مقالات سياسية

زمن فرز الكيمان

كتبت فى بداية عهد الانقاذ ، فى مقدمة لكتابى ” الجماعات.. الدين .. الوحدة ” ان جماعات الاسلام السياسى ، الذين يقنعون عامة الناس بانهم سياتون لتطبيق ” الشريعة ” وليعيدوا عهدى عمر بن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز ، لن يهزمهم غير وصولهم للسلطة ليعلم عامة الناس انهم يقولون مالا يفعلون . وقد حدث هذا بأوضح مايكون فى التجربة الانقاذية الممتدة لاكثر من ربع قرن . وهذا من حسنات العهد الانقاذى على البشرية جمعاء ، فقد وضح لكل ذى عينين انه لامكان لنظرية وتطبيق الاسلام السياسى التى وضعها حسن البنا وظلت تتلاعب بعقول وقلوب عامة المسلمين الى ان كشفت حقيقتها الانقاذ . واليوم أصبح امام الكل ، اسلاميين وغير اسلاميين ، ان يحددوا موقفا قاطعا من امر اسلوب الحكم : هل هم مع الحكم الشمولى ، متدثرا بشعارات اسلامية او يسارية ، أم مع حكم ديموقراطى حقيقى ؟
أثار هذا الحديث فى نفسى مقال للاستاذ عثمان ميرغنى ، تحدث فيه عن تجربة النمو الاقتصادى التركى ، الذى فسره أحد صانعيه من النخبة التركية ، على انه نتاج التمسك بحقوق الانسان ! ومن غير اعتبار لصحة او خطأ هذه التفسير فى التجربة التركية من وجهة نظرنا ، الا ان هذا المقال سينظر الى الامر من الوجهة التى ذهب اليها الاستاذ عثمان.
فعثمان مندهش من التفسير ، ومن ثم يوجه حديثه الى جماعته ، داعيا لهم لنفس الاتجاه حيث يقول : بكل يقين : الحريات تساعد فى مزيد من اضاءة الملعب العام … وهو حديث صحيح من حيث المبدأ ، ولكن السؤال هو : ومن يريد هذه الاضاءة فى الاصل كثيرها أو قليلها ؟! وأظن الاستاذ عثمان من اكثر المؤهلين للرد على السؤال ، فهو الذى كشف بالوثائق قضية الخطوط الجوية السودانية ، وقضية مؤسسة الاقطان وغيرها الكثير ، فماذا كانت نتيجة هذه الاضاءات عليه هو شخصيا ؟!
انا اعتقد ان الاستاذ عثمان من أكثر الاسلاميين الذين توصلوا من خلال معرفتهم اللصيقة بالاتجاه الاسلامى قبل وبعد الانقاذ ، الى طبيعته الايديولوجية والعملية ، وقد عبر عن ذلك فى حالات كثيرة ، ومع ذلك فهو نموذج لآخرين ، مثل الدكتور حسن مكى ، لايزالون مترددين فى قطع الوصال خصوصا من الجانب الايديولوجى . ففى الحالة الموصوفة فى هذا المقال يأمل الاستاذ فى ان تستفيد الطغمة الانقاذية من التجربة التركية وتبسط الحريات لمزيد من اضاءة الملعب العام .. وكأن هذا هو المفقود . يااستاذ عثمان : الملعب العام مضاء زيادة عن اللزوم وقد ساهمت انت شخصيا فى هذه الاضاءة المزيدة ، فماهى النتيجة ؟!
قرأت اليوم ان الفريق طه سيصبح وزير خارجية السودان ، وهو ليس أمرا جديدا فقد كان بالفعل خلال الفترة الاخيرة ، ولاعزاء للبروفسير الذى بكى تأثرا مماكان سيحدث للرئيس فى موقعة جنوب افريقيا! يا استاذ الاصل فى الامر هو طبيعة النظام : من ناحية الايديولوجيا، النظام الذى يدعى احتكار الشريعة ، بل وكل شئون السماء ،يحق له ان يفعل مايشاء بما فى ذلك قتل النفس ، التى قال عنها الرئيس مرة ، وهوفى حالة ردة ، ان الله لايغفرها . ومن الناحية العملية انت ادرى وصحيفتك تصادر دون سبب !
لقد آن الاوان لان يحدد الناس ، جماعات وافراد ، مواقفهم من النظام “يا ابيض يا اسود ” بدون اى مكان لللون الرمادى .فالحلال بين جدا والحرام بين جدا جدا ! هذا مهم اليوم لميل توازن القوى ، الذى سيحسم المعركة ، وكذلك للمستقبل ، حتى لاتتكرر مآسى مابعد اكتوبر وابريل .

تعليق واحد

  1. غاب ابو شنب ولعب ابو ضنب ..ياحليل الشيخ حسن عبد الله الترابي ..هملت العبوا علي كيفكم

  2. غاب ابو شنب ولعب ابو ضنب ..ياحليل الشيخ حسن عبد الله الترابي ..هملت العبوا علي كيفكم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..