أخبار السودان

 اليوم الذكري (١٢٠) علي نهاية المهدية وبداية “الحكم الثنائي” 

 بكري الصائغ
١-
 في يوم الجمعة ٢٤/ نوفمبر عام ١٨٩٩ وقعت معركة “ام دبيكرات” الشهيرة التي انتهت بانتصار القوات البريطانية بكل سهولة ويسرعلي جيش عبدالله التعايشي الذي كان قوامه (١٠) الف مقاتل حملوا الاسلحة القديمة والبالية التي غنموها من البريطانيين في معارك سابقة ، بينما كانت القوات البريطانية المدعومة بضباط وجنود مصريين قد تجهزت   بالسلاح الناري الجديد والعتاد الثقيل والمدافع بعيدة المدي، بلغ عدد قوات جيش العدو(٨) الف ضابط وجندي، ترأسهم الجنرال السير/ فرانسيس ريجنالد وينغيت الخبير المحنك في حروب خاضها في الهند وعدن، وشارك في العمليات العسكرية على الجبهة السودانية ومنها اشتباكات “توشكي” وطوكر.

 ٢-
 بعد هزيمة قوات التعايشي ومصرعه في معركة “ام دبيكرات” تم الاعلان رسميآ في الخرطوم عن نهاية دولة المهدية واعتبار يوم الجمعة ٢٤/ نوفمبر ١٨٩٩ هو اول يوم يدخل فيه فيه السودان عصر جديد، عصر الحكم الانجلو- ايجيبت، ودخل هذا العصرتحت اسم “الحكم الثنائي “، الذي استمر من يوم ٢٤/ نوفمبر ١٨٩٩ وحتي ٣١/ديسمبر ١٩٥٥، وبتوضيح اكثر فان المدة التي خضع فيها السودان للحكم كانت (٥٥) عام و(٣٧) يوم.
 ٣-
 بعد عدة ايام من انتهاء المعركة، تم توقيع “اتفاقية الحكم الثنائي” بين بريطانيا ومصر، ونصت الاتفاقية رفع العلمين البريطاني والمصري فوق السودان ومن نصوص الاتفاقية:

 (أ)-
رفع العلمين البريطاني والمصري على ألاراضي السودانية (عدا بعض المناطق فيرفع فيها العلم المصري فقط).
 (ب)-
يكون الحاكم العام للسودان بريطانياً ومعاون الحاكم مصري.
 (ج)-
تتحمل الحكومة المصرية كافة النفقات في السودان.
 (د)-
إلغاء الامتيازات الأجنبية في السودان.

 ٤-
 منذ انتهاء دولة المهدية بصورة ماساوية قبل (١٢٠) عام مضت، مازال السؤال مطروحآ بشدة حول الاسباب الحقيقة الكامنة وراء عزوف غالبية السودانيين وقتها عن المشاركة في القتال ضمن جيش عبدالله التعايشي واكتفوا بالفرجة او الهروب بعيدآ خوفآ من التجنيد القسري؟!!
٥-
هل كانت سياسة التعايشي الفاشلة في تسيير دفة امور البلاد بعد وفاة الامام/ محمد احمد المهدي هي السبب في نفور الناس من حكمه البغيض الملئ بسفك الدماء والاغتيالات والخبث والمكائد، وان سياسته جلبت للبلاد مجاعة عرفت في التاريخ السوداني باسم (مجاعة سنة ستة)، والتي لم يعرف التاريخ السوداني لها مثيل من قبل؟!!

٦-
 لماذا اغتبط السودانيين كثيرآ بعد انتهاء دولة المهدية وقتها؟!!
هل كان التعايشي فعلآ كابوس جثم علي صدور السودانيين؟!!
٧-
 كثير من المراجع والمؤلفات التاريخية كتبت عن حكم عبدالله التعايشي، الذي امتد من يوم الاثنين ٢٢/يونيو١٨٨٥ (يوم وفاة محمد احمد المهدي) حتي يوم الجمعة ٢٤/نوفمبر١٨٨٩، وتنالوا سلبيات سياسته الفاشلة وانفراده بالحكم المطلق، وتصرفاته السادية وعدم ثقته في احد من غير اهله في قبيلة التعايشة، وانه كان يكره آل المهدي ومنعهم من تبوء مناصب رفيعة في السلطة الحاكمة.

