مقالات سياسية

البشير قبل عشرة اعوام:” أفضل أن أكون قائدا للمقاومة من رئيس لدولة محتلة”!!

بكري الصائغ

١-
***- يا لغرابة الصدف التي جمعت اليوم مناسبتين سودانيتين في ان واحد، المناسبة الاولي كانت في يوم ٢٢ يونيو عام ٢٠٠٦- اي قبل عشرة اعوام من الان-، وجاءت المناسبة الثانية في يوم ٢١ يونيو الحالي ٢٠١٦ ، وكلا المناسبتين لهما علاقة بمشكلة دارفور، ووجود قوات أممية.

٢-
عودة الي خبر قديم افادنا به موقع (smc) في الخرطوم قبل عشرة اعوام، وجاء تحت عنوان( البشير: سأقود المقاومة ضد التدخل العسكري الاممى في دارفور)، يقول اصل الخبر:
( قطع المشير عمر البشير رئيس الجمهورية ورئيس المؤتمر الوطني الذي كان يخاطب ختام اعمال الاجتماع التداولي للهيئة البرلمانية القومية لنواب المؤتمر الوطني بالمركز العام للحزب الطريق أمام أي تدخل عسكري اممي في دارفور وهو علي سده الحكم , مؤكداً قيادته المقاومة ضد التدخل الاممي العسكري اذا ماتم بدارفور، وقال ” ان السودان الذي مثل اول دولة تنال استقلالها من دول جنوب الصحراء لن يكون الدولة الاولي التي يعاد استعمارها الان”.

٣-
***- لم يقف اصرار البشير علي محاربة اي تدخل اجنبي في دارفور، بل واصل اصراره الشديد وصرح في خطابه الذي القاه بالساحة الخضراء بمناسبة الذكري السابعة عشرة علي الانقلاب العسكري الذي جاء به للحكم في يوم ٣٠ يونيو عام ١٩٨٩، (أفضل أن أكون قائدا للمقاومة من رئيس لدولة محتلة )…قال البشير في لهجة متشددة (لن نسمح بدخول قوات أممية الى دارفور) ومضى البشير في تشدده ( إن محاولة دخول القوات الدولية مرفوضة تماماً من كل أهل السودان وأن كل حجة يستند إليها الداعون الى التدخل الدولي هي حجة باطلة لا سند لها ونؤكد مرة أخرى أننا لن نسمح بدخول قوات دولية).

٤-
***- في نفس يوم الاحتفال بالذكري السابعة عشر علي الانقلاب، انبري الفريق صلاح عبد الله محمد مدير جهاز الأمن والمخابرات -وقتها- وخاطب الجماهير وراح يؤكد علي رفضه القاطع لنشر قوات دولية في دارفور، وقال انه (اذا كان الخيار المطروح هو استعمار السودان ودخول الجيوش الاممية الى ترابه فان باطن الارض خير من ظاهرها). وشدد علي ان قيادة الدولة تفضل الموت والشهادة في سبيل الله على ان تكون في دولة ذات سيادة منقوصة لا تحترم ارادة المواطنين او كرامة الامة، واكد ايضآ انه في حال نشوب المعركة (فاننا سنبدأ من الخرطوم بالطابور الخامس وعملاء الداخل من المرجفين والمتربصين بأمن الوطن ومواطنيه )-على حد تعبيره-، وتعهد الفريق صلاح بان يكون جهاز الأمن في طليعة المقاومة الرسمية والشعبية التي اعلنها الرئيس، وقال (لن يسمح بان يكون من بين منتسبيه خائن او عميل لتراب ونداء الوطن).

***- وتلقى المسؤول الأمني اثناء الاحتفال الذي اقيم بمباني جهاز الأمن في الخرطوم «بيعة الموت» انابة عن الرئيس البشير من اكثر من عشرة آلاف من عضوية الجهاز ومجاهدي الدفاع الشعبي على الطاعة والثبات والثقة في حال دخول القوات الاجنبية، وبحضور صف ضباط وجنود الذين وضعوا في الخلفية صور ولافتات للرئيس البشير كتب عليها: (القائد اقسم لن نرجع ولغير الخالق لن نركع).

٥-
***- تصريحات البشير في السابق لم يكن كتصريحاته الأخيرة، فكان يقسم بالقسم الغليظ ثلاث مرات ( اقسم بالله العظيم)، وأحيانا كان يحلف بأنه سيجعل دارفور مقبرة للقوات الأجنبية أذا أتت، ولكن هذه المرة كان من الملاحظ فيها، ان البشير الرئيس لم يحلف بالقسم الغليظ بل اكتفي بالقول بأنه (سيقود المقاومة بنفسه ولا يمكنه أن يكون رئيساً للبلاد ويسمح بدخول قوات أجنبية للبلاد) !!، يبدو انه يقول ويطلق التصريحات بالحماس والهاشمية دون أن يقرأء الواقع السياسي، ويعلم حق العلم أن الأمم المتحدة ستدخل في دارفور أن سمحت الحكومة آو رفضت ؟؟ الأمم المتحدة لا يحتاج لأذن من حكومة الخرطوم.

٦-
***- تعاملت الحكومة فى الخرطوم وقتها مع المجتمع الدولى فى مسألة مجئ قوات الأمم المتحدة لحماية مواطنى دارفور تماما مثل تعاملها مع مواطنيها المساكين، بمنتهي الإستخفاف والإزدراء وإطلاق العبارات الجهادية المفخمة والطنانة التى لا تقدم ولا تؤخر شبرا واحد فى الموازين الدولية. حاول المجتمع الدولى طوال شهور عديدة إشراك الحكومة السودانية فعليا فى إصدار قرار دولى خاص بدارفور، ولكن حكومة الخرطوم كانت ترفض بإصرار وعناد غريبين.

٧-
***- جاءت الي الخرطوم المندوبة الأمريكية السيدة فريرز لهذا الغرض الخاص بدارفور وقبول الحكومة دخول قوات اممية الي دارفور، لقد تعمد البشير في البداية عدم استقبالها وجعلها البشير تنتظر مدة ٤٨ ساعة قبل أن يقابلها، كل ذلك كان بهدف اظهار مدى أزدرائه الشيد وإستهانته بها وبأمريكا.

٨-
***- وهناك في منظمة الامم المتحدة تمت مناقشة موضوع دارفور، غاب مندوب السودان فى الأمم المتحدة عن الجلسة الخاصة بمناقشة مشروع القرار الخاص بإرسال قوات الأمم المتحدة الى دارفور , فأصبح مثل الميت الذى يغيب عن جنازته.

