ستروس – كان ينتقل إلى شقة «مؤقتة» وسط قلق الجيران.. آن سينكلير.. المرأة التي ساندت زوجها وقت المحنة..قالت إنها متأكدة من براءة ستروس ـ كان وسارعت لدفع كفالة مليون دولار

القضاء منعه من مغادرة سكنه عدا لحضور المحاكمة أو زيارة الطبيب والصلاة

أمضى دومينيك ستروس – كان ليلته الثانية خارج السجن، بعدما أفرج عنه القضاء الأميركي بكفالة مساء أول من أمس ووضعه قيد الإقامة الجبرية في مبنى في نيويورك سيسكن فيه مؤقتا المدير السابق لصندوق النقد الدولي المتهم رسميا بارتكاب اعتداء جنسي.

وغادر ستروس – كان سجنه الانفرادي إلى شقة في نيويورك، حيث يمكنه لقاء عائلته وأصدقائه، لكن في ظل مراقبة دائمة. وكان قد أمضى أربع ليال في سجن رايكرز آيلند. وقالت جيما هاردينغ، التي تقطن في جوار المنزل المؤقت لستروس – كان«لا يروقني فعلا (أن يكون هنا). أجد الأمر مخيفا بعض الشيء». وتساءلت نيكول ميتروفيتش، 23 عاما «هل يخضع لمراقبة مشددة؟ أشعر ببعض القلق كوني امرأة، سأظل يقظة». وقال جيف شابيرو، محامي المرأة الغينية التي تتهم ستروس – كان بمحاولة اغتصابها، إن الإفراج عنه «أصابها بالرعب».

وأكدت الشرطة وصول الوزير الفرنسي السابق إلى هذا المبنى في جنوب برودواي قرب موقع «غراوند زيرو»، حيث استهدفت اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 برجي مركز التجارة العالمي. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن ضابط في الشرطة، طلب عدم كشف هويته، قوله «إنه هنا»، فيما كان زملاؤه يضعون حواجز معدنية لإبعاد الصحافيين.

وخرج ستروس – كان من السجن بعدما وافق قاض في نيويورك على كل الوثائق التي تحدد شروط الإفراج المشروط عنه. وسيقيم المدير السابق لصندوق النقد الدولي مؤقتا في هذه الشقة بعد اتهامه في 14 مايو (أيار) الحالي بالاعتداء الجنسي ومحاولة اغتصاب عاملة تنظيف (32 عاما)، في فندق سوفيتل في مانهاتن. وينفي ستروس – كان التهمة الموجهة إليه.

وكان مقررا أن يقيم كان في شقة في الشارع رقم 65 في مانهاتن، لكن تم تغيير المكان بعدما «اجتاحه» الصحافيون، مما تسبب في إزعاج السكان، حسب قول ويليام تايلور محامي ستروس – كان. وسيبقى الوزير السابق، 62 عاما، في هذه الشقة «لبضعة أيام»، بحسب القاضي مايكل أوبس في محكمة نيويورك العليا، وأوردت الصحافة المحلية أن الشقة تعود إلى شركة «ستروز فرايدبرغ» المكلفة بضمان إقامته الجبرية. ولن يتمكن من مغادرة هذا المسكن المؤقت إلا في حالات استثنائية جدا.

ولاحقا، سينتقل ستروس – كان إلى شقة أخرى دائمة يمكنه مغادرتها لدواع محددة، مثل حضور جلسات محاكمته أو مقابلة وكلائه أو زيارة الطبيب أو أداء الصلاة في المعبد، لكن شرط أن يتقدم بطلب يسبق المغادرة بست ساعات وفق السلطات القضائية في نيويورك. كذلك، لن يتمكن من الخروج بين الساعة العاشرة ليلا والساعة السادسة صباحا.

