مقالات وآراء سياسية

طبيعة العلاقة التعاقدية فى الاعتماد المستندى 

فائز بابكر كرار
يُمثل الاعتماد المستندي إطاراً عاماً للتجارة الدولية ويَحظى باعتماد من كافة الأطراف وغالبية دول العالم ، فضلاً عن أنه يُقلل من مخاطر صرف العملة إذ يدفع المستورد الثمن بعملة دولتهُ ويتسلم المصدّر النقود بعملته أيضا (وفق ما يحدد في العقد) ، وبالإضافة إلى ذلك فإن الاعتماد المستندي يقلل من مخاطر تحجيم التجارة خوفاً من عدم دفع المستورد ثمن البضائع .
في مقال سابق تناولنا أطراف العلاقة التعاقدية فى الاعتماد المستندى ، أنواع الاعتماد المستندي من حيث قوة التعهد والتنفيذ والشكل ، وفى هذا المقال نتناول العلاقة التعاقدية فى الاعتماد المستندى بين أطراف العلاقة التعاقدية وهم البنك مصدر الاعتماد والمشترى طالب فتح الاعتماد والمستفيد والبنك المراسل هنا لابد من معرفة خصائص ترابط العلاقة التعاقدية ومدى استقلاليتها بين أطراف عقد الاعتماد المستندي ، واهم الضمانات فى العلاقة التعاقدية من حيث الطبيعة القانونية لخطاب الاعتماد والعقد المستندى والأساس القانوني والأعراف التجارية الدولية التى تحكم تنفيذ علاقة العقد المستندى.
فى تحديد طبيعة العلاقة القانونية لابد من الوقوف على تكييف العلاقة والآثار المترتبة عليها والتزامات كل طرف .
فى تقديري أهمية ذلك تنبع من أهمية مقومات الاقتصاد ودور التجارة فى فى الاقتصاد بالنسبة للدول خاصة إذا ارتبطت العلاقة التعاقدية والتجارية بالتجارة الدولية ومدى تأثر التجارة الدولية باستقرار الاقتصادي والأوضاع السياسية وموقف الدول الخارجية فى التعامل مع عقود التجارة الخارجية .
بداية فى تحديد وتكييف العلاقة التعاقدية فى الاعتماد المستندى بين أطراف العلاقة التعاقدية ومدى استقلالية العلاقة بين أطراف العملية فى العقد المستندي وبين استقلالية العقود وأهم مظاهر الاستقلالية .
هل العلاقة التعاقدية فى الاعتماد المستندى لها استقلالية تامة بين أطراف العلاقة التعاقدية؟ .
لمعرفة طبيعة العلاقة بين أطراف العلاقة التعاقدية والعلاقة بين العقود لابد من الوقوف عند العلاقة بين أطراف العقد والعلاقة بين العقود وتحديد أهم أمرين هما مدى الاستقلالية وتحديد الطبيعة القانونية لكل من عقد الاعتماد المستندي وعلاقة العميل (المشتري طالب فتح الاعتماد) بالمستفيد وعلاقة العميل للبنك (فاتح الاعتماد أو مصدر خطاب الاعتماد) وعلاقة المستفيد مع البنك وعلاقة البنك الوسيط أو المراسل بكل من البنك والمستفيد ، ومعرفة ذلك تبين لنا التزامات المتعاقدين فى العلاقة التعاقدية.
الالتزامات وقوة التعهد بين أطراف العلاقة التعاقدية فى الاعتماد المستندى تحددها قوة التعهد والتنفيذ من حيث نوعية الاعتماد وهى – الاعتماد القطعي غير قابل للإلغاء والاعتماد القابل للإلغاء ، والاعتماد المعزز وغير المعزز ، والاعتماد القابل للتحويل ، واعتماد الاطلاع ، والاعتماد المفتوح والاعتماد المقيد ، هذه الأنواع من شكل الاعتماد تحدد مدى العلاقة التعاقدية فى الاعتماد المستندى واهم الخصائص خاصية الاستقلال فى العلاقة التعاقدية بين أطراف عقد الاعتماد المستندى ومدى استقلالية العلاقة بين العقود وهي بدورها تحدد الضمانات والالتزامات فى العلاقة التعاقدية.