٩-
***- صدر القرار الدولى رقم (١٧٠٦) من مجلس الأمن تحت (البند السابع) الذى يجيز إستعمال القوة لتنفيذ مهامه, وسكتت الخرطوم عن الكلام الذى لم يعد يفيد أو يجدى شيئا.

١٠-
***- صوت المجلس بأغلبية (١٢) صوتا لتعزيز قوة الأمم المتحدة في السودان ليبلغ قوامها أكثر م(١٧) ألف عسكري إضافة إلى نشر (٣٣٠٠) من أفراد الشرطة المدنية في دارفور في قرار جديد حمل الرقم (١٧٠٦). واعتبرت المسؤولة في الخارجية الأميركية، كريستين سلفربرغ، أن موافقة الخرطوم غير ضرورية بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي.

١١-
***- وحرص المجلس في قراره الذي امتنعت الصين وروسيا ودولة قطر عن التصويت فيه على أن تكون القوات الدولية خليطا يضم قوات من الاتحاد الأفريقي ومن دول أخرى خصوصا من قوات حلف شمال الأطلسي ومن الدول الآسيوية. وحذرت الصين مجلس الأمن من تفجير العنف في دارفور. وتم في الفقرة (١٢) من القرار منح القوة صلاحيات في استخدام القوة العسكرية في مصادرة أو جمع الأسلحة أو أي أعتدة تتصل وجودها في دارفور انتهاكا لاتفاق السلام ولوقف إطلاق النار. ويتضمن القرار تعزيز قوة الأمم المتحدة بعدد يصل الى (١٧،٣) ألف جندي من العسكريين و(٣٣٠٠) من الشرطة المدنية. كما يقرر أن يبدأ نشر هذه العنصر في تاريخ لا يتجاوز أول أكتوبر ٢٠٠٦.

١٢-
***- زعماء المعارضة الأربعة (الصادق المهدي, نقد ,الترابي,حسنين) عند اجتماعهم بوفد مجلس الآمن الدولي الذي زار الخرطوم في عام ٢٠٠٦، طالبوا بشدة تدخل دولي عاجل لحماية شعب دارفور، واكدوا ان الشعب السوداني كله مع التدخل الدولي بسبب سياسات الحكومة تجاه قضايا الوطن وفشلها في أدارة أمور البلاد بحكمة وعقل مفتوح، وان اللاجئين السودانيين في دول الجوار خرجوا عدة تظاهرات طالبت بقوات دولية سريعة وعاجلة لحاميتهم من هجمات المليشيات القبلية وطائرات الانتنوف الحكومية.

١٣-
البشير يقبل بقوة إفريقية أممية في دارفور:
***- في مفاجأة لم تخطر علي بال، جاءت الاخبار ان الرئيس عمر البشير قد تخلى الرئيس عن معارضته لتشكيل قوة مختلطة من جنود الاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة للسيطرة على الأوضاع الأمنية في إقليم دارفور غربي البلاد. وا نه قد الأمم المتحدة تأييده التام نشر القوة المختلطة ، لكنه اشترط في رسالة وجهها للأمين العام للأمم المتحدة- وقتها- كوفي عنان، ان تنفيذ خطة نشر القوات يجب ان تتم من خلال لجنة خاصة تضم الخرطوم بين أعضائها، وهو شرط يقول دبلوماسيون: إن من شأنه منح السودان فعليا حق النقض في جميع أوجه تنفيذ الخطة.

١٤-
***- بعد خمس سنوات من اندلاع أزمة دارفور أصدر مجلس الأمن قراره رقم (١٧٦٩) مساء الثلاثاء ٣١ يوليو ٢٠٠٧ المندرج تحت (البند السابع) والقاضي بإنشاء القوة المشتركة (الأفريقية الدولية) المعروفة باسم (يوناميد). تألف القوة من حوالى (٢٦) ألف شخص من بينهم (١٩) ألف جندي و(٣٦٠) بين مراقبين عسكريين وضباط اتصال، يضاف إليهم ستة آلاف و(٤٣٢) من الشرطة المدنية. وبلغت كلفة القوات خلال السنة الأولى من وجودها أكثر من ملياري دولار. والقوة المشتركة هي أكبر قوة سلام في العالم، وكانت معززة بمصفحات ومروحيات فضلا عن طائرات قتالية. ويتوقع أن تبدأ انتشارها مطلع 2008.

(١٥)-
***- قامت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بالاتفاق مع السودان بتنفيذ خطة تم الاتفاق عليها بين الأطراف الثلاثة. وتقضي هذه الخطة بأن تحل القوة المشتركة محل قوات حفظ النظام الأفريقية الموجودة بدارفور حاليا والمكونة من ثماني كتائب يبلغ عددها سبعة آلاف جندي من نيجيريا ورواندا والسنغال وجنوب أفريقيا. واتت القوات المشتركة في المرتبة الثالثة الأخيرة ضمن خطة تم الاتفاق عليها في نوفمبر ٢٠٠٦ بين الخرطوم والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. كما أن مجلس الأمن كان قد أصدر قراره رقم (١٧٠٦) الذي أوصى بنشر 22 ألفا وخمسمئة جندي من القوات المختلطة بدارفور.

١٦-
***- بلامس القريب -اي في يوم الاثنين ٢٢ يونيو الحالي ٢٠١٦، أوصت مفوضية الاتحاد الأفريقي مجلس الأمن ومجلس السلم والأمن الأفريقي بتمديد ولاية البعثة المشتركة لحفظ السلام في دارفور (يوناميد) لمدة عام. ان ما ورد من دفوعات مضمنة في التقرير المشترك لبعثتي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي بشأن الأوضاع في دارفور يجعل المرء يتساءل: ماذا بعد؟!!..لازال الغموض يكتنف مصير البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور (يوناميد) والتي تعتبر ثاني أكبر بعثة حفظ سلام حول العالم، بعد البعثة الأممية في دولة الكونغو الديمقراطية ويتجاوز عدد أفرادها (٢٠) ألف جندي، وتضم البعثة عددا من الجنود العسكريين وجنود الشرطة والموظفين من مختلف الجنسيات بميزانية بلغت (١،٤) مليار دولار للعام ٢٠١٣، وظلت الجهات المسؤولة من عمل البعثة تمدد عملها سنويا، وفي أواخر يونيو من العام ٢٠١٥ مدد مجلس السلم والأمن الأفريقي مهمة بعثة (يوناميد) لعام جديد، وسينتهي أجل البعثة في الثلاثين من يونيو القادم بحسب أخر تمديد، ورغم الاجتماعات المتكررة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والحكومة السودانية بخصوص استراتيجية خروج البعثة، إلا أن استراتيجية الخروج ظلت قيد النظر.