 ٨-
 اليوم، تمر ذكري مرور (١٢٠) عام علي نهاية دولة المهدية، ومعركة “ام دبيكرات”، وايضآ ذكري بداية “الحكم الثنائي” ، وهي مناسبات ماعدنا نلفت اليها او نوليها الاهتمام، فلم يتغير شيء من ذلك الزمن القديم وحتي اليوم!!…مات التعايشي ويحكمنا اليوم حفيده “حميدتي”…والحال ياهو داك الحال!!
 بكري الصائغ

‫7 تعليقات

  1. السيد بكرى الصايغ …
    كثير ما اعلق على ما تكتب .. لا نى دومأ لا التفت الى كثير مما يكتب فى الجريدة الاليكترونية (الراكوبة) لان معظمه غث لا يستحق الالتفات اليه وايضأ لا تعجبنى سياسية النشر فى (الراكوبة) ,,تناولت موضوع سقوط الدولة المهدية وهو موضوع اؤكد لك ان 90% من شباب اليوم لا يعرفون شى عن المهدية وتاريخها البغيض الذى بداء بتقنين تجارة الرقيق كاول المخازى وتعظيم وتمجيد الخرافات والجهالات بالاضافة الى الاستبداد وجهل الحكام بامور الدولة .. لقد كانت المهدية انتكاسة حقيقة فى تاريخ السودان وقضت على القليل الذى كان قد بداء فى العهد التركى من تاسيس للدولة الحديثة لينتكس السودان الى العصر الحجرى مرة اخرى بقيام دولة المهدية ..
    ولكن ما استنكره هو اخراج سياق المقال من الكتابة عن نهاية دولة المهدية ومرور 120 عام على انقشاع غمتها لتختم المقال بالحديث عن (حميدتى) فى العام 2019 .. وبما انك قد ختمت مقالك بمعلومة غير صحيحة عن علاقة حميدتى بالتعايشى , (عبد محمد تورشين) ينتمى لقبيلة التعاشية وهى قبيلة عربية الاصل موجودة فى دارفور .. وحميدتى ينتمى لقبيلة الرزيقات (الماهرية) وهما قبيلتين مختلفتين ولا علاقة بين الاثنين خلاف انهم ينتمون للاصل العربى مثل ما ينتمى الشايقية والجعليين والهبانية وغيرهم للاصل العربى..
    ما اريد ان اخلص له وسبق ان كتبت اليك من قبل عنه , اذا كانت لديك مشكلة شخصية اكرر مشكلة شخصية مع (حميدتى ) فالافضل ان تذكرها علانية وتوضح ما وقع من حيف وظلم ضدك حتى يتفهم الناس سر العداء ومحاولة حشره فى مقال تكتبه عن احوال الطقس فى البرازيل ..
    انا لا اعرفك ولكن انا افكر بعقلى فقط لاغير .. انت كما يبدو شخص غير مقيم فى السودان (كما اعتقد) ..
    وحميدتى لا يحتاج منى الدفاع عنه ولكن لمعرفتى الشخصية به بحكم الجوار فى زمن مضى لا اعرف الا شخص وطنى اقوالا وافعالأ ..
    فى يوم 10 ابريل اجتمع المخلوع مع القيادات الامنية والعسكرية فى بيت الضيافة الساعة 12 ظهرأ وحاول اقناعهم بضرورة استعمال القوة العسكرية لانها الثورة امام مقر القيادة بل وبرر قتل ثلث المتظاهرين مستندأ على فتوة دينية ( مرجح ان صاحبها هو عبد الحى يوسف) , وطلب من قوات الدعم السريع القيام بعملية انهاء الثورة بعد ان اصبح لا يثق فى قوات جهاز الامن التى قال انها فشلت فى قمع المظاهرات منذ اكثر من شهرين بل واصبح فاقد الثقة فى صلاح قوش .. وبعد انتها حديثة فى ذلك الاجتماع داخل قصر الضيافة قام حميدتى داخل ذلك الاجتماع الذى كان به حوالى 12 ضابط من الجيش والامن والشرطة ورد على حديثه علانية بان قوات الدعم السريع لن تطلق رصاصة واحدة ضد متظاهر سلمى يطالب بالرغيف والبنزين وان مهمة قوات الدعم السريع هو حماية البلاد و الحدود وليس فض المظاهرات (انتهى) الكلام معروف وموثق وعليه شهود وقال الفريق ياسر العطاء عضو اللجنة الامنية والحاضر وقتها بانهم كانوا قد اعدوا خطتهم ولكن كانوا متوجسين من موقف الدعم السريع ولكن بعد حديث حميدتى الشجاع امام المخلوع قال (ادركت ان الثورة نجحت )..( انتهى )
