مقالات وآراء

حمدوك خاطب من يجمعهم الوطن، ولا يجمع قلوبهم حبُّ الوطن!

عثمان محمد حسن

* كان في خطاب حمدوك الموجه للوطن  كلمات تثير قلق العالم المشفق على السودان الملغوم بالقنابل الإنشطارية وبأنانية بنيه أنانيةٍ ربما أدت إلى فوضىً تنتشر إسقاطاتها قلاقلَ اجتماعية وسياسية وأمنية تعم شرق ووسط وغرب أفريقيا.. فتتفاقم أزمات النزوح واللجوء وتنفتح أبواب الهجرة إلى أوروبا على مصاريع الحاجة إلى الأمن والأمان المعيشي.
* إن الوطن عند بعض الساسة السودانيين لا يتعدى بيت أسرهم الصغيرة أو بيت الأسرة الكبير (البيت الكبير).. وهو عند ساسة آخرين دار الحزب السياسي حيث تقف مصلحة الدار (الوطن) ضد مصلحة السودان المفترض أن يكون هو الوطن.. أما الوطن عند ميليشيا الجنجويد فهو الحواكير المحتلة في دارفور.. ولا وطن آخر يعلو على الحواكير..
* وفي خضم التشابك بين هذه الأوطان يقف السودان وطناً شامخاً في قلوب الثوار، وفي مقدمتهم الكنداكات والشفوت الذين قدموا ويقدمون الغالي والنفيس للوطن الأصل (إن دعا داعٍ للفداء…).. وعلى   المتربصين بالسودان أن يحذروا الثوار، وفي مقدمتهم الكنداكات والشفوت الذين لا تزال هتافاتهم تهز الأرض:- ” جهِّز معاك كفنك.. يا إنت يا وطنك!”
* إن البرهان وحميدتي يدركان أن هذه الهتافات ليست كلاماً لا يتبعه فعلٌ.. وقد خبِر الجنرالان هذه الحقيقة في أكثر من موقع سلفاً..
* أيها الناس، ليس في المستقبل المرئي ما يشي بدمج ميليشيا الجنجويد في الجيش السوداني دمجاً حقيقياً يترتب عليه فقدان الجنجويد (الوطن/ الحواكير).. ولأن في اللجنة الأمنية جنرالات يشاركون الجنجويد شراكة الدم في دارفور وأمام القيادة العامة ومناطق أخرى في مدن وقرى السودان الموبوءة بأمثالهم، فقد توحدت كلمتهم في تزييف الحقائق وادعاء أن  ميليشيا الجنجويد جزء من الجيش وأنها تحت إمرة القائد العام.. ولا وثائق تؤكد أن القائد العام هو الآمر الناهي للجيش والجنجويد معاً.. ولا وثائق تؤكد الوحدة أو الدمج!
* الخوف وحده هو من وحد كلمة جنرالات الجيش وكلمة جنرالات الجنجويد كي يقف كلٌّ منهم سنداً للآخر إذا بزغ فجر الديمقراطية المبرأة من كل بندقية.. وما وحَّد كلمتهم  إلا الخوف من المستقبل إعداداً للدفاع عن النفس بالدفاع عن الآخر، بمنطق السلاح..
  ( Have no Fear, a Friend is Near !)
* يقول المثل السوداني ” شبهينا إتلاقينا”، ويقول الإمام على رضي الله عنه: “واختَرْ  قَرِيْنَك واصْطَفِيهِ تَفَاخُرا إن القرينَ إلى المقرنِ يُنسبُ!”.. وقد اختار كلٌّ من البرهان وحميدتي قريناً له لا فخاراً بل خوفاً وطمعاً..!
* التفاؤل شيئ والتشاؤم شيئ مختلف.. لكن الواقع المُر يظل واقعاً مراً مجسماً أمامنا.. ولن يفيدنا التعامي عنه.. بينما الحقيقة مجسمة أمامنا تؤكد لنا أن الجنرالات يتهربون من واقعهم غير المسنود شعبياً، ويستمسكون بترسانات أسلحتهم، حتى الموت، في سبيل الإبقاء على كياناتهم وما في حوزتهم من مال عام، منعاً  لتمكين وزارة المالية من ذلك المال..
* هذا، وفي لقاء مع برنامج (كالآتي) بقناة النيل الأزرق، تحدث المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء فيصل محمد صالح عن خلافات داخل المكون العسكري وعن خطورتها على البلاد ووحدتها وسلامتها.. وطالب بضرورة إصلاح المنظومة العسكرية وتأهيلها..
* لكن الجنرال عبد الفتاح البرهان انبرى له، ولحمدوك، بتصريحٍ يدعو فيه المواطنين إلى عدم الالتفات للشائعات التي تستهدف وحدة المنظومة الأمنية.  وأكد أن القوات المسلحة و(الدعم السريع) على قلب رجل واحد..
* لكن الشارع السوداني يعلم أن ما قاله البرهان (كلام ساكت)، فأمام الشارع العام تحصينات أقيمت حول مواقع ميليشيا الجنجويد وأخرى أقيمت أمام القيادة العامة للجيش السوداني بما ينبئ عن درء هجوم من أحدهما على الآخر.. وهذه التحصينات وأن قلوب جنرالات الجيش وجنرالات الجنجويد قلوبٌ شتى.. ” لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ (14)”
* ومع أن الشارع العام يعلم أن السودان موبوء بالأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية.. وأن التنافر بين مكونات قوى الحرية و التغيير أزمة حقيقية، إلا أنه يرى أن عدم دمج ميليشيا الجنجويد في الجيش السوداني، وأزمة 82% من المال العام تحت ولاية الجيش هما أزمة الأزمات..
* ولكي تستقر الأحوال في السودان (الوطن)، وكأولوية أولى، يتوجب أيلولة المال العام لولاية وزارة المالية بشفافية كاملة.. كما يتوجب دمج ميليشيا الجنجويد في الجيش السوداني وكشف الوثائق المؤكدة للدمج .. وبلاش كلمات مرسلة على الهوا (ساكت)!
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..