١٧-
***- وفي الرابع عشر من يونيو الجاري، وقبل أن يحين موعد انتهاء أجل البعثة الأممية في دارفور أوصت مفوضية الاتحاد الأفريقي مجلس الأمن ومجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي بتمديد ولاية البعثة المشتركة لحفظ السلام في دارفور (يوناميد) لمدة ١٢ شهرا تنتهي في يونيو من العام ٢٠١٧ دون تعديل أولوياتها أو تغيير الحد الأقصى لقوام قواتها وأفراد الشرطة التابعين لها، وطالب مارتن أوهوموبيهي رئيس البعثة المختلطة للسلام في دارفور (يوناميد) مجلس السلم والأمن الأفريقي في جلسة التأمت (الثلاثاء) الماضية بالتمديد لولاية البعثة عاما آخر، وينتظر أن يستمع مجلس الأمن في الثالث والعشرين من يونيو الجاري إلى تقرير من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ورئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي عن الأوضاع في دارفور.

١٨-
***- ياتري، هل سيعيد البشير في خطابه يوم الاربعاء ٢٩ يونيو الحالي بمناسبة الذي السابعة والعشرين علي الانقلاب نفس تصريحه السابق الذي ادلي به قبل عشرة اعوام واكد فيه:( أفضل أن أكون قائدا للمقاومة من رئيس لدولة محتلة)؟!!..ام انه وبعد ان اصبح في ال٧١ عامآ من العمر، وغدا مريضآ في ركبته وحنجرته، اصبح غير قادر علي (الجهاد) ضد القوات الاممية؟!!

١٩-
***- هل هي محض ام تدبير اقدار، ان تاتي المناسبتين في وقت واحد اليوم تحرج النظام وتعيد ذكري التصريحات العنترية؟!!

بكري الصائغ
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. قوّات?اليُونَامِيد? في دارفور..الجغرافيا في قبضة السّياسة
    ****************************
    المصدر:* مركز الدراسات الاستراتيجية والديبلوماسية *
    -1:14 ص – 24 أغسطس, 2015-

    قرر مجلس الأمن والسلم الأفريقي تمديد تفويض بعثة الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي لحفظ السلام في دارفور (يوناميد) لمدة سنة أخرى. وذكر المجلس فى بيان له إنه سيتخذ عقوبات مناسبة ضد الأفراد والجماعات التي تقوم بأعمال تهدد عملية اتفاق سلام الدوحة. ولكن التمديد يقضي بتخفيض القوة العسكرية لليوناميد بنسبة 25%، والاقتصار على العمليات المدنية والشرطة لحفظ الأمن. التجديد حصل وسط اتهامات من حكومة الخرطوم لها بالفشل ومطالبتها على اساس من ذلك بالرحيل في مقابل تتبناه الامم المتحدة وواشنطن وعواصم غربية ترى ان الوقت لم يحن لانهاء دور ?اليوناميد? في السودان ما دام ملف الصراع المسلح في اقليم دارفور مفتوحا.

    سؤال البقاء أو الرّحيل:
    ****************
    بتنوع فسيفساء قبَلي يساوي 160 قبيلة، تبلغ مساحة دارفور حوالي (510888) كيلومترا مربعا، أي ما يعادل خمس مساحة السودان، ويبلغ سكان الإقليم 6ملايين نسمة، يعادل ربع سكان السودان، ويسكن حوالي 75% من سكان دارفور في الريف، و15% من الرعاة، و10% يسكنون المدن. وتكثر بدارفور الجبال، تاريخيا، انشئت قوات حفظ السلام المختلطة بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي?يوناميد? في 31 يوليو 2007 بموجب قرار مجلس الامن الدولي رقم 1769، وبمبارك من جامعة الدول العربية لمعالجة الوضع في اقليم دارفور المضطرب غربي السودان.

    وتأسست هذه القوة عقب فشل ذريع لقوات سلام افريقية عملت في الاقليم في بعيد اندلاع النزاع المسلح سنة 2003 وحدد القرار الدولي مهمة اليوناميد بحماية المدنيين والمساعدة في توصيل المساعدات الانسانية لهم والمساهمة في التسوية وتعزيز حقوق الانسان . لكن يبدو التعثر على عمل ?اليوناميد? بعد 7 سنوات من مباشرة مهامها حسب راي مراقبين كثيرين خاصة داخل السودان وكان أداؤها دون الطموح المنشود والمنصوص عليه في برنامج عملها رغم عدد افرادها المرتفع باكثر من 19.000 جندي وشرطي.

    يوناميد:
    *****
    ولفت الموقف الاخير الانظار ان وجود هذا العدد الضخم في بلد عربي بمرجعيات غير عربية، كان عنوان فشل للامن والسلم العربي الذي ظل مترنحا في قمة الخرطوم عام 2006 قبل إنشاء اليوناميد ولم يهتم بالنزاع الحاد في دارفور . حسب الحكومة السودانية، فشلت ?اليوناميد? في اداء مهامها بسبب عجر عناصرها عن تامين انفسهم فضلا عن تامين غيرهم. وهذا ما جعلهم اكياس ملاكمة ووصيدا سائغا للمتفلّتين المسلحين.

    ودللت الحكومة على ذلك باحداث مختلفة لم تقدر فيها قوات اليوناميد على دحر الهجمات ضدها عند المباغتة. لكن، في المقابل، فشلت الخرطوم في الفوز بعدم التمديد ?لليوناميد? وفشلت ايضا في العثور على مصادقة المنظمة الدولية على تقرير يتحدث عن استراتيجية خروجها من دارفور اعده فريق خبراء ثلاثي مؤلف من الامم المتحدة والاتحاد الافريقي و الحكومة السودانية . فقد جدد مجلس الامن الدولي في 30 من جوان الماضي مهمّة ?اليوناميد? لمدة عام، لكنه اعترف بتزايد انتهاكات حقوق الانسان وتصاعد الاشتباكات المسلحة وتدهور الامن بدارفور.

    ويبدو ان مستقبل ?اليوناميد? رهن التقدم في جهود تسوية النزاع والتزام اطرافه بوقف القتال وحماية المدنيين،ولكن الواقع ان ملف دارفور شائك ومتشابك بما يكفي لتعقيد مهام ?اليوناميد? اكثر في سنتها الجديدة العسيرة، وهذا ما يجعل الطرح يتزايد بتحقيق نوع من التكامل بين الجهود العربية والدولية التي تمخضت عنها اتفاقية الدوحة لسلام دارفور والجهود الدولية والافريقية التي نشات بموجبها تلك القوات عسى ان تتحقق ولو بعض طموحاتها.