    فور انتهاء الاجتماع ذلك وغضب المخلوع الذى خرج بدون انهاء الاجتماع تحركت قوات الدعم السريع وقامت وفق التنسيق مع اللجنة الامنية بنشر قواتها على كل الكبارى فى العاصمة بل وامتد التامين من مصفاة الجيلى شمالا وحتى منطقة (المسيد) وغرب ادرمان تحسبأ لاى اختراق محتمل من قوات معادية للثورة والتسلل ( تحركات وتامين قوات الدعم السريع موثقة وشاهدها الالاف من السودانيين بالعاصمة فى ذلك اليوم) ..
    تم اعلان السقوط صبيحة يوم 11 ابريل الساعة 4 صباحأ وجرت محاولات لاقناع حميدتى للانضمام للمجلس العسكرى ولكنه رفض لانه كان يدرك ويفهم بان المجلس العسكرى بشكله سيكون غير مقبول لتحفظه على وجود الفريق عمر زين العابدين .. بعد انهاء المجلس العسكرى الاول وافق حميدتى ليكون عضو فى المجلس الثانى بعد الحاح واشتراط الفريق برهان وجود حميدتى معه..
    بدات ترتيبات الحزب الشيوعى لانكار دور القوات الامنية وخلق حالة رفض نفسية جماعية للعسكريين الذين اسقطوا حكم الكيزان مستغلين الصبية والشباب كوقود لهذه (البروبجاندا) .. والتركيز على حميدتى بصورة اكبر لان قوات الدعم السريع لا وجود لعناصر يمكن ان يتم الترتيب والتنسيق معها داخلها ..
    وظلت قوات الدعم السريع مرابطة وموجودة على محيط القيادة العامة لحماية المتظاهرين حتى بعد ان تحول المكان من مكان اعتصام الى مكان مفتوح واصبح قبلة ترفيهية فى المساء ومكان للسكن الطعام بل وتطور سوق قريب لبيع المخدرات و(العرقى) لمد المستهلكين الراغبين فى الاعتصام وكيل السباب والشتم للقوات المسلحة والدعم السريع بمكبرات الصوت ورفع اعلام حركات دارفور المسلحة امام بوابات القيادة العامة للجيش ..
    ان ما قام به حميدتى هو دور معروف ومؤثر ولا ينكره الا صاحب غرض ولولا قوات الدعم السريع وموقف حميدتى الوطنى ما كانت ستكون هناك ثورة ولا اعتصام ولا يحزنون ..
    ذهب المخلوع بعد ذلك الاجتماع فورأ وتوجه الى دار المؤتمر الوطنى طالبأ العمل على انهاء الثورة وفعلأ تم التامين والتاكيد على ان تقوم قوات المؤتمر الوطنى والطلاب بمهاجمة المتظاهرين ولكن كانت العقبة هو وجود قوات الدعم السريع وبعض افراد القوات المسلحة بصورة شخصية المرابطة لحمايتهم ..؟؟
    لقد حاول الحزب الشيوعى كل السبل للنيل من كان لهم القدح المعلى فى انجاح الثورة ومساندتها لان لهم اجندة ضيقة خاصة بهم تتلخص فى ادارة حملة انتقامية من الكيزان على حساب الشعب السودانى ..
    ولكن ادخلوا البلاد فى منعطف غير معلوم بصراعهم المحموم على السلطة ولكن استطاع البعض ان يتدارك الامر باقل الخسارات الممكنة ولكن افضل ما كان هو ان ياتى الشق المدنى فى هذا الوضع السياسى الشاذ ليتلخص فى حكومة ضعيفة يقودها شخص ضعيف لا مواهب له ولا رؤية قال( قوى الحرية والتغيير لم تمدنى ببرنامج العمل ) اتت حكومة منظمات ومخابرات يقودهم شخص يحمل الجنسية البريطانية ووزير مالية يحمل الجنسية الامريكية ووزير مجلس الوزراء يحمل جنسية امريكية ووزيرة الشباب والرياضة تحمل جنسية امريكية ووزيرة العمل والرعاية الاجتماعية تحمل جنسية بريطانية ووزير العدل يحمل جنسية امريكية وتم تعيين اخرين فى مناصب قيادية( وكيل وزراة الثقافة جنسية فرنسية ومدير سلطة الطيران المدنى جنسية امريكية) .. هل مات ثوار برى من اجل ان ياتى حاملى جنسيات اجنبية بدل الكيزان هل دهست سيارات الامن ثوار العباسية من اجل حاملى جنسيات اجنبية ؟؟؟
    سيظل حميدتى وقوات الدعم السريع هم الوطنيين الذين يحملون جنسيات السودان صمام الامان والحماية وهم اهل الثقة ..
    ودمتم…. واذا عدتم عدنا مرة اخرى ..

