مقالات وآراء سياسية

الأسس السياسية والامنية لنظام العدالة الانتقالية 

بقلم المستشار القانوني- فائز بابكر كرار

خيار العدالة الانتقالية فى تحقيق غاية العدالة فى المساءلة ومنع الانتهاكات، وتحقيق المصالحة التى تؤسس لنظام ديمقراطي باعتبار نهج العدالة الانتقالية فى تضافر جهود السياسيين والمجتمع المدني في إصلاح مؤسسات الدولة  وانجاز الأمن والاستقرار المجتمعى، إلا أن هنالك عقبات عملية تحتاج لتخطيها.

ومن اهم الضمانات والتحديات الأساسية توفر الحماية الامنية والارادة السياسية الحاكمة فى اتخاذ النهج الجاد فى التفاوض مع المجموعات المعارضة، وبناء ونقاش مع المجتمع المدنى فيما يخص خلاصات الاتفاقيات مع وضوح الرؤية المنهجية للأشكال السياسي ،، والاستعداد السياسي والقانوني لتجاوز الازمة والجدية في الإصلاحات القانونية والمحاكمات، ووضع برامج لحماية المجتمع ومنع الانفلات الأمني وتحقيق الأمن الاجتماعى والاقتصادى والتعايش السلمي.

العدالة الانتقالية وسياسة المرحلة الانتقالية تقتضي التفاعل فى أن تسهم عملية الانتقال فى تحقيق تحول ديمقراطي، وبناء دستور يحقق الاستقرار والأمن فى الحياة الاقتصادية والاجتماعية،  وإن معضلة المرحلة الانتقالية تتمثل فى تجاوز التحديات وتوفر الارادة السياسية فى الإصلاح ووضوح الرؤية المنهجية لفلسفة الانتقال والموازنة بين تطبيق العدالة ومجابهة المخاطر.

وإن من ضرورة نجاح المرحلة التفاعل بين مقتضيات تحقيق العدالة وسياسة المرحلة الانتقالية،  وأن من تحديات هذا التفاعل إرساء دعائم الأمن والسلام،  وتحقيق الإصلاح القانوني وتنفيذ المحاكمات والمحاسبة واعادة بناء مؤسسات الدولة وإعلاء العدالة الاجتماعية والثقة بين الدولة والمجتمع فى توفير الأمن والحماية لهم،” الشعب حجر الأساس فى عملية التغيير “.

العدالة الانتقالية وتحقيق الأمن فى إطار استعادة الثقة فى مؤسسات الدولة الامنية والشرطية لتحقيق الأمن للمواطن وحمايته وإعادة الحياة العامة دون خوف وإن السلام الدائم مرتبط بالعدالة والتنمية المستدامة واحترام حقوق الإنسان، لذلك لابد أن يكون للاجهزة النظامية والأمنية الدور الحاسم في منع التفلتات والحد من الجريمة وتأمين المواطن فى نفسه واملاكه،  وحماية الاقتصاد ومنع الاستغلال الاقتصادى.

 الامن قيمة دستورية ومن الأسس التي تقوم عليها بناء دولة القانون والمؤسسات فى تمكين المجتمع من العيش بأمان واطمئنان وإن أى تصرفات خارج نطاق القانون من شأنها أن تعصف باستقرار المجتمع والمرحلة الانتقالية.

“أن بسط الدولة لهيبتها غاية ذلك توفير الأمن والاستقرار فى المجتمع واشاعة الثقة والطمأنينة “

وإن اتجاه الدولة لتشكيل قوة امنية مشتركة لضبط التفلتات الامنية يعد تحقيق لقوة القانون وسيادة حكمه.

“أن تضع الدولة خطتها الامنية ومسارها السياسي بما يحقق السيادة ويحفظ الأمن “

يجب ان تتوفر فى اى تشكيل أو خطة تهدف لبسط الأمن وإعادة هيبة القانون والدولة أن تكون وفق الإجراءات القانونية السليمة فى ضبط الممارسات و التفلتات الأمنية فى إتخاذ الإجراءات الجنائية وتقديم مرتكبي الجرائم للعدالة.