    ?اليوناميد? انشات بموافقة الجميع ثم اندلع الجدل. و الحكومة السودانية طالبت السنة الماضية بوضع استراتيجية للخروج بعد ان امضت 8 سنوات في السودان،و اندلع بين النزاع بين الحكومة السودانية والامم المتحدة على خلفية مزاعم اغتصاب جماعي حصل في دارفور. ولكن المشكلة الأعمق، تتمثل في التفكير في جدوى وجود قوات ?اليوناميد? بعد 8 سنوات كاملة. فالتفويض الذي جاءت من اجله لم تحقق فيه الكثير،وهو مادفع الحكومة السودانية الى استدارك القرار بتمديد وجودها، خاصة بعد ان طالبت هذه القوات، في ضعف، الاطراف المتنازعة من مساعدتها على القيام بدورها وهو مااعتبرته الحكومة عجزا.

    وحكومة السودان واعية انه كلما تدخلت الامم المتحدة في النزاع عسر ايجاد الحل. فالمعطى الدولي لا يسعى الى حل المشكل العربي او الافريقي عموما عبر تاريخه. وهو معروف في عديد القضايا، ولكن رايا آخر يرى ان سبب الاخفاق هو هو تعامل القوات مع انظمة بيروقرطية افريقية تعطل المهام الديبلوماسية. بالاضافة الى تغير الاوضاع الجيوستراتيجية في المنطقة بشكل كبير بعد انقسام السودان بسبب الصراعات البينية بين الاطراف الجنوبية.

    مراقبون يرون ان الوضع الجيوستراتيجي هو في صالح الحكومة السودانية بحكم ان ضمان وحدة البلد هي اساس الاستقرارفي العلاقة بدول الجوار. فالكثير من التغييرات تقع اليوم في بلدان الحدود مع جمهورية السودان سواء في جمهورية افريقيا الوسطى التي تعاني من عدم الاستقرار الداخلي، او جمهوية التشاد التي تعاني مع نيجيريا مشكلة مع تنظيم ?بوكو حرام? المسلح والعنيف.

    فالمجالان دعما بشكل كبير الحركات المناهضة للخرطوم في موضع دارفور. والخرطوم ترى انه ربما بانسحاب الامم المتحدة والاتحاد الافريقي قد يمكنها ذلك من ترتيب استراتيجية جديدة ايجابية. و لكن ما موقف الخرطوم لم يجد دعما لا من الامم المتحدة ولا من الاتحاد الافريقي المؤطر من الولايات المتحدة الامريكية. فآخر الدلائل تبين عن تزايد في السنة الماضية لعدد اللاجئين في دارفور بنصف مليون مشرد جديد ينضافون الى 2.5 مليون من المشردين النازحين منذ 10سنوات.

    والقرار2228 الصادر عن مجلس الامن يفيد ان 4.4 مليون شخص يحتاجون لتدخل انساني عاجل ، وهو ما يعني ان قوات اليوناميد لم تقلل من ماساة اللاجئين في الاقليم ولم تنقص من عدد المتضررين من الحرب رغم ان البعثة انفق عليها 15 مليار دولار. في حين تتهم اليوناميد الحكومة السودانية بتكييف حركتها وعدم تمساعدتها في مهمة البعثة، بل تتهم الحركات المسلحة الاخرى بانها تستهدفها. والفرقة التى جاءت لفرض السلام صارت تستجدي الجميع لمساعدتها في القيام بمهمتها.

    في الحقيقة تعقيدات الموقف في المنطقة وهول المهمة عسرا الامر.فهي قوات تعمل في اطار التجاذبات حول المجال الترابي والسياسي، علما بان الحركات الدرافوية ضعفت بحم تدفق التمويل من نظام القذافي الذي كان يغذي النزاع في السودان كما غذاه في العديد من الدول الافريقية بالمال والعتاد. كما فعلت دولة التشاد ايضا التي كانت تدعم حركات انفصال. ولكن القوات الاممية والافريقىة تعاني مشكلة في حد ذاتها، فهي منقسمة الى تشكيلة اممية تعتمد على طاقم اداري وتقني وفني وتشكيلة امنية عسكرية خاصة. فالقوات تعاني من مشكل بيروقراطي مستعص على الحل. ومنه استحواذ دول على المكافآت التي تقدمها الامم المتحدة لقوات ?اليوناميد? تسرق في الطريق الى اصحابها.

    ينضاف إليها مشكل تقني وضعف لوجستي يتمثل في ضعف التجهيزات والتنسيق بين العناصر العسكرية. فلم تتم تجارب التنسيق بين قوات انقلوفونية واخرى فرنكفونية في مجال فض النزاعات وتجاذبات بين الطرفين. ومصلحة الكثير من موظفي الامم اطالة النزاع نظرا لامور مادية وامتيازات، وتحول التدخل الانساني الى تجارة في حقوق الانسان .الحكومة السودانية التي وقعت على الاتفاق كانت قد امضت 65 بندا ليس فيها بند واحد يتعلق باستراتيجية للخروج من دارفور. وهو ما لم تجد السودان ان تحاجج به القوات المتمركزة في دارفور. وهي تدفع ثمن ذلك الخطا الفادح الي سمحتفيه لتلك القوات دون الاتفاق مسبقا على آجال وشروط البقاء والخروج. ومن هنا جاءت مطالبتها متأخرة جدا.

    الامم المتحدة لا زالت متمسكة بالبقاء سنة اخرى حسب التمديد الجديد من الامم المتحدة. و السودان دولة تسيطر على الشرق الافريقي وعلى مجال حوض النيل.وكل المشكل تلقي به الحكومة السودانية على عاتق الولايات المتحدة الامريكية، وخاصة الكونغرس الذي تحدث عن عمليات الابادة في الاقليم، في حين ان النزاع ورقة جيوستراتيجية بالنسبة الى امريكا و الشركات الغربية التي تضع عينها على مسالة الطاقة في اطار الصراع بين الولايات المتحدة والصين على منابع الطاقة والبترول في افريقيا.

    فدارفور موقع يسبح على بحيرة من النفط والشركات المسيطرة هنالك هي الشركات الصينية والماليزية وايضا الامريكة مع الشركات السودانية. فالقضية ملتبسة باجندات سياسية كبرى لشركات عملاقة عابرة للقارات و موجهة للسياسات في الدول الغربية. المجال لا يقتصر على مطامع غربية بل على المجال الافريقي ايضا.