  2. استاذنا الغالي / بكري الصائغ … لك ألف تحية وتقدير …
    اليوم زعلان منك … ببدأ تعليقي بالآتي:
    اقتباس العنوان فقط ..
    (اليوم الذكري (١٢٠) علي نهاية المهدية وبداية “الحكم الثنائي”)
    كلمة الحكم الثنائي …… كلمة ما في محلها .. والصحيح الاستعمار المصري الانجليزي البغيض..
    مهما نختلف مع الدولة المهدية .. ومهما نختلف مع الخليفة عبدالله التعايشي … لايمكن أن نكون مع الاستعمار مهما عمل من حسنات …….
    لك تحياتي

    1. اخي ابو قرجه لك التحية الصحيح ليس الحكم المصري الانجليزي لان المصريين لم يحكموا السودان وانما الانجليز كانوا الحكام الفعليين للسودان . مصر كانت تحت حكم التاج البريطاني فكيف لمحكوم ان يحكم ، و نقطة مهمة الانجليزي خرجوا من مصر و تحديداً اكملوا خروجهم من مصر بعد خروجهم من السودان و مازال المصرييين يحتفلون بعيد الجلاء وهو إخلاء الانجليزي لقناة السويس في عهد ناصر ،، و نقطة اخير عليك الرجوع الى قائمة الحكام الانجليزي الذين كانوا على راس الحكومة في الخرطوم لن تجد من بينهم مصرياً واحداً. واخيراً و ليس آخراً مصر بعد معركة التل الكبير التى دامت نصف ساعة قبل دخول الانجليزي الى القاهرة و استلام البلد و وقوع عرابي اسيراً لم يبقى فيها جيشاً فيكف لهم غزو دولة آخرى.؟؟؟

  3. الحرامية يهللوا للحرامي … انت قايل الشعب السوداني عندو قنابير ؟ يعني حميدتي لم يقتل و يغتصب في دار فور ؟ و في الخرطوم عايشنا تبلد و قسوة و جلافة جماعته و في فض الاعتصام سمعناهم بلهجتهم و شاهدنا ماذا يفعلون … ذهب جبل عامر الذي ورثه من ابيه طبعن و أموال الدولة و الارتزاق دي كلها شرعية … فعلا الأغبياء يظنون ان الآخرين مثلهم في الغباء … انهبوا و اقتلوا و ليكم يوم .

