مقالات وآراء سياسية

عودة إلى: بيان منظمة أسر شهداء ثورة ديسمبر 2018م ..

م/ التجاني محمد صالح

يقول البعض: إن بيان اسر الشهداء برأ الجيش و جهات اخري كثيرة من جريمة فض الاعتصام و حمل المسؤلية للدعم السريع منفردا. و بعد دقائق فقط أطلق الجيش النار و اسقط شهداء و جرحي و كأنه يريد ان يثبت أنه شريك اصيل في جريمه فض الاعتصام و انه – أي الجيش – المسئول الوحيد عن جريمه فض إعتصام اسر الشهداء صبيحة التاسع و العشرين من رمضان سنة 2019م.

ردنا على ذلك ينفي صحة هذا الزعم تماما. إذا استمعنا إلى البيان جيدا سندرك كم كان البيان ذكيا. و إذا تابعنا ما جاء في اللقاء بعد الإنتهاء من إذاعة البيان فسندرك أنه كان هناك تصريح واضح جاء ردا على سؤال عن الموقف من المجلس العسكري. جاء رد مقدم البيان قائلا بوضوح و حزم: “جاي جاي”. أرجو الإستماع إلى نصف الجملة هذه “جاي، جاي، جاييهم الدور، جاييهم الدور”. و هكذا تحدثت الدكتورة أميرة كابوس.

لقد جاء توجيه الإتهام للأشخاص المحددين اسما و صفة لوجود دلائل كافية لدى منظمة أسر الشهداء كما أعلن في البيان. إن تقديم الإتهام قد تم بناء على ما توفر من أدلة كافية من غير أن يخلي ساحة أية جهات أخرى بل و لم يعن توقف التحقيقات عند الحد المعلن. و كما ذكرنا سابقا فإنه لمن المنطقي ألا يتم توجيه إتهام مباشر للبرهان الآن طالما أن البيان موجه إليه بوصفه الرئيس الحالي و إلا فلا معنى أن توجه الرسالة إلى المتهم عينه. لقد صاحب البيان ذكاء شديد و حكمة و تضمن إعذارا لما سيتم بعد ذلك عقب يوم 3 يونيو القادم. البيان أطار صواب البرهان و حميدتي مما جعلهما يتصرفان بلا تفكير مما نجم عنه إرتكاب المزيد من جرائم قتل للثوار المسالمين و أضاف إلى صحائف الإتهام.

إن البداية الحقيقية لتصحيح مسار للثورة قد بدأت بالبيان و هو الأقوى علي صعيد الساحة السياسية السودانية منذ الإستقلال كونه جاء إتهاما مباشرا لأقوى شخصية تمتلك السلاح و هي على رأس السلطة و مستعدة دائما لإستخدامه. حدث هذا في موقف بطولي بمرأى و مشهد من السلطة و في مواجهة مباشرة لم يستطع أن يقف مثلها ضباط عظام بكامل أنواط الشجاعة التي يحملونها على صدورهم و الدبابير التي تنوء بحملها أكتافهم.

لقد أفزع حميدتي الجميع إلا أن شباب الثورة اليافعين تحدوه عيانا و موقف الدكتورة أميرة كابوس هو تتويج لبسالة أبناء و بنات هذا الشعب. لقد كان موقفا تاريخيا يذكرنا بوقفة عبد الفضيل الماظ و عباس فرح عند الترس العظيم. إنها أم شهيد و كنداكة من لحم و دم تضاف إلى إرث الثورة السودانية العظيمة.

البعض يسأل كذلك لماذا لا يتم ذكر أسباب تأجيل أسماء متهمين آخرين من أمثال البرهان؟ و جوابنا على ذلك و حجتنا ما ذهبت إليه محكمة الجنايات الدولية من إعلان أسماء عدد قليل جدا من المتهمين و لم تعلن أسماء الغالبية العظمى منهم. إن ما أفصحت عنه منظمة أسر شهداء فض الإعتصام لأسماء متهمين أمام القيادة العامة للجيش لم يسبقها عليه أية جهة أخرى في السودان قانونية كانت أو منظمة مجتمع مدني لسلطة قائمة أمام بوابة قيادة جيشها العامة.

إن الأسماء ذات الوزن الثقيل كحميدتي و عبد الرحيم دقلو هي عناوين لجبارين من جبابرة السودان الذين لم يتقدم أحد في السودان حتى الآن بإتهام مباشر مقرونا باسميهما. فإن كان المتهمون جنودا من الرتب الدنيا أو ضباطا مغمورين لكان يمكن أن يكون للمشككين مسوغ. و لكن أن تتهم حميدتي شخصيا فهذه شجاعة أفزعته و البرهان الذي استبق قرار القاضي و أعلن في خطابه الأخير أن الإتهام باطل و هو يعلم تماما عدم صحة ما ذهب إليه.

هناك سؤال موجه للمشككين و هو: هل إتهام حميدتي بقتل المعتصمين السلميين له من الشواهد و الأدلة ما يعضده أم لا؟ إن كان جوابهم بعدم صحة الإتهام عندها تكون شكوكهم لها ما يسوغها! و كذلك عند إتهام حميدتي بشكل مباشر لماذا يسارع البعض للتشكيك في دوافع من قام بتلك الخطوة؟ نقول لهولاء دعوا المتهم حميدتي و جماعته و جداده الإلكتروني الذي لم ينجح حتى الآن في تسويق هذه الفرية يتصدون لقضيتهم وحدهم لا أن نعاونهم بغير وعي على دق إسفين بين الثوار هذا من الغرب و ذاك من الشمال أو هذا من الهامش و ذاك من المركز أو كما يهرفون.

إن ما أحدثه بيان منظمة أسر الشهداء في هذه الأيام القلائل لجدير بالتأمل. ستمضي الثورة في طريقها رغم التحديات التي لولاها لما كان هناك مبرر للثورة أصلا. و حتى يوم 3 يونيو سنشهد المزيد من البيانات و الإستقالات و لا مجال للإختباء في المنطقة الرمادية.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..