    فدولة جنوب اقريقيا التي تتحكم في المجال وتريدت رتيب الخارطة الجيوسياسية لهذا خاصة على مستوى حوض النيل بتحكمها في المجال الاثيوبي والاريتري وبارتباطات متعددة. و مشكلة السودان سببها عجز حكومة الخرطوم عن معالجة الحق في الاختلاف في المجال السودانيى جغرافية وسياسة. فقد عانى السودان من التفكك في الجنوب ولم يتلق مساعدة لا من جامعة الدول العربية ولا ن الاتحاد الافريقي. والامر سيزيد سواء اذا ما لم تع الحكومة السودانية حسن تقسيم الريع الاقتصادي والحق السياسي.

    UNAMID
    **********
    الامم المتحدة رغم ان لديها ان مندوبين ولكنها لا تاخذ بتوصيات من انتدبتهم في رغم وجود تقرير من مندوبيها ومن والاتحاد الافريقي فيه رسم لاستراتيجية خروج. و التقرير الذي ورد لا بدا ن ياخذ الشرعية من الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي ولكن ما حدث ان الدول الكبرى لم توافق على مضامينه وهذا يعني بطلانه واقعيا وجموده على الارض. بل لازال مجلس الامن يطالب الحكومة اسودانية بتقرير عن وضع حقوق الانسان ووضعية البعثة الغربية والاممية، موجها لومه الى السودان بسبب عدم التعاون مع المجهودات الدولية. والاتحاد الافريقي الذي تعتبره السودان حليفا، نراه يتبنى الموقف الغربي نفسه في قضية دارفور.

    خاتمة:
    *******
    ورغم عدم القدرة على فض النزاع في دارفور، سيؤدي انهاء مهمة يوناميد في دارفور الى كارثة انسانية اكبر -حسب المراقبين- وذلك بسبب الوضع الاقتصادي الهش والمتردي في المنطقة. ولم يعرف الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي بسبب ظواهر طبيعية وأمنية وسياسية، فقد عانت المنطقة من فترات جفاف وتصحر قادت إلى ثلاث مجاعات كبيرة عام 1973 و 1985 و 1992. ويرى العديد من أبناء دارفور أن الشرارة لهذا النزاع الأخير قد انطلقت عام 1986 في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي حينما تجمعت بعض القبائل العربية تحت مسمى التجمع العربي بدعم من حزب الأمة في مواجهة قبيلة الفور التي يدعمها الحزب الاتحادي الديمقراطي الشريك في الائتلاف الحكومي.

    وقد ظهر هذا الصراع في الحرب الأهلية بين الفور وبعض القبائل العربية في مناطق جبل مرة وجنوب وغرب دارفور والتي راح ضحيتها أكثر من 15 ألف مواطن وبلغت خسائرها أكثر من 20 مليون دولار. وقد استطاعت حكومة الإنقاذ إجبار الطرفين للتوصل إلى اتفاقية صلح قبلي هش في أيامها الأولي إلا أن الصراعات القبلية تواصلت بعد عام 1993 وقد تقع كارثة انسانية وخاصىة ان قبائل ?الجنجويد?من العرب الذين تُتهم الحكومة السودانية بدعمهم لضرب الجماعات المسلحة الدارفورية. ويمثل الجنجويد 60 قبيلة من أصل 118 في دارفور، ولديهم 19 ألف مقاتل.

    مما دفع بزعمي حزبي ?الامة القومي?، الصادق المهدي، و?المؤتمر السوداني?، إبراهيم الشيخ، المعارضان، الى توجيه انتقادات أكدا فيها أن ?الجنجويد? التي تتقن حرب العصابات، ترتكب انتهاكات في دارفور. انتقادات كانت كفيلة بايداع الرجلين في السجن بتهمة ?تقويض النظام الدستوري والتحريض ضد الدولة?.

    وصل عدد ضحايا نزاع دارفور منذ 2003 إلى 300 ألف قتيل وازداد عدد المشردين الى 2،7 مليون مشرد، حسب دراسة نشرت في ديسمبر 2008 عن منظمة أهلية هي ?جمعية دارفور?. والمساعدات الانسانية صارت مصدر رزق لا لمنظمات دولية فقط بل لعناصر سودانية ودارفورية. المجتمع الدوليي عي بوجود مشكلة تتفاقم والمطلب هو اتفاقية سلام قابلة للنفاذ حسب اتفاقية الدوحة، ولكن السلام لا يجد الا الدّعم البلاغي.

  2. الله يجازي محنك يا اخونا بكري انت قاعد تذكر الناس ديل بجنس الكلام دا مالك انت ما عارف الكيزان ديل اجبن الناس فهم اسود علينا ولكنهم في الحروب نعامات ديل معدات المعدنيين ما قادرين يجيبوها من مصر بسبب سوء افعالهم وما اقترفته ايديهم.

    والغريب في الامر ان الذين تسببوا في كل هذه الالام والاوجاع للسودانيين قاعدين وكمان قاعدين يعملوا افطار لشبابهم في رمضان ويقولون منكرا من القول وزوراً.

    على العموم المقال جميل جدا ورائع وسوف نحتفظ به للذكرى والتاريخ وهو جهد مقدر لا يقدر بثمن …

    المفروض ناس الحاج ادم وعلى الحاج اول وعلى محمود وزير المالية السابق وكاشا وحسبو نائب الرئييس اول ناس يمشوا يقاتلوا في دارفور لكن ناس كبر وغيرهم ديل بعد ضاقوا حلاوة السلطة ما فاضين عشان يقودوا مقاومة او يفارقوا الخرطوم وليالي الطائف وبرى والمنشية والبيوت الفارهة والصافانات الجياد وارد اليابان.

  3. وصلتني رسالة من صديق عزيز يقيم في الخرطوم، وكتب:
    (..بعد دارفور وابيي، نحنا ذاتنا في الشمالية عايزين قوات يوناميد تحمينا من جنجويد حميدتي).

  4. الاخ الاستاذ بكرى أحب أن أذكرك بأول كذبة للبشير عام 89 عقب الانقلاب مباشرة وكنت شاهد عيان عليها ففى مقابلة اذاعية معه سأله المذيع هل أنتم جبهة اسلامية ؟ فرد البشير لا والفرق بينا وبين( ناس ) الجبهة انه( ناس ) الجبهة بيروا التطبيق الفورى لاحكام الشريعةالاسلامية (ونحن) نرى التدرج فى تطبيق أحكامها !!؟؟

  5. أليس من الافضل إعادة استعمار السودان بدل الوضع الماساوي الذي تعيش فيه البلاد وكما يقول كبارنا (حليل زمن الانجلبز)

  6. أخي الصائغ

    صبحك الله بالخير .. هذا التوثيق هو الذى افتقدناه كثيرا في تاريخنا ( فذكر ان الذكرى تنفع المؤمنين..)وبالطبع يظل سؤالي هل يوجد في بلدنا رجال دولة حقيقيون يقودون هذا البلد الي بر الامان؟ لآ أظن…..