وكان القاضي مايكل أوبس وقع أول من أمس قرار الإفراج عن ستروس – كان الذي وضع منذ الاثنين في سجن رايكرز آيلند، وذلك بعدما سدد محاميه وكفيله القانوني كفالة بقيمة مليون دولار، إضافة إلى إيداع كفالة بقيمة خمسة ملايين دولار. وسمحت السلطات القضائية الخميس بالإفراج عنه شرط التزام مجموعة شروط. فإضافة إلى الكفالة وإيداع الكفالة، على ستروس – كان أن يقيم في شقة بمانهاتن في ظل مراقبة دائمة. وسيمثل ستروس – كان مجددا أمام القضاء في السادس من يونيو (حزيران) المقبل، وخلال الجلسة المقبلة، عليه أن يدفع ببراءته أو يعترف بالتهم السبع الموجهة إليه. وفي حال أقر بالتهم المساقة ضده، فلن تتم محاكمته، وسيحكم عليه بالسجن أعواما عدة، على أن يتم التفاوض في شأن مدة المحكومية مع القاضي. أما إذا دفع ببراءته، بناء على اقتراح محاميه، فسيمثل أمام المحكمة.

وفي فرنسا، أعلنت الكاتبة والصحافية تريستان بانون أنها لن تلاحق ستروس – كان قضائيا، ولن تشهد ضده في الولايات المتحدة، وذلك بعدما أكدت أنه اعتدى جنسيا عليها عام 2002. وبالنسبة إلى المستقبل السياسي لستروس – كان، فقد صرح فرنسوا هولاند، المرشح للانتخابات التمهيدية في الحزب الاشتراكي الفرنسي «على الصعيد السياسي، فإن ستروس – كان وحده يقرر ما إذا كان يستطيع أو لا يستطيع الترشح للانتخابات التمهيدية في الحزب الاشتراكي».

[COLOR=royalblue]آن سينكلير.. المرأة التي ساندت زوجها وقت المحنة

قالت إنها متأكدة من براءة ستروس ـ كان وسارعت لدفع كفالة مليون دولار لإطلاقه مؤقتا[/COLOR]

كانت أكثر شهرة وثراء من زوجها، لكنها انضمت إلى نادي الزوجات اللائي تدعمن أزواجهن رغم خيانتهم لهن على خلفية قصتها غير العادية والتهم الجنائية الدنيئة بمحاولة اغتصاب عاملة في فندق التي يواجهها زوجها. عندما تزوجت آن سينكلير بدومينيك ستروس – كان في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1991 كانت صحافية تلفزيونية شهيرة وكانت تطل بشعرها البني وعينيها الزرقاوين في أكثر البرامج الحوارية شعبية وهو «7/7». وأجرت من خلال البرنامج أكثر من 500 مقابلة، منها مقابلة مع فرانسوا متيران، الرئيس الفرنسي الأسبق، وميخائيل غورباتشوف، الرئيس السوفياتي الأسبق، وبيل كلينتون، الرئيس الأميركي الأسبق.. كما أجرت مقابلة مع هيلاري كلينتون عندما كانت السيدة الأميركية الأولى، فضلا عن نجوم مثل إيف مونتان، ومادونا. كان البرنامج يجذب نحو 12 مليون مشاهد يوم الأحد. كان زواجها بدومينيك مثل مباراة حب، فقد كان هو تزوج مرتين ولديه 4 أطفال، في حين أنها كانت قد تزوجت مرة واحدة، ولديها طفلان. وأصرت السيدة، التي ولدت في نيويورك لعائلة هاجرت إلى أميركا هربا من النازيين ومن أب عرف باسم «سينكلير» في المقاومة الفرنسية، على إقامة مراسم يهودية في المجلس المحلي لباريس.

ونظرا لجمالها وشهرتها تزوجت في غرفة بها تمثال نصفي لماريان، رمز الحرية والفخر بالجمهورية في فرنسا، فلم يكن وجهها يظهر على شاشات القنوات الفرنسية فقط بل في كل مجلس محلي. التقى الاثنان كما هو متوقع في برنامج تلفزيوني عام 1989.