للاحاطة بالطبيعة القانونية للإعتمادات المستندية لابد من معرفة النظريات الفقهية وموقفها من الأساس القانوني لطبيعة الاعتماد المستندى ومعرفة التزامات كل طرف من أطراف العلاقة التعاقدية ، ومعرفة القواعد الدولية المنظمة للاعتمادات المستندية والعلاقات القانونية.
 لابد لنا من موقف المشرع والقضاء السوداني من طبيعة العلاقة التعاقدية للاعتماد المستندي ،
لمعرفة تكييف طبيعة العلاقة التعاقدية فى الاعتمادات المستندية وترتيب الالتزامات لابد من تحديد نوع عقد الاعتماد المستندى من ناحية قوة التعهد كما هو الحال فى الاعتماد القابل للنقض (credit Revocable) هو ما يحتفظ فيه البنك بحق الالغاء او التعديل مع اشتراط إخطار العميل بذلك وفي هذا جاءت المادة 9 أ من النشرة 500 “من الاصول والاعراف الموحدة الصادرة من غرفة التجارة الدولية (International chamber of commerce)
ان الاعتماد القابل للإلغاء يمكن تعديله أو الغاؤه بواسطة البنك فاتح الاعتماد فى اى لحظة وبدون أخطار مسبق للمستفيد” .
ولكن تتعلق بهذه المسألة مسالة اخرى وهى تعديل الاعتماد وفق القاعدة (9) أن تعديل الاعتماد يجب أن يوافق عليه أطراف الاعتماد (البنك مصدر الاعتماد والبنك المراسل والمستفيد والمشتري) لأن علاقتهم تعاقدية واى تعديل يجب أن يوافقوا عليهم جميعا .
حيث أكد فقهاء القانون فى ذلك وفق ما جاء في كتاب Jack Documentary Credits
(يعتبر تعهد البنك المضمن فى خطاب الاعتماد عقدا ملزما بينه وبين المستفيد ، وهو بوصفه عقدا لا يمكن أن يعدل الأمن قبل جميع أطرافه) .
نستفيد من ذلك :
– يمكن أن يعدل تعهد البنك فى خطاب الاعتماد بموافقة أطرافه .
– الالتزام الناشئ من خطاب الاعتماد التزام عقدي .
– اى اخلال بالتعهد الوارد فى خطاب الاعتماد يعتبر إخلال باتفاق الاعتماد .
لاحظنا ان الاعتماد القابل للتعديل او النقض ولكن ليس الحق فيه مطلق دون تحديد مسئولية او ترتيب اثر طالما أن أصل العلاقة التعاقدية بين الاطراف فانه يترتب مسئولية على كل من البنك والعميل فى حالة الإلغاء وكذلك المستفيد إذا كان هو سبب الالغاء .
الإلغاء أو النقض او التعديل لابد ان تسبقه اخطارات وتبليغات حيث جاء فى النشرة (500) التى نظمت فى المادة (11) عملية وكيفية التبليغات التي تكون عبر الرسائل البرقية الموثوقة وهذه الرسائل تتم بها كافة معاملات الاعتماد المستندى فى تبليغ الاعتماد أو التعديل فيه .
وهناك نوع آخر من حيث قوة التعهد وهو
الاعتماد غير القابل للتعديل أو النقض (Irrevocable Documentary Credit
هذا الاعتماد لايجوز فيه للبنك فاتح الاعتماد تعديله او الغاؤه الا بالاتفاق مع العميل طالب فتح الاعتماد او المستفيد ) التزام كل من طالب فتح الاعتماد وفاتح الاعتماد والتزام المستفيد التزام نهائي وفق الشروط المتفق عليها بينهم .
هذه من ناحية قوة الالتزام والتعهد اما من ناحية تنفيذ الالتزامات والتعهد ينقسم الاعتماد المستندى الى :-
الاعتماد المعزز Confirmed L/C
يعزز الاعتماد باضافة تعد بنك آخر عادة ما يكون في بلد المستفيد أو البائع ويلتزم له البنك بصورة قطعية لضمان السداد .
النوع الثانى
الاعتماد غير المعزز Unconfirmed Irrevocable
فى هذا الاعتماد ضمان دفع ثمن البضاعة للمستفيد من البنك فاتح الاعتماد فقط .
