، لذا تحالف العَبْدلّاب مع الفُونْج، وكان ادعاء الفونج للنسب العربي يهدف إلى ايجاد بعد ايدولوجي روحي يتذرعون به للسيطرة..

بهذا التحالف تأكد تجاوز الوضع التاريخي لأطر الوعاء القبلي، فكانت تلك خطوة حاسمة للإطلال على عصر الكيانات الكبيرة التي تتوج بكيان واحد هو الدّوْلَة.

تبع تجارب بناء الكيانات السِياسية على أسس دينية تقفز على القَبيلَة تطور فكري موازٍ كان القاسم المشترك فيه هو التَّصوُّف، وكانت حيثية الشَرِيعَة هي عقدة الصِّراع. كان الإنتساب للثقافة العربية الإسلامية فاتحة لإدعاء أن الشَرِيعَة قد طبقت كاملة في سلطنة سِنَّار، وفي دولة المَهدِية، وفي عهد البشير والترابي…

الشريعة هي مدونات التراث. الشريعة مفاهيم متعددة لنص مقدس يخاطب شعوباً وقبائل متعددة، في أركان الدنيا.. لكن جبريل، ونافع، ولُبابة الفضل، واخوانهم من كيزان السودان، يؤكدون أن ثورة الإنقاذ تحققت وجسدت هذا الكائن في التاريخ!

ها أنت يا سيدي تحدثنا عن العدالة والمساواة وعن الثورة – حرية سلام وعدالة…. أي عدالة هذه التي لا تكترث للأرواح  التي أُزهقها الاخوان المسلمون بإسم الشريعة!؟

عبد الله الشيخ
المواكب

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..