    أن كذب وعنتريات البشير لا يختلف فيه عنزان والغريب في الامر مايزال هتاك من يصدق هذا الرجل ويهتف له….

  7. سبع البرمبه و اسد العرب و مرفعين افريقيا شجاعته حين يكون محاطا بالجند و المرتزقة و المطبلاتيه …. و شجاعته سبع البرمبه لا تتعدى لسانه …….. كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد

  8. قوّات?اليُونَامِيد? في دارفور..الجغرافيا في قبضة السّياسة
    ****************************
    المصدر:* مركز الدراسات الاستراتيجية والديبلوماسية *
    -1:14 ص – 24 أغسطس, 2015-

    قرر مجلس الأمن والسلم الأفريقي تمديد تفويض بعثة الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي لحفظ السلام في دارفور (يوناميد) لمدة سنة أخرى. وذكر المجلس فى بيان له إنه سيتخذ عقوبات مناسبة ضد الأفراد والجماعات التي تقوم بأعمال تهدد عملية اتفاق سلام الدوحة. ولكن التمديد يقضي بتخفيض القوة العسكرية لليوناميد بنسبة 25%، والاقتصار على العمليات المدنية والشرطة لحفظ الأمن. التجديد حصل وسط اتهامات من حكومة الخرطوم لها بالفشل ومطالبتها على اساس من ذلك بالرحيل في مقابل تتبناه الامم المتحدة وواشنطن وعواصم غربية ترى ان الوقت لم يحن لانهاء دور ?اليوناميد? في السودان ما دام ملف الصراع المسلح في اقليم دارفور مفتوحا.

    سؤال البقاء أو الرّحيل:
    ****************
    بتنوع فسيفساء قبَلي يساوي 160 قبيلة، تبلغ مساحة دارفور حوالي (510888) كيلومترا مربعا، أي ما يعادل خمس مساحة السودان، ويبلغ سكان الإقليم 6ملايين نسمة، يعادل ربع سكان السودان، ويسكن حوالي 75% من سكان دارفور في الريف، و15% من الرعاة، و10% يسكنون المدن. وتكثر بدارفور الجبال، تاريخيا، انشئت قوات حفظ السلام المختلطة بين الامم المتحدة والاتحاد الافريقي?يوناميد? في 31 يوليو 2007 بموجب قرار مجلس الامن الدولي رقم 1769، وبمبارك من جامعة الدول العربية لمعالجة الوضع في اقليم دارفور المضطرب غربي السودان.

    وتأسست هذه القوة عقب فشل ذريع لقوات سلام افريقية عملت في الاقليم في بعيد اندلاع النزاع المسلح سنة 2003 وحدد القرار الدولي مهمة اليوناميد بحماية المدنيين والمساعدة في توصيل المساعدات الانسانية لهم والمساهمة في التسوية وتعزيز حقوق الانسان . لكن يبدو التعثر على عمل ?اليوناميد? بعد 7 سنوات من مباشرة مهامها حسب راي مراقبين كثيرين خاصة داخل السودان وكان أداؤها دون الطموح المنشود والمنصوص عليه في برنامج عملها رغم عدد افرادها المرتفع باكثر من 19.000 جندي وشرطي.

    يوناميد:
    *****
    ولفت الموقف الاخير الانظار ان وجود هذا العدد الضخم في بلد عربي بمرجعيات غير عربية، كان عنوان فشل للامن والسلم العربي الذي ظل مترنحا في قمة الخرطوم عام 2006 قبل إنشاء اليوناميد ولم يهتم بالنزاع الحاد في دارفور . حسب الحكومة السودانية، فشلت ?اليوناميد? في اداء مهامها بسبب عجر عناصرها عن تامين انفسهم فضلا عن تامين غيرهم. وهذا ما جعلهم اكياس ملاكمة ووصيدا سائغا للمتفلّتين المسلحين.

    ودللت الحكومة على ذلك باحداث مختلفة لم تقدر فيها قوات اليوناميد على دحر الهجمات ضدها عند المباغتة. لكن، في المقابل، فشلت الخرطوم في الفوز بعدم التمديد ?لليوناميد? وفشلت ايضا في العثور على مصادقة المنظمة الدولية على تقرير يتحدث عن استراتيجية خروجها من دارفور اعده فريق خبراء ثلاثي مؤلف من الامم المتحدة والاتحاد الافريقي و الحكومة السودانية . فقد جدد مجلس الامن الدولي في 30 من جوان الماضي مهمّة ?اليوناميد? لمدة عام، لكنه اعترف بتزايد انتهاكات حقوق الانسان وتصاعد الاشتباكات المسلحة وتدهور الامن بدارفور.

    ويبدو ان مستقبل ?اليوناميد? رهن التقدم في جهود تسوية النزاع والتزام اطرافه بوقف القتال وحماية المدنيين،ولكن الواقع ان ملف دارفور شائك ومتشابك بما يكفي لتعقيد مهام ?اليوناميد? اكثر في سنتها الجديدة العسيرة، وهذا ما يجعل الطرح يتزايد بتحقيق نوع من التكامل بين الجهود العربية والدولية التي تمخضت عنها اتفاقية الدوحة لسلام دارفور والجهود الدولية والافريقية التي نشات بموجبها تلك القوات عسى ان تتحقق ولو بعض طموحاتها.

    ?اليوناميد? انشات بموافقة الجميع ثم اندلع الجدل. و الحكومة السودانية طالبت السنة الماضية بوضع استراتيجية للخروج بعد ان امضت 8 سنوات في السودان،و اندلع بين النزاع بين الحكومة السودانية والامم المتحدة على خلفية مزاعم اغتصاب جماعي حصل في دارفور. ولكن المشكلة الأعمق، تتمثل في التفكير في جدوى وجود قوات ?اليوناميد? بعد 8 سنوات كاملة. فالتفويض الذي جاءت من اجله لم تحقق فيه الكثير،وهو مادفع الحكومة السودانية الى استدارك القرار بتمديد وجودها، خاصة بعد ان طالبت هذه القوات، في ضعف، الاطراف المتنازعة من مساعدتها على القيام بدورها وهو مااعتبرته الحكومة عجزا.

