مقالات سياسية

هل أهدر حمدوك الزمن.. ثم عاد يلاحقه في الزمن الضائع؟!

عثمان محمد حسن

* عن مبادرة حمدوك يقول البعض أنه أهدر الزمن عن ضعفٍ بائن أمام سطوة الجنرالات،  ثم عاد يحاول التعويض في الزمن الضائع.. وبعضٌ يقول أن حمدوك كان يتعشم خيراً في الجنرالات.. ويمد لهم (حبل المَهَلة)، والزمن يجري إلى أن أوصله منعطف الطريق بين “يكون السودان أو لا يكون”، حيث انتبه وقطع حبل (المهلة) وأعلن للشعب السوداني عن ما يجيش في تصوره من حلول لأزمات السودان المصنوعة بأيدٍ سودانية بُتِرت، ولا تزال تتحرك، وهي مبتورة، لصنع المزيد من الأزمات للإضرار باستقرار البلاد..

* عقب الإعلان عن مبادرته، جلس حمدوك مع طاقم حكومته جلسةً امتدت لثلاثة أيام (مصيرية) تمخضت عنها قرارات تضمنت، في ما تضمنت، الإعلان عن الاستجابة لطلب محكمة  الجنايات الدولية لتسليمها المتهمين بارتكاب جرائم دارفور.. وهو قرار بالَغ المكون العسكري في تعنته تجاهه.. ففي حديث لصحيفة الحدث، بتاريخ 16 أبريل 2021، نفى الجنرال البرهان أن تكون المحكمة الجنائية الدولية قد طالبتت بتسليمها المخلوع ورهطه لمحاكمتهم.. وزعم أن ما طلبته المحكمة هو محاكمتهم في السودان أو في مكان آخر غير المحكمة الجنائية..

* لقد ظل البرهان وجنرالات اللجنة الأمنية يلعبون بأذيالهم في الداخل.. بينما كان نشاط حمدوك الخارجي في قمته طوال الفترة الماضية.. ويرى العارفون بحمدوك أنه كان يمهد لكسب ثقة الخارج بعد كسب ثقة الداخل التي كانت في قمتها حين تم تعيينه رئيساً للوزراء، ثم بدأت الثقة تتآكل وتتآكل وحمدوك يواصل محاولاته الخارجية.. والثقة في إدارته تتلاشى، داخلياً، خاصةً عقب انصياعه، غير المبرر، لقوى الهبوط الناعم وللجنرالات في عدد من القضايا الأساسية مثل قضية الهجوم الذي شنَّه مافيا الأدوية على د.أكرم وانتهى بإقالة د.أكرم من وزارة الصحة، تحت الضغط؛ ومثل إهمال حمدوك لسماع وجهة نظر د.القراي في قضية المناهج، تحت ضغط اليمين ويمين اليمين ما أدى لاستقالة د.القراي حفاظاً على كرامته العلمية والشخصية.. ثم ناشت سهام يمين اليمين العالِم التربوي د.محمد الأمين فأبعده حمدوك من وزارة التربية والتعليم..

* ويتهم الشارع حمدوك بالتخاذل وإهمال صلاحياته لخدمة السلام وتركه الملف لقمة سائغة لجنرالات اللجنة الأمنية يعبثون فيه كما يشاؤون دون تقدير تكاليف السلام المالية والسياسية والاجتماعية المتوقع بروزها عقب الاتفاق؛ ما أدى إلى وقوف حمار ملفات سلام جوبا في العقبة حالياً..

* وجاء رفع الدعم عن السلع الأساسية لتنزل أسهم حمدوك وحكومته المدنية في الشارع العام نزولاً لا مثيل له منذ تعيينه رئيساً للوزراء بصلاحيات لم يقدرها حق قدرها، في الواقع..

* والحقيقة تقول أن المكون العسكري وجد ضعفاً أو شيئاً براقماتياً ما في حمدوك، كما وجد سانحة في خلافات المكون المدني فاستثمر الواقعَّين بذكاء وضرب ضربات انتهازية متتالية كادت تشيِّع أهداف الثورة المجيدة إلى مثواها الأخير..

* ومع ذلك أكرر ما سبق وقلتُه:- “لا تبخسوا حمدوك أشياءه!”.. وأردف على ما قلته سلفاً لأبرر سبب ضعف أو براقماتية حمدوك بالنظر إلى وضع السودان الرابض بلا حراك داخل قبو مظلم لا يرى ولا يتعاطى مع الخارج إلا عبر محور الشر العربي في الخليج ومصر.. وأعتقد أن ذلك ما أجبر حمدوك للسعي لإخراج السودان من ذلك القبو المظلم بالتحرك نحو الخارج، ربما طلباً للحماية من تغول محور الشر العربي في أخص خصوصيات السياسة السودانية الداخلية والخارجية بمساعدة طابوره الخامس الجالس على قمتي المجلس السيادي.. وعلى عدد من الكراسي السيادية في مجلس الوزراء.. وبالإضافة إلى تلك الحماية حماية الحكومة من ترسانات أسلحة الجنرالات العملاء، متى أراد حمدوك القيام بأي إصلاحات هيكلية في السودان..