وقالت ميشيل تاوبمان، التي كتبت سيرة ستروس – كان من المقرر أن تصدر في حملة انتخابية محتملة: «لقد فتنت بذكائه وجاذبيته». توقفت عن تقديم البرنامج بعد 13 عاما لتجنب صراع المصالح عندما أصبح زوجها وزير مالية عام 1997. وأصبحت نائب مدير قناة «تي إف 1»، وفي ما بعد المدير العام لقسم الإنترنت بها. وقالت: «عندما تقضي 13 عاما تجري مقابلات مع سياسيين، تفقد السلطة بريقها».

لكنها ظلت القوة الدافعة لطموحات ستروس – كان السياسية، فقد مكنهما ميراثها من جدها بول روزينبيرغ، تاجر التحف من التمتع بترف العيش والاستقلال وامتلاك شقتين في باريس ومنزل قيمته 4 ملايين دولار في جورج تاون ومنزل تقليدي في مراكش. وساعدت في تمويل مجموعة من المستشارين السياسيين والمعاونين الصحافيين والمواقع الإلكترونية لتمهيد الطريق إلى عودة ستروس – كان إلى السباق الرئاسي الذي اعتقد كثيرون أنه يستطيع الفوز فيه.

وصرح أحد الأصدقاء لصحيفة «لو موند»: «كثيرا ما أرادت إثبات أن الفرنسيين بعد 75 عاما من ليون بلوم قادرون على انتخاب رئيس يهودي. كانت ترى ذلك فرصة للانتقام من التاريخ». لكن ألين دوميل، صديقها المقرب، قال في مقابلة إنها «كانت تخاف من الحملة كثيرا، فقد كانت تعرف أنها ستكون تضحية كبيرة في حياتها». وأشار إلى أنها كانت ترى وزوجها الدين باعتباره مسألة هامة في الحملة، لا قضية كبيرة. باءت كل المحاولات المستمرة للاتصال بسينكلير من خلال أصدقائها والمتحدثة باسمها سواء هنا أو في نيويورك، حيث توجهت لزيارة زوجها، بالفشل. تبلغ آن إليزيه شوارتز 62 عاما مثل زوجها، ووالدها هو جوزيف روبرت شوارتز، لكنه اتخذ سينكلير اسما له في عام 1949، ووالدتها هي ميشلين نانيت روزينبيرغ التي رسمها بيكاسو وأطلق عليها اسم «ميشو». ورثت الأسرة من روزينبيرغ، أحد أبطال لوحات بيكاسو، جزءا من أعمال بيكاسو تقدر بملايين الدولارات، فقد بيعت لوحة واحدة فقط لماتيس هي «لوداليسك هارموني بلو» عام 2007 في دار مزادات كريستي مقابل 33.6 مليون دولار.

وآن من أعضاء مجلس إدارة متحف بيكاسو في باريس، وتعكف حاليا على تأليف كتاب عن جدها. وتخرجت آن في معهد الدراسات السياسية في باريس وفي كلية القانون بجامعة باريس، وبدأت حياتها المهنية بالعمل صحافية في إذاعة «أوروبا 1».

وكانت من أصدقاء إليه ويزيل، وإيفان ليفاي، زوجها الأول الذي ولد في المجر وقامت أمه على تربيته ثم تم ترحيله، وقتل على أيدي النازيين. وصفها ليفاي الذي كان يختبئ في الريف الفرنسي ذات يوم قائلا إنها «أجمل من أن تكون لي». وسموا ابنهما الثاني إليه على اسم ويزيل. قال ويزيل: «لقد كانت فاتنة وذكية وشهيرة بكل ما في الكلمة من معنى. لقد كانت مزيجا من تشارلي روز وباربرا والترز.. ومطلعة». لكن لا يوجد أي استعداد لأي نوع من التطهير منذ إلقاء القبض على زوجها الأسبوع الماضي على خلفية اتهامه بمحاولة اغتصاب. وبحسب مجلة «باريس ماتش»، لقد كانت آن في باريس تنتظر مولد أول حفيد لها عندما تلقت مكالمة من زوجها نحو الساعة الـ11 مساء أو الخامسة مساء بتوقيت نيويورك بعد القبض عليه من فوق متن طائرة تابعة للخطوط الجوية الفرنسية. شحب وجهها، وأفيد بأن زوجها قال لها إن المشكلة خطيرة.