  4. صحفى الغفلة وكبار مدلسي التاريخ
    المهدية ثورة سودانية وطنية اجلت المستعمر وشكلت ركائز الحكم الوطني وكتبت تاريخ بمداد من نور غصبا عنك ومن يحالفك أيها النكرة الحقير ومحاولاتك العبثية بربط المهدية بقوات الدعم السريع او خلافو لن تنطلي على احد أيها الخائب البليد
    من يكتب ليمجد الاستعمار لن يجد منا ادنى احترام بل البصق على الوجه والصفع ان اردنا ان نوسخ أيدينا بوجوههم النتنة

  5. كان ذاك اليوم يوم خير وبركة إذ تخلص السودان من طاغية جبار حاقد ومستبد وعنصري. وفعلا ينبغي على السودانيين الاحتفال بهذه الذكرى المحيدة يوم التخلص من الرجعية..
    لكن للعلم هذا الطاغية الذي تنسبه المصادر قبيلة التعايشة فلاتي والاصل ان ينسب الرجل لقومه فهو عبد الله تور شين الفلاتي فهو ليس بسوداني اصلا.
    ولو كان بيدي لمسحت هذه الفترة التي تسلط فيها الطاغية الدجال على السودان وأهله من تاريخ السودان فهي بحقيقة فترة ظلماء حالكة السواد.
    تصور لو ان هؤلاء ظلوا في حكم السودان!؟؟

  6. عِرِس ود الدكيم من عزيزة قومها فكتوريا بقلم عبد الله علي إبراهيم
    عبدالله علي إبراهيم
    (أعيد في مناسبة مرور 120 عاما على استشهاد المرحوم الخليفة عبد الله (24 نوفمبر 1899) نشر هذه الكلمة عن مشهد من تزوير تاريخ الخليفة عبد الله الذي يقوم به الوضّاع كارهو تاريخهم ممن هانوا على أنفسهم طويلاً).

    قيل من جهل تاريخه أعاده. ولكن هذا الجاهل ربما زور هذا التاريخ إذا استحقر نفسه وهانت عليه. وكتب رفيقنا الحاج عبد الله القطيني (الصحافة 12-10-2012) كلمة عن التاريخ الذي يتقيأه المستَحقِرون أنفسهم. تناولت الكلمة الذائعة السخيفة عن خطاب بعث به الخليفة عبد الله للملكة فكتوريا يطلب منها الدخول في الإسلام ليختنها فيزوجها من الأمير ود الدكيم. وظل الجيل يتداول هذه الشائعة في صورة خطاب قصير من الخليفة إلى الملكة هذا نصه: ” من الخليفة عبد الله التعايشي خليفة مهدي الله إلى فكتوريا ملكة بريطانيا.سلمي تسلمي. نعرض عليك الدخول في الإسلام. فإن قبلت وآمنت دخلتي في دين الله طهرناك وزوجناك الأمير يونس ود الدكيم إن هو قبل بذلك. والسلام على من إتبع الهدى. الله كبر والعزة للإسلام”.
    والخطاب أعلاه تزوير كبير. فالخليفة كان في رسالته للملكة رسالي وعف اللسان. فبعد البسملة خاطب الملكة قائلاً: ” وبعد فمن العبد المعتصم بمولاه القاهر خليفة المهدي عليه السلام، الى عزيزة قومها فيكتوريا ملكة بريطانيا. سلام على من اتّبع الهدى”. ثم دعاها إلى الدخول في الاسلام واتّباع المهدية، وبشرها قائلاً: «وأبشرك بالخير والنجاة من عذاب السعير، وتكونين آمنة مطمئنة لك ما لنا وعليك ما علينا، وتتصل بيننا المحبة في الله، ويغفر لك جميع ما فرط منك في زمن الكفر”. ويحذرها من أن تغترّ بجيوشها “لأن ما نحن بصدده هو الدين الحق الذي تكفّل الله الملك القادر بنصرته وتأييده ورفع مناره”. ويذكرها بمصير هكس وغردون و ستيوارت الذين حاربوا المهدية فقضت عليهم. وفي نهاية الخطاب يكرر دعوته لها للدخول في المهدية والتسليم بالمهدية ويهددها بأنها إن لم تفعل ذلك فإن حزب الله سيطأ دارها ويذيقها السوء بما صدت عن سبيل الله”. لله درك.
    لا أدري كيف جاز هذا التزوير المقيت لنصوص” المو لاهي سيدي عبد الله”. فلا تمر هذه الجريمة إلا بين نفوس هانت وجفت فيها العزة فتعهرت. ووجدت من المغضوب عليهم من بنى مشهداً مسرحياً سمجاً على هذا التاريخ الباطل لا يصدر إلا من مزور وضيع النفس أشر. فصور الخليفة عبد الله في طلبه يد فكتوريا كسابقة تاريخية لمغامرة مصطفى سعيد في “موسم الهجرة للشمال” يريد استعمار أوربا بآلته. فيأتي في أول المشهد بالخليفة والدكيم يقزقزان التسالي. سمج. ويجري هذا الحوار:
    الامير: أتا يا أبوي الخليفة دحين ملكة الخواجات الكفار ديل معرسة ولا عزبة؟
    الخليفة: والله يا ود دكيم ماني خابرها. لكن عندك فوقها راي ولا شنو؟
    الامير: والله بيني وبينك يا أبوي الخليفة كان عزبة حرم باخدها.
    ويكتب الخليفة الخطاب الضليل ليوافق “شهوة” ود الدكيم.
    يقول الخواجات رداً على مثل هذا التفكه الأخرق: “It is not funny” “. بالعربي: “بائخة”.
    كانت المهدية مناسبة ل”يطول لساننا”، في أدب العرة السودانية، على العالمين. وسنرى صدق هذه في كتاب قيد النشر عنوانه “أصداء الثورة المهدية العالمية” للدكتور (طب) محمد المصطفي موسى عبد الله حامد. ولكن الرجال الجوف والنساء المطاطيين للغرب الموطؤين به أرغموها حتف أنفها أن تكون صغاراً لنا وعاهة.