    وحكومة السودان واعية انه كلما تدخلت الامم المتحدة في النزاع عسر ايجاد الحل. فالمعطى الدولي لا يسعى الى حل المشكل العربي او الافريقي عموما عبر تاريخه. وهو معروف في عديد القضايا، ولكن رايا آخر يرى ان سبب الاخفاق هو هو تعامل القوات مع انظمة بيروقرطية افريقية تعطل المهام الديبلوماسية. بالاضافة الى تغير الاوضاع الجيوستراتيجية في المنطقة بشكل كبير بعد انقسام السودان بسبب الصراعات البينية بين الاطراف الجنوبية.

    مراقبون يرون ان الوضع الجيوستراتيجي هو في صالح الحكومة السودانية بحكم ان ضمان وحدة البلد هي اساس الاستقرارفي العلاقة بدول الجوار. فالكثير من التغييرات تقع اليوم في بلدان الحدود مع جمهورية السودان سواء في جمهورية افريقيا الوسطى التي تعاني من عدم الاستقرار الداخلي، او جمهوية التشاد التي تعاني مع نيجيريا مشكلة مع تنظيم ?بوكو حرام? المسلح والعنيف.

    فالمجالان دعما بشكل كبير الحركات المناهضة للخرطوم في موضع دارفور. والخرطوم ترى انه ربما بانسحاب الامم المتحدة والاتحاد الافريقي قد يمكنها ذلك من ترتيب استراتيجية جديدة ايجابية. و لكن ما موقف الخرطوم لم يجد دعما لا من الامم المتحدة ولا من الاتحاد الافريقي المؤطر من الولايات المتحدة الامريكية. فآخر الدلائل تبين عن تزايد في السنة الماضية لعدد اللاجئين في دارفور بنصف مليون مشرد جديد ينضافون الى 2.5 مليون من المشردين النازحين منذ 10سنوات.

    والقرار2228 الصادر عن مجلس الامن يفيد ان 4.4 مليون شخص يحتاجون لتدخل انساني عاجل ، وهو ما يعني ان قوات اليوناميد لم تقلل من ماساة اللاجئين في الاقليم ولم تنقص من عدد المتضررين من الحرب رغم ان البعثة انفق عليها 15 مليار دولار. في حين تتهم اليوناميد الحكومة السودانية بتكييف حركتها وعدم تمساعدتها في مهمة البعثة، بل تتهم الحركات المسلحة الاخرى بانها تستهدفها. والفرقة التى جاءت لفرض السلام صارت تستجدي الجميع لمساعدتها في القيام بمهمتها.

    في الحقيقة تعقيدات الموقف في المنطقة وهول المهمة عسرا الامر.فهي قوات تعمل في اطار التجاذبات حول المجال الترابي والسياسي، علما بان الحركات الدرافوية ضعفت بحم تدفق التمويل من نظام القذافي الذي كان يغذي النزاع في السودان كما غذاه في العديد من الدول الافريقية بالمال والعتاد. كما فعلت دولة التشاد ايضا التي كانت تدعم حركات انفصال. ولكن القوات الاممية والافريقىة تعاني مشكلة في حد ذاتها، فهي منقسمة الى تشكيلة اممية تعتمد على طاقم اداري وتقني وفني وتشكيلة امنية عسكرية خاصة. فالقوات تعاني من مشكل بيروقراطي مستعص على الحل. ومنه استحواذ دول على المكافآت التي تقدمها الامم المتحدة لقوات ?اليوناميد? تسرق في الطريق الى اصحابها.

    ينضاف إليها مشكل تقني وضعف لوجستي يتمثل في ضعف التجهيزات والتنسيق بين العناصر العسكرية. فلم تتم تجارب التنسيق بين قوات انقلوفونية واخرى فرنكفونية في مجال فض النزاعات وتجاذبات بين الطرفين. ومصلحة الكثير من موظفي الامم اطالة النزاع نظرا لامور مادية وامتيازات، وتحول التدخل الانساني الى تجارة في حقوق الانسان .الحكومة السودانية التي وقعت على الاتفاق كانت قد امضت 65 بندا ليس فيها بند واحد يتعلق باستراتيجية للخروج من دارفور. وهو ما لم تجد السودان ان تحاجج به القوات المتمركزة في دارفور. وهي تدفع ثمن ذلك الخطا الفادح الي سمحتفيه لتلك القوات دون الاتفاق مسبقا على آجال وشروط البقاء والخروج. ومن هنا جاءت مطالبتها متأخرة جدا.

    الامم المتحدة لا زالت متمسكة بالبقاء سنة اخرى حسب التمديد الجديد من الامم المتحدة. و السودان دولة تسيطر على الشرق الافريقي وعلى مجال حوض النيل.وكل المشكل تلقي به الحكومة السودانية على عاتق الولايات المتحدة الامريكية، وخاصة الكونغرس الذي تحدث عن عمليات الابادة في الاقليم، في حين ان النزاع ورقة جيوستراتيجية بالنسبة الى امريكا و الشركات الغربية التي تضع عينها على مسالة الطاقة في اطار الصراع بين الولايات المتحدة والصين على منابع الطاقة والبترول في افريقيا.

    فدارفور موقع يسبح على بحيرة من النفط والشركات المسيطرة هنالك هي الشركات الصينية والماليزية وايضا الامريكة مع الشركات السودانية. فالقضية ملتبسة باجندات سياسية كبرى لشركات عملاقة عابرة للقارات و موجهة للسياسات في الدول الغربية. المجال لا يقتصر على مطامع غربية بل على المجال الافريقي ايضا.

    فدولة جنوب اقريقيا التي تتحكم في المجال وتريدت رتيب الخارطة الجيوسياسية لهذا خاصة على مستوى حوض النيل بتحكمها في المجال الاثيوبي والاريتري وبارتباطات متعددة. و مشكلة السودان سببها عجز حكومة الخرطوم عن معالجة الحق في الاختلاف في المجال السودانيى جغرافية وسياسة. فقد عانى السودان من التفكك في الجنوب ولم يتلق مساعدة لا من جامعة الدول العربية ولا ن الاتحاد الافريقي. والامر سيزيد سواء اذا ما لم تع الحكومة السودانية حسن تقسيم الريع الاقتصادي والحق السياسي.