* وثمة خيطٌ رفيعٌ جداً يربط بين الضعف وبين البراقماتية النابعة من الضعف (تمسكّن ختى تتمكَّن!)، ودائماً ما نتغافل عن رؤية ذلك الخيط الرفيع.. كما نتغافل عن حقيقة أن السبب في قبول جنرالات المجلس العسكري تعيين قحت لحمدوك رئيساً لوزراء الفترة الانتقالية أنهم حسبوه رجلاً تكنوفراطياً بلا سند سياسي ولا عسكري ولا عشائري.. وأنه لن يكون مصدر خطر لنفوذهم طوال الفترة الانتقالية.. لكن (مبادرة حمدوك) جاءت لتكشف عن شيئ من السياسي الكامن في شخصيته.. وعن سبب طلبه من الأمم المتحدة، في يناير 2020، تكوين بعثة سياسية تحت الفصل السادس لمساعدة السلطة الانتقالية بالسودان في دعم عملية السلام في البلاد..

* ويُعتقد، على نطاق واسع، أن مبادرة حمدوك تتكئ على هذا الفصل السابع، والذي تقرأ المادة 37 منه:” إذا أخفقت الدول التي يقوم بينها نزاع من النوع المشار إليه في المادة 33 في حله بالوسائل المبينة في تلك المادة وجب عليها أن تعرضه على مجلس الأمن. وإذا رأى مجلس الأمن أن استمرار هذا النزاع من شأنه، في الواقع، أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدوليين قرر ما إذا كان يقوم بعمل ما وفقاً للمادة 36 أو يوصي بما يراه ملائماً من شروط حل النزاع.”

* وجملة ” أو يوصي بما يراه ملائماً من شروط حل النزاع.” هي الجملة المفتاح للفصل السابع من  ميثاق الأمم المتحدة، والذي يسمح بالتدخل المباشر، ويتضمن هذاالفصل إتخاذ إجراءات (قسرية) في حال كان الأمر مهددا للسلم والأمن الدوليين, وتتراوح الاجراءات بين  العقوبات  الاقتصادية واللجوء إلى (القوة).

* ويرى البعض أن في ما جاء أعلاه ما سوف يفقد السودانن سيادته.. ويرى غيرهم أن سيادة السودان مسلوبة سلفاً من قِبل دويلة خليجية طابورها الخامس يمسك السودان من خناقه.. وأن ما يفعله حمدوك هو محاولة الخروج من ربقة العمالة لتلك الدويلة إلى براح الأمم المتحدة بغرض امتلاك السودان سيادته بعد حين.. وفي اعتقادي أن ذلك ما يحدث حالياً.. وهو الأقرب إلى الرشد الإداري لأزمات السودان..

* لكن هل هذا قصارى ما كانت تطمح إليه ثورة ديسمبر المجيدة؟ بالقطع لا! غير أن (بعض الشر أهونُ من بعضٍ..!)

* ثم هل يعي الطابور الخامس من الجنرالات وأحزاب الهبوط الناعم أن وراء الأكمة ما وراءها فيلزمون حدود الواقع الجديد أم يا ترى سيحاول الجنرالات اللعب بذيلهم مع الأمم المتحدة، في شخص حمدوك؟

* يحاول حميدتي اللعب بذيله، مسبقا، وقد بدر منه ذلك قبل اسبوع بمجيئ رجال الموساد، سراً، إلى الخرطوم والاجتماع بجنرالات ميليشيا الجنجويد، دون علم البرهان ولا علم حمدوك! وهذا موضوع يحتاج إلى مقال بمفرده..

[email protected]

‫3 تعليقات

  1. من انصاع واقال د اكرم انصياعا لمافيا العلاج والدواء ثم د القراي وارتضي ان لا يكون هنالك مناهجا جيدا للتعليم الذي هو اساس تقدم الامم وختمة ببوس ان الدكتور محمد الامين لم ينجح فى الفحص الامني،،، ان كنتم تنتظرون منهم ان يقدم شي للثورة الممهورة بالدم منذ ليلة 30يونيو الى سقوطهم الجزئي تكونو واهمون!!!!!

    1. هي السياسه , الضعف له اسبابه وله معالجاته ايضا” , اذا رتب بيته وفهم كيف يتعامل معهم من الان فهذه محمده واما اذا لم يعي الدرس فاليذهب وهو مشكور

  2. يا عثمان، ستات ام بلبل من مقنعن باينات.
    صاحبك دي ما عنده اي صفة من صفات القيادة وهي الميزة التي ظل السودان يفقدها عند حكامه
    المدنيين. نحن نفتقد القائد الملهم..
    هل سألت نفسك لماذا ينجز العسكر اكثر من المدنيين؟
    ببساطة لأن فن القيادة جزء من التربية العسكرية وما لم يكن الانسان المدني قائد بطبعه ومنذ طفولته وصباه، سواء في اتحادات الطلاب او في الحي او حتى في فرق كرة القدم لن ينجح في قيادة غنم للزريبة، فما تشكر لي الراكوبة في الخريف.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..