    اقترحت على التشكيليين في عصر الفوتوشوب أن يعالجوا الصورة المورثة عن الخليفة عبد الله صريعاً على أرض أم دبيكرات المقدسة. والتمست منهم أن يستنهضوه من رقدته المذلة ليشرق في تاريخنا مثلاً للعزائم السودانية الثورية التي كانت في أمتنا منذ الأزل. ظللت أدعوهم لعقود ولا اسمع سوى النحيب على تفريطنا في تمثاليّ غردون وكتشنر. و”إن شاء الله تطلعو من شفاعة جدي” كما قال الشريف الهندي أو “الله لا يائدكم” كما كان يقول أستاذنا عبد الخالق محجوب.


    كتبت الدكتور فيفان ياجي:
    ينظر (بعض) السودانيون إلى الخليفة عبد الله بصورة مختلفة بعض الشئ فهم ينحون عليه باللائمة جزافا والكثيرون منهم يسقطون من حسابهم سنوات حكم الخليفة الوطنى للسودان الثلاث عشر وهنا يذكرنى بمشهد في مسرحية النسر الصغير حيث يقدم لنا مؤلف المسرحية ادمون روستان الدوق دي رايشارد والمعلمين الذين كانا يدرسانه مادة التاريخ فقد مر المعلمان على فترة الامبراطورية سريعا حتى نابليون قال لهم يا لها من فترة غريبة
    ويمكن ان يلخص لنا هذه نظرة غالبية المؤرخين الانجليز والسودانيين للسنوات الثلاث عشر التى شكلت فترة حكم الخليفة ، وعدد كبير من السودانيين يتنكر لهذه الفترة الوطنية العظيمة وذلك لقسوة الخليفة بتنفيذ حكم القانون مع قبائلهم التى خالفت او خانت وما زالت هذه الصورة المشوهه عن الخليفة عبد الله سائدة في السودان وفي أوساط المثقفين والعامة وعلى حد سواء ، مثله في ذلك مثل كل عظماء التاريخ ، فقد أسئ فهم الخليفة من قبل معاصريه وقد وجدت هذه الصورة من جاؤوا بعدهم فلم يوفوه حقه ، سنحاول هنا أن نعيد رسم الوجه الحقيقى للخليفة عبد الله سعيا لأعطاء شخصيته حقها ووضعها في المكان اللائق به
    كتاب الخليفة عبد الله حياته وسياسته /للكتابة / الدكتورة فيفيان ياجى
    ترجمة د مكي بشير

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..