    UNAMID
    **********
    الامم المتحدة رغم ان لديها ان مندوبين ولكنها لا تاخذ بتوصيات من انتدبتهم في رغم وجود تقرير من مندوبيها ومن والاتحاد الافريقي فيه رسم لاستراتيجية خروج. و التقرير الذي ورد لا بدا ن ياخذ الشرعية من الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي ولكن ما حدث ان الدول الكبرى لم توافق على مضامينه وهذا يعني بطلانه واقعيا وجموده على الارض. بل لازال مجلس الامن يطالب الحكومة اسودانية بتقرير عن وضع حقوق الانسان ووضعية البعثة الغربية والاممية، موجها لومه الى السودان بسبب عدم التعاون مع المجهودات الدولية. والاتحاد الافريقي الذي تعتبره السودان حليفا، نراه يتبنى الموقف الغربي نفسه في قضية دارفور.

    خاتمة:
    *******
    ورغم عدم القدرة على فض النزاع في دارفور، سيؤدي انهاء مهمة يوناميد في دارفور الى كارثة انسانية اكبر -حسب المراقبين- وذلك بسبب الوضع الاقتصادي الهش والمتردي في المنطقة. ولم يعرف الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي بسبب ظواهر طبيعية وأمنية وسياسية، فقد عانت المنطقة من فترات جفاف وتصحر قادت إلى ثلاث مجاعات كبيرة عام 1973 و 1985 و 1992. ويرى العديد من أبناء دارفور أن الشرارة لهذا النزاع الأخير قد انطلقت عام 1986 في عهد حكومة رئيس الوزراء السابق الصادق المهدي حينما تجمعت بعض القبائل العربية تحت مسمى التجمع العربي بدعم من حزب الأمة في مواجهة قبيلة الفور التي يدعمها الحزب الاتحادي الديمقراطي الشريك في الائتلاف الحكومي.

    وقد ظهر هذا الصراع في الحرب الأهلية بين الفور وبعض القبائل العربية في مناطق جبل مرة وجنوب وغرب دارفور والتي راح ضحيتها أكثر من 15 ألف مواطن وبلغت خسائرها أكثر من 20 مليون دولار. وقد استطاعت حكومة الإنقاذ إجبار الطرفين للتوصل إلى اتفاقية صلح قبلي هش في أيامها الأولي إلا أن الصراعات القبلية تواصلت بعد عام 1993 وقد تقع كارثة انسانية وخاصىة ان قبائل ?الجنجويد?من العرب الذين تُتهم الحكومة السودانية بدعمهم لضرب الجماعات المسلحة الدارفورية. ويمثل الجنجويد 60 قبيلة من أصل 118 في دارفور، ولديهم 19 ألف مقاتل.

    مما دفع بزعمي حزبي ?الامة القومي?، الصادق المهدي، و?المؤتمر السوداني?، إبراهيم الشيخ، المعارضان، الى توجيه انتقادات أكدا فيها أن ?الجنجويد? التي تتقن حرب العصابات، ترتكب انتهاكات في دارفور. انتقادات كانت كفيلة بايداع الرجلين في السجن بتهمة ?تقويض النظام الدستوري والتحريض ضد الدولة?.

    وصل عدد ضحايا نزاع دارفور منذ 2003 إلى 300 ألف قتيل وازداد عدد المشردين الى 2،7 مليون مشرد، حسب دراسة نشرت في ديسمبر 2008 عن منظمة أهلية هي ?جمعية دارفور?. والمساعدات الانسانية صارت مصدر رزق لا لمنظمات دولية فقط بل لعناصر سودانية ودارفورية. المجتمع الدوليي عي بوجود مشكلة تتفاقم والمطلب هو اتفاقية سلام قابلة للنفاذ حسب اتفاقية الدوحة، ولكن السلام لا يجد الا الدّعم البلاغي.

  9. الله يجازي محنك يا اخونا بكري انت قاعد تذكر الناس ديل بجنس الكلام دا مالك انت ما عارف الكيزان ديل اجبن الناس فهم اسود علينا ولكنهم في الحروب نعامات ديل معدات المعدنيين ما قادرين يجيبوها من مصر بسبب سوء افعالهم وما اقترفته ايديهم.

    والغريب في الامر ان الذين تسببوا في كل هذه الالام والاوجاع للسودانيين قاعدين وكمان قاعدين يعملوا افطار لشبابهم في رمضان ويقولون منكرا من القول وزوراً.

    على العموم المقال جميل جدا ورائع وسوف نحتفظ به للذكرى والتاريخ وهو جهد مقدر لا يقدر بثمن …

    المفروض ناس الحاج ادم وعلى الحاج اول وعلى محمود وزير المالية السابق وكاشا وحسبو نائب الرئييس اول ناس يمشوا يقاتلوا في دارفور لكن ناس كبر وغيرهم ديل بعد ضاقوا حلاوة السلطة ما فاضين عشان يقودوا مقاومة او يفارقوا الخرطوم وليالي الطائف وبرى والمنشية والبيوت الفارهة والصافانات الجياد وارد اليابان.

  10. وصلتني رسالة من صديق عزيز يقيم في الخرطوم، وكتب:
    (..بعد دارفور وابيي، نحنا ذاتنا في الشمالية عايزين قوات يوناميد تحمينا من جنجويد حميدتي).

  11. الاخ الاستاذ بكرى أحب أن أذكرك بأول كذبة للبشير عام 89 عقب الانقلاب مباشرة وكنت شاهد عيان عليها ففى مقابلة اذاعية معه سأله المذيع هل أنتم جبهة اسلامية ؟ فرد البشير لا والفرق بينا وبين( ناس ) الجبهة انه( ناس ) الجبهة بيروا التطبيق الفورى لاحكام الشريعةالاسلامية (ونحن) نرى التدرج فى تطبيق أحكامها !!؟؟

  12. أليس من الافضل إعادة استعمار السودان بدل الوضع الماساوي الذي تعيش فيه البلاد وكما يقول كبارنا (حليل زمن الانجلبز)

  13. أخي الصائغ

    صبحك الله بالخير .. هذا التوثيق هو الذى افتقدناه كثيرا في تاريخنا ( فذكر ان الذكرى تنفع المؤمنين..)وبالطبع يظل سؤالي هل يوجد في بلدنا رجال دولة حقيقيون يقودون هذا البلد الي بر الامان؟ لآ أظن…..

    أن كذب وعنتريات البشير لا يختلف فيه عنزان والغريب في الامر مايزال هتاك من يصدق هذا الرجل ويهتف له….

  14. سبع البرمبه و اسد العرب و مرفعين افريقيا شجاعته حين يكون محاطا بالجند و المرتزقة و المطبلاتيه …. و شجاعته سبع البرمبه لا تتعدى لسانه …….. كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..