وأصدرت آن يوم الأحد بيانا تدعم فيه زوجها وتقول فيه إنها لا تصدق أيا من الاتهامات الموجهة ضده، ثم توجهت إلى مانهاتن لدفع كفالة قدرها مليون دولار، بالإضافة إلى مصاريف أخرى منها شقة وسوار إلكتروني وحراس مسلحين من شركة حصلت على تصريح المحكمة. وقالت: «لا أصدق هذه التهم الموجهة ضد زوجي بأنه تورط في اعتداء جنسي. أنا على يقين من أن براءته ستثبت».

لكنها تعلم بالفعل الثمن الباهظ الذي ستدفعه من الإعلام. وبعد استئجار شقتين في مبنى يبلغ إيجار الشقة فيه 14 ألف دولار شهريا، قيل لها إن زوجها غير مرحب به هنا، وتقيم الآن في مقر وفرته لهما الشركة المسؤولة عن الأمن.

لا شك أن آن كانت تدرك أن زوجها يطارد النساء لكنها لم تبد اهتماما بهذا الأمر في العلن على الأقل. وقالت في معرض إجابتها عن سؤال من «ليكسبريس» عام 2006 عما إذا كانت تعاني من شهرة زوجها بأنه زير نساء: «لا أنا فخورة بذلك. من المهم بالنسبة إلى السياسي أن يكون قادرا على الإغواء. ما دام منجذبا لي وأنا منجذبة له، فهذا يكفي». وقال دوميل إن سلوك ستروس – كان، كان مثارا للأحاديث بين أصدقائها لكن ليس معها. وأوضح قائلا: «إنه أمر لا تريد أن تسمع عنه. كان اختيارها أن تظل متضامنة معه». تم تسليط الضوء على تاريخ ستروس – كان الذي لم يكن يعرفه كثيرون عام 2008 عندما تم التحقيق معه من قبل صندوق النقد الدولي في تهم باستغلال النفوذ عندما كان على علاقة ببيروسكا ناغي، وهي خبيرة اقتصاد مجرية متزوجة. وتم الوصول إلى استنتاج بأن العلاقة بينهما كانت بالتوافق وقاموا بتوبيخه، لكنه احتفظ بمنصبه. واستعان بشركة علاقات عامة وأصدر بيانا أبدى فيه ندمه على العلاقة واعتذر لآن. ثم كتبت آن في مدونتها: «هناك أمر أو اثنان يمكن رؤيتهما من أميركا والجميع يعلم أن مثل هذه الأمور تحدث بين الأزواج. هذه الرحلة من الماضي».

وقال ستروس – كان، في خطاب استقالته من منصبه في صندوق النقد الدولي، الذي كتبه من السجن: «أهم ما أفكر فيه هو زوجتي التي أحبها كثيرا وأبنائي وأسرتي وأصدقائي». وأعرب ويزيل عن حزنه من أجل آن قائلا: «هناك آية في التوراة تقول: لا أحد يستطيع أن يتحكم في غرائزه. لكن التحكم فيها هو جوهر الحضارة». في 30 أبريل (نيسان) الماضي، كتبت آن عن زواج الأمير ويليام: «أستطيع أن أفهم الذين لم يرتكبوا أي خطأ. كأننا مثل أطفال يريدون أن يستمعوا إلى حكاية ما قبل النوم عن أميرة وحلم، لأنك سرعان ما تصطدم بالواقع».

* خدمة «نيويورك تايمز»
الشرق الاوسط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..