” إن سيادة القانون تعني ان يكون جميع أفراد المجتمع والمنظومة الأمنية والنظام السياسى مسؤولين أمام القانون وأن يتحمل كل مواطن مسئولية ممارسة وترسيخ سيادة القانون فى حياته اليومية مع إمكانية اتاحة الوصول للعدالة للجميع والتمتع بالأمن، وبناء مؤسسات واجهزة امنية تحترم القانون فى تنفيذه وتطبيق سيادة أحكامه وتخضع فى ذلك لقواعد الضبط والمساءلة لأن تعزيز ثقافة احترام القانون واجب على الدولة والمجتمع لاسيما الاجهزة النظامية، وأن التحدى الحقيقى لبسط الأمن والتنمية المستدامة والاستقرار هو توفر الإرادة السياسية واحترام القانون من الجميع”.

“يعد الأمن حاجة أساسية للمجتمع ومؤشر للاستقرار والازدهار والعدالة”.

في كثير من الأحيان يختلط المفهوم بين الأمن والأمان، فالأمن هو التخلص من المخاطر التي تهدد السلامة العامة، ويعتبر الأمن مسؤولية اجتماعية تقتضي المحافظة على سلامة أفراد المجتمع وقدرة أفراد المجتمع على حماية أنفسهم وغيرهم، مما يوفر لهم بيئة مجتمعية مستقرة، تبني علاقات متماسكة داخل نسيج اجتماعي واحد، أما الأمان فهو عبارة عن الشعور الداخلي بالراحة والاطمئنان بين أفراد المجتمع، مما يشكل مجتمعاً قادراً على العطاء والقيام بكافة أشكال الأنشطة الحياتية اليومية، بمعزل عن الفساد والخوف والقلق.

“فالأمن الاجتماعي يحقق تنظيم الحياة الاجتماعية للأفراد والمجتمعات، ونشر العدل والمساواة بين أفراد المجتمع”.

أنَّ الأمن في جانبه الاجتماعي يضم المجالات كافة (جنائي وقومي وسياسي واقتصادي ومدنى)، وبتحقيقه يتحقَّق للمجتمع الأمن بمفهومه الشامل. وبذا فمن المفترض أن لا تكون مسؤولية تحقيق الأمن الاجتماعي بمفهومه الشامل مهمة رسمية تقوم بها المؤسَّسات الحكومية وأجهزة الضبط الأمنية والشرطية، بل يجب أن تكون وظيفة اجتماعية لكل عضو من أعضاء المجتمع.

“ولا يقل الأمن الاجتماعي أهمية عن غيره من أنواع الأمن؛ الاقتصادي والسياسي والعسكري”.

بناء السلام

ويشير مفهوم بناء السلام   إلى الجهود الرامية فى تحقيق  الانتقال من مرحلة الحرب إلى مرحلة السلام، والحد من مخاطر الإنزلاق و العودة إلى الصراع من خلال تعزيز القدرات الوطنية لإدارة الصراع، وإرساء أسس السلام والتنمية المستدامة.

مهمة السلام والأمن في العالم هي مهمة الأمم المتحدة، وهذا هو الهدف الرئيسي الذي من أجله أنشئت، حيث السودان جزء من المجتمع الدولى المعنى بذلك.

وإن السودان بعد الخروج من عزلته الدولية يجب أن يتمتع بحقه كاملا من دعم الأمم المتحدة لترسيخ دعائم العدالة الاجتماعية والأمن والاستقرار.

ماتمر به البلاد الى تحقيق السلام والعدالة وبناء دولة المؤسسات والقانون وفق تنفيذ مهام انتقالية يجب أن يكون وفق الأسس والمرتكزات السياسية والامنية التزاما بمعايير العدالة والسلامة القانونية.

وإن نجاح الالتزام بالاسس السياسية والامنية ينعقد على توفر الإرادة السياسية ومقاومة التحديات ووضوح الرؤية ومجابهة المخاطر والتحديات واحترام سيادة القانون.

تحياتي

مستشار قانوني فائز بابكر كرار

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..