وهذين النوعين كنموذج للالتزام يوضحان مدى قوة الالتزام والتعهد وضمان الدفع ، يمكن تقسيم الاعتماد المستندي من حيث الفترة الزمنية للدفع (أي من ناحية التنفيذ) إلى اعتماد اطلاع, واعتماد قبول أو لأجل , واعتماد الدفعات المقدمة .
تفصيل عقد الاعتماد المستندى من ناحية النوع من حيث قوة التعهد ومن ناحية التنفيذ ومن حيث الشكل ومن ناحية طريقة الشحن كلها تبين وظائف الاعتماد المستندي من حيث المزايا والخصائص توضح ان الاعتماد المستندى كغيره من العقود يمتاز بخصائص ومزايا نوجزها فى :-
– الخروج عن قاعدة نسبية اثر العقد بمعنى أن العقود لاتنفع ولاتضر غير عاقديه يتضح ذلك إلى أن تعهد البنك تجاه المستفيد هو التزام أصيل وليس التزاما تابعا ، بالمقابل نجد أن التزام البنك تجاه المستفيد (طالب فتح الاعتماد) التزاما مستقلا عن كل العلاقات التعاقدية ، والبنك فاتح الاعتماد يتعامل مع عقد الاعتماد المستندي بالتزام شخصي مع المستفيد من خلال إصدار خطاب الاعتماد باسم البنك فاتح الاعتماد وليس المشتري (طالب فتح الاعتماد – العميل) ، وفى حالة كان الاعتماد قطعي غير قابل للإلغاء لا يجوز للبنك المصدر الرجوع عن تعهده بالدفع .
الفوائد المتحققة من الاعتمادات المستندية الأمان والطمأنينة والثقة عند توافر الشروط والاحكام خلال فترة صلاحية الاعتماد ومطابقة المواصفات ، والائتمان فى عقد الاعتماد المستندي.
من الواضح هناك عدة علاقات تعاقدية تنشأ من عقد الاعتماد المستندي من حيث الاستقلالية وبناءا على ذلك أن الاستقلالية فى الاعتمادات المستندية تكون فيها العلاقات القانونية بين كل طرفين من أطراف الاعتماد تكون مستقلة عن الاخرى وهو الأساس الذي تقوم عليه العلاقة التعاقدية (استقلالية العلاقة بين العقود) ويظهر مبدأ الاستقلالية فى علاقة العقود فيما بينها فى :-
أولا : استقلال خطاب الاعتماد عن عقد الاعتماد المستندي ، (خطاب الاعتماد هو ما يصدره البنك ويوجهه للمستفيد تعهد بالدفع) .
ثانيا : استقلال خطاب الاعتماد عن عقد البيع.(خطاب يصدره البنك يلتزم فيه بدفع قيمة الاعتماد لحظة تقديم مستندات محددة داخل خطاب الاعتماد)
ثالثا : استقلال عقد الاعتماد عن عقد البيع. (عقد الاعتماد اساسه فى عقد البيع فى التزام البائع بتسليم البضائع والتزام المشتري بدفع الثمن) .
يمكننا إيجاز مظاهر الاستقلالية فى عقد الاعتماد المستندي من خلال الطبيعة القانونية لعقد الاعتماد المستندي من حيث الإلغاء ،والالتزام القطعي (غير قابل للإلغاء)، والعلاقة القانونية بين العميل والمستفيد ، علاقة العميل مع البنك ، وعلاقة المستفيد بالبنك .
العلاقات التعاقدية حتى تنشأ لابد من توافر ضمانات للعلاقة التعاقدية منها الرهن الذى يضمن به دفع قيمة الاعتماد للبنك فى الحصول على المبالغ التي يدفعها البنك للمستفيد وتكون فى اتفاق مسبق بين العميل والبنك .
وهنا مايعرف بغطاء الاعتماد المستندى وهو الحماية التى يحصل عليها البنك من العميل عندما يلتزم البنك بدفع قيمة المستندات المطابقة للشروط التى يتقدم بها المستفيد ويمكن ان يكون الغطاء فى شكل غطاء نقدى أو عينى .
نغطى ونفصل ما تبقى فى حلقات قادمة ،،،،
 بإذن الله